رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

عندما تموت الفضيلة

تعيش‭ ‬مصر‭ ‬حالة‭ ‬جديدة‭ ‬عليها،‭ ‬يكسوها‭ ‬الحزن‭ ‬ويملؤها‭ ‬الأسى،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شيعت‭ ‬عزيزًا‭ ‬عليها‭ ‬وقريبًا‭ ‬وحبيبًا‭ ‬لديها،‭ ‬كانت‭ ‬تحيا‭ ‬به‭ ‬وتتعامل‭ ‬بمقتضاه‭ ‬وتتحاكم‭ ‬إليه‭ ‬وترضاه‭ ‬أتعلمون‭ ‬من؟؟؟؟‭!!!‬

‭ ‬إنها‭ ‬الأخلاق‭ ‬يا‭ ‬سادة‭ ‬إنها‭ ‬القيم‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬إنها‭ ‬الأعراف‭ ‬التي‭ ‬قبلناها‭ ‬والعادات‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬ورثناها‭.‬

يا‭ ‬خلق‭... ‬إنها‭ ‬الفضيلة‭ ‬التى‭ ‬ضاعت‭ ‬حين‭ ‬توارى‭ ‬الضمير،‭ ‬حين‭ ‬انعدم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الله‭.. ‬فها‭ ‬هو‭ ‬ذا‭.. ‬عالم‭ ‬الإنسان،‭ ‬يعود‭ ‬ثانيًا‭ ‬إلى‭ ‬الجاهلية،‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الغاب،‭ ‬الذى‭ ‬تحكمه‭ ‬الغريزة‭ ‬الشاذة‭ ‬التى‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬ردة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬جديد‭.. ‬إلى‭ ‬حيوانيته‭ ‬الأولى‭.‬

‭ ‬إلهى‭... ‬هل‭ ‬بعد‭ ‬القرآن‭ ‬شيء؟؟‭ ‬هل‭ ‬بعد‭ ‬الحكى‭ ‬عن‭ ‬قوم‭ ‬لوط‭ ‬شيء؟؟؟‭ ‬أين‭ ‬القرآن‭ ‬يا‭ ‬أهل‭ ‬القرآن‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المحروسة؟؟ّ‭!!!!!!!‬

واااااااااااااااااااا‭ ‬مصيبتاااااااااااااااااااااااااااااه‭.‬

وااااااااااااااااااا‭ ‬محمدااااااااااااااااااااااااااااااه‭.‬

وااااااااااااااااااا‭ ‬فجيعتااااااااااااااااااااااااااااااه‭.‬

حين‭ ‬ينتزع‭ ‬الإيمان‭ ‬بالله،‭ ‬بأهم‭ ‬ركائزه،‭ ‬وهى‭ ‬احترام‭ ‬الإنسان‭ ‬وآدميته،‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬حرمات‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬أرض‭ ‬التوحيد‭... ‬أرض‭ ‬أخوال‭ ‬النبى‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭.. ‬أرض‭ ‬مراقد‭ ‬آل‭ ‬بيت‭ ‬النبى‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭.‬

‭ ‬أى‭ ‬كفر‭ ‬بواح؟؟؟؟؟‭ ‬يرفع‭ ‬شعاره‭ ‬اليوم؟؟

أى‭ ‬صمت؟؟‭ ‬ذلك‭ ‬الذى‭ ‬يقابل‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭ ‬الشنعاء‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الرسالات‭ ‬والرسل‭ ‬والأنبياء؟؟؟؟‭!!!!!‬

أى‭ ‬حرية‭ ‬بأى‭ ‬ضمير‭ ‬يستبيح؟؟‭!!!!... ‬وأى‭ ‬مسئولية‭ ‬وأى‭ ‬أمانة؟؟؟؟‭ ‬وأى‭ ‬ضمير‭ ‬لا‭ ‬يتصدى؟؟‭!!!!‬

‭ ‬حقيقةَ‭... ‬شيعت‭ ‬مصر‭ ‬الأخلاق‭ ‬إلى‭ ‬مثواها‭ ‬الأخير‭ ‬لترقد‭ ‬ولتستريح‭ ‬من‭  ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬صراع‭ ‬وأنين‭ ‬وحنين،‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬نزيف‭ ‬آلم‭ ‬عانت‭ ‬منه‭ ‬لسنوات‭ ‬نتيجة‭ ‬لتعرضها‭ ‬لضرب‭ ‬موجع‭ ‬بل‭ ‬قاتل،‭ ‬فقدت‭ ‬منه‭ ‬وعيها‭ ‬وتنازلت‭ ‬عن‭ ‬مكانها‭ ‬ووظائفها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستغنى‭ ‬عنها‭ ‬البتة‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬العصر‭ ‬من‭ ‬المدنية‭ ‬أو‭ ‬التقدم‭.‬

‭ ‬ماتت‭ ‬الأخلاق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعياها‭ ‬المرض‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬منتهاه‭ ‬وتمكنت‭ ‬منها‭ ‬الجراثيم‭ ‬والفيروسات‭ ‬وانتشرت‭ ‬حتى‭ ‬أفقدتها‭ ‬حركتها‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬وللأسف‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الذهول‭ ‬والتغييب‭ ‬والتقليد‭ ‬والانقياد‭ ‬الأعمى‭ ‬والتجرد‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬وتنفع‭ ‬بني‭ ‬الإنسان‭...‬

‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وللأسف‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬غريبة‭ ‬ومريبة‭ ‬ومخيفة‭!!!!!!!!!!‬

‭ ‬نعم‭ ‬ماتت‭ ‬الأخلاق‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نسمع‭ ‬نحيبًا‭ ‬لفقدها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬لمسامعنا‭ ‬صراخها‭ ‬رغم‭ ‬شدته‭ ‬وقوته‭ ‬لفراقها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نسمع‭ ‬توعدًا‭ ‬وتهديدًا‭ ‬أو‭ ‬محاربة‭ ‬ومواجهة‭ ‬لقاتليها‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬كثرة‭ ‬مشيعيها‭...!!!!!!‬

‭ ‬وُئدت‭ ‬الأخلاق‭ ‬لنتحمل‭ ‬جميعًا‭ ‬ذنبها‭ ‬والانفضاض‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬وتركها‭ ‬تلقى‭ ‬حتفها‭ ‬وسط‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الصمت‭ ‬التام‭ ‬بل‭ ‬الخزي‭ ‬المبين‭.‬

أشعر‭ ‬أننا‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬مأتم‭ ‬كبير‭.... ‬معنى‭ ‬ضياع‭ ‬الأخلاق‭... ‬ضياع‭ ‬الدين،‭ ‬فما‭ ‬الدين‭ ‬إلا‭ ‬أخلاق،‭ ‬فما‭ ‬بعث‭ ‬نبى‭ ‬الرسالة‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأخلاق‭ ‬‮«‬إنما‭ ‬بعثت‭ ‬لأتمم‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‮»‬‭.‬

الأخلاق‭ ‬التى‭ ‬يندرج‭ ‬تحتها‭ ‬شعار‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬معانٍ‭ ‬وشيم‭ ‬تميز‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬سائر‭ ‬الخلق‭.‬

ما‭ ‬هى‭ ‬الردة‭ ‬الغريبة‭ ‬إذن‭.. ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هكذا‭ ‬عن‭ ‬مجرد‭ ‬الإنسانية‭ ‬أو‭ ‬الأخلاق؟؟؟

لن‭ ‬أتجمل‭ ‬فى‭ ‬حديثى‭... ‬ماهى‭ ‬هذه‭ ‬الردة‭ ‬عن‭ ‬الإسلام؟؟؟

‭ ‬حدثنا‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬قوم‭ ‬لوط‭ ‬الذين‭ ‬خسف‭ ‬الله‭ ‬بهم‭ ‬الأرض‭ ‬ليكونوا‭ ‬لنا‭ ‬عبرة‭... ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬أننا‭ ‬نعيد‭ ‬التاريخ‭ ‬الأسود؟؟‭ ‬نسمح‭ ‬له‭ ‬بتلك‭ ‬المساحة،‭ ‬إذن‭ ‬نحن‭ ‬نطيح‭ ‬بتعاليم‭ ‬القرآن،‭ ‬ومن‭ ‬يدرى‭ ‬بما‭ ‬سوف‭ ‬نطيح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك؟؟؟‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فرطنا‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬منه،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭.. ‬إنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬ترك‭ ‬ذلك‭ ‬المأتم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬حفلًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭.‬

‭ ‬ترك‭ ‬فينا‭ ‬أثرًا‭ ‬بالغًا‭ ‬وشرخًا‭ ‬عظيمًا‭ ‬ووجعًا‭ ‬شديدًا‭ ‬أفقدنا‭ ‬توازننا‭ ‬وقطع‭ ‬أواصرنا‭ ‬ومزق‭ ‬عرانا‭ ‬وجردنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬معنى‭ ‬جميل‭.‬

‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬إشاعة‭ ‬مغرضة‭ ‬قد‭ ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬كانتشار‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬بعودة‭ ‬الروح‭ ‬للأخلاق‭ ‬وظهورها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬معاهد‭ ‬العلم‭ ‬ومراحل‭ ‬الدراسة‭ ‬ومناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكن‭ ‬سريعًا‭ ‬ما‭ ‬أيقن‭ ‬الجميع‭ ‬أنها‭ ‬خدعة‭ ‬ووصمة‭ ‬عار‭ ‬في‭ ‬جبين‭ ‬الأمة‭.‬

ويؤسفني‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إننا‭ ‬جميعًا‭ ‬تركناها‭ ‬ولم‭ ‬نعبأ‭ ‬بهجرانها،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المخزي‭ ‬أن‭ ‬منا‭ ‬من‭ ‬شيد‭ ‬الأفراح‭ ‬لفراقها‭!!!!!!! ‬حتى‭ ‬كانت‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬أطلت‭ ‬علينا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!‬

‭ ‬

ورأينا‭ ‬حالة‭ ‬المجتمع‭ ‬عندما‭ ‬يفقد‭ ‬الأخلاق‭ ‬ورأينا‭ ‬أكبادنا‭ ‬التي‭ ‬تمشي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وهم‭ ‬يغتالون‭ ‬من‭ ‬فوقهم‭ ‬ومن‭ ‬أسفلهم‭ ‬ومن‭ ‬تحت‭ ‬أرجلهم‭ ‬وهم‭ ‬يجردون‭ ‬من‭ ‬تراثهم‭ ‬وميراثهم‭ ‬وعاداتهم‭ ‬وتقاليدهم‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عزيز‭ ‬وغالٍ‭ ‬لدى‭ ‬مجتمعهم‭.‬

‭ ‬وهم‭ ‬يخدعون‭ ‬بالشعارات‭ ‬الكاذبة‭ ‬والكلمات‭ ‬المزيفة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬لقمة‭ ‬سائغة‭ ‬يلتهمها‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬والعروبة،‭ ‬وهم‭ ‬يتنازلون‭ ‬عن‭ ‬فطرتهم‭ ‬وعقيدتهم‭ ‬وعروبتهم‭.‬

وهم‭ ‬يجرون‭ ‬إلى‭ ‬مصير‭ ‬مجهول‭ ‬يطمس‭ ‬شخصيتهم‭ ‬ويميت‭ ‬رجولتهم‭ ‬ويمسخ‭ ‬هويتهم‭ ‬حتى‭ ‬أصبحوا‭ ‬سلعة‭ ‬رخيصة‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬المتلاعبين‭ ‬بهم‭.‬

أقول‭ ‬ذلك‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬أتعاطف‭ ‬معهم،‭ ‬لأن‭ ‬تربيتهم‭ ‬وبيئتهم‭ ‬بل‭ ‬ميوله‭ ‬–‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬صحيحة–‭ ‬الشاذة‭ ‬غير‭ ‬الطبيعية‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬قادتهم‭ ‬لذلك‭ ‬لأنها‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬سوية‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬مجرد‭ ‬الاقتراب‭ ‬منهم‭ ‬والعبث‭ ‬بهم‭ ‬أو‭ ‬معهم؟

‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬ويزيد‭ ‬عندما‭ ‬نتنازل‭ ‬طواعية‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬ونصير‭ ‬دمية‭ ‬تحرك‭ ‬نحو‭ ‬الطريق‭ ‬المسدود‭...‬

عندما‭ ‬رأينا‭ ‬أعلام‭ ‬الخسة‭ ‬والانتكاسة‭ ‬وهي‭ ‬ترفرف‭ ‬فوق‭ ‬رؤوس‭ ‬أبنائنا‭  ‬بألوانها‭ ‬الباهتة‭ ‬وشكلها‭ ‬الذميم‭ ‬القميء‭!!!!!!!‬

تمنينا‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الأخلاق‭ ‬عندما‭ ‬رأينا‭ ‬أبناءنا‭ ‬وهم‭ ‬يضيعون‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭  ‬استرجعنا‭ ‬الماضي‭ ‬الجميل‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭.‬

‭ ‬واسمحوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬ماذا‭ ‬كنتم‭ ‬منتظرين؟؟؟؟‭!!! ‬من‭ ‬وأد‭ ‬الأخلاق‭ ‬واغتال‭ ‬الفضائل‭ ‬ومسخ‭ ‬شخصيتنا‭ ‬سوى‭ ‬هذا‭ ‬التدني‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نره‭ ‬من‭ ‬قبل؟

‭ ‬من‭ ‬المخيف‭ ‬أن‭ ‬أصواتًا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدًا‭ ‬خافتة،‭ ‬ولا‭ ‬قليلة‭ ‬قالت‭ ‬معلقة‭ ‬عما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الحفلة‭ ‬المشئومة،‭ ‬عبارة‭ ‬تحمل‭ ‬معنى‭ ‬خطيرًا،‭ ‬وتنبئ‭ ‬بمصيبة‭ ‬محققة،‭ ‬وهى‭ ‬‮«‬سيبوا‭ ‬الشباب‭ ‬ينطلق‮»‬‭.  ‬

‭ ‬أيها‭ ‬السادة‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬تحمل‭ ‬فكرًا‭ ‬منحرفًا‭ ‬واتجاهًا‭ ‬لا‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬خلق‭ ‬ودين،‭ ‬إنها‭ ‬دعوة‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬تحريض‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬التقاليد‭ ‬والمبادئ،‭ ‬والأخلاق‭ ‬والشرف‭ ‬الذى‭ ‬يضرب‭ ‬بجذوره‭ ‬فى‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬مدعاة‭ ‬لقضية‭ ‬أخرى،‭ ‬وهى‭ ‬قضية‭ ‬الحرية،‭ ‬التى‭ ‬يصورها‭ ‬أصحاب‭ ‬الدعاوى‭ ‬المريضة‭ ‬بأنها‭ ‬حق‭ ‬يبيح‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يحطم‭ ‬القيم،‭ ‬ويكسر‭ ‬المبادئ،‭ ‬ويلقى‭ ‬بالأخلاق‭ ‬فى‭ ‬مزبلة‭ ‬التاريخ‭ ‬بل‭ ‬تبيح‭ ‬له،‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬مكان‭ ‬الرب‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يسأل‭ ‬عما‭ ‬يفعل‮»‬‭.‬

لتكون‭ ‬هذه‭ ‬هى‭ ‬الإشكالية‭ ‬الحقيقية‭ ‬باستخدام‭ ‬المعانى‭ ‬المغلوطة‭ ‬للحرية‭ ‬بأسوأ‭ ‬صورها،‭ ‬لتكون‭ ‬هكذا‭ ‬فى‭ ‬أسوأ‭ ‬صورها‭.‬

هذه‭ ‬مسألة‭ ‬فى‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة‭ ‬لم‭ ‬تجلب‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬إلا‭ ‬الهلاك‭ ‬والدمار‭ ‬والأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والبدنية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وليس‭ ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬الحرية‭ ‬كلمة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مدلول،‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬وزن‭ ‬فى‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الحرية‭ ‬فى‭ ‬دينننا‭ ‬حياة،‭ ‬ولكن‭ ‬حياة‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التى‭ ‬جبل‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬الخلق‭ ‬وأقام‭ ‬الناس‭.‬

أيها‭ ‬السادة‭....‬

إن‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬دين‭ ‬الحرية،‭ ‬فمن‭ ‬الذى‭ ‬حرر‭ ‬العبيد‭ ‬وأطلق‭ ‬سراحهم‭ ‬وسوى‭ ‬بينهم‭... ‬فلا‭ ‬اعتبار‭ ‬للون‭ ‬ولا‭ ‬نسب‭ ‬ولا‭ ‬مكانة،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬الذى‭ ‬سوى‭ ‬بين‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬والأحمر‭ ‬ولم‭ ‬يجعل‭ ‬فارقًا‭ ‬بين‭ ‬بنى‭ ‬الإنسان‭....‬؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

‭ ‬إنه‭ ‬الإسلام‭ ...............................................‬

بل‭ ‬من‭ ‬الذى‭ ‬حرر‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬عبودية‭ ‬الأوثان‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الطبيعة؟؟؟

إنه‭ ‬الإسلام‭...........................................‬

‭ ‬من‭ ‬الذى‭ ‬حرر‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭...... ‬وجعل‭ ‬له‭ ‬إرادة‭ ‬فاعلة‭ ‬وعقلًا‭ ‬يفصل‭ ‬فيه‭ ‬بين‭ ‬الحق‭ ‬والباطل‭ ‬ويرجع‭ ‬إليه‭ ‬فى‭ ‬كبريات‭ ‬القضايا‭ ‬وعظائم‭ ‬الأمور‭...‬؟؟؟؟؟؟؟؟؟

‭ ‬إنه‭ ‬الإسلام‭.............................................‬

إن‭ ‬الحرية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬إلا‭ ‬بقيود،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬مقتضيات‭ ‬الفطرة‭ ‬وطبيعة‭ ‬الخلقة‭ ‬ورسالة‭ ‬الإنسان‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬ووظيفته‭ ‬التى‭ ‬خصه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬جذب‭ ‬لما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬20‭ ‬ألفًا‭ ‬من‭ ‬المراهقين‭ ‬والمراهقات،‭ ‬وحضهم‭ ‬على‭ ‬الفجور‭ ‬ودفعهم‭ ‬إلى‭ ‬الرذيلة‭ ‬دفعًا،‭ ‬وتهيئة‭ ‬أجوائها‭ ‬وتحببيها‭ ‬إليهم‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرتضى،‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬السكوت‭ ‬عليه‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬‮«‬ميوزيك‭ ‬بارك‮»‬‭ ‬من‭ ‬فرقة‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬ليلى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬شخص‭ ‬مضطرب‭ ‬المزاج‭ ‬منحرف‭ ‬الأخلاق‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬بل‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يدق‭ ‬له‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر،‭ ‬ويعاد‭ ‬النظر‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬سبل‭ ‬التربية‭ ‬والتوجيه‭ ‬والتعليم‭ ‬والأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬استدعاء‭ ‬المقررات‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تقوي‭ ‬الوازع‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والضمير‭ ‬الإنساني‭ ‬الحي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬الدون‭ ‬ولا‭ ‬يستسلم‭ ‬للانحراف‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬إعادة‭ ‬سلم‭ ‬القيم‭ ‬حياة‭..... ‬دونه‭ ‬الموت‭ ‬والهلاك‭.‬

‭ ‬ومصر‭ ‬بلد‭ ‬تقدس‭ ‬الشرف‭ ‬وتعلي‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬العفة‭ ‬وتصون‭ ‬حمى‭ ‬أبنائها‭ ‬وتعرف‭ ‬للأسرة‭ ‬شكلها‭ ‬ومعناها‭ ‬ودورها‭ ‬وتستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬التدابير‭ ‬الوقائية‭ ‬اللازمة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬الذي‭ ‬يطل‭ ‬منه‭ ‬الهلاك‭ ‬والدمار‭ ‬والخراب‭.‬

‭ ‬وليس‭ ‬الأمر‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬المحاسبة‭ ‬والعقاب‭ ‬وإنما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتطرق‭  ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التشكيل‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬مصل‭ ‬يقي‭ ‬أبناءنا‭ ‬من‭ ‬غول‭ ‬الانحراف‭ ‬وطاعون‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭.‬

إنا‭ ‬لنا‭ ‬دين‭ ‬يحمينا‭ ‬ورب‭ ‬يهدينا‭ ‬وأمة‭ ‬ترعانا‭ ‬وتربية‭ ‬تعصمنا‭ ‬من‭ ‬الزلل‭.‬

‭ ‬وما‭ ‬أجمل‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬طاقات‭ ‬الشباب‭ ‬وتفجر‭ ‬فيما‭ ‬يعود‭ ‬عليهم‭ ‬بالنفع‭ ‬فى‭ ‬حياتهم‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭.‬

أعود‭ ‬وأقول‭... ‬إنه‭ ‬الفراغ‭.. ‬إنه‭ ‬عدم‭ ‬المسؤولية‭... ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬التربية‭... ‬والتوجيه‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭... ‬هو‭ ‬سقوط‭ ‬القدوة‭ ‬فى‭ ‬البيت‭ ‬والمدرسة‭ ‬وبالأخص‭ ‬الإعلام‭... ‬الذى‭ ‬دق‭ ‬المسمار‭ ‬الأول‭ ‬فى‭ ‬نعش‭ ‬سقوط‭ ‬الأخلاق‭ ‬بانتفاء‭ ‬الحياء‭... ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬الكبير‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مكان‭ ‬كان‭.... ‬وما‭ ‬أسفر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬ضرب‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬والتفسخ‭ ‬المجتمعى‭ ‬الخطير‭  ‬الذى‭ ‬حذرنا‭ ‬من‭ ‬تهديده‭ ‬لأجيال‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نشد‭ ‬عليها‭.‬

فما‭ ‬أخطر‭ ‬مما‭ ‬نحن‭ ‬فيه؟؟؟‭ ‬الآن‭!!!!! ‬من‭ ‬مؤامرة‭ ‬أو‭ ‬إرهاب‭.. ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬مدعاة‭.. ‬حتى‭ ‬تقوى‭ ‬أيدينا‭ ‬فى‭ ‬التربية‭.‬

‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الواجب‭ ‬يقتضى‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬أمام‭ ‬المحاسبة‭ ‬التى‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬الجرم‭ ‬الذى‭ ‬ارتكبه‭.‬

فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يقتضى‭ ‬ويستوجب‭ ‬أن‭ ‬ينهض‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬فى‭ ‬مجتمعنا‭ ‬بأعبائه‭.‬

‭ ‬أكرر‭ ‬أين‭ ‬الأسرة‭.. ‬أين‭ ‬الأمهات؟؟؟‭ ‬أين‭ ‬الآباء؟؟؟‭ ‬أين‭ ‬المدرسون‭ ‬فى‭ ‬المدارس؟؟؟‭ ‬أين‭ ‬الإعلام‭ ‬الذى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يساند‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬حربها‭ ‬الكبرى‭ ‬التى‭ ‬يخوضها؟؟؟‭!!!! ‬وما‭ ‬أصدق‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الحبيب‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬‮«‬كلكم‭ ‬راع‭ ‬وكل‭ ‬راع‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته‮»‬‭.‬

بسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭:‬

﴿رَبَّنَا‭ ‬هَبْ‭ ‬لَنَا‭ ‬مِنْ‭ ‬أَزْوَاجِنَا‭ ‬وَذُرِّيَّاتِنَا‭ ‬قُرَّةَ‭ ‬أَعْيُنٍ﴾‭.... ‬سورة‭ ‬الفرقان‭.‬

‭ ‬