إلهام شرشر تكتب: إنذار.. الماء وإلا ………..!!!!!!!!!!
المياه حياة.. ولقد شاء الله لمصر أن يمدها بشريان يضخ فيها الوجود ويمنحها قبلة الحياة.. لذلك قديمًا قالوا مصر هبة النيل..
لم يكن بالأمر الغريب أن يعيش المصريون على ضفافه ينعمون بأنسه ويرتوون بمياهه العذبة المباركة ويشيدون حضارة ما زالت محط تقدير واحترام العالم أجمع..
ولما كانت مصر بلدًا صحراويًا فقد احتشد المصريون حول النيل يستقطعون نسبة لا تزيد عن ٨٪ من أراضيها..
ولما كانت مصر بلد المصب مع السودان على اعتبار أن هناك دول ينبع وينطلق منها النيل كإثيوبيا.. لذلك فلمصر حصة محددة فيه تصل إلى ٤٨ مليار متر مكعب.. هذه الحصة موثقة بالعهود ومحددة بناء على اتفاقيات دولية..
ولما كانت مصر تزداد أعدادها عامًا بعد عام.. حتى أصبحت هذه الحصة لا تسد احتياجاتها الضرورية لذا تقوم بإعادة استخدام المياه مرة أخرى.. وهي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تفعل ذلك..
ولما كانت مصر تحتل مكانة الصدارة بين دول أفريقيا ولها تاريخها النضالي والريادي الذي لا يُنكر فقد آلت على نفسها أن تحيط قارتها وتشملها دائمًا بالرعاية والاهتمام والتعاون والمساندة..
هذا الأمر لا يغيب عن ذاكرة أحد لذا لا يمكن أن تقف حجر عثرة أمام آمال شعوبها في التنمية..
تلك الحقائق ينبغي أن تكون واضحة للجميع.. فمصر لم تكن لتطغى على حق أحد.. ولكن من الملاحظ أن أزمة سد النهضة دخلت فيها دول أخرى تستهدف المساس بأمن مصر المائي وتجرها جرًا نحو حرب المياه..
ومن هنا نفهم لماذا تتعثر المفاوضات التي بدأت منذ سنوات ومازالت وأخيرًا تتهم مصر بأنها هي التي تعرقل المفاوضات لأنها متمسكة بحقها ولأنها مستمسكة بالمواثيق الدولية التي أبرمت حول مياة النيل.. ولعل اتفاقية سنة ٥٩ والتي يدعى أنها سبب هذه الأزمة أكبر دليل على ذلك..
وواجبي أن أوضح أن هذه الاتفاقية كانت بين مصر والسودان لضبط مياه النيل في ظل متغيرات جدت على الساحة آنذاك حينما شرعت مصر في بناء السد العالي.. وفيها تم التأكيد على حصة مصر من مياه النيل.. لذلك لا يمكن أن يؤخذ كلام المتحدث الرسمي للخارجية الإثيوبية بمأخذ الجد والاهتمام حينما حمَّل مصر مسؤولية فشل مفاوضات سد النهضة..
فهل يقبل أو يعقل أن مصر غير جادة في التعاون مع إثيوبيا؟؟؟؟؟!!!!!!!.. وهي تعمل على الحفاظ على حقها؟؟؟؟؟!!!!!!!!..
هل يقبل أو يعقل أن مصر غير حريصة على إنهاء هذه الأزمة وهي تعلم أن دولًا بعينها تقف خلف أزمة النهضة تناصب مصر العداء؟؟؟؟؟!!!!!!..
إن إرادة حل الخلافات لم ولن تغيب عن صانع القرار في مصر.. لأنه كما يسعى لتأمين مياه النيل والحفاظ عليها يدرك حاجة إثيوبيا إلى التنمية..
كما أن مخاوف مصر جراء بناء السد مشروعة.. خاصة أن سعته تحتاج إلى أربع سنوات متكاملة حتى يمتلئ.. على اعتبار أن حجمه يوازي أضعاف حصة مصر من النيل مما سيترتب عليه نقص حصة مصر من مياه النيل، وهذا الأمر سيفرض على مصر وضعًا لا يحمد عقباه..
والأدهى من ذلك أن بناء السد يشوبه عيوب هندسية.. من الممكن أن تؤدي إلى سقوطه كما أنه من الممكن أن تؤدي إلى انهياره لعوامل جيولوجية وهنا تكون الكارثة !.
وإذا كانت مصر قد أعطت مهلة شهر لكسر الجمود المخيب للآمال والمخيم على المفاوضات التي استمرت مؤخرًا قرابة اليوم الكامل ولم تسفر عن نتائج محددة يمكن أن تعلن..
إذن يمكن لمصر أن تجبر إثيوبيًا وبكل قوة وإن كان بكل إحكام وحكمة وسيطرة على ضرورة احترام مخاوفها فنحن نعلم قدرة مصر إلى أي مدى؟؟؟؟!!!!.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى تبث في روعها الاطمئنان بحرص مصر التام على إقامة مشروعاتها التنموية..
مصر تحتاج إلى أن تتخذ مجموعة من الإجراءات العاجلة على الأرض.. خاصة أن المهلة محدودة..
منها أن تضغط على إثيوبيا من خلال اللجوء إلى الحلفاء والأصدقاء.. ولعل زيارة وزير الخارجية بالأمس القريب إلى «بروندي»، وتصريح رئيسها بمساندة مصر في أزمة «سد النهضة» وتأكيده على حقها المشروع في كامل حصتها من مياه النيل لهو طريق يجب أن يستكمل بمزيد من الدول.. خاصة من لها جوار معها أو علاقات قوية بها..
كما يمكن لمصر أن تحرص على الاستمرار في طريق المفاوضات منطلقة من ثقتها الكاملة بحقوقها في كامل حصتها من مياه النيل..
كما يمكن لمصر أن تعتمد في التأثير على إثيوبيا من خلال إظهار قوتها على حسم الموقف لصالحها وأقصد بهذه القوة ليست القوة المادية فحسب.. وإنما القوة الناعمة التي لها تأثير على الرأي العام هناك، ولعل من أهمها المؤسسات الدينية.. وعلى رأسها «الأزهر الشريف» الذي أثبتت الأيام مدى قوة تأثيره في الآخرين دولًا كانوا أو أفرادًا.. كما أن للكنيسة المصرية من تأثير بالغ على إثيوبيا على اعتبار أن كنائسها تتبع «الكنيسة المصرية الأم»..
كما يمكن لمصر أن تتخذ من التدابير التي تضغط على إثيوبيا من ذلك رفض مصر دخول سفنها من وإلى قناة السويس.. كما لها أن تعمل على فضح كل الدول التي تساندها وعلى رأسها «إسرائيل وتركيا وغيرهما».. حيث تقوم بإظهار كل الوثائق والأدلة والمخططات التي تعمل من أجل عرقلة جهود المفاوضات التي تدور حول السد في المحافل الدولية لتكون رأيًا عامًا ضدهم..
ولحين ذلك على الشعب المصري أن يكون ذلك الجيش المقاتل من أجل الدفاع حتى عن قطرة ماء التي فيها محياه.. هذا هو قدره عليه أن يتحمل.. هذا قدره دومًا مقااااتل .. عن طريق إعادة مصر استراتيجيتها المائية وفقًا للمعطيات الجديدة بأن تحرص على فاقد المياه وتحاول أن تحد منه وتقلله وأن تحرص على تطوير الري وتحسين نوعية المياه..
كما يمكن لمصر أن تقيم مجموعة من السدود الصغيرة ذات الطبيعة الركامية واستكمال المشروعات القديمة المرتبطة بمعالجة مسألة المياه بها كاستكمال قناة «جونجيلي» ومشروع «منخفض القطارة»، وغيرها من المشروعات..
كما يمكن لمصر أن تتجه بكليتها إلى الصحراء الغربية التي أثبتت الاكتشافات الحديثة كثرة وجود المياه الجوفية بها..
فهل آن لمصر أن تتحرك في كافة هذه الاتجاهات من أجل الحفاظ على حياة مصر والمصرين؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!..
وإلا….……!!!!! فليس لها إلا……….!!!!!
لأنه إذا نفد صبر مصر فعلى إثيوبيا أن تتحمل النتائج…… وهذا إنذار !!!!!