الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الإصلاحات الاقتصادية.. الدواء المر للنهوض بالوطن

الإصلاحات الاقتصادية.. الدواء المر للنهوض بالوطن

الدولة فى طريقها لمعالجة فشل منظومة الدعم.. وبناء مستقبل أفضل لأبناء الوطن 

السيسى يواجه ما تجاهلته الحكومات السابقة بقرارات جريئة.. ولا يهتم بشائعات الغرب عن توتر الأوضاع الداخلية بسبب ارتفاع الأسعار 

خبراء الاقتصاد: القرارات الصعبة ضرورة ملحة لمواجهة تحديات المستقبل ولا تقام الدول على الدعم 

الدولة نجحت فى القضاء على السوق السوداء للعملة للصعبة.. وشبكة الحماية الاجتماعية ساعدت على تقليل الأضرار السلبية

بخطى ثابتة وتفكير طويل تبعها توكل على الله، اقتحم الرئيس عبدالفتاح السيسى وبالتحديد مع بداية فترة الرئاسة الأولى عددا من الملفات الشائكة والتى لم تجرؤ عليها الحكومات السابقة، فقرر أن يختار الدواء المر لعلاج السرطان الذى انتشر فى جسد الوطن، فكانت أول معاركه مع ضبط منظومة الدعم وتوصيله إلى مستحقيه ومن أجل هذا الغرض وجد نفسه واقفًا أمام دعم الدولة للبنزين 92 الذى يحصل عليها الأغنياء، فكان لا بد من تحريك أسعار المحروقات، ومع استمرار انقطاع التيار الكهربائى فى عهد حكم الإخوان كان لا بد من تقديم الخدمة بشكل أفضل إلى المواطن فظهرت الحاجة إلى تحريك أسعار الكهرباء وتقسيمها إلى شرائح فاختفت مشكلة انقطاع التيار الكهربائى مهما كانت نسبة الأحمال، وفى المقابل عمدت الحكومة لاتخاذ حزمة من القرارات بغرض حماية محدودى الدخل من موجه الغلاء فصممت برنامجا باسم شبكة الحماية الاجتماعية.

من جانبه، أشار الدكتور محمود عبدالهادى، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إلى أن هناك تحسنا كبيرا للغاية طرأ على الاقتصاد المصرى فى الآونة الأخيرة، نتيجة القرارات الجريئة التى اتخذتها الحكومة وبعض العوامل الأخرى التى ساعدت فى تحقيق ذلك مثل تحويلات المصريين بالخارج وزيادة الصادرات المصرية للخارج وارتفاع نسبة الاحتياطى الأجنبى الموجود فى البنك المركزى لمعدلات غير مسبوقة.

وتابع: هناك توقعات بزيادة الاستثمار الأجنبى والمحلى، فمؤشرات الاقتصاد الكلى تشير إلى هذا النمو الكبير، مشيرا إلى أن هناك البعض من غير المتخصصين لا يعلمون أهمية هذه التحسنات على المستوى العام نتيجة عدم وعى، فاتجاه الحكومة ناحية تعويم الجنيه وإخراج قانونى ضريبة القيمة المضافة وتنشيط دعم الطاقة والسعى ناحية الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، لأنها قرارات كانت ملحة وضرورية وإن كان هناك لوم فاللوم يأتى من تأخر إصدار هذه القرارات، لأنه ليس هناك واقع ومنطق اقتصادى يمكن أن يقول إن السعر الرسمى للدولار فى البنوك المصرية 8 جنيهات وسعر السوق الموازية يصل إلى ضعف هذا الرقم، فهذا من الناحية الاقتصادية مرعب.

واستطرد: «ترشيد دعم الطاقة كان كلاما محسوما والاختلاف كان على التكلفة فقط، فأى سياسة اقتصادية أو قرار اقتصادى لا بد أن يكون له مكاسب وخسائر والتكلفة التى يتكبدها المواطن تحملها مواطنو دول كثيرة حول العالم، لأنها اتخذت إجراءات اقتصادية أدت فى نهاية المطاف إلى تنمية شاملة ونحن على أعتاب تلك التنمية».

خبراء: الإصلاحات الاقتصادية ضرورة ملحة 

مصطفى الخواجة أستاذ الاقتصاد، أكد لـ«الزمان» أن تحرير سعر الصرف كان أمرا لا بد منه لإنقاذ الوضع منذ حوالى 40 سنة، فى صورة تثبيت السعر عند ما يقارب 8 جنيهات بدعم من الدولة، بعيدا عن واقع السوق، لكنه تأخر كثيرا نتيجة تخوف الحكومات المتعاقبة من ردة الفعل الشعبية، مشيرا إلى أن التاريخ سوف يحسب هذه الشجاعة لرئيس الوزراء شريف إسماعيل.

وفسر تأييده للقرار بأن الدولار كان قد تحول إلى سلعة تجارية قابلة للبيع والشراء مثل أى سلعة استهلاكية أخرى نتيجة الفرق بين السعر الرسمى المعلن فى البنوك، وشركات الصرافة، فضلا عن تجار العملة، مما خلق سوقا سوداء، بالإضافة إلى تحميل المواطن أى فروق أو متغيرات السعر، متمثلا فى وصوله إلى ما يقرب من 18 جنيها قبل التعويم، ولم تعد العملة الصعبة من المكونات أو الوحدات التى تدعم الاقتصاد وتحقق له الاستقرار.

وتابع أن القرار قضى على تلك الأسواق من خلال إعطاء البنوك مساحة أكبر من الحرية لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبى، مما مكنها من استعادة مواردها الدولارية من الأسواق الموازية ومواجهة نقص العملة الصعبة، لتلبيلة احتياجات القطاعات المختلفة والالتزامات الحكومية.

وساهم القرار أيضا - وفقا للخواجة- فى بداية طريقة الاستقرار، إذ أنهى التزاحم الشديد الذى شهدناه من المصريين تجاه المضاربة على العملة فى الدولار لتحقيق الأرباح السريعة مع التذبذب اليومى فى الأسعار والذى كان يتغير أحيانا كل ساعة، مبتعدين عن الاستثمار فى المشاريع الإنتاجية، بالإضافة إلى خروج المستثمرين الصغار من البورصة فى ذلك الوقت.

واستطرد بأن تلك الخطوة أدت إلى قفزة فى احتياطى النقدى الأجنبى، فوصل إلى ما يقارب 44 مليار دولار مقارنة بـ19 مليار دولار قبل قرار التعويم.

وجاء ذلك نتيجة زيادة التدفقات الدولارية متمثلة فى ارتفاع السندات وأذون الخزانة التى طرحتها وزارة المالية بمليارات الدولارات وكذلك اليورو، بجانب ودائع الدول العربية، بالإضافة إلى ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج بشكل كبير، مع اتجاه المصريين بالداخل إلى تحويل الدولار إلى الجنيه للاستثمار فى شهادات الإيداع التى وصلت الفائدة لها إلى 20%، بحثا عن المكسب الآمن، مع قلة الاحتياج للعملة الصعبة.

تحرير سعر الصرف ساهم - كما يقول الخواجة- فى تحسين مناخ الاستثمار وجذب المزيد منها خلال الفترة الأخيرة، موضحا أن تكلفة إنشاء المشاريع قد انخفضت بعد التعويم، مقارنة بالأسواق والبلاد الناشئة الأخرى، نتيجة قيمة انخفاض قيمة العملة المحلية، فما كان يتطلب عندنا إنشاء مشروع - على سبيل المثال بـ17 مليون جنيه- من المستثمر عدة ملايين من الدولارات، أصبح يتكلف حاليا حوالى مليون دولار فقط، مشيرا إلى أهمية الإصلاحات المكملة لذلك، مثل قانون الاسثمار الموحد، والحوافز الضريبية، وقانون الشركات، وقانون سوق المال، مما أدى إلى إنعاش البورصة، والتى بدأت تحقق أرباحا ملحوظة، بالإضافة إلى التعديلات الجمركية المنتظرة.

وأضاف أستاذ الاقتصاد أن جميع هذه الإيجابيات قادت إلى ارتفاع نسبة الثقة فى الاقتصاد المصرى عالميا نتيجة الارتفاع المطرد لمعدل النمو والذى وصل مؤخرا إلى قرابة 5.5%، وقدرة مصر على سداد مستحقات وفوائد الديون، مما دفع مؤسسات التمويل الدولية إلى التعامل مع مصر، تمثل آخرها فى رفع مؤسسة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتمانى لمصر إلى موجب. 

وأكد الخواجة أن الارتفاع الحالى فى الأسعار غير مبرر، مشيرا إلى أن هناك تثبيت لسعر الدولار الجمركى لاستيراد السلع، والذى من المفترض أن يحقق ثباتا نسبيا فى السوق، مشيرا إلى هذا التغيير يعود إلى ضعف الإجراءات الرقابية.

واتفق معه الخبير الاقتصادى عبد الرحمن عليان، قائلا إن التعويم كان خطوة ضرورية طالبنا بها منذ سنوات، لعدم وجود بدائل تعادل كفاءة توحيد طريقة التعامل المتبعة عالميا مع العملات الأجنبية، مما يؤدى إلى عدم تماشى الأسعار المحلية مع مثيلاتها العالمية، نتيجة لوجود فارق بين السعر والتكلفة، مما يقودنا على إلى عجز الموازنة المزمن الذى تعانى منه مصر، وهو ما تلجأ الحكومة إلى تعويضه بعد ذلك إلى تحصيله من الشعب عن طريق الجمارك أو الضرائب، بالإضافة إلى عدم القدرة على احتساب تكاليف المعيشة الحقيقية.

وأوضح: القرار من المفروض اتخاذه مبكرا منذ الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس أنو السادات، لكن بسبب انتفاضة الخبز، اضطر إلى التراجع عن استكمال باقى إجراءات الإصلاح، مشيرا إلى أنه حذر حينها من أن الشعب سيعانى من تبعات التأجيل فى السنوات المقبلة.

وأضاف أنه بتحرير سعر الصرف فإن العجز الحادث سوف يتم تقليصه، وتوجيهه إلى الاستثمار فى الملفات الخدمية التى عانت من التراجع على مدى عقود طويلة، مثل الصحة والتعليم، مما يرفع من مستوى المعيشة والخدمة المقدمة للمواطن كبند من خطة التنمية المستدامة.

وتابع: الحكومة بدأت مؤخرا فى محاولة توسيع مظلة الحماية الاجتماعية من خلال استمرار معاش تكافل وكرامة، مع الموافقة على زيادة المعاشات والأجور مؤخرا، ومنح علاوات استثنائية، مطالبا بزيادة نسبتها.

وفيما يتعلق بأعباء الديون فأوضح أنه يمكن تقبلها فى حالة استخدام القرض فى مشاريع البنى التحتية اللازمة للاقتصاد، بالإضافة إلى المشروعات الاستثمارية التى يمكنا أن تدر أرباحا يمكننا من خلالها تسديد فوائد القرض.

رفع أسعار المحروقات والكهرباء الطريق الوحيد للتنمية 

واستكمالا لما تقوم به الدولة من قرارات اقتصادية يراها الكثيرون صعبة إلا أنها ضرورية، يترقب المواطن المصرى فى ظل موجة الغلاء ارتفاعًا جديدًا فى أسعار الوقود والكهرباء خلال الفترة المقبلة، بعد أن قررت الحكومة المصرية رفع أسعار مياه الشرب وخدمة الصرف الصحى بنسب تصل إلى 46.5%، ويسبقها ارتفاع أسعار تذاكر المترو، وارتفاع الوقود يتبعه زيادة أسعار كافة السلع والخدمات بما لا يتناسب مع دخل المواطنين وأصحاب المعاشات، وذلك وفقًا لمشروع موازنة السنة المالية المقبلة 2018 – 2019.

وقد تضطر الحكومة إلى رفع أسعار الوقود مرتين، خلال العام المالى المقبل، من أجل الوفاء بتعهداتها لصندوق النقد الدولى، بالتخلص من دعم الطاقة بنهاية يونيو 2019.

ومن جانبه، قال المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، إن الحكومة تستهدف من زيادات الوقود الوصول إلى سعر التكلفة ولا تستهدف تحقيق الربح أو المكاسب.

وأضاف الملا أن الحكومة لديها إستراتيجية منذ عام 2014 لرفع الدعم عن الوقود، ويتم تعويض ذلك عن طريق التوسع فى حزم الصمان الاجتماعى، لافتًا إلى أن بعد رفع الوقود فى المرة الأخيرة، ظهرت فجوة بين الأسعار المحلية والأسعار العالمية، مشيرا إلى أنه الفترة الأخيرة شهدت انخفاضا فى استهلاك الوقود، موضحًا أن هناك انخفاضا فى استهلاك البنزين 3% خلال الـ9 أشهر السابقة، و6% سولار، و33% مازوت وثبات فى معدلات استهلاك البوتاجاز.

من ناحيتها، أكدت شيرين الشواربى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن زيادة أسعار الوقود الهدف منها تقليل تخفيض فاتورة الدعم، وإصلاح موازنة مختلة، والتى تشكل عبئا على الموازنة، موضحة أن قرار زيادة أسعار الوقود ليس مفاجأة، وعلى المواطن أن يكون لديه استعداد لأى قرارات زيادة أسعار سواء الوقود أو غيره .

وأضافت أن قرار زيادة أسعار الوقود الهدف منه إصلاح موازنة مختلة وأخطاء اقتصادية، وإعادة هيكلة الدعم للوصول إلى مستحقيه، مشيرًا إلى أن الدولة لم تلغ الدعم نهائيا، مشيرة إلى أن الدولة لا تعلن عن توقيت زيادة الأسعار، ومنظومة الدعم يجب أن يتم إصلاحها.

وتوقعت تحريكا جديدا لأسعار السلع الغذائية، بسبب تحرير سعر الصرف، موضحة أن الحكومة على علم بالأعباء التى تواجه المواطن، ولكنها مجبرة على ذلك، والرئيس عبد الفتاح السيسى أكد أن المواطن يجب أن يتحمل، بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادى.

فيما قال مجدى العشماوى إن ارتفاع أسعار الوقود قضية لم تعد بمثابة قرار اقتصادى فحسب، بل هى من أكثر القضايا التى تشغل الشارع المصرى، لأن من يقع عليه عبء ذلك القرار هم الطبقات الفقيرة.

وأضاف عشماوى أن معظم مؤشرات النمو الاقتصادى جيدة وتدعو للتفاؤل ولكن بدراسة العائد على المواطن المصرى ومدى استفادته، سنجد أنه لا يشعر بأى تحسن فى المستوى المعيشى، خاصةً أن كل ما يشغل المصريين فى الوقت الراهن قضية التضخم والارتفاعات المستمرة فى أسعار السلع والخدمات بنسب كبيرة، وتلك الارتفاعات المنتظرة بعد تطبيق زيادات الوقود الجديدة.

وفى السياق نفسه، اقترح الخبير الاقتصادى أبو بكر الديب، 5 حلول أو بدائل تغنى الحكومة عن رفع أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة، تتمثل فى دعم الاستثمار الأجنبى، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة أزمة البطالة، ومنع تصدير المنتجات سواء زراعية أو صناعية أو تعدين أو مخلفات أو قمامة فى صورة خامات، وإنما إدخال قيمة مضافة عليها، وتحصيل الضرائب المتأخرة وترشيد الإنفاق الحكومى.

وطالب الديب، بتعديل قانون الضريبة على الدخل، حتى تكون الضريبة تصاعدية، لإضافة حصيلة جديدة للدولة، وبالتالى تقليل عجز الموازنة، وزيادة الجمارك على السلع التى لها بديل محلى، وضم جميع الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة للدولة.

وقال الديب: إنه يجب وضع خطة لإنقاذ المصانع المتعثرة، وبحث عقبات التصدير، لضخ المزيد من العملة الصعبة، وإنشاء شركات مساهمة مصرية، ويجب أن تخطط الدولة لخفض الاستيراد من القمح والطاقة واستعادة الحركة السياحية، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، وعلاج ارتفاع فوائد الدين الداخلى والخارجى، والتى تأكل جزءا من مخصصات التنمية فى الموازنة، والتوسع فى استصلاح الأراضى، كمشروع المليون ونصف المليون فدان، وزيادة الإنتاج والتصدير، واستقرار سعر صرف الدولار، واستبدال أدوات الدين مرتفعة التكاليف بأخرى منخفضة، وتعظيم الموارد، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق، والتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية مثل برنامج تكافل وكرامة.

كما توقع علاء السبع، عضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية، ألا يؤثر قرار زيادة أسعار الوقود بشكل كبير على سوق السيارات الجديدة، بسبب غلاء أسعار السيارات بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، والذى تسبب فى حالة ركود شبه كاملة فى حركة المبيعات.

وأضاف أن المتحكم الأول فى استهلاك السيارة للوقود هو سعتها اللترية، وكلما ارتفعت زاد استهلاك السيارة للوقود والعكس صحيح، مشيرًا إلى أن الأكثر تضررًا من قرار رفع الأسعار هم مالكى السيارات القديمة المزودة بمحركات بنظام «كاربراتير».

ومن جانب البرلمان، طالب النائب عفيفى كامل، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، الحكومة بتأجيل قرار رفع أسعار الوقود، محذرًا من تطبيق القرار فى الوقت الحالى.

وقال عفيفى: «الناس تعبانة، ويجب تأجيل ذلك القرار، والمواطن سيتأثر كثيرًا»، منتقدًا تعرض العديد من مصانع الدولة لخسائر كبيرة، بعدما كانت تحقق أرباح.

أما بالنسبة للكهرباء، قال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث الرسمى باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إنه لم يتم تحديد موعد الإعلان عن الزيادة الجديدة المرتقبة فى أسعار شرائح الكهرباء، وفقًا لخطة الحكومة برفع الدعم عن الكهرباء بحلول 2020.

وأضاف المتحدث باسم الكهرباء، أن الوزارة تقوم حاليًا بمتابعة ومراجعة ما يتم تنفيذه من أهداف وخطط بشركات القطاع المختلفة، وذلك لتأمين واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى جميع المناطق بمحافظات الجمهورية المختلفة، لافتًا إلى أن مصروفات الصيانة التى تم منحها لشركات توزيع الكهرباء التسع بلغت 2 مليار جنيه، خلال عامى «2016-2017».

وأشار إلى أن قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة نجح فى إضافة 6882 ميجاوات، عبر خطة طموحة وعاجلة منها 3636 ميجاوات كخطة عاجلة بتكلفة بلغت 2.7 مليار جنيها، مؤكدًا أنه يتم حاليًا تطوير شبكة نقل الكهرباء من خلال تنفيذ خطط طموحة بدأت منذ العام الماضى، وتم رصد تكلفة استثمارية مبدئية حوالى 18 مليار جنيه تشارك فى تنفيذها شركات مصرية وأجنبية.

من جانبه يقول الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، والخبير الاقتصادى، إن من أكثر الآثار السلبية لقرارات رفع الدعم: هو ارتفاع معدلات التضخم، وهو ما يعنى وجود زيادة فى مستويات الأسعار لجميع السلع والخدمات، والتى لم يقابلها زيادة فى مستويات الدخل، لكن الحكومة تُقر الآن زيادة تتراوح بين 15:10% لأصحاب المعاشات وفى الأجور بشكل عام، وهذا جزء يواكب الارتفاع فى معدلات التضخم، أو الزيادة فى الأسعار التى ستكون على بعض المستويات مثل المواد البترولية، والمياه، والصرف، وما شابه ذلك.

وأضاف بدرة لـ«الزمان»، أنه على المدى البعيد سوف تؤثر تلك القرارات على القوى الشرائية، فعلى سبيل المثال: إذا كان أحد الأفراد يتقاضى راتبًا قيمته 1000 جنيه شهريًا، ومعدل إنفاقه 1500 جنيه شهريًا، فتلك الزيادة وقيمتها 500 جنيه، قد تدفع هذا الفرد إلى التوقف عن الشراء، أى أنه قد يحدث «إنكماش» فى معدلات الشراء، من خلال تقليل الفرد فى معدلات شرائه.

وهو ما يتفق مع ما قالته الدكتورة عالية المهدى، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعضو مجلس الشورى سابقًا، عن الآثار السلبية لقرارات رفع الدعم المرتقبة، إن رفع الدعم يكون على كل المستويات وبالتالى فإنها تمس الأجور الثابتة، والدخول المنخفضة، وهو ما له آثار سلبية على الأسر الفقيرة، أو الأسر ذات الدخل المحدود، فالقيمة الحقيقية لدخولهم تتراجع، وبالتالى تقل قوتهم الشرائية، وقدرتهم على الحصول على احتياجاتهم تنخفض.

كما أكّدت «المهدى» أيضًا لـ«الزمان»، أنه على المدى البعيد قد تؤثر تلك القرارات بشكل عام، إذ ستؤدى إلى «قلة الطلب»، وهو ما يعنى أن احتياجات الأفراد تقل، وقد يؤدى إلى عجز الميزان التجارى، وفى حال رفع الأسعار فإنها ستؤدى إلى عجز الموازنة العامة للدولة، كما ستؤدى أيضًا إلى حالة من الكساد التجارى فى الأسواق، مما سينعكس سلبًا على معدلات النمو، ومع تحريك أسعار الوقود فإن الدعم قد يتراجع إلى الصفر.

على الصعيد الآخر، يقول الدكتور مصطفى بدرة، إن هناك آثارًا إيجابية لتحريك أسعار الوقود أهمها ضبط الموازنة، فحاليًا يزيد عجز الموازنة، وإذا استمرت تلك الحالة فسوف تظل الدولة فى تراجع مستمر فى تقدمها على مستوى المشروعات، وعلى مستوى معدلات النمو، والاستثمار، لذا كان لا بد من علاج لذلك، وأيضًا لا بد من وجود استثمارات ومشروعات فى كل المجالات، وأن يكون هناك زيادة فى معدلات التدفق للعملة الأجنبية، وهو ما سيوفر وجود الصناعة المصرية بشكل كبير، ويعمل على راحة الأفراد، فاليوم أغلب السلع التى نقوم بشرائها هى سلع مستوردة تُقيّم بالعملة الأجنبية.

وأما عن وجود بدائل لرفع الدعم، يقول بدرة: إن البديل الأساسى لرفع الدعم هو أن الضرائب التى تفرض على مجموعة أو شريحة أو طبقة معينة من الناس لا بد وأن تُعمم أى تفرض على الجميع، لكى تحدث زيادة فى الحصيلة الضريبية، ولا بد أن يكون الشغل الشاغل للحكومة القادمة وما بعدها أن تكون جاذبة للاستثمار لكى تزيد من موارد الدولة، ولا بد أيضًا أن تعود السياحة من أجل توفير العملة الأجنبية لدى الأجهزة المعنية، لكى تستطيع تلبية طلبات المجتمع، إلى جانب تشغيل 5000 مصنع من أجل تشغيل العمالة.

شبكة الحماية الاجتماعية 

وفى هذا الإطار، علمت «الزمان» من مصدر مطلع بمجلس الوزراء تفاصيل التقرير الذى وصل إلى مكتب المهندس شريف إسماعيل قبل أيام بخصوص تنفيذ شبكة الحماية الاجتماعية والتى ينظر إليها البعض بأنها حائط لحماية الفقراء ومحدودى ومتوسطى الدخل، وقد تناول التقرير النتائج المترتبة على تنفيذ الحكومة حزمة من الإجراءات الفترة الماضية خلال الفترة من نهاية أكتوبر 2016 وحتى يناير 2018. 

وتضمنت إجراءات الحماية الاجتماعية، ضبط الأسواق بالتنسيق بين وزارة التموين والداخلية وحملات يومية لجهاز حماية المستهلك وافتتاح أفرع له على مستوى المحافظات، وتفعيل قرار كتابة الأسعار على السلع، كذلك إلغاء الجمارك على استيراد السكر، وزيادة جديدة لقيمة الدعم المقدم للفرد فى البطاقات التموينية من 18 إلى 21 جنيها بتكلفة 2.5 مليار جنيه، إلى جانب توفير 1.8 مليار دولار لتكون احتياطيا إستراتيجيا من السلع لمدة 6 أشهر، وإنشاء لجان مهمتها تنقية جداول المشتركين فى منظومة الدعم واستبعاد كل من المهاجرين بالخارج والمتوفين وغير المستحقين، ومن المقرر أن تصدر حزمة إجراءات الفترة المقبلة لتقدم مزيد من الحماية وعلى رأسها دمج مليون و700 ألف من المواليد الجدد إلى منظومة الدعم، وتحديد 9 فئات لهم حق استخراج بطاقة تموين حال عدم وجودها وهم: مستحقو معاشات الضمان الاجتماعى، مستحقو معاشات تكافل وكرامة، وأصحاب الأمراض المزمنة، وعمال التراحيل والعمالة الموسمية، والعاملون فى الزراعة، والباعة الجائلون، والسائقون والمعنيون والحرفيون من أصحاب الأعمال الحرة، والحاصلون على مؤهلات دراسية ودون عمل، والقصّر ممن ليس لهم عائد أو دخل ثابت لوفاة الوالدين.

وتابع المصدر: تناول التقرير الموجود على مكتب رئيس الوزراء أيضًا توسيع مظلة معاش «تكافل وكرامة» إلى 2 مليون مواطن وفيما بعد تمت حملات تنقية للجداول على مستوى 26 محافظة للوصول إلى المستحقين، وإجراءات صرف العلاوة الاستثنائية لموظفى الحكومة لتعويض أثر التضخم المرتفع بتكلفة 3.5 مليار جنيه، وتقديم وجبات مدرسية مجانية وتوصيل الغاز إلى المناطق الفقيرة وزيادة حد الإعفاء من الضرائب على الرواتب والعمل على إيجاد فرص عمل بالقطاع الخاص كجزء من إستراتيجية الحكومة لتحقيق النمو الاحتوائى، كذلك دعم الفلاح من خلال زيادة أسعار توريد المحاصيل الزراعية «أرز – قصب السكر – القمح»، وفى قطاع الغسكان توسعت الدولة فى مشاريع الإسكان لمتوسطى ومحدودى الدخل بالمناطق العمرانية الجديدة لحمايتهم من تضخم أسعار الإيجارات مع تحويل تلك المناطق الجديدة إلى نموذج لكمباوند مكتمل الخدمات من مدارس ومستشفيات ودور عبادة.

ولفت المصدر إلى أن تطوير المستشفيات الحكومية واحدة من إجراءات الحماية الاجتماعية حتى لا يقع المواطن فريسة لاستغلال المنشآت الطبية الخاصة، كذلك حملات التفتيش التى تقوم بها الأجهزة الرقابية تأتى ضمن هذا البرنامج، ومن المقرر أن تشهد الموازنة الجديدة للعام المالى 2018/2019 زيادة المبلغ المخصص للحماية الاجتماعية وهو رقم موزع على الوزارات المعنية بهذا الأمر.

click here click here click here nawy nawy nawy