مؤتمر الأزهر لنصرة القدس.. كواليس الحرب على الطاغوت
الأزهر هو منبر الدفاع عن الإسلام والمسلمين في العالم كله في كل وقت وحين، وقلعة الإسلام التي تعمل جاهدةً على الحفاظ على التراث الإسلامي الذي تركه لنا النبي محمد «صلى عليه وسلم»، وهو أول المؤسسات الإسلامية والعالمية التي استطاعت أن تقف ضد القرار المجحف الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالدو ترامب، بالاعتراف أن القدس عاصمة للكيان الصهيوني.
ودعا الأزهر الشريف إلى مؤتمر عالمي لنصرة القدس، تحت عنوان «الهوية العربية للقدس ورسالتها»، انطلق يوم الأربعاء الماضي، مكث يومين، في الفترة من 29 ربيع الآخر و الأول من جمادي الأولى سنة 1439 هـ المقابلة 17-18 من يناير 2018م، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، و شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
وحضر كلًا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، والأمن العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسي، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، ووزير الشؤون الإسلامية الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، ورئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي، والأمين العام لمجلس الكنائس العالمي الدكتور أولاف فكيس تافيت، وقداسة البابا تواضروس، رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، وزعيم حركة ناطوري كارتا اليهودية الحاخام ميرهيرش.
أقوال خلدها مؤتمر الأزهر:
أحمد الطيب: «ليكن 2018 عامًا للقدس الشريف تعريفًا به ودعمًا معنويًا ونشاطًا ثقافيًا وإعلاميًا متواصلًا تتعهده المنظمات الرسمية والمؤسسات الدينية والجامعات العربية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني وغيره.. نحن دعاة سلام ولكن علينا امتلاك القوة التي ترعب العدو وتكسر أنفه وترغبه على أن يعيد حساباته ويفكر ألف مرة قبل أن يمارس عربدته وطغيانه واستهتاره واستبداده.. ليس لنا عذرًا أمام الله وأمام التاريخ في أن نبقى ضفعاء مستكينين متخاذلين وفي أيدينا لو شئنا كل عوامل القوة ومصادرها المادية والبشرية».
محمود عباس: «القدس كانت ومازالت إسلامية مسيحية عربية ومن دونها لن يكةن سلامًا في المنظقة.. القدس زهرة فلسطين وقلبها النابض وهي عاصمتنا الأبدية التي تنتمي ألينا وننتمي إليها وهي أغلى عندنا من أنفسنا وأرواحنا».
أحمد أبوالغيط: «كلنا ثقة في أن الأزهر لن يسمح بإضعاف القضية ونحن لن نخذل القدس أبدً.. نصرة القدس لن تتحق إلا بنصرة أهله».
عباس شومان: «مدينة القدس مدينة عربية تحت الاحتلال كانت ولازالت وستبقى بإذن الله عربية وهي مدينة ليست ميراثًا لبلفور ولا ترامب ولا غيرهم وهي عربية من قديم الأزل وستبقى كذلك».
الحاخام ميرهيرش: «قسمًا بالله قد حرم على اليهود إقامة أي حكم سواء في غلسطين أو في مكان أخر من بالعالم حتى لو منحتهم الأمم المتحدة تفويضًا بذلك.. وفق أوامر التوراة نحن نذعن بإخلاص لتلك الأنظمة التي تمنحنا المأوى والملاذ ونتضرع من أجل سلامة تلك الحكومات التي تأوينا».
تواضروس: «السلام اختيار لابديل عنه ولا يأتي إلا باحترام الشعب الفلسطيني.. قرار الرئيس ترامب قرار ظالم ولم يرعى مشاعر المسلمين والمسحيين ونحن نرفض الظلم والقهر واستغلال النصوص الدينية ونقف دائمًا بجانب من يناضلون من أجل حريتهم وكرامتهم وحقوقهم ضد المغتصبين».
توصيات خرج بها مؤتمر نصرة القدس:
أوَّلًا: يؤكد المؤتمر على وثيقة الأزهر الشريف عن القدس الصادرة في 20 نوفمبر 2011، والتي شددت على عروبة القدس، وكونها حرمًا إسلاميًّا ومسيحيا مقدسا عبر التاريخ.
ثانيًا: التأكيد على أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة والتي يجب العمل الجاد على إعلانها رسميًّا والاعتراف الدولي بها وقبول عضويتها الفاعلة في كافة المنظمات والهيئات الدولية، فالقدس ليست فقط مُجرَّد أرض محتلة، أو قضية وطنية فلسطينية، أو قضية قومية عربية، بل هي أكبر من كل ذلك، فهي حرم إسلامي مسيحي مقدس، وقضية عقدية إسلامية ـ مسيحية، وإن المسلمين والمسيحيين وهم يعملون على تحريرها من الاغتصاب الصهيوني الغاشم، فإنما يهدفون إلى تأكيد قداستها، ودفع المجتمع الإنساني إلى تخليصها من الاحتلال الصهيوني.
ثالثًا: إنَّ عروبةَ القدس أمر لا يقبل العبث أو التغيير وهي ثابتة تاريخيًّا منذ آلاف السنين، ولن تفلح محاولات الصهيونية العالمية في تزييف هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ، ومن أذهان العرب والمسلمين وضمائرهم فعروبة القدس ضاربة في أعماقهم لأكثر من خمسين قرنًا، حيث بناها العرب اليبوسيون في الألف الرابع قبل الميلاد، أي قبل ظهور اليهودية التي ظهرت أول ما ظهرت مع شريعة موسى -عليه السلام- بسبعة وعشرين قرنًا، كما أن الوجود العبراني في مدينة القدس لم يتعد 415 عامًا، على عهد داود وسليمان -عليهما السلام- في القرن العاشر قبل الميلاد وهو وجود طارئ عابر محدود حدث بعد أن تأسَّست القُدس العربية ومضى عليها ثلاثون قرنا من التاريخ.
رابعًا: الرفض القاطع لقرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة والتي لا تعدو بالنسبة للعالم العربي والإسلامي وأحرار العالم، أن تكون حبرًا على ورق، فهي مرفوضة رفضًا قاطعًا وفاقدة للشرعية التاريخية والقانونية والأخلاقية التي تلزم الكيان الغاصب بإنهاء هذا الاحتلال وفقًا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة في هذا الشأن، ويحذِّر المؤتمر ومن ورائه كافة العرب والمسلمين وأحرار العالم في الشرق والغرب، من أن هذا القرار إذا لم يسارع الذين أصدروه إلى التراجع عنه فورًا فإنه سيغذي التطرف العنيف، وينشره في العالم كله.
خامسًا: وجوب تسخير كافة الإمكانات الرسمية والشعبية العربية والدولية (الإسلامية، المسيحية، اليهودية) من أجل إنهاء الاحتلال الصهيوني الغاشم الظالم لأرض فلسطين العربية.
سادسًا: يدعو المؤتمر حكومات دول العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني إلى التحرك السريع والجاد لوقف تنفيذ قرار الإدارة الأمريكية، وخلق رأي عام عالمي مناهض لهذه السياسات الجائرة ضد الحقوق والحريات الإنسانية.
سابعًا: يؤازر المؤتمر صمود الشعب الفلسطيني الباسل ويدعم انتفاضته في مواجهة هذه القرارات المتغطرسة بحق القضية الفلسطينية ومدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، كما يحيي روح التلاحم الشعبي بين مسلمي القدس ومسيحييهم، ووقوفهم صفًّا واحدًا في مواجهة هذه القرارات والسياسات والممارسات الظالمة، ونحن نؤكد لهم من هذا المؤتمر أننا معهم ولن نخذلهم، حتى يتحرر القدس الشريف.
ثامنًا: يعتز المؤتمر بالهبَّة القوية التي قامت بها الشعوب العربيَّة والإسلامية وأحرار العالم، داعيًا إلى مواصلتها للضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن هذا القرار المجافي للشرعية الدولية، كما يحيي المؤتمر الموقف المشرِّف للاتحاد الأوروبي وكثير من الدول التي رفضت القرار الأمريكي الجائر بحق القدس، وساندت الشعب الفلسطيني.
تاسعًا: يدعم المؤتمر مبادرة الأزهر بتصميم مقرر دراسي عن القدس الشريف يُدرَّس في المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، استبقاءً لجذوة قضية القدس في نفوس النشء والشباب، وترسيخًا لها في ضمائرهم، مع دعوة القائمين على مؤسسات التعليم في الدول العربية والإسلامية وفي سائر بلدان العالم، وكافة الهيئات والمنظمات الفاعلة، إلى تبني مثل هذه المبادرة.
عاشرًا: يحث المؤتمر عقلاء اليهود أنفسهم للاعتبار بالتاريخ، الذي شهد على اضطهادهم في كل مكان حلّوا به إلَّا في ظل حضارة المسلمين، وأن يعملوا على فضح الممارسات الصهيونية المخالفة لتعاليم موسى عليه السلام التي لم تدع أبدا إلى القتل أو تهجير أصحاب الأرض، أو اغتصاب حقوق الغير وانتهاك حرماته وسلب أرضه ونهب مقدساته.
الحادي عشر: يعتمد المؤتمر اقتراح الأزهر أن يكون عام 2018م عامًا للقدس الشريف، ويدعو كل الشعوب بمختلف مرجعياتها وهيئاتها ومؤسساتها إلى تبنِّي هذه المبادرة، خدمة لقضية القدس بمختلف أبعادها.
الثاني عشر: يحث المؤتمر كل الهيئات والمنظمات العالمية، ويدعوها إلى الحفاظ على الوضع القانوني لمدينة القدس، وتأكيد هُويتها، واتخاذ كافة التدابير الكفيلة بحماية الشعب الفلسطيني، وخاصة المرابطين من المقدسيين، ودعم صمودهم، وتنمية مواردهم، وإزالة كل العوائق التي تمنع حقوقهم الآدمية الأساسية، وتحول دون ممارسة شعائرهم الدينية، وذلك لضمان استمرار بقائهم وتجذرهم في القدس العربية، مع حَضِّ أصحاب القرار السياسي في العالميْن: العربي والإسلامي على دعم ذلك كله، دون اتخاذ أي إجراء يضر بالقضية الفلسطينية، أو يصب في التطبيع مع الكيان المحتل الغاصب.
الثالث عشر: تكوين لجنة مشتركة من أبرز الشخصيات والهيئات المشاركة في هذا المؤتمر لمتابعة تنفيذ التوصيات على أرض الواقع ومواصلة الجهود في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة وبخاصةٍ قضيَّة القُدس، وعرضها في كافة المحافل الدوليَّة الإقليميَّة والعالميَّة.
كل هذه الثمار التي خرج بها مؤتمر الأزهر لنصرة القدس من توصيات، وأقوال هل هناك إجراءات ستنفذ على أرض الواقع أم هو حبرٌ على ورق وهذا ما ستثبته الأيام.