الكاتبة إلهام شرشر: «فلسطين» قضيتنا التي لن تموت
إن الحديث عن الصراع العربي-الإسرائيلي لا ينضب، ومداده لا يجف إلا أن يأذن الله بتطهير هذه الأرض المباركة من هؤلاء الشرذمة الذين دنسوا أرضها وانتهكوا حقوق شعبها وارتكبوا جرائم لا حصر لها.
لازال الكيان الصهيوني يمارس طموحاته التوسعية ويرتكب الجرائم اللإنسانية والمخالفات القانونية، وهذا ليس بعجيبٍ ولا غريبٍ على مرتزقةٍ نزحوا في عشرينيات القرن الماضي إلى الأراضي الفلسطينية ليغتصبوها ويضعون أيديهم عليها عُنوةً ويخرجون أهلها من ديارهم، بعد أن وُعدوا بذلك عام 1917 –وعد بلفور- لكنه وعدُ من لا يملك لمن لا يستحق.
نعم، لقد اعتادوا أن يحققوا مع الوقت إنجازاتٍ جزئية تخدم خطتهم الشيطانية، فقد تطور الأمر عام 1948 بإعلانهم (إسرائيل) دولةً لهم، وخاضت حينها بعض الدول العربية حربًا ضروسًا ضدهم، انتهت بخضوع القدس الغربية لهم، لكنهم- كما قلت آنفًا- أصحاب طموحٍ وتوسعية وخطة شيطانية لن يملئ أعينهم إلا التراب، إذ احتلوا القدس الشرقية بعد النكسة عام 1967، معتبرين أن (تل أبيب) عاصمةً مؤقتةً لهم، منتظرين أن تسنح الفرصة بإعلان (القدس الشرقية) عاصمةً لهم.
وظلوا وراء هدفهم الخبيث يتحركون على المستوى الدولي – مستندين إلى نفوذهم في الولايات المتحدة الأمريكية- إلى أن صدّق الكونجرس الأمريكي عام 1995 على قانونٍ يسمح باعتبار القدس الشرقية عاصمة لهم، ونقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس الشرقية.
لم يُقدم الرئيس الأمريكي (كلينتون) حينها على تنفيذ هذه الخطوة عمليًا - رغم تصديق الكونجرس عليها رسميًا- بل ولا الرؤساء الذين تلوه (جورج بوش) (باراك أوباما)، لعلمهم بخطورة هذه الخطوة، إذ ظل كل رئيس منهم يوقع على قرارٍ نصف سنوي بتأجيل نقل السفارة من تل أبيب.
إن تأجيلهم للخطوة لا يعني بحالٍ من الأحوال أن مطامح الكيان الصهيوني التوسعية ستتوقف عند هذه الخطة، بل تعكس مدى حرصهم الحثيث على خلق فرصةٍ مناسبةٍ لتنفيذ هذه الخطوة... وهذا ما قرر الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب) إعلانه وتنفيذه عام 2018،،، فكانت الطامة الكبرى.
عزيزي القارئ
علينا أن ننتبه إلى أن الكيان الصهيوني لن ولم يتوقف عن أطماعه، إذ يسعى بين الحين والآخر لتوسيع نطاق غزة على حساب الحدود المصرية والأردنية، لكن مصر والأردن دائمًا بالمرصاد لهذه الفكرة، كُلّما أوقدوا نارًا للفكرة أخمدتها مصر.
لازال فتيل الأزمة والصراع الملتهب في المنطقة قائمًا لم يتوقف، إذ كيف يتوقف، وقد سالت الدماء ومات الأهل والأصدقاء؟!!!!!!
كيف لا يظل فتيل الأزمة مشتعلًا، وقد قتلوا الأبرياء؟!!!!!!!
كيف لا يظل مشتعلًا، وهم لا زالوا يقومون بأفعالٍ استفزازية؟؟!!!!!
لقد تغطرسوا واطمئنوا ظنًا منهم أنهم لن يدفعون ثمن جرائمهم التي لم يتوقفوا عنها حتى اللحظة، يعتقلون، ويقتلون، ويأسرون، ويُذبّحون، ويُطلقون النار على الأبرياء، يهشمون وجوههم ويصادرون أراضيهم ويواصلون حصارهم على غزة....تغطرسوا حتى فوجئوا بالانتفاضة الفلسطينية المتمثلة في عملية (طوفان- الأقصى) التي ملأت قلوبهم رعبًا وأهليهم رهبةً وخوفا، وخلفت 1200 قتيل و200 أسير إسرائيلي.
حينها تصورت للوهلة الأولى أن هجوم حماس على الكيان الصهيوني ليس إلا مجرد حركة وهمية ليجد الكيان الصهيوني مبررًا للتوغل في أعماق قطاع غزة والعمل على إخلائه من سكانها وتهجيرهم إلى أرض سيناء، التي طالما اقترحوا أن تكون بديًلا للفلسطينيين وحلًا لهذا الصراع.
وهذا التصور ليس وهمي، بل يستند إلى أُسس على رأسها أن الكيان الصهيوني أعلن من خلال أحد أكبر المتحدثين العسكريين عن أهدافه ونواياه الخبيثة، إذ نصح الفارين من غارات الكيان الصهيوني بالفرار نحو مصر.
فهل هجوم (طوفان- الأقصى) حركةً وهمية سبق الاتفاق عليها مع الكيان الصهيوني لخدمة أغراضه وتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر؟؟ أم كان هدف العملية تحقيق المصلحة الفلسطينية على وجه الحقيقة؟؟؟
أعتقد أن المفاوضات المؤجلة بشأن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس... ستجيب عن هذا السؤال.
لكن على أية حال، هذه العملية سواء كانت باتفاقٍ مسبق أو كانت طهران متعاونة مع حماس في هذه الضربة، فإن النتيجة النهائية هي استغلال الكيان الصهيوني للحدث وإيجاد مبرر لشن غارات جوية على قطاع غزة حتى حولت أحياءها الراقية إلى ركام بعد ليلتين كاملتين من القصف، بل وفرض حصارٍ مطبق على أهلها أملًا في فرارهم إلى معبر رفح والاستيطان بأرض سيناء.
أين حقوق الإنسان من هذا القصف الذي يلتهم الأطفال والشيوخ الأبرياء؟
أين الأمم المتحدة من هذا القصف الذي لا يفرق بين مدنيين ومسلحين؟؟؟!
إن حصار غزة وقطع الماء والدواء والغذاء والكهرباء... يعزز رؤيتنا بأن انعدام مظاهر الحياة هو وسيلة الكيان الصهيوني للضغط على مواطني غزة بالفرار لمكان آخر يتمتعون فيه بالماء والدواء والغذاء والانترنت..
لكن هيهات هيهات.. فأنى لهذا المخطط الذي يرمي إلى نسف القضية الفلسطينية أن ينجح، ومصر له بالمرصاد، فضلًا عن رفض الإجماع الشعبي الفلسطيني الفرار من أرضه.
لقد عولوا على نسيان هذه القضية وتآكلها مع مرور الزمن ففشل تعويلهم، ورأينا بأم أعيننا الأجيال تلو الأجيال تقاوم دون أي ملل أو شك في تحقيق وعد الله بالنصر والتمكين للحق وأهله على الباطل، وأطفال الحجارة أكبر شاهدٍ على ذلك.
كيف تُنسى هذه القضية وهي ليست مجرد (صراع فلسطيني-إسرائيلي) كما يُروج خبثاء النوايا، بل هو (صراع عربي- إسرائيلي) وهي قضية عربية دينية، تمس كل عربي.
فأين أنتم يا عرب؟
أين أنتم يا مسلمين؟
هل نستحق أن نكون ورثةً لأبي بكر وعمر؟؟!!... هل نحن أتباع عثمان وعلي؟؟!!... هل نحن على درب أبي عبيدة بن الجراح أو خطى خالد بن الوليد؟؟؟!!!!!
أين الجسد الواحد؟
أين اللحمة الحقيقية؟
أين الوحدة؟
أين الأخوة؟
أين التكاتف العربي؟
أين؟؟؟؟ أين؟؟؟؟ أين؟؟؟
أين الجامعة العربية؟ أين الجامعة العربية من تصريحات "أمريكا" الصريحة بمساعدة ومساندة الكيان الصهيوني؟!!!!
أين العرب من تصريحات "بايدن" المعلنة بالوقوف خلف إسرائيل؟!!!
هل استطاعوا أن يشتتونا ويفتتوا وحدتنا ويُفرّقوا جمعنا؟؟؟؟ هل استطاعوا أن يضيعوا الرجل الواحد الذي كان فينا؟
إنني في حقيقة الأمر لا أجد جوابًا لكل هذه التساؤلات، لا سيما وأنني أستشعر أن العالم العربي يهيم في وادٍ آخر، ويعيش في عالمٍ غير الذي نعيشه..
أشعر وكأن مصر وحدها هي التي لا زالت تتمسك بتلك الأخوة، فمواقفها حاضرة منذ عام 1948 ولا تزال حاضرةً كلما اشتعل فتيل هذا الصراع، وليست المساحة تسمح لسرد دور مصر التاريخي في هذه القضية، لكن يكفينا أن ننوه إلى أن مصر في طلية من دافع عن حقوق الفلسطينيين المشروعة منذ عام 1948.
فمصر لم تدخر جهدًا لدعم القضية الفلسطينية في كافة المحافل الإقليمية والدولية،،،، مصر هي الأخ الأكبر الذي يتدخل عندما يتطلب الأمر ليلعب دور الوساطة ويخفف من وطأة الحرب عن الشعب الفلسطيني الشقيق.
عزيزي القارئ
نكتفي في هذا العدد بكشف الغبار عن ملفات هذه القضية العربية، وتصفح عناوين هذه الملفات دون الخوض في أعماق تفاصيلها الواسعة،،،