حسن كامي «المستشرق».. فنان بدرجة مثقف
على بعد خطوات من أحد أعرق مقاهي وسط المدينة «جروبي» تجد تلك الرائحة التي تحمل عبق التاريخ تملأ حواسك وتتملك من جوارحك، تقودك قدمك نحوها دون ان تشعر حتى تصل إلى مصدرها، قف فتلك المكتبة العريقة التي كُتب عليها " المستشرق " هي منبع هذا الشذى الذي أخذك إلى هنا، تقدم خطوة للداخل لتجد نفسك وسط الألاف من الكتب والمجلدات و الصور التي تعود إلى حقب وازمنة تاريخية قديمة، وعندما تتفحص تفاصيل المكان حولك ستصطدم عيناك بصورة سيدة توسطت الكتب، أسفلها يجلس صاحب المكتبة ذو الملامح الارستقراطية منغمس في القرآة، أقترب منه قليلًا لتجد المفاجأة الفنان حسن كامي في أستقبالك، أجلس وأستمع للقصة كاملة.
في أواخر القرن التاسع عشر، أسس المكتبة رجل يهودي يدعى فيلدمان و اطلق عليها أسم المستشرق لتكون أحد المراجع التي يستعين بها المستشرقون الغرب في دراساتهم عن الشرق ، بعد العدوان الثلاثي على مصر رحل صاحبها واتنتقلت ملكيتها لأحد المثقفين المصريين يدعى شارل بحري وقتها كان الفنان حسن كامي احد أكثر رواد المكتبة وقبل أن يتوفى شارل طلب منه كامي شراء المكتبة وهو الأمر الذي وافق عليه الرجل رغبة منه في الحفاظ عليها بعد رحيله.
ظلت زوجته تدير المكتبة التي تضم ما يقرب من 40 ألف مجلد ومخطوطة بنسخهم الاصلية أو طبق الأصل حتى وفاتها عام 2012 و بعدها حرص كامي على التواجد باستمرار داخل المستشرق في محاولة ان يهرب بالقرأة من حزنه على زوجته الراحلة أو ان يجدها في تلك الكتب التي عاشرتها مدة زمنية طويلة وان يتذكرها بصورها التي وضعها أمامه و علقها على جدران المكتبة.
يحزن كامي لبيع بعض الكتب التي تربطه بها علاقة قوية، كما أن هناك بعض الكتب التي يرفض بيعها تمامًا ككتاب بعنوان مساجد مصر والذي يحمل وصفًا دقيقًا للهندسة المعمارية الخاصة بالمساجد المصرية وكتاب عجائب الاثار في التراجم والأخبار لعبدالرحمن الجبرتي وبعض المخطوطات من كتاب وصف مصر وغيرها من الكتب الثمينة و النادرة التي توجد بمكتبته.
ينزعج "كامي" من نظرات الاستغراب التي يراها في عيون بعض الزائرين للمستشرق لكونه فنان و صاحب مكتبه في الوقت وذاته، ويرى أن الفنان يجب أن يكون مثقفًا .