الكنافة في مصر والشام مابين الفاطمية والمعاوية .. ولكن الأصل واحد
بالرغم من وجود الكنافة طوال العام ، إلا أنها طبق رئيسي في رمضان وتراث أصيل من عادات للشهر الكريم ، ومن لا يأكلها في الأيام العادية ، يأكلها في رمضان.
أصل كلمة كنافة (تشنافة) وهي في اللغة الشركسية تتكون من كلمتين تشنا (البلبل) و فه (لون ) أي تعني لون البلبل.
ويعود سر ارتباط الكنافة والقطايف برمضان لإحتوائهما علي بعض الفوائد الغذائية، حيث أنها تعوض الجسم ما فقده من احتياجات أساسية أثناء الصيام من خلال سكريات .
يقول الباحث التاريخي الدكتور صلاح عبدالله أنه توجد عدة روايات عن أصل الكنافة ومنها إنّها تعوُّد إلى عصر المماليك وقيّل إنّ أصِل الكِنافة يرجِع إلى العصر الفاطمى ، وتحديداً عِند دُخول الخليفة المعز لِديْن اللّه الفاطمى القاهِرة ، حيْث كان ذلِك فى شهر رمضان ، فخرج الأهالى لِاِستِقبالِه بعد الإفطار وتسابقوا فى تقديم الهدايا له ومِن بيْن ما قُدِّموه الكِنافة.
ورواية أخري تقول أن أصل الكنافة كان في بلاد الشام ، و إن صانعي الحلويات في الشام هم من اخترعوها وابتكروها وقدموها خصيصًا إلى معاوية بن أبي سفيان ، وزعموا إن معاوية بن أبي سفيان كان أول من صنع الكنافة من العرب حتى أن اسمها ارتبط به ، فقالوا "كنافة معاوية" لأنه كان يحب الأكل فشكا إلى طبيبه ما يلقاه من جوع في الصيام فوصف له الطبيب الكنافة التي كان يتناولها في فترة السحور كأكلة سحور حتى تمنع عنه الجوع في نهار رمضان ، و ابتدع صانعو الحلويات بالشام طرقا أخرى لصناعة الكنافة غير التي تفنَّن بها المصريون، فأضافوا لها الجبن، خاصة النابلسية التي تشتهر بها مدينة نابلس، وكذلك أضافوا لها الفستق وقاموا بالتفنن في صناعتها بطرق مختلفة ، ، وقيل أيضاً إن الكنافة صنعت خصيصًا لسليمان بن عبد الملك الأموي.
و أضاف عبدالله ،أن بعض الدراسات الحديثة أكدت أن السعادة مرتبطة بنوعية الطعام الذي نتناوله، ويرى الباحثون أن تناول نوعيات من الأطعمة يساعد علي استرجاع بعض الذكريات الجميلة ويحقق الشعور بالسعادة والراحة النفسية، وقد تتعلق هذه الذكريات الجميلة بمرحلة الطفولة أو بمنزل الأسرة أو بمناسبة مبهجة في فترة زمنية مضت كانت ممتلئة بالسعادة والسرور، وهذا بالفعل ما يشعر به المواطن المسلم و العربي في رمضان خاصة بعد أن يؤدي عباداته على أكمل وجه ، ولعل ذلك يفسر مدى ارتباط الشعوب العربية أيضاً بحلويات رمضان كالكنافة والقطائف في أيام رمضان.
نوادر الكنافة
توجد نوادر للكنافة و منها ، أن أحد الرجال غضبت عليه زوجته فغادرت منزله إلى بيت أهلها ، وبقيت فيه شهوراً سعى خلالها المصلحون ففشلوا في إصلاحهما، فدخل شهر رمضان المبارك، وذكر الزوج زوجته وكنافتها وعلمت الزوجة ، وتذكرت حب زوجها لها ولكنافتها فبعثت إليه بصينية كنافة كان تأثيراً أكبر من تأثير المصلحون ، فما كاد الزوج يتلقاها حتى ابتهج وحملها ومضى بها إلى بيت زوجته ليفطر معها.
وتبدع كل بلد في طريقة صنع الكنافة وحشوها، فأهل الشام يحشونها بالقشطة ، وأهل مكة المكرمة يحشونها جبناً بدون ملح ، وكنافة الجبن المفضلة لديهم على باقي الأنواع، وأهل نابلس برعوا في كنافة الجبن حتى اشتهرت وعرفت بالكنافة النابلسية.
القطيفة أصل كلمة القطايف
أما القطائف فأرجع المؤرخون أصل تسميتها إلي تشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة (المخمل)، وقيل أيضاً إنه عندما قدمت إبان العصر المملوكي اتخذت هذا الاسم، وذلك حين قدمت كفطيرة محشوة ليقطفها الضيوف فلقبت فطيرة القطف، فتحولت إلي «قطايف».
ورواية اخري تقول أنه ابتكر أحد فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها بشكل جميل مزينة في صحن كبير ليقطفها الضيوف.
وقد بلغت الكنافة والقطائف من الشهرة والذيوع، لدرجة أن العلامة جلال الدين السيوطي الفقيه والمؤرخ المصري الذي عاش في العصر المملوكي جمع ما قيل فيهما نثراً وشعراً في كتاب لطيف أسماه “منهل اللطائف في الكنافة والقطائف”، حيث احتلتا مكاناً ملحوظاً وبارزاً في ديوان الشعر العربي.
ولم يقف حديث الأدباء وقصائد الشعراء عن الكنافة عند حد وصف موائدها بل تعدى ذلك إلى الهيام بها والتغزل فيها حتى صار لها من العاشقين من خلد ذكرها، من هؤلاء الشاعر أبو الحسين يحيى الجزار الذي أحب الكنافة حباً ملك عليه بطنه وكل مشاعره، ولما لم يكن قادراً على شرائها، فقد أخذ يرسل الصيحات إلى أحد الأمراء ليدنيه منها.