متفق على وقوعها ومختلف حول شهرها وسنتها
الإسراء والمعراج معجزة محيت فيها حدود الزمان والمكان
د. إبراهيم عوض: المعجزة بالروح والجسد فالنص يقول: "أسرى بعبده" ولم يقل: "أسرى بروح عبده"
د. ياسر حسن: لو كانت بالروح فقط، لما كان لتكذيب قريش بها معنى
د. آمال عبدالغنى: الاختلاف على شهر وسنة حدوثها ولكن متفق على وقوعها
د. محمود عبدالعال: فى المعراج جبر الله خاطر رسوله وأمته بفريضةُ الصَّلاة معراج روحى إليه
أسامة ربيع: لا يقال سبحان إلا فى الأمر العظيم.. وحين يتعلق الأمر بقدرة الله فلا زمان ولا مكان
د. على زين العابدين: كانت اختبارًا للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين به
فى معجزة الإسراء والمعراج انمحت حدود الزمان والمكان، وأسرى الله بنبيه الكريم عليه الصلاة والسلام إلى المسجد الأقصى، على بعد مئات الأميال من جزيرة العرب، ثم عرج به إلى السماء، حيث التقى بسابقيه من الرسل والأنبياء وصلى بهم، برغم مئات السنين التى تفصل بين نبى وآخر، وبرغم أن هذه المعجزة شيئ هين أزاء قدرة الخالق عز وجل، إلا أن بعضهم حاول التشكيك فيها بالزعم تارة أنها كانت بالروح فقط، وتارة أخرى بالقول أن المسجد الأقصى الوارد فى القرآن الكريم ليس هو الموجود بفلسطين، وينسى هؤلاء أن الإيمان هو اليقين بمسألة غيبية، وأن قدرة الخالق المتعالى تجعل ما يراه الإنسان مستحيلًا ممكنًا.
"سماء عربية" التقت مجموعة من العلماء والدارسين، ليحدثوا القارئ عن هذه المعجزة وما تعنيه، ويردوا على محاولات التشكيك بالقول الفصل.
ابتدرنا الأكاديمى د. إبراهيم عوض بقوله: سُئل أبو بكر الصديق رضى الله عنه هل يصدق ما يقوله محمد عليه الصلاة والسلام عن إسرائه ومعراجه؟، فكان جوابه أنه قد صدّق بنبوة محمد عليه السلام، أى باتصاله بالسماء وبنزول الوحى من عند ربه عليه، فكيف ينكر الإسراء والمعراج، وهما أيضًا من عند الله وأقل من النبوة مكانة؟
وأما أنا فأصدق كمسلم بهما لأن الله سبحانه يقول فى بداية سورة "الإسراء": "سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا"، وتسبيح الله فى أول الآية معناه أن الحدث الذى يمن الله به على عبده ورسوله حدثٌ شديد الأهمية، ولا يعقل أن تكون رؤيا المنام هى ذلك الحدث، فكل الناس تحلم وتشاهد فى نومها الرؤى، ويمكن من يعرفون منهم بيت المقدس فى واقع حياتهم، أو قرأوا عنها أو رأوا صورها أو ذكر أحدهم أمامهم أوصافها يمكنهم أن يروها فى المنام، فما وجه الإعجاز فى ذلك؟
علاوة على أن الإسراء بالشخص إنما يعنى الإسراء به كله لا بروحه فقط، إذ الإسراء هو السفر ليلًا فى واقع الحياة لا السفر فى المنام، وبخاصة أن النص يقول: "أسرى بعبده" ولا يقول: "أسرى بروح عبده". ثم ما وجه الإعجاز فى أن يحلم الرسول عليه السلام بأنه سافر فى منامه إلى الشام وعاد منه فى نفس الليلة؟ وهل كان المشركون ليعارضوه لو كان يتكلم عن رؤيا فى منام؟ ولو كان الإسراء فى المنام لكان قد رد على اعتراضهم قائلا: لِمَ تعترضون على ذهابى وإيابى فى نفس الليلة، والمنام يا قومى لا يستغرق أكثر من دقائق؟
الأمر، كما نرى، واضح وضوح الشمس، لكن المعاندين لا يستسلمون للحق حتى لو أشعلت لهم أصابعك شمعًا: أصابعك العشرين، أصابع يديك ورجليك كما قلت مرة فى أول لقاء لى بالأستاذ الدكتور شوقى ضيف، إذ قلت له على سبيل التظاهر بالشجاعة والفَتَاكَة: إذا كنتم يا أساتذة قد وضعتم أصابعكم العشرة منا فى الشق، فقد وضعنا نحن منكم أصابعنا العشرين: أصابع يدينا وقدمينا جميعا. فتقبلها الرجل النبيل منى رغم وجود فتاتين زميلتين معنا فى مكتبه أيام كان رئيس قسم اللغة العربية بآداب القاهرة سنة 1968م.
وأما المعراج أفلا يكفى ما قاله الله سبحانه فى سورة "النجم": "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى،ولقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى" أم ترى الجاحدين والمعاندين سوف يقولون ما قاله المستشرق الإيطالى كايتانى وتابعه عليه المستشرق الفرنسى بلاشير فى ترجمته للقرآن: أن سدرة المنتهى هى شجرة نبق كانت موجودة على أطراف مكة، وإن جنة المأوى هى دارة (فيلا) هناك!. وقد علقت ساخرًا من هذا التساخف والتنطع السمج من المستشرقَيْن المخبولَيْن: وعلى هذا فالمؤمنون الذين كتب الله لهم "جنات المأوى" يعيشون الآن فى دارات (فلل) على أطراف المدن مجهزة بالبوتاجازات والثلاجات والأوانى والأطباق والملاعق والشوك والسكاكين والأصونة والموائد والسُّرُر والحشايا والوسائد والسجاجيد. خيبة الله عليكم أيها المستشرقون!
ويتعجب أستاذ الدراسات الإسلامية د. ياسر حسن: من تشكيك بعض الطاعنين فى ثبوت معجزة الإسراء والمعراج بالكيفية التى أجمع المسلمون على ثبوتها بها، ولا يخرجونها عن كونها رؤية منامية، أو أنها كانت بالروح فقط دون الجسد، فجمهور العلماء أجمع على أن الإسراء كان بالروح والجسد، واحتجوا بظاهر الأدلة الواردة فى ذلك. كقوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، وكذا قوله تعالى: ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾، فالبصر من آلات الذات لا الروح.
إما ما نقل عن معاوية وعائشة رضى الله عنهما أن الإسراء كان بالروح فحسب، فأجيب بأن معاوية رضى الله عنه كان يوم الإسراء مشركًا، وعائشة يومئذ لم تكن زوجة النبى صلى الله عليه وسلم، بل كانت صغيرة.
ومما يدل على أن الرحلة كاملة كانت بالروح والجسد معًا: أنها لو كانت بالروح فقط، لما كان لتكذيب قريش بها معنى؛ وقد قالوا: "كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس، شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، ومحمد يزعم أنه أسرى به الليلة وأصبح فينا"،. فالظاهر من سياق النصوص أنه كان يقظة، ولا يعدل عن الظاهر إلا بدليل؛ ولأنه لو كان منامًا ما كان فيه عجب ولا غرابة، ولا كان فيه مجال للتكذيب به، ولا افتتن به أناس من ضعفاء الإيمان، فارتدوا على أعقابهم كافرين.
تضيف الباحثة الإسلامية والأكاديمية د.آمال محمد عبد الغني: معجزة الزمان والمكان، ليلة عظيمة القدر ومجهولة العين، رحج البعض وقوعها فى شهر رجب وقيل فى ربيع، وقيل فى السنة العاشرة من البعثة قبل الهجرة النبوية بسنة، ولكن متفق على وقوعها، وروى حديثها أكثر من 40 صحابيًا، وحدثت بعد عام الحزن والألم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلماذا العجب والتعجب والإنكار وقد قال فيها المولى عز وجل: "سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" و"وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى،ولقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى".
وروى عن ابن مسعود والسيدة عائشة رضى الله عنهما، أن المرئى هو جبريل عليه السلام، رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرتين على هيئته وخلقته التى خلقه الله عليها، الأولى حينما كان فى غار حراء، والثانية ليلة المعراج؛ قال ابن كثير فى "تفسيره" عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم ير جبريل فى صورته إلا مرتين، أما واحدة فإنه سأله أن يراه فى صورته فسد الأفق. وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد، فذلك قوله: "وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ" فى كل عام يشتد الإنكار للإسراء والمعراج ونجد البعض يقر بالإسراء وينكر المعراج، والبعض ينكرهما بالجسد ويقر وقوعهما بالروح، ومن الاعجاز أن الله سبحانه وتعالى تكفل بالرد على المنكرين فى كل زمان فبدأت الآيات بمقام الألوهية للتنزيه، وتحديد الزمان ليلًا والمكان بين أشرف بقعتين على الأرض، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وبيان مقام العبودية للرسول عليه الصلاة والسلام، حتى يقطع على المنكرين والمشككين فى الإسراء والمعراج، وهنا نسأل كل منكر لماذا لا تنكر آله من صنع البشر تجمع لك العالم فى يدك كالهاتف؟ ولماذا لا تنكر الكون والصعود إلى القمر؟ ولماذا لا تنكر حركتك وأنت تصعد وتهبط وتتحرك وأنت نائم فى لحظات وأنت بشر؟ فكيف برب البشر؟ هنا اليقين والعقيدة الراسخة هما أصل من أصول الإيمان بالله حيث الإقرار والانقياد والتصديق، فلا نحتاج إلى التكلف والعناء فى الرد على المنكرين والمشككين، ولكننا أحوج ما يكون إلى ترسيخ الإيمان فى القلوب، وتثبيت العقيدة الصحيحة وأن المسجد الأقصى جزء من العقيدة الإسلامية الصحيحة يجب حمايته والحفاظ عليه.
ويشير الباحث والكاتب د.محمود عبدالعال إلى أن الإسراء والمعراج مُعجزتان حَوَتا فى طيَّاتهِما معجزات عديدة، وعادتا بالخير والبركة على سيدنا رسول الله ﷺ ثم على أمّته من بعده، وما كانت فريضةُ الصَّلاة - التى فرضت فى المعراج - إلا مِعراجًا روحيًّا إلى الملأ الأعلى، ذلكم العالَم الطاهر المُنَزَّه عن دنايا الأرض، وجبرًا لخاطرِ النبى ﷺ حين رأى الملائكةَ فى السماء منهم من هو قائم يصلى، ومنهم من هو ساجد لا يرفع رأسه، ومنهم ومنهم.. فجبر الله تعالى خاطرَه وخاطر أمّته بهذه الصلاة التى نقوم فيها ونقعد ونركع ونسجد، ونقرأ فيها القرآن الكريم.
وإذا كانت معجزاتُ الأنبياء -عليهم جميعا الصلاة والسلام- قبل سيدنا محمد ﷺ قد اقتصرت عليهم دون أقوامهم؛ فإن معجزات رسولنا الكريم ﷺ، قد تجاوزته إلى أمَّته، فنحن نقرأ القرآن ونتعبد به وننهل من خيراته، وتتجلّى لنا وجوهُ إعجازه مع الدّرس والتَّدَبُّر، ونحن – أيضًا - قد فُزنا بحظ وافر من بركة معراجه ﷺ، فهو -صلوات الله عليه وسلامه- لم يصعد إلى السماء، حتى شُقَّ صدرُه الشريف وأخرِجتْ منه الدنيا وحظ الشيطان؛ ليكون على قدر العروج إلى العالم العلوى ولقاء الأنبياء، والدخول عند سدرة المنتهى (منتهى علم الدنيا)، ونحن لا نأتى الصلاة إلا بطهارة ووضوء؛ لنكون أهلا للعروج إلى ملك الملوك والوقوف بين يديه!
وإذا كانت السماوات لم تُفتح له إلا بعد طهارته وبعثته الشريفة، فإن أبوابها أيضًا لا تفتح لمُعرِضٍ عن الله، ولا يمرُّ منها دعاءُ غافلٍ أو كاذبٍ أو آكل حرام أو أو...!
إن القرآنَ الكريمَ قد أثبت معجزتى الإسراء والمعراج بسورتين كريمتين هما الإسراء والنجم، وقد رفع من قدر النبى ﷺ ووصفَه بالعبُودية الحَقَّة، وهذا أشرف وأعظم وأجلّ مقام، ولذلك خاطبه الله تعالى بهذه الصفة (العبودية) فى كثير من آيات الكتاب، فقال فى مقام الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء : 1]، وقال فى مقام الدعوة: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن : 19]، وقال فى مقام التحدي: {وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} [البقرة : 23]..
أراد الله تعالى بالإسراء والمعراج أن يُرِى رسولَه ﷺ من بركات الأرض وبركات السماء، ومن آيات الأرض الكونية وآيات السماء العلوية: {الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء : 1]، فمن هذه البركات الأرض التى عاش فيها الأنبياء قبله، إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وداود وسليمان، وزكريا ويحيى وعيسى - عليهم جميعًا وعلى رسولنا الصلاة والسلام - ونسأل الله – تعالى - أن يطهِّرَ هذه الأرض الطيبة من كل دنس ورجس، وأن يعيدها إلى أيدى المسلمين، وأن يقرَّ أعيننا بالصلاة فيها، إنه ولى ذلك والقادر عليه!
واذا قلّبتَ النظر فى كتب الحديث وجدتَّ ثبوت المعجزتين فى البخارى ومسلم وغيرهما، وعرفتَ كيف كان لقاؤه بالأنبياء، وكيف أن الله أحياهم له وكلموه وفرحوا بقدومه، بل وصلى بهم ﷺ إمامًا، وهذا يؤكَّد أن الذى جاءوا به جميعًا، وجاء به خاتَمُهم ﷺ إنما هو دينٌ واحد، وعقيدة واحدة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، وأنّ ما جاء من تحريف واختلاقِ اختلافٍ فى الديانات السماوية، إنما هو وهمٌ وجوْرٌ صنعته الأمم الجائرة، والكُهَّان والمُتاجرون؛ تمريرًا لمصالح شخصية، وسعيًا للفساد فى الأرض، وطمعًا فى الاستحواذ على كل شيء.
ويؤكد الشيخ أسامة ربيع أن الإسراء والمعراج من المعجزات المبهرة، التى قد يحتار العقل فيها، ولكن صدق اليقين بقدرة الله تجعل هذا الأمر سهلًا يسيرًا ولذلك قال تعالى "سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" وفى قوله تعالى ذلك دلالة على عظمة الأمر، فلا يقال سبحان إلا فى الأمر العظيم، وما دام هذا الأمر قد تعلق بقدرة الله فلا مجال للزمان فى ذلك، لأنه سبحانه وتعالى خالق للزمان والمكان، وهذه المعجزة خارقة لكل قوانين الطبيعة كسائر المعجزات.
وقول البعض بأن هذه المعجزة كانت بالروح فقط دون الجسد أو عن طريق المنام، ينافى كونها معجزة لأن لا المعجزة فى رؤيا يراها النائم، والقرآن الكريم قد دلل على أنها كانت فى يقظة وبالروح والجسد معًا، فى قوله: "بعبده"، وفى ذلك دلالة واضحة على أن المعجزة كانت بالروح والجسد، ولذك أيضًا قال تعالى "مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى"، ففى هذا القول دلالة على حسن أدب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفيه دلالة على أن معجزة الإسراء والمعراج كانت بالروح والجسد.
وفى توقيت ليلة الإسراء والمعراج أقوال كثيرة، فمن أهل العلم مَنْ قال كانت فى ربيع الأول، ومنهم من قال كانت فى رجب، ومنهم من قال كانت ليلة 27 من رجب، وهذا ما رجحه ابن عبد البر وغيره من المحدثين، وكذلك ابن عبد الغنى المقدسى، واشتهر بين الناس واتفق عليه أكثر أهل العلم.
ويذهب الكاديمى د. على زين العابدين الحسينى إلى أن لحظة الإسراء والمعراج تجاوزت الأبعاد الزمانية والمكانية، فكان لقاء محمد عليه الصلاة والسلام مع الأنبياء السابقين، لحظة تداخل فيها الزمن وتلاقى المكان، لتعكس عظمة الرحلة الروحية وعمق المنح الإلهية، وتعزز القناعة بالأمور الغيبية، وتعمق الإيمان فى قلوب المؤمنين، وتعدّ من الأحداث التى تؤكد صدق رسالة النبوة، وتقوى إيمان المسلمين، حيث كانت اختبارًا للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين به، ونقطة محورية فى التاريخ الإسلامى، حيث تركت أثرًا عميقة فى القلوب والعقول، وأعطت المؤمنين زادًا من الحكمة والتأمل.