الكاتبة الصحفية إلهام شرشر تكتب: زمن الرويبضة.. لا تردعهم الكلمة.. ولا تعنيهم الحقيقة
من المحزن أن نترك مقاليد التوجيه وتشكيل العقول لصنف من الناس باعوا ضمائرهم، وسلموا أنفسهم للشيطان، يوجههم كيفما يشاء، ارتضوا زخارف الدنيا وارتموا في أحضان الغرب، ينقلون بضاعتهم، ويرددون مقولاتهم، ويترجمون رسائلهم وأفكارهم، دونما خجل أو تردد!!..
هؤلاء الرويبضة فُتحت لهم الأبواب، وشقت لهم السبل حتى بلغوا مسامع الناس، ووصلوا إلى قلوبهم وعقولهم، يخربون فيها كما يشاءون!!..
مخطئ من يراهم شخصا بعينه أو حتى اتجاه بذاته، فهم وإن عرفنا بعضهم، فما يخفى علينا منهم كثر، فهم موزعون في كل مراكز التشكيل والتأثير!!..
صحيح أن خطابهم واحد إلا أن مداخلهم متعددة، وقضاياهم متفرقة، يجمعها عنصر لا يحيدون عنه، وهو ضرب الدين بضرب شريعته، ومنهاجه، ومصادره ورموزه، وأيامه، ورجاله بل وكل ما يتعلق به!!..
قضاياهم قديمة، وشبهاتهم عقيمة، فاض بها الكيل وطفح، ومع ذلك لا يملون من ذكرها، والتغني بها في محاولات بائسة، لتجد من يصغي لها أو يقتنع بها أو حتى سماعها، يرهفون بما لا يعرفون، وينطقون بما لا يعون، لا تردعهم الكلمة ولا تقنعهم الحجة، ولا تعنيهم الحقيقة!!..
غايتهم إثارة الفتنة، واستفزاز المشاعر، وتخطي كافة الخطوط الحمراء، وتجاوز ما استقر في وعي الأمة لقرون طوال!!..
لغتهم السخرية والتهكم والاستهزاء التي لا تنم إلا عن خبث الطوية، وسوء النية، وحب الظهور والشهرة!!.
جلهم سخيف التعبير، سقيم التفكير، عاشق للتزوير، مروج للحماقات، أقوالهم متهافتة تملأ قلوب المؤمنين غيظًا، وحنقًا، وضيقًا، عندما ينفثون في أبواقهم ليسمعوا ضجيج ترهاتهم وتفهاتهم!!.
هدفهم تشكيك الناس في أصول دينهم، وصدهم عن عقائدهم، في جراءة بل وقاحة، دونما أدنى خجل، دأبوا على إعادة تدوير الشبهات وتدويلها في محاولة محكوم عليها بالفشل الذريع، لنزع سلطان القرآن والهدى النبوي الشريف من قلوب الناس، فضلًا عن استخفافهم بالقضايا الغيبية التي هي من سمات أهل التقوى والإيمان، كما نبأنا بذلك الرحيم الرحمن، في معرض بيانه عن صفاتهم، فهم يؤمنون بالمادة، وبما وراء المادة، ويوقنون بأن الكون المحسوس ليس الوجود كله، بل وراءه وجود أرحب منه وأبقى!!..
وإذا كان للعلوم المادية منطقها الذي يكشف عن حقائقها، فإن العلوم القائمة على مصادر غيبية لها مهاد ثابت من الوحي المعصوم، من قرآن كريم، وسنة مطهرة ترتبط به، وتستمد صدقها منه!!..
وليعلم هؤلاء أن للوحي الإلهي معالمًا اختص بها، وهو يتناول عالم الغيب، فما أورده القرآن الكريم عن طيران عرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين، يؤكد أن خالق الأسباب لا تحكمه الأسباب، لذا نقول: إن ما ورد من مرويات في هذا الباب لا تتبع خيالات من كتبوا ألف ليلة وليلة، فشتان بينهما، فالأول: يستند إلى وحي معصوم، والآخر يغلب عليه الخيال الجامح، والهوى الطافح، ولا مجال في ديننا لترويج الأساطير، وتصديق الترهات والأباطيل!!..
كما لا سبيل إلى اتخاذ الإيمان بالغيب ذريعة للإيمان بالخرافة، فديننا لا يقبل أن يكون الغيب ثغرة ينفذ منها البته، فهو دين يعتز بالعقل، ويدعو إلى التأمل والتدبر والنظر في آفاق النفس، فضلًا عن ملكوت السماوات والأرض..
أما عن العلمانيين ودعاة التنوير الذين لا هم لهم ولا طائل، إلا الهجوم على الإسلام وحده، وإعطاء صورة دميمة عنه، فهؤلاء أجدر لهم أن يوصفوا بالظلاميين!!.. والجاهلين!!.. لأنهم في الحقيقة هم امتداد لأبي جهل ومن سبقوهم في الغي والضلال!!..
وإلا فما معنى أن يسلقون الإسلام بألسنتهم الحادة، ويرمونه بأبغض الصفات، وأنكي العبارات، ويثيرون حوله الجدل في قضايا ومسائل خاسرة، انعقد على ثبوت أدلتها ووقوع أحداثها إجماع المسلمين في كل العصور، بما لا يدع مجالا لتشكيك طاعن، أو تحريف مرجف، اللهم إلا من أجل التلبيس على الناس والإجهاز على مناعتهم الدينية.
قارئي العزيز في كل مكان:
لقد أنكر الضالون الجاحدون في القديم كما في الحديث رحلتي الإسراء والمعراج، وسخروا وتهكموا و استهزأوا وتجهموا، ومثل هؤلاء قد لا تجدي لديهم حيلة، ولا ينفع معهم إقناع، لأن العناد طمس قلوبهم، وحجبهم عن نور اليقين، كأنما يلدغ نفوسهم، ويغشي عيونهم أن يسلموا بخوارق العادات، ويعرفوا بالمعجزات، ولا مناص من التسليم بما جاء به القرآن، وصح عن خاتم الأنبياء والمرسلين.
فهيا بنا إلى إسراء.. إلى ساحة الفضل والإنعام.. فمن شاء أن يسري به ربه، وأن تعرج به ملائكة الرحمة، فليدم مناجاة ربه، وليحسن وقوفه بين يديه، فالصلاة التي فرضت في رحلة المعراج، وأمر الله بها العباد طهرة للقلوب ومعراج لرب العالمين، والتي ستظل آية من آيات الله الدالة على عظيم قدرته، وبديع صنعه، وعنايته بنبي الإسلام وأمته..