«إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ» الرقابة الإدارية تضرب رقاب الفاسدين
آلاف القضايا رصدتها الهيئة خلال السنوات الماضية.. وفرت للدولة مليارات الجنيهات.. وترفع شعار «لا أحد فوق القانون»
الحكومة تسير على خطى الرقابة.. تفعيل حملات تفتيش على إدارات الشئون القانونى
وزارة التربية والتعليم تفعل البصمة الإلكترونية بالمدارس
الصحة تستعين بالكارت الذكى لتوصيل الدواء لمستحقيه بالتأمين الصحى
تركيب كاميرات مراقبة بالمصالح الحكومية.. وكاميرات بالمواقع الأثرية لحمايتها من النهب
استطاعت هيئة الرقابة الإدارية أن تضرب أروع الأمثلة فى الحفاظ على المال العام والقضاء على ظاهرة الفساد الإدارى التى انتشرت على مدار السنوات القليلة الماضية، وكان حجم القضايا التى رصدتها ولا تزال ترصدها يوميا خير دليل، وهو ما ساهم فى توفير مليارات الجنيهات تضيع على الدولة بسبب عمليات الرشوة والفساد الإدارى، على الجانب الآخر كان للوزارات دور هى الأخرى فى حصار الفساد تيمنا بما تقوم به هيئة الرقابة الإدارية، فحاولت كل وزارة على حدة ان تبتكر وسيلة فعالة للقضاء على الفساد المنتشر داخلها فى واحدة من صور الرقابة الذاتية.
وفى السطور التالية تستعرض «الزمان» أبرز الوسائل التى ابتكرتها بعض الوزارات لحماية المال العام ومواجهة الفساد الإدارى، وكانت البداية مع وزارة التربية والتعليم والتى قررت تفعيل نظام البصمة الإلكترونية بالمديريات التعليمية على مستوى الجمهورية بدلا من دفاتر الحضور والانصراف، وذلك فى ضوء تلك التقارير، وجاءت توصيات بتعميم البصمة الإلكترونية لبيان نسبه الغياب من خلال «كابل إنترنت» متصل بين الجهاز وبين وحدة شئون العاملين بالمديرية التابعة لها الموظف على أن يتم تعميم تلك الفكرة بداية من الأقاليم بالوحدات المحلية والمستشفيات والمدارس ووحدات المرور والسجل المدنى والشهر العقارى ومصلحة الضرائب والتأمينات.
مصدر حكومى مطلع أكد لـ«الزمان» أن الدولة تسعى لتخفيف العبء على الموازنة العامة وحماية المال العام، ومن رحم تلك الرؤية ظهر مشروع البصمة الإلكترونية على أن يتم شراء الجهاز من الموازنة الخاصة بكل وزارة، ورغم اعتراض بعض الجهات وعودتهم للعمل بنظام دفتر الحضور والانصراف وبالتالى فشل التجربة، إلا أن أعضاء الحكومة الجديدة حريصون على الحفاظ على المال العام.
كما أشاد الدكتور محمد شوقى خبير التنمية الإدارية، بفكرة تعميم البصمة الإلكترونية على المصالح الحكومية، قائلا إن بعض الوزارات يمثل 85% من ميزانيتها أجورا فقط و15% نشاط وإذا نظرنا إلى المديريات التابعة لها والعاملين سنجد أن أغلبهم غير ملتزمين بساعات العمل الرسمية ويتم التوقيع لهم وهم بالمنزل، كذلك خروجهم قبل ساعات العمل الرسمية وهو ما جعل المجموعة الاقتصادية للحكومة تعيد النظر فى أمر الأجور وتحقيق العدالة خاصة أن مجلس النواب قد سجل ملاحظات على رقم الأجور والذى وصل إلى 239 مليار جنيه سنويا، وهو رقم ضخم مقارنة بأرقام الأعوام الماضية، وزاد نتيجة تقنين أوضاع العمالة وتثبيت عدد ضخم بعد أحداث يناير ونقل البعض الآخر على الباب أول من الموازنة العامة.
وتابع شوقى أن جهاز البصمة الإلكترونية سيوفر على الدولة ملايين الجنيهات شهريا على مستويين، الأول جعل الموظفين أكثر انضباطا وبالتالى تقديم الخدمة على أكمل وجه للجمهور والحصول على مقابل تنتفع به الدولة وإن كان رمزيا، الثانى سيوفر على الدولة ملايين الجنيهات تصرف شهريا لموظفين لم يحضروا من الأساس سوى أيام معدودة، على أن يكون ذلك الجهاز متصلا بالإنترنت مباشرة مع قطاع الموارد البشرية بالوزارة ومثبت داخل المستشفيات والمحاكم والمديريات والإدارات والمدارس وكافة المصالح لا سيما ووحدات المرور التى يعانى المواطنون منها أشد المعاناة نتيجة غياب الموظفين وتكدس العمل على موظف واحد.
العدل تفتش على إدارات الشئون القانونية
ومن جانب وزارة العدل، كلف المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل، قطاع الإدارات القانونية بإجراء تفتيش مفاجئ على الإدارات القانونية على مستوى الجمهورية لضمان حسن سير العمل بها، باعتبار أن قطاع الإدارات القانونية بوزارة العدل ينوط له التفتيش الفنى على الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات قطاع الأعمال العام والهيئات العامة والوحدات التابعة لها على مستوى الجمهورية، والتى يبلغ عددها قرابة 600 إدارة قانونية، ويبلغ عدد أعضائها حوالى 15000 عضو، وقد اسفرت حملات التفتيش عن ضبط عدد من المخالفات تمت إحالتها إلى التحقيق واتخاذ اللازم.
مراقبة المكاتب الحكومية بالكاميرات
فيما أفاد مصدر مطلع بالحكومة، بأن غالبية المشاكل والفساد الإدارى تبدأ من عدم تفعيل ادوات الرقابة الذاتية داخل الوزارات وبناء عليه تظهر الأزمات، وتم رصد واحدة من المشاكل التى تحرم المواطن من الإحساس بأية خطوات ملموسة فى الإصلاح الإدارى وهى انتشار ظاهرة نوم الموظفين بالمكاتب التى تقدم خدمات للمواطنين خاصة الإدارات التعليمية ومكاتب التأمينات والشهر العقارى، وهو ما دفع بوزارة التخطيط لوضع تصور عاجل لحل تلك الأزمة وكانت الوسيلة الفعالة هى تركيب كاميرات مراقبة.
ولفت المصدر إلى أن بعض الوزارات بدأت بالفعل فى تركيب كاميرات المراقبة، فوزارة الصحة اهتمت بالتفاعل مع الفكرة وتم تركيب كاميرات داخل الوحدات الصحية، علما بأن تكاليف تركيب الكاميرات ستكون من ميزانية الوزارة على أن يتم تركيبها بالممرات ومكاتب خدمة المواطنين ولن يتم وضع أية كاميرات داخل مكاتب كبار الموظفين حماية للخصوصية، كذلك تركيب كاميرات بدور الشهر العقارى والمحاكم حماية للموظفين والمواطنين على حد سواء بما يتيح الرجوع إليها فى حالة ورود بلاغات إلى الجهة التابع لها الموظف من أحد المواطنين.
وأشاد الدكتور ماجد عزيز، خبير التنمية الإدارية، بخطة الحكومة لإخضاع كافة مقراتها للمراقبة، قائلا إن مسابقات التعيين بالحكومة تحولت إلى وسيلة لكسب تأييد قطاع من المواطنين لفصيل سياسى يحكم الدولة وهو ما تسبب فى تحويل المصالح الحكومية إلى شجر عائلات بوزارات الدولة على اختلاف أشكالها، فكانت النتيجة وجود ملايين الموظفين داخل وحدات إدارية دون الحاجة إليهم، وبناء عليه انتشرت الصور التى رأيناها السنوات الماضية عن موظفين ينامون على المكاتب وأخريات يقمن بتجهيز الطعام داخل المكتب فى أبشع صورة من صور دولة الموظفين.
ولفت إلى أن ذلك يجعل استمرار الأمر كما هو عليه من إهدار للمال العام، ومع غياب الرقابة والتفتيش تحولت تلك الصورة إلى ما هو أسوأ، فكان لزاما على الحكومة أن تبتكر وسيلة تكون رادعة للموظف المستهتر، وهو ما يجعلنا نؤيد بشدة فكرة تركيب كاميرات المراقبة بالمصالح حتى تكون وسيلة رقابة فعالة على مدار الساعة للموظف الذى يتفنن فى الهروب من مسئوليته الوظيفية.
من جانبه أيد النائب محمد إسماعيل الفكرة، مشيرا إلى أنه تقدم باقتراح لرئيس مجلس النواب بضرورة تركيب كاميرات فى مقرات العمل والمؤسسات الحكومية لرصد المتعدين من قبل الموظفين أو المواطنين حتى يتبين من هو المتعدى وهل هناك تعدٍ بالفعل أم تجنٍ، وهو اجراء يساعد فى الحفاظ على هيبة الدولة علما بأن الموظف هو من يمثل الدولة داخل ديوان العمل.
وزارة الآثار تحمى مواقعها بكاميرات المراقبة
من المقرر أن يتم تركيب كاميرات المراقبة بالمساجد الإسلامية والمواقع الأثرية وربطها جميعا من خلال خط إنترنت بغرفة عمليات فى الوزارة مع إجراء الصيانات اللازمة بين الحين والآخر للتأكد من سلامتها، للقيام بالمهمة المنوطة بها، إذ رصدت الوزارة عشرات المحاولات من قبل لسرقة المشكاوات الإسلامية.
فيما أوضح الخبير الأثرى حلمى عبدالرحمن أن هناك مقترحات بتركيب مثل تلك الكاميرات دون تحميل الدولة أعباء مالية، من خلال دعوة شركات كاميرات المراقبة للتبرع بقيمة الكاميرات وتوصيلها بكل المناطق الأثرية المصرية للحفاظ عليها من التعرض للسرقة ووضع اسمها على لوحة الشكر خارج الموقع الأثرى دون تكلفة وزارة الآثار أى مبالغ مالية.
ضربات الرقابة الإدارية على أعناق الفاسدين
ورصدت «الزمان» أبرز الضربات التى وجهتها هيئة الرقابة الإدارية، خلال الفترة الأخيرة، فى عدد من القطاعات الحيوية بالدولة، وكان آخرها رئيس مصلحة الجمارك، إذ ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض عليه متلبسا بتقاضى رشوة بالعملات المحلية والأجنبية.
وذكرت الهيئة أن رئيس مصلحة الجمارك حصل على الرشاوى من بعض المستخلصين الجمركيين مقابل تهريب بضائع محظور استيرادها، ودون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها، وأضافت أن رئيس مصلحة الجمارك وجه مرؤوسيه بإعداد تقارير مخالفة للواقع لتخفيض الغرامات المالية المستحقة عن بضائع سبق ضبطها فى عدة قضايا تخص المهربين.
وقبل تلك الواقعة بأيام قليلة، ألقت الهيئة القبض على رئيس «مياه الجيزة» على خلفية تقاضيه 25 مليون جنيه رشوة، والذى تربح من منصبه من خلال إسناد عمليات لشركات بالأمر المباشر بمبلغ 25 مليون جنيه، دون إجراء مناقصة لتلك الشركات، بحسب ما يتم اتباعه من إجراءات بالشركة، وأضافت التحقيقات أن رئيس الشركة تربح من تلك المناقصات المبلغ سالف الذكر، وجدير بالذكر أن القبض على رئيس شركة مياه الشرب يأتى فى نفس الأسبوع الذى ألقى القبض فيه على رئيس حى الدقى و2 مقاولين ومحام من قبل هيئة الرقابة الإدارية؛ لتلقى الأول رشوة مالية بمبالغ وصلت إلى 250 ألف جنيه، ما يعود بالتربح على المقاولين بحوالى 10 ملايين جنيه، وأصدرت النيابة قرارا بحبسهم على ذمة التحقيقات.
كما تمكنت هيئة الرقابة الإدارية، بإشراف الوزير محمد عرفان رئيس الهيئة، من إلقاء القبض على اللواء علاء فهمى، رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية ومدير مكتبه، وكذلك القبض على كل من مستشار وزير التموين للإعلام والمتحدث الرسمى للوزارة، ومستشار الوزير للاتصال السياسى بمجلس النواب داخل مقر وزارة التموين لتقاضيهم رشاوى مالية تجاوزت المليونى جنيه من كبرى شركات توريد السلع الغذائية مقابل إسناد أوامر توريد السلع عليها، وتسهيل صرف مستحقاتها.
كما تمكنت من إلقاء القبض على «أ.س» موظف بإحدى مؤسسات الزكاة الخيرية التابعة لأحد البنوك بالقطاع المصرفى، أثناء قيامه بسحب وتحويل مبلغ 800 ألف جنيه لحسابه من أموال الخيرات الخاصة بالمؤسسة فى أحد فروع البنك، منتحلا صفة شخص آخر بغية عدم كشف وإخفاء هويته الأصلية، وقد ضبط بحوزته العديد من المستندات المصطنعة التى استخدمها فى تنفيذ جريمته ليتمكن من خلالها من سحب المبلغ، وأسفر ضبط المتهم عن إحباط محاولته الاستيلاء على مبلغ أحد عشر مليون جنيه أخرى من أموال نفس المؤسسة الخيرية التى يعمل بها بعد أن قدم المستندات المصطنعة التى تمكنه من صرفها، وبعرض المتهم على النيابة العامة قررت حبسه.
وألقت أيضا الهيئة القبض على «ع.ع.م» عضو الاتصال السياسى بوزارة المالية، وعلى كل من «م.ف» و«ع.ع» مدير عام الشؤون المالية والإدارية، ومدير إدارة العقود بالأمانة العامة للصحة النفسية، وكذا القبض على «ح.ش» المراقب المالى لوزارة المالية على الأمانة العامة للصحة النفسية، متلبسين بتقاضى نصف مليون جنيه على سبيل الرشوة من صاحب إحدى شركات التوريدات والمقاولات مقابل قيامهم بتسهيل إجراءات ترسية أعمال التجهيز لمستشفى تابعة لأمانة الصحة النفسية وتسهيل صرف المستخلصات للشركة وبعرض المتهمين على النيابة العامة أمرت بحبسهم.
كما ألقى القبض على الدكتور «ح. ب» أستاذ متفرغ ورئيس سابق لقسم الروماتيزم والعلاج الطبيعى بإحدى كليات الطب بنطاق القاهرة، متلبسا بتقاضى مبلغ مالى على سبيل الرشوة من زميلته عضو هيئة التدريس بنفس الكلية، ليسهل لها حصولها على إجازة دون مرتب مستغلا نفوذه وعلاقاته لدى رؤسائها وزملائه، وبعرض المتهم على النيابة العامة قررت حبسه.
كما ألقى القبض على «ت.ف» لزعمه أنه مسؤول بأحد الأجهزة الأمنية، وطلبه مبلغ مليون جنيه من صاحب شركة صرافة، مقابل استغلال نفوذه المزعوم بتعديل مجريات الأمور فى القضية المقامة ضد الشركة بسبب مخالفتها الشروط القانونية للتعامل فى النقد الأجنبى، عن طريق إعداد تحريات يقدمها للمحكمة تأتى فى صالح صاحب الشركة، وتوصلت تحريات الهيئة إلى أن شريك المتهم فى هذا الاتفاق هو «ا.ش» محامى شركة الصرافة والوكيل عن صاحب الشركة فى الدفاع عن القضية أمام المحكمة، وبعرض المتهمين على النيابة العامة قررت حبسهما.
وفى السياق نفسه، ألقى القبض أيضا على «خ.م.ك» عاطل، و«م.م.ص» مسؤول سابق بإحدى الجهات الأمنية، وذلك لانتحال الأول بالاشتراك مع الثانى صفة مسؤول بإحدى الجهات الرقابية وطلبه وتقاضيه مبلغ ٦٠ ألف جنيه على سبيل الرشوة من صاحب عقار زاعما قدرته على تأجيل تنفيذ قرار الإزالة الصادر للعقار، وبعرض المتهمين على النيابة العامة قررت حبسهم.
كما تم القبض على السيدة «أ.ع س» مسؤولة المكتب الفنى بالإدارة العامة لحماية النيل بوزارة الرى، متلبسة بطلب وتقاضى مبلغ ٣٠ ألف جنيه على الرشوة من «س.ر» مالك مرسى سياحى على النيل، وذلك مقابل قيامها بإنهاء إجراءات تجديد ترخيص المرسى.
كما تم القبض على «س.ف»، و«ع ا.ع» مدير، ووكيل مدرسة إسماعيل معتوق الإعدادية بنات، بإحدى قرى مركز ومدينة قنا، حال تقاضيهما مبلغ ١٠ آلاف جنيه على سبيل الرشوة من مقاول تنفيذ أعمال الترميم والصيانة للمدرسة، مقابل تسليمهما له شهادة تفيد بجودة الأعمال المنفذة ليتمكن من صرف مستحقاته المالية التى تقدر بحوالى ٣٠٠ ألف جنيه، وبعرض المتهمين على النيابة العامة قررت حبسهما.
وألقى القبض أيضا على «ا.ع ا» مسؤول بإدارة مراجعة العدادات بشركه مياه الشرب فرع مدينة نصر، متلبسا بتقاضى مبالغ مالية على سبيل الرشوة من صاحب معرض سيارات، مقابل الإخلال بواجبات وظيفته وتغيير القراءات المثبتة فى الدفاتر عهدته عن اشتراك المعرض، وكذا تغيير العداد العاطل بآخر جديد لاحتساب القيمة الحقيقية للاستهلاك، وبعرض المتهم على النيابة العامة قررت حبسه.
وأخيرا ألقى القبض على «م.م» مدير التنظيم بمركز ومدينة تلا بمحافظة المنوفية متلبسا بطلب وتقاضى مبلغ 80 ألف جنيه من صاحب أحد العقارات ذات الموقع المتميز بمدينة تلا مقابل استصدار رخصة هدم وبناء للعقار المقام على مساحة 65 مترا مربعا وتقدر قيمة الأرض السوقية بحوالى 2 مليون جنيه، وبعرض المتهم على النيابة العامة قررت حبسه.