بايدن: القنابل التي أوقفنا إرسالها لإسرائيل قتلت مدنيين إخلاء مخيم اعتصام لطلبة متضامنين مع غزة في جامعة أميركية الجيش الإسرائيلي يغتال قائد القوة البحرية لحماس بغزة مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حول التصعيد الإسرائيلي على رفح ألمانيا تطلب أسلحة ومعدات لجيشها بقيمة 23 مليار يورو ولي العهد السعودي وزيلينسكي يبحثان هاتفيا جهود حل الأزمة الأوكرانية بايدن: سنوقف شحنات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل إذا أمر نتنياهو باجتياح كبير لرفح مجلس الوزراء: تخفيف أحمال الكهرباء يوفر للدولة نحو مليار دولار سنويا إذا لم تعرقله إسرائيل.. مسئول في حماس: لم يتبق الكثير للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مجلس الوزراء: تخفيف أحمال الكهرباء يوفر للدولة نحو مليار دولار سنويا الأونروا: استمرار غلق المعابر ومنع دخول الوقود سيصيب العمليات الإنسانية في غزة بالشلل دار الإفتاء تعلن غدا الخميس أول أيام شهر ذي القعدة لعام 1445 هجريا
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬والعلامات‭ ‬الكبرى‭ ‬

نتابع‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬العلامة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الساعة‭ ‬الكبرى‭, ‬والتى‭ ‬ستقع‭ ‬آخرها‭, ‬وهى‭ ‬خروج‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬وإفسادهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فتحوا‭ ‬السد‭ ‬وفق‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬ومشيئته‭.‬

‭ ‬ولقد‭ ‬حاولنا‭ ‬أن‭ ‬نكشف‭ ‬عن‭ ‬القصة‭ ‬ومكانتها‭ ‬وأثرها‭ ‬فى‭ ‬تشكيل‭ ‬الوجدان‭ ‬وتهذيب‭ ‬المشاعر‭ ‬وتقويم‭ ‬النفوس‭ ‬وإثراء‭ ‬الحياة‭ ‬بالنماذج‭ ‬الصالحة‭ ‬للاقتداء‭ ‬بها‭ ‬والانتفاع‭ ‬بسيرها‭ ‬وأخذ‭ ‬العبرة‭ ‬واستنباط‭ ‬الحكمة‭ ‬من‭ ‬ملابسات‭ ‬حياتها‭ ‬المختلفة‭, ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تذكير‭ ‬الناس‭ ‬بحجم‭ ‬المعاناة‭ ‬ومدى‭ ‬الجهد‭ ‬والمشقة‭ ‬التى‭ ‬بذلوها‭ ‬مما‭ ‬يقر‭ ‬الإيمان‭ ‬فى‭ ‬قلوبهم‭ ‬ويلهب‭ ‬مشاعرهم‭ ‬نحو‭ ‬امتثال‭ ‬طرقهم‭ ‬واتباع‭ ‬سبلهم‭ ‬والهناء‭ ‬بهديهم‭, ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نسمع‭ ‬فى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬قول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬فبهداهم‭ ‬اقتده‮»‬‭. ‬

وفى‭ ‬المقابل‭ ‬نجد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬يذكرنا‭ ‬بالطالحين‭ ‬من‭ ‬عباده‭, ‬وما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬أمورهم‭, ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬نأخذ‭ ‬العبرة‭ ‬ونستوعب‭ ‬الدرس‭ ‬ونستفيد‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬الآخرين‭.‬

‭ ‬ولقد‭ ‬كان‭ ‬لقصة‭ ‬ذى‭ ‬القرنين‭ ‬وعلاقته‭ ‬بيأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬والحكم‭, ‬وخاصة‭ ‬فى‭ ‬تجسيد‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الشر‭ ‬والخير‭, ‬وأن‭ ‬الخير‭ ‬يحتاج‭ ‬فى‭ ‬تغلبه‭ ‬على‭ ‬الشر‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬وتخطيط‭ ‬وأخذ‭ ‬بالأسباب‭ ‬وشجاعة‭ ‬وقيادة‭ ‬واعية‭ ‬ورشيدة‭, ‬ولقد‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬فى‭ ‬النموذج‭ ‬الذى‭ ‬تكلمنا‭ ‬عنه‭, ‬وهو‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭ ‬الذى‭ ‬مكنه‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬وأعطاه‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الموصلة‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬الأرض‭ ‬وأبعد‭ ‬مكان‭ ‬للعمران‭, ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬لقدرة‭ ‬نادرة‭ ‬على‭ ‬إحقاق‭ ‬الحق‭ ‬وإنكار‭ ‬المنكر‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المقصر‭ ‬ومكافأة‭ ‬المحسن‭, ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬أعانته‭ ‬على‭ ‬إتمام‭ ‬مهمته‭, ‬وإنجاز‭ ‬ما‭ ‬أعده‭ ‬الله‭ ‬له‭ ‬بثبات‭ ‬ونجاح‭ ‬بالغ‭, ‬فحجز‭ ‬شر‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬وإفسادهم‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬يريدها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭.‬

صحيح‭ ‬أنهم‭ ‬حاولوا‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬الخروج‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭ ‬وإفساد‭ ‬معاشهم‭, ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬أن‭ ‬يخترقوا‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬لشدته‭ ‬وقوته‭, ‬ولم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬يتسلقوه‭ ‬فيعبروا‭ ‬من‭ ‬فوقه‭, ‬فسبحانه‭ ‬من‭ ‬شاءت‭ ‬إرادته‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬شرهم‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬بهذا‭ ‬السد‭.‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬نتوسع‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬لتجاوز‭ ‬السد‭ ‬وإشباع‭ ‬رغبتهم‭ ‬فى‭ ‬التعدى‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭, ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬هامة‭ ‬تتعلق‭ ‬بهم‭, ‬وهى‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬البشر‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭????? ‬نقول‭: ‬إنهم‭ ‬بشر‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬آدم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬وأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬إبراهيم‭ ‬الخليل‭, ‬ولنذكر‭ ‬بداية‭ ‬الأحاديث‭ ‬التى‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬البشر‭, ‬وأنهم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬آدم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬نوح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬من‭ ‬بعده‭, ‬لهلاك‭ ‬البشر‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬نوح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬فلم‭ ‬يبق‭ ‬أحد‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬ذريته‭ .‬

فهم‭ ‬بشر‭ ‬كبقية‭ ‬البشر‭ ‬فى‭ ‬أشكالهم‭ ‬وصفاتهم‭, ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬فى‭ ‬صفاتهم‭ ‬غير‭ ‬هذا‭ ‬فلا‭ ‬يصح‭ ‬ولا‭ ‬يثبت‭ ‬منه‭ ‬أى‭ ‬شيء‭, ‬غير‭ ‬أن‭ ‬فيهم‭ ‬ظلم‭ ‬وخروج‭ ‬عن‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬كغيرهم‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬الظالمة‭, ‬كعاد‭ ‬وثمود‭ ‬وغيرهم‭, ‬فهم‭ ‬جبابرة‭ ‬طغاة‭ ‬أهل‭ ‬كفر‭ ‬وظلم‭ ‬وعدوان‭ .‬

وعن‭ ‬أم‭ ‬حبيبة‭ ‬بنت‭ ‬أبى‭ ‬سفيان‭ ‬عن‭ ‬زينب‭ ‬ابنة‭ ‬جحش‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭, ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭, ‬دخل‭ ‬عليها‭ ‬يومًا‭ ‬فزعًا‭ ‬يقول‭: ‬لا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬ويل‭ ‬للعرب‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬قد‭ ‬اقترب‭, ‬فتح‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬آدم‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭, ‬وحلق‭ ‬بإصبعيه‭ ‬الإبهام‭ ‬والتى‭ ‬تليها‭, ‬قالت‭ ‬زينب‭ ‬ابنة‭ ‬جحش‭: ‬فقلت‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬أفنهلك‭ ‬وفينا‭ ‬الصالحون؟ ‬قال‭: ‬نعم‭ ‬إذا‭ ‬كثر‭ ‬الخبث‭.‬

أخرج‭ ‬الحاكم‭ ‬وابن‭ ‬مردويه‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عمرو‭ ‬أن‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬ذرية‭ ‬آدم‭ ‬وراءهم‭ ‬ثلاث‭ ‬أمم‭, ‬ولن‭ ‬يموت‭ ‬منهم‭ ‬رجل‭ ‬إلا‭ ‬ترك‭ ‬من‭ ‬ذريته‭ ‬ألفًا‭ ‬فصاعدًا‭.‬

قال‭ ‬الحافظ‭ ‬ابن‭ ‬حجر‭ :‬‮«‬وَيَأْجُوج‭ ‬وَمَأْجُوج‭ ‬قَبِيلَتَانِ‭ ‬مِنْ‭ ‬وَلَد‭ ‬يَافِث‭ ‬بْن‭ ‬نُوح‮»‬‭, ‬وذَكَرَ‭ ‬اِبْن‭ ‬هِشَام‭ ‬فِى‭ ‬‮«‬التِّيجَان‮»‬‭ ‬أَنَّ‭ ‬أُمَّة‭ ‬مِنْهُمْ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬بِاللَّهِ‭ ‬فَتَرَكَهُمْ‭ ‬ذُو‭ ‬الْقَرْنَيْنِ‭ ‬لَمَّا‭ ‬بَنَى‭ ‬السَّدّ‭ ‬بِأَرْمِينِيَّةَ‭ ‬فَسُمُّوا‭ ‬التُّرْك‭ ‬لِذَلِكَ‭.‬

وقال‭ ‬ابن‭ ‬كثير‭ ‬فى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬فُتِحَتْ‭ ‬يَأْجُوجُ‭ ‬وَمَأْجُوجُ‮»‬‭: ‬إنهم‭ ‬من‭ ‬سلالة‭ ‬آدم‭, ‬عليه‭ ‬السلام‭, ‬بل‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬نوح‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أولاد‭ ‬يافث‭ ‬أبى‭ ‬الترك‭, ‬والترك‭ ‬شرذمة‭ ‬منهم‭, ‬تركوا‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬السد‭ ‬الذى‭ ‬بناه‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭.‬

وقال‭ ‬السعدى‭ ‬فى‭ ‬تفسيره‭: ‬وهما‭ ‬قبيلتان‭ ‬عظيمتان‭ ‬من‭ ‬بنى‭ ‬آدم‭, ‬وقد‭ ‬سد‭ ‬عليهم‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭ ‬لما‭ ‬شكى‭ ‬إليه‭ ‬إفسادهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬وفى‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭, ‬ينفتح‭ ‬السد‭ ‬عنهم‭, ‬فيخرجون‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭.‬

ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭ ‬يلفت‭ ‬الأنظار‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العقائدية‭ ‬والإيمانية‭ ‬ينبغى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مسلم‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬معها‭, ‬ويأخذها‭ ‬مأخذ‭ ‬الجد‭ ‬والاهتمام‭ ‬بل‭ ‬الإيمان‭ ‬والإذعان‭, ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الفتن‭ ‬ستغزو‭ ‬عالمنا‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭ ‬والقرون‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬سيدنا‭ ‬عثمان‭ ‬وإلى‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الساعة‭, ‬ثانيًا‭ ‬أن‭ ‬فتنة‭ ‬المال‭ ‬والمناصب‭ ‬والإمارة‭ ‬ستكون‭ ‬المدخل‭ ‬لتلك‭ ‬الفتن‭ ‬سواء‭ ‬بالفتوحات‭ ‬التى‭ ‬جلبت‭ ‬للرعيل‭ ‬الأول‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بظهور‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬والذى‭ ‬نبه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬مناطقنا‭ ‬واتخذنا‭ ‬عدوًا‭ ‬لسلبها‭ ‬والإيقاع‭ ‬بيننا‭ ‬واستغلال‭ ‬كل‭ ‬ثغرة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬ينفذ‭ ‬إلينا‭ ‬منها‭, ‬لذلك‭ ‬تعيش‭ ‬أمتنا‭ ‬بين‭ ‬الاستعمار‭ ‬والاستحواذ‭ ‬والهيمنة‭ ‬والضغط‭ ‬والمؤامرة‭, ‬وتأمل‭ ‬حديث‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬يوشك‭ ‬أن‭ ‬تداعى‭ ‬عليكم‭ ‬الأمم‭ ‬كما‭ ‬تداعى‭ ‬الأكلة‭ ‬على‭ ‬قصعتها‭, ‬فعلى‭ ‬كثرتنا‭ ‬عددًا‭ ‬ومددًا‭, ‬لذلك‭ ‬يقول‭ ‬القرطبى‭ ‬فيما‭ ‬نقله‭ ‬ابن‭ ‬حجر‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬الفتح‭: ‬الفتوح‭ ‬التى‭ ‬فتحت‭ ‬بعد‭ ‬فكرت‭ ‬الأموال‭ ‬بسببها‭ ‬فى‭ ‬أيديهم‭, ‬فوقع‭ ‬التنافس‭ ‬الذى‭ ‬جر‭ ‬الفتن‭, ‬وكذلك‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬الأمره‭, ‬وأيضًا‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬آيات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬النافذة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منع‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬السد‭ ‬أو‭ ‬إفقادهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬حفره‭, ‬لذلك‭ ‬يقول‭ ‬ابن‭ ‬عربى‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬ثلاث‭ ‬آيات‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحاولوا‭ ‬الرقى‭ ‬على‭ ‬السد‭ ‬بسلم‭, ‬فلم‭ ‬يهمهم‭ ‬ذلك‭ ‬ولا‭ ‬علمهم‭ ‬إياه‭, ‬بأن‭ ‬صدهم‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يقولوا‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭, ‬حتى‭ ‬يجيء‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭, ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬فيهم‭ ‬أهل‭ ‬صناعة‭ ‬وولاية‭ ‬ورعاية‭ ‬تطير‭ ‬من‭ ‬قومها‭.‬

وفى‭ ‬الحديث‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الخير‭ ‬يهلك‭ ‬بهلاك‭ ‬الشرير‭, ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يغير‭ ‬عليه‭ ‬خبث‭, ‬وكذلك‭ ‬إذا‭ ‬غير‭ ‬عليه‭, ‬لكن‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬جديد‭ ‬ذلك‭ ‬ويصر‭ ‬الشرير‭ ‬على‭ ‬عمله‭ ‬السيئ‭ ‬ويفور‭ ‬ذلك‭, ‬ويكثر‭ ‬حتى‭ ‬يعم‭ ‬الفساد‭ ‬فيهم‭ ‬القليل‭ ‬والكثير‭ ‬ثم‭ ‬يحشر‭ ‬كل‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬نيته‭.‬

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬القدر‭ ‬المفتوح‭ ‬من‭ ‬السد‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬إذا‭ ‬ازدادت‭ ‬المعاصى‭ ‬والذنوب‭, ‬والجهر‭ ‬بها‭ ‬وعجز‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬عن‭ ‬صد‭ ‬أهل‭ ‬الشر‭ ‬والوقوف‭ ‬أمامهم‭.‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬المعاصى‭ ‬والجهر‭ ‬بها‭, ‬وعدم‭ ‬الاستهانة‭ ‬بها‭, ‬التى‭ ‬تجلب‭ ‬الشر‭ ‬المحدق‭ ‬والقحط‭, ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬العداوة‭ ‬والصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والنزاعات‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬شأنهم‭.‬

وأنها‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬مفتاح‭ ‬الفتن‭ ‬وعنوان‭ ‬الإحن‭ ‬والمحن‭ ‬التى‭ ‬تصيب‭ ‬البلاد‭ ‬وتنال‭ ‬من‭ ‬العباد‭, ‬فاعتبروا‭ ‬يا‭ ‬أولى‭ ‬الألباب‭.‬

هذا‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬ثابت‭ ‬فى‭ ‬حقهم‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬النار‭, ‬لما‭ ‬ارتكبوه‭ ‬

من‭ ‬ترويع‭ ‬الآمنيين‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬إفسادهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬ونشرهم‭ ‬الظلم‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭, ‬عَنْ‭ ‬أَبِى‭ ‬سَعِيدٍ‭ ‬الْخُدْرِيِّ‭ ‬عَنْ‭ ‬النَّبِيِّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬قَالَ‭ :‬يَقُولُ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬تَعَالَى‭: ‬يَا‭ ‬آدَمُ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬لَبَّيْكَ‭ ‬وَسَعْدَيْكَ‭ ‬وَالْخَيْرُ‭ ‬فِى‭ ‬يَدَيْكَ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬أَخْرِجْ‭ ‬بَعْثَ‭ ‬النَّارِ‭, ‬قَالَ‭: ‬وَمَا‭ ‬بَعْثُ‭ ‬النَّارِ‭? ‬قَالَ‭ : ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬أَلْفٍ‭ ‬تِسْعَ‭ ‬مِائَةٍ‭ ‬وَتِسْعَةً‭ ‬وَتِسْعِينَ‭, ‬فَعِنْدَهُ‭ ‬يَشِيبُ‭ ‬الصَّغِيرُ‭, ‬وَتَضَعُ‭ ‬كُلُّ‭ ‬ذَاتِ‭ ‬حَمْلٍ‭ ‬حَمْلَهَا‭, ‬وَتَرَى‭ ‬النَّاسَ‭ ‬سُكَارَى‭ ‬وَمَا‭ ‬هُمْ‭ ‬بِسُكَارَى‭, ‬وَلَكِنَّ‭ ‬عَذَابَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬شَدِيدٌ‭ .‬

قَالُوا‭: ‬يَا‭ ‬رَسُولَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَأَيُّنَا‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬الْوَاحِدُ‭? ‬قَالَ‭: ‬أَبْشِرُوا‭ ‬فَإِنَّ‭ ‬مِنْكُمْ‭ ‬رَجُلًا‭, ‬وَمِنْ‭ ‬يَأْجُوجَ‭ ‬وَمَأْجُوجَ‭ ‬أَلْفًا‭, ‬ثُمَّ‭ ‬قَالَ‭: ‬وَالَّذِى‭ ‬نَفْسِى‭ ‬بِيَدِهِ‭: ‬إِنِّى‭ ‬أَرْجُو‭ ‬أَنْ‭ ‬تَكُونُوا‭ ‬رُبُعَ‭ ‬أَهْلِ‭ ‬الْجَنَّةِ‭.. ‬فَكَبَّرْنَا‭, ‬فَقَالَ‭: ‬أَرْجُو‭ ‬أَنْ‭ ‬تَكُونُوا‭ ‬ثُلُثَ‭ ‬أَهْلِ‭ ‬الْجَنَّةِ‭.. ‬فَكَبَّرْنَا‭, ‬فَقَالَ‭: ‬أَرْجُو‭ ‬أَنْ‭ ‬تَكُونُوا‭ ‬نِصْفَ‭ ‬أَهْلِ‭ ‬الْجَنَّةِ‭ ‬فَكَبَّرْنَا‭, ‬فَقَالَ‭: ‬مَا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬فِى‭ ‬النَّاسِ‭ ‬إِلَّا‭ ‬كَالشَّعَرَةِ‭ ‬السَّوْدَاءِ‭ ‬فِى‭ ‬جِلْدِ‭ ‬ثَوْرٍ‭ ‬أَبْيَضَ‭, ‬أَوْ‭ ‬كَشَعَرَةٍ‭ ‬بَيْضَاءَ‭ ‬فِى‭ ‬جِلْدِ‭ ‬ثَوْرٍ‭ ‬أَسْوَدَ‭.‬

قَوْله‭ ‬‮«‬قَالَ‭ ‬وَمَا‭ ‬بَعْثُ‭ ‬النَّارِ‮»‬‭ ‬أَيْ‭ ‬وَمَا‭ ‬مِقْدَارُ‭ ‬مَبْعُوثِ‭ ‬النَّارِ‭, ‬فالحديث‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬من‭ ‬ذرية‭ ‬آدم‭, ‬وأن‭ ‬مآلهم‭ ‬إلى‭ ‬النار‭, ‬وأنهم‭ ‬من‭ ‬الكثرة‭ ‬بمكان‭ .‬

وعَنْ‭ ‬أَبِى‭ ‬هُرَيْرَةَ‭ ‬أَنَّ‭ ‬النَّبِيَّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬قَالَ‭: ‬‮«‬أَوَّلُ‭ ‬مَنْ‭ ‬يُدْعَى‭ ‬يَوْمَ‭ ‬الْقِيَامَةِ‭ ‬آدَمُ‭ ‬فَتَرَاءَى‭ ‬ذُرِّيَّتُهُ‭, ‬فَيُقَالُ‭: ‬هَذَا‭ ‬أَبُوكُمْ‭ ‬آدَمُ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬لَبَّيْكَ‭ ‬وَسَعْدَيْكَ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬أَخْرِجْ‭ ‬بَعْثَ‭ ‬جَهَنَّمَ‭ ‬مِنْ‭ ‬ذُرِّيَّتِكَ‭, ‬فَيَقُولُ‭: ‬يَا‭ ‬رَبِّ‭ ‬كَمْ‭ ‬أُخْرِجُ‭? ‬فَيَقُولُ‭: ‬أَخْرِجْ‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬مِائَةٍ‭ ‬تِسْعَةً‭ ‬وَتِسْعِينَ‭, ‬فَقَالُوا‭: ‬يَا‭ ‬رَسُولَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬إِذَا‭ ‬أُخِذَ‭ ‬مِنَّا‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬مِائَةٍ‭ ‬تِسْعَةٌ‭ ‬وَتِسْعُونَ‭ ‬فَمَاذَا‭ ‬يَبْقَى‭ ‬مِنَّا‭? ‬قَالَ‭ ‬إِنَّ‭ ‬أُمَّتِى‭ ‬فِى‭ ‬الْأُمَمِ‭ ‬كَالشَّعَرَةِ‭ ‬الْبَيْضَاءِ‭ ‬فِى‭ ‬الثَّوْرِ‭ ‬الْأَسْوَدِ‮»‬‭.‬

وبالوقوف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحاديث‭ ‬يتبين‭ ‬ما‭ ‬للأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬ومكانة‭ ‬كما‭ ‬تكشف‭ ‬الأحاديث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬التى‭ ‬تنفرد‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬سواها‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬خروجهم‭ ‬وميقاته‭ ‬ففى‭ ‬بيان‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬كفاية‭ ‬لتحديد‭ ‬ذلك‭.‬

عَنْ‭ ‬حُذَيْفَةَ‭ ‬بْنِ‭ ‬أَسِيدٍ‭ ‬الْغِفَارِيِّ‭ ‬قَالَ‭: ‬اطَّلَعَ‭ ‬النَّبِيُّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬عَلَيْنَا‭ ‬وَنَحْنُ‭ ‬نَتَذَاكَرُ‭ ‬فَقَال‭: ‬مَا‭ ‬تَذَاكَرُونَ‭? ‬قَالُوا‭: ‬نَذْكُرُ‭ ‬السَّاعَةَ‭, ‬قَالَ‭: ‬إِنَّهَا‭ ‬لَنْ‭ ‬تَقُومَ‭ ‬حَتَّى‭ ‬تَرَوْنَ‭ ‬قَبْلَهَا‭ ‬عَشْرَ‭ ‬آيَاتٍ‭: ‬فَذَكَرَ‭ ‬الدُّخَانَ‭, ‬وَالدَّجَّالَ‭, ‬وَالدَّابَّةَ‭ ‬وَطُلُوعَ‭ ‬الشَّمْسِ‭ ‬مِنْ‭ ‬مَغْرِبِهَا‭, ‬وَنُزُولَ‭ ‬عِيسَى‭ ‬ابْنِ‭ ‬مَرْيَمَ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭, ‬وَيَأَجُوجَ‭ ‬وَمَأْجُوجَ‭, ‬وَثَلَاثَةَ‭ ‬خُسُوفٍ‭: ‬خَسْفٌ‭ ‬بِالْمَشْرِقِ‭, ‬وَخَسْفٌ‭ ‬بِالْمَغْرِبِ‭, ‬وَخَسْفٌ‭ ‬بِجَزِيرَةِ‭ ‬الْعَرَبِ‭, ‬وَآخِرُ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬نَارٌ‭ ‬تَخْرُجُ‭ ‬مِنْ‭ ‬الْيَمَنِ‭ ‬تَطْرُدُ‭ ‬النَّاسَ‭ ‬إِلَى‭ ‬مَحْشَرِهِمْ‭.‬

ويكون‭ ‬خروجهم‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬مريم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬من‭ ‬قتال‭ ‬المسيح‭ ‬الدجال‭ ‬وأتباعه‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬وغيرهم‭, ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬فُتِحَتْ‭ ‬يَأْجُوجُ‭ ‬وَمَأْجُوجُ‭ ‬وَهُمْ‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬حَدَبٍ‭ ‬يَنْسِلُونَ‮»‬‭, ‬و«حدب‮»‬‭ ‬أى‭ ‬مرتفع‭ ‬من‭ ‬الأرض‭, ‬و‮«‬ينسلون‮»‬‭ ‬أى‭ ‬يسرعون‭ ‬المشي‭.‬

قال‭ ‬السعدي‭: ‬فى‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭, ‬ينفتح‭ ‬السد‭ ‬عنهم‭, ‬فيخرجون‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬والوصف‭, ‬الذى‭ ‬ذكره‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬مرتفع‭, ‬وهو‭ ‬الحدب‭ ‬ينسلون‭ ‬أي‭: ‬يسرعون‭, ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬كثرتهم‭ ‬الباهرة‭, ‬وإسراعهم‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬إما‭ ‬بذواتهم‭, ‬وإما‭ ‬بما‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬التى‭ ‬تقرب‭ ‬لهم‭ ‬البعيد‭, ‬وتسهل‭ ‬عليهم‭ ‬الصعب‭, ‬وأنهم‭ ‬يقهرون‭ ‬الناس‭, ‬ويعلون‭ ‬عليهم‭ ‬فى‭ ‬الدنيا‭, ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يد‭ ‬لأحد‭ ‬بقتالهم‭, ‬‮«‬أى‭ ‬لا‭ ‬قوة‭ ‬ولا‭ ‬طاقة‭ ‬لأحد‭ ‬بقتالهم‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬فى‭ ‬سورة‭ ‬الكهف‭: ‬‮«‬قَالَ‭ ‬هَذَا‭ ‬رَحْمَةٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬رَبِّى‭ ‬فَإِذَا‭ ‬جَاءَ‭ ‬وَعْدُ‭ ‬رَبِّى‭ ‬جَعَلَهُ‭ ‬دَكَّاءَ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬وَعْدُ‭ ‬رَبِّى‭ ‬حَقًّا‮»‬‭, ‬أى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬الذى‭ ‬بناه‭ ‬ذو‭ ‬القرنين‭ ‬رحمة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬للعباد‭, ‬من‭ ‬شر‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭.. ‬فإذا‭ ‬أذن‭ ‬الله‭, ‬دك‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬وصار‭ ‬ترابًا‭ ‬وانطلق‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭, ‬وإذا‭ ‬خرجوا‭ ‬أخبر‭ ‬الله‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بخروجهم‭, ‬وأمره‭ ‬بأن‭ ‬ينحاز‭ ‬هو‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬إلى‭ ‬جبل‭ ‬الطور‭, ‬كما‭ ‬يأمره‭ ‬بأن‭ ‬يختبئ‭ ‬منهم‭ ‬ولا‭ ‬يتعرض‭ ‬لقتالهم‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬قدرة‭ ‬لأحد‭ ‬على‭ ‬مواجهتهم‭, ‬ولا‭ ‬طاقة‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬لأحد‭ ‬بقتالهم‭.‬

فإذا‭ ‬خرج‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬سعوا‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬فسادًا‭, ‬قتلوا‭ ‬الخلق‭, ‬وأكلوا‭ ‬الطعام‭ ‬وخربوا‭ ‬الديار‭ ‬وشربوا‭ ‬الماء‭ ‬ولم‭ ‬يدعوا‭ ‬شيئًا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬قضوا‭ ‬عليه‭.‬

حتى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الفتنة‭ ‬لهم‭ ‬أنهم‭ ‬يرمون‭ ‬بحرابهم‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭, ‬فترجع‭ ‬إليهم‭ ‬مخضوبة‭ ‬دمًا‭, ‬فيقولون‭ ‬قتلنا‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭ ‬وقتلنا‭ ‬أهل‭ ‬السماء‭, ‬فيلهم‭ ‬الله‭ ‬نبيه‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬الدعاء‭, ‬فيدعو‭ ‬عليهم‭, ‬ويرسل‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬يأجوج‭ ‬ومأجوج‭ ‬دودًا‭ ‬فى‭ ‬رقابهم‭ ‬فيموتون‭ ‬جميعًا‭ ‬كموت‭ ‬نفس‭ ‬واحدة‭, ‬حتى‭ ‬تمتلئ‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬زخمهم‭ ‬ونتنهم‭.‬

ويرسل‭ ‬المؤمنون‭ ‬رجلًا‭ ‬منهم‭ ‬يتحسس‭ ‬لهم‭ ‬الأخبار‭ ‬فيجدهم‭ ‬قد‭ ‬ماتوا‭ ‬جميعًا‭, ‬فيخبرهم‭ ‬بذلك‭, ‬ويدعو‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬الله‭ ‬بأن‭ ‬يطهر‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬أبدانهم‭ ‬فيرسل‭ ‬طيورًا‭ ‬ضخمة‭ ‬تحملهم‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬

ويرسل‭ ‬الله‭ ‬المطر‭ ‬فيغسل‭ ‬الأرض‭, ‬ويخرج‭ ‬عيسى‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬فعيشون‭ ‬فى‭ ‬رخاء‭ ‬ونعمة‭ ‬ورغد‭ ‬وسعة‭ ‬عيش‭, ‬ويضع‭ ‬الله‭ ‬الأمان‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭, ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الوحوش‭ ‬لا‭ ‬تؤذى‭ ‬أحدًا‭.‬

ثم‭ ‬يموت‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬مكثه‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬أربعين‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬نزوله‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭, ‬ويدفنه‭ ‬المسلمون‭.‬

ثم‭ ‬يرسل‭ ‬الله‭ ‬ريحًا‭ ‬طيبة‭ ‬تقبض‭ ‬أرواح‭ ‬المؤمنين‭ ‬جميعًا‭, ‬ولا‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬شرار‭ ‬الخلق‭ ‬وعليهم‭ ‬تقوم‭ ‬الساعة‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬لون‭ ‬السد‭ ‬قد‭ ‬ورد‭ ‬ذكره‭ ‬فى‭ ‬كتب‭ ‬السنة‭ ‬المطهرة‭, ‬مما‭ ‬له‭ ‬صلة‭ ‬بيأجوج‭ ‬ومأجوج‭, ‬فلنا‭ ‬معه‭ ‬حديث‭, ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الحلقة‭ ‬المقبلة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬