الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

سماء عربية

لغتنا الجميلة وكيف نعيد هيبتها؟!

اللغة العربية غريبة فى ديارها!

خالد ربيعى: جهات كثيرة مسئولة عن ذلك، منها: الأسرة، المدرسة، الجامعة، والإعلام

د. عونى تغوج: غياب القرار السياسى المؤثر ساعد على تدهور حال اللغة العربية

أحمد علاء الدين: لا بد من تشريعات تلزم المدارس الأجنبية فى بلادنا بتدريس العربية

مريم باتردوك: لا أدعو إلى عدم تعليم اللُّغات، لكن اتخاذ التّدابير للحفاظِ على لُغتنا

خالد عصام: لا بد من منظومة لتعليم اللغة العربية, وتحفيز النشاط اللغوى بالمدارس

انتصار السرى: حين يكتب علماؤنا أبحاثهم بها، ستكون لغتنا معترف بها عالميًا

إيمان بشناق: تحفيظ القرآن الكريم للناشئة يقوّم ألسنتهم، ويغرس حب اللغة فى قلوبهم

تمر اللغة العربية فى نصف القرن الأخير بمرحلة من التدهور الخطير عند أبنائها الناطقين بها، فإلى جانب غلبة اللهجات المحلية للفصحى فى الاستعمال اليومى، اختلط اللسان العربى بلغات أخى يحرص بعض الشباب ومدعى الثقافة إلى حشرها حشرًا فى أحاديثهم، بل أن من يسير فى شوارعنا تصافح عيناه لافتات دعائية وأسماء محلات مكتوبة بلغات أجنبية، وحتى الطبيب عندما يكتب الوصفة الطبية أو "الروشتة" كما يسميها يكتبها بغير العربية، وهو ما لا نجده فى دول العالم الأخرى التى تعتز بلغاتها الوطنية، ولا تقبل بغيرها بديلًا.

يحدث هذا برغم أن اللغة العربية هى لغة القرآن الكريم، ويتحدث بها نحو 450 مليون نسمة هم تعداد سكان الوطن العربى، فضلًا عن مليار ونصف المليار مسلم يؤدون طقوسهم الدينية بها، وهو ما حدا بالأمم المتحدة إلى اعتمادها ضمن اللغات الرسمية، ولغات العملِ المقررة فى الجمعية العامة ولجانها الرئيسة، كلغة سادسة إلى جانب الإنجليزية، والفرنسية، والصينية، والروسية، والإسبانية، وإعلانها يوم 18 ديسمبر يومًا عالميًا للغة الضاد.

"سماء عربية" انتهزت فرصة اليوم العالمى للغة العربية، لتطرح على عدد من الكتاب والأكاديميين والمدرسين، قضية انحدار اللسان العربى، ورؤيتهم لكيفية العلاج ، لتعود العربية إلى سابق تألقها.

ابتدرنا الصحفى المصرى بالكويت خالد ربيعى مبديًا أسفه على حاضر اللغة مؤكدًا أن حاضر لغتنا العربية مؤلم ومثير للحزن، وبالتالى فأن مستقبلها لن يكون أفضل ما لم تتكاتف كل الجهات المعنية، لانتشال لغتنا العربية العريقة من الهوة السحيقة التى انحدرت إليها.

فهناك مخاطر عديدة تهدد مستقبل اللغة العربية والناطقين بها، لعل أهمها فقدان الهوية، واعتقد أن تغلغل العديد من اللهجات واللغات الغربية "الغريبة"، فى سياق الحوارات والمحادثات على وسائل التواصل أو صفحات الصحف، من أكثر عوامل النخر فى أساس اللغة العربية، فضلاً عن تدنى مخرجات الجامعات من الشباب المؤمل أن يكونوا سدنة اللغة وحماتها، أضف إلى ذلك ضعف مستوى بعض الإعلاميين، وحتى متصدرى المشهد الثقافى، كل ذلك ينذر بمستقبل مزعج للغة بكل أسف.

ومن المؤكد أن هناك جهات كثيرة مسئولة عن ذلك، ومنها الأسرة، والمدرسة، والجامعة، ووسائل الإعلام، والسوشيال ميديا، والوزارات المسئولة عن لافتات المحالّ فى بلادنا، بعد أن جنحت فى معظمها للغة الإفرنجية، ظنّا منهم أنها أشد بريقا وأكثر جذبًا للزبائن... مع الأسف.

ولحماية لغتنا نحمى من الضياع والاندثار، فإن هناك مسؤوليات تقع على عاتق عدة جهات، تبدأ بالبيت فعلى الوالدين المسؤولية الأولى فى تهذيب وتحسين لغة الحوار مع الطفل، وإصلاح أى اعوجاج فيها، وتقويم لغة الأبناء بحثّهم على حفظ القرآن الكريم، وتحديد والتحكم فى الوقت الذى يقضيه الطفل مع الهواتف، ثم المدرسة باختيار معلمين أكفاء فى جميع المواد، وليس اللغة العربية فقط لتدريس الصفوف الأولى، ليلقوا دروسهم بلغة عربية سليمة ليكونوا القدوة للأجيال فى كل شيء، وأخيرًا هناك الدولة ودوها فى سن القوانين التى تحمى اللغة القومية، بمنع كتابة لافتات المحلات بغير اللغة العربية وبأسماء عربية، وإجبار الشركات على استخدام اللغة العربية فى مخاطباتها للجهات الرسمية، ولا بدّ أيضا من ضبط بوصلة الإعلام، باختيار عناصر كفؤة تتصدر المشهد، وتكتب وتتحدث اللغة بشكل سليم.

ويرجع الأكاديمى الأردنى د. عونى تغوج تدهور حال اللغة العربية إلى غياب القرار السياسى المؤثر، فاللغة من أبرز علامات الوحدة والكرامة الوطنيه والقومية لدى الشعوب، فضلًا عن كونها عندنا لغة القرآن الكريم وكفى بذلك فخرا لها، وعندما يصبح قرار رفع شأن اللغة قرارًا سياسيًا ملزمًا فإن السبل لتحقيق ذلك كثيرة وعديدة عبر لجان مختصة تقدم الحلول والبرامج، فعلى سبيل المثال يمكن أن نقدم لطلابنا أجمل كنوز لغتنا نثرًا وشعرًا، كما يمكن إلزام كل من يتقدم لوظيفة بقراءة كتب محددة فى الأدب والنحو وتقديم إمتحان به، إجراء مسابقات علمية بين الشباب كما يحدث فى الدول الغربية.. كل هذه الجهود ستؤتى ثمارها وتجعل اجيال الشباب جذوة متقدة فى الإحساس بكرامتها وعظمة لغتها وسينعكس هذا الإيمان والإحساس على الإنجازات فى جميع المجالات.

ويرى الكاتب أحمد علاء الدين أن من وسائل دعم اللغة العربية نشر ثقافة حفظ القرآن الكريم، فمن يحفظ القرآن سيُجيد ويقدر اللغة العربية، وعقد دورات مدعومة فى جميع المدن والقرى، وأخرى عبر الانترنت لضبط أساسيات كتابة اللغة العربية، وإصدار عدة تشريعات تلزم كل مدرسة أجنبية مقامة على أراضينا بتدريس اللغة العربية مع اللغات الأجنبية لكل الصفوف، وتشريعات تمنع الشركات من عمل أى لوحة إعلانية دون كلمات عربية جنبًا إلى الكلمات الأجنبية.

وتبدى الكاتبة السورية مريم حسن باتردوك حزنها الشديد قائلة: لغتنا لغة رائعة غنيّة التّصريفات، ويكفينا فخرًا أنّها لغة القرآن الكريم،لذا يدهشنى التّهافُت على المفردات الأجنبية بديلًا للكلماتٍ العربيّة، والأكثر دهشةً أنّ مَنْ اعتادوا إقحام تلك المفردات، وجدوا لها تصريفات!.

تضيف: أنا لا أطالب بعدم تعلّم اللُّغات، لكنّنى أُطالب الجميع كلٌّ حسب موقعه ومسؤوليّته باتخاذ الإجراءات والتّدابير اللّازمة للحفاظِ على لُغتنا التّى نفخر بها، وأهمسُ لجيلِ الشّباب على امتداد وطننا العربى بكلّ محبّةٍ: التمدُّن والمستوى الرّاقى ليس بالاستعانة بمفرداتٍ دخيلة على لغة الضّاد.

ويؤكد معلم اللغة العربية خالد عصام أن النهوض باللغة العربية عمل مشترك، يتطلب جهدًا من المعلمين يقابله جهد مماثل من المتعلمين، لابد وأن يتم إعدادهم إعدادًا جيدًا بحيث يكونون على وعى كاف بتاريخها وتطورها وآدابها, وعلاقتها مع اللغات الأخرى، وذلك إلى جانب التمكن التام من قواعدها وكيفية تطبيقها.

كما يطالب بتوافر منظومة متكاملة لتعليم اللغة العربية, تحتوى على: قاموس لمعانى الألفاظ, وقاموس للأفعال وتصريفها وإسنادها للضمائر, وقاموس للأدوات وطرق استخدامها, وكتاب مبسط للقواعد والأمثلة عليها.. وإعادة الاهتمام فى المدارس بمادتي: التعبير (الشفوى والتحريري), والإملاء، وتخصيص جزء من النشاط المدرسى لتحفيز النشاط اللغوى مثل: الشعر, والقصة, والإلقاء, والمناظرات، والصحافة, والتمثيل المسرحى، وكتابة المقالات العلمية المبسطة، ورصد المكافآت التشجيعية للمتفوقين فى الأداء اللغوى بمختلف صوره, مع الرعاية الخاصة للموهوبين فى هذه المجالات.

وتقول الكاتبة اليمنية انتصار السرى سيعود وهج سلطان لغتنا، عندما يكون هناك علماء عرب يكتبون ابحاثهم ومصطلحاتهم العلمية والطبية بها، عندما تكون لغة معترف بها فى العالم وتدرس فى مدارسهم وجامعتهم، عندما تعود بلادنا العربية إلى عصر ازدهار الاكتشافات وتكتب رموزها باللغة العربية، وتواكب تطور العصر بالتكنولوجيا، ويستمر توالد شجرة عائلاتها اللغوية الغنية بمفردتها ومرادفاتها.

تضيف: ستعود قوية عندما يكرم العالم العربى فى وطنه، وتسهل له وسائل ابحاثه واكتشافاته، وتؤسس لرعاية بحوثه المراكز العلمية، وحين تصبح البلاد العربية بلادًا مصدرة وليست مستوردة فقط، وتصر قوة اقتصادية ذات ثروة صناعية وزراعية تصدر للعالم.

وتعتقد الكاتبة إيمان بشناق أن أول من يجب عليه الدور الأكبر فى عودة الهيبة والجلال للغة العربية هم الآباء فهم مطالبون بنقل الاعتزاز بلغتهم والاهتمام لأبنائهم، من خلال تعليمهم قراءة القرآن الكريم بأحكامه وتحفيظه لهم حتى يقوم ألسنتهم ويترسخ فى وجدانهم، وجعل ذلك من أولويات حقوق الأبناء عليهم، إلى جانب غرس حب اللغة فى قلوبهم وتوضح قيمتها وأهميتها لهم، من خلال كل مايجذبهم من رسوم وألعاب وغيرها..

كما يجب على الدول العربية عليها إجبار وسائل الإعلام على استخدام اللغة العربية الفصحى، ووضع وسائل هدف استراتيجى تعمل لتحقيقة عنوانه العريض إعادة الوهج للغة العربية، واشتراط اتقان اللغة العربية كتابة ونطقًا عند توظيف كل مستخدمى الاعلام، وأيضًا الاهتمام بمدرس اللغة العربية الذى ضاعت هيبته وهيبة اللغة معه.

كما لابد من تحرك معاهد اللغة العربية فى مختلف الجامعات، لإعلاء شأن اللغة العربية بين المواطنين عبر مخططات مدروسة، وأن تجعل هذا مطلبًا أساسيًا وترفعه لأعلى مستويات صناعة القرار فى كل بلداننا، كذلك طباعة الكتب العلمية والتاريخية، وترجمتها إلى اللغة العربية ونشرها، وبيعها بسعر فى متناول جميع فئات الشعب المختلفة، وتحريك الآلة القانونية فى دساتير بلداننا لجعل اللغة العربية اللغة الأساسية فى التعامل.

click here click here click here nawy nawy nawy