الكاتبة الصحفية إلهام شرشر تكتب: «أكتوبر» هبت معها رياح الكرامة
كلما حلّت علينا ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، هاجت مشاعرنا حنينًا وعادت ذاكرتنا شوقًا لهذا اليوم الذي زُفّت فيه البشريات.. ورُفعت فيه الرايات.. وعلت به الهامات، وهبّت معه رياح النصر والكرامة... والقوة والشهامة، واندمل الجُرح الغائر الذي ظل ينزف على مدار ست سنوات حتى شاء الله لنا النصر والتمكين.
هاجت مشاعرنا لهذا اليوم الذي كشرت فيه مصر عن أنيابها وأخذت بالأسباب والتفت حول قائدها الذي كان آيةً في الدهاء والخداع الاستراتيجي، واجتمعت على قلب رجلٍ واحدٍ حتى كانت كالأسد الجسور الذي انهال على العدو الصهيوني من كل حدبٍ وصوب، ليلقنوه درسًا قاسيًا بات علامةً فارقةً في تاريخنا العسكري، ونقطةً سوداء في جبين كل صهيوني.
ومن حسن الطالع أن تحلّ ذكرى «اليوبيل الذهبي» لهذا النصر، ونحن نلتف حول قائدٍ ورئيسٍ تولى زمام هذه البلد في وقتٍ كانت فيه على حافة الهاوية، لكنه استطاع بخبرته وقيادته الرشيدة أن يعيد لها رونقها ومكانتها بين دول العالم مرةً أُخرى، الأمر الذي جعله محل تقديرٍ وفخرٍ واعتزازٍ لدى المصريين.
عزيزي القارئ، إن الفرحة العارمة التي سادت شوارع وميادين محافظات الجمهورية، عقب إعلان السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي ترشحه للفترة الرئاسية المقبلة، لترسم لوحةً فنيةً من طرازٍ رفيع تعكس للعالم أجمع مدى التفاف الشعب المصري حول قائده، ومدى وحدة الصف التي تشهدها البلاد، فضلًا عن الانسجام المصري قيادةً وشعبًا.
ها هي مصر تعشق روح الوحدة ورائحة البطولات، وتحن حين تحل الذكرى لمزيد من الانتصارات، فتهيج المشاعر شوقًا ليوم السادس من أكتوبر.
كيف لا تهيج المشاعر شوقًا لهذا اليوم الذي كانت أعظم انتصاراتنا فيه ما رأيناه من علاماتٍ وإشاراتٍ تدل على رضا الله علينا وتأييد الله لنا؟!!!.
كيف لا تهيج شوقًا لهذا اليوم في ذكراه؟؟ وقد استرددنا فيه كرامتنا وعزتنا قبل أن نسترد تراب أرض سيناء الحبيبة؟!!!!!!!!
لم لا نُطرب في هذه الذكرى، وقد كنا يومها على قلب رجلٍ واحدٍ، لا فرق يومها بين مسلم ولا مسيحي ولا بين مدني ولا عسكري بل ولا طفلٍ صغير وشيخٍ كبير، الكل تجمعه راية التكبير
«الله أكبر» ما حيينا
«الله أكبر» ما بقينا
«الله أكبر» نحطم السد المنيع
«الله أكبر» نعبر القناة
«الله أكبر» نسترد الأرض
«الله أكبر» ندافع عن العرض
«الله أكبر» ينصرنا
«الله أكبر» يجبرنا
صيحات تعالت وظلّت تتردد على كل لسان حتى تحولت معها ساحة الحرب إلى ساحة ذكر يُرفع فيها اسم الملك العلّام، فتنزلت الرحمات ونزلت الملائكة من أعلى السماوات لتقف في صفوف الموحدين الذين باهى الله بهم ملائكته، لأنهم لم يُشغلوا حتى في لحظات القتال عن ذكر الكبير المتعال.
حٌق لنا أن ننتصر فقد كانت جنودنا بل وبلادنا كلها في معية الله، فالكل من أعماق قلبه يقول "الله أكبر" "الله أكبر"، وحاشا أن يُهزم أهل التكبير والمعية.
حُقّ لنا أن ننتصر، إذ كيف يُهزم أهل الإيمان الذين أخذوا بالأسباب مع صدق التوكل على الرحيم الرحمن؟!!!
كيف يٌهزم رجالٌ لا يهابون الموت؟!!!!
إن جنودنا في حرب السادس من أكتوبر كانوا جُند الله، وقد وعد الله جٌنده بالنصر والتمكين، حين قال في أواخر سورة الصافات (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ).
إن جنودنا في هذا اليوم الأغر- الذي خلّد التاريخ ذكراه- كانوا يُقبلون على ساحة القتال دون خوفٍ أو تردد، ويُقابلون الموت بالرحب والسعة دون جزعٍ ولا سخط، معتقدهم الراسخ إما النصر أو الشهادة، عزاؤهم أن كلا الحالتين خيرٌ كبير، فمن عاش عاش مرفوع الهامة، ومن استُشهد نال من الله أجرًا يستحيل أن تصاحبه حسرةٌ أو ندامة.
لقد انطبق عليهم قوله تعالى في سورة النساء (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
إننا نعيش ذكرى ملحمةٍ حقيقية سطرها المصريون بدمائهم الزكية ليرى العالم أن سبات مصرنا لا يعني موتها، وأن رقدتها تعقبها إفاقة وانتفاضةٌ لا تُبقي ولا تذر.
فما كان لمصر أن تترك أرضها المغتصبة دون استرداد، وهي التي نصرت الإسلام مرتين، مرة في (عين جالوت) حين كاد التتار أن يحرقوا الأخضر واليابس، والأخرى في (معركة حطين) بعد أن تملك الخوف والرعب قلوب الناس، فخرجت بلادنا حينها ليعز الله بها الإسلام والمسلمين، وكانت كالغيث الذي جاء بعد طول جدبٍ وجفاف.
رحم الله الأحياء الذين سبقونا إلى ربّ كريم بعد أن نالوا شرف الشهادة في حرب الكرامة والعزة، وتحيتي الخاصة لجيل أكتوبر الذي نال شرف المشاركة في هذه الحرب المشهودة... آملين أن نكون قد وفّيناكم حقكم أحياءً وأمواتًا.
ورسالتي إلى شعب مصر العظيم: تمسكوا بالوحدة والالتفاف حول قيادتكم، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين.