«ابن الأسكندرية» يكسر قواعد الخط العربي ببراعة وإبداع
آفات الفراغ في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وتختمر جراثيم التلاشي والفناء، فإذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى، لكن اليوم ابن الإسكندرية، الذي لم يبلغ السن القانوني بعد، رفض أن يعيش عالة على أسرته، بل أراد أن يكون مميزا عن الآخريين.
بدأ الأمر بمحض الصدفة في أجازة العام حينما كان بالصف الأول الثانوي، في اليوم الرابع من شهر رمضان، وذلك أثناء تصفحه لموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، عينه وقعت على "إيفينت في مكان يسمى جوانا، وهو عبارة عن ساحة ثقافية تقدم ورش للتمثيل والرسم وأشياء أخرى كثيرة أبرزها الخط العربي، فتواصل مع المنسقين وذهب لتعلم الخط العربي، الذى كان بشرى خير لمستقبله.
ويقول الشاب عبدالوهاب لـ«الزمان»: "الأمر كان مرهق للغاية، حيث أن أدوات الخط العربي لا تباع إلا في القاهرة، فاضطررت لشراء بوص الصيد، وكنت أهيئة ليصبح قلما «أسنفره»،عن طريق القطر، بعدها أشتري الحبر واستخدمه على ورق الكوشيه".
اتقن كتابة الجملة بالخط العربي، بعد أن كان لا يستطيع إيصال الحروف ببعضها، وبعد أن رأى حياته تتجه نحو مسار ناجح، قدم على طلب أدوات الخط العربي من القاهرة، وبالرغم من أنها مكلفة إلا أنها كانت شيء مريح بالنسبة له. وأضاف «عبدالوهاب»: "شعرت أن الخط العربي لدى الناس يقتصر على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فاردت أن ابتكر شيء مختلف، انفرد به، فأتيت بـ«لوجو» لإحدى الفرق المغنية، وقمت بكتابة أغنيته الشهيرة بداخل هذا اللوجو، بالخط العربي، وبالرغم من صعوبته وانتقاد الناس لي، متعجبين كيف لي بأن أضع فن أصيل كالخط العربي في كلمات فريق يغني، لكن على الصعيد الآخر، لقى استحسانا من البعض ورحبو بالفكرة".
استعان ببعض أناس من دول مختلفة حول العالم مثل ماليزيا، وتركيا، فتعلم منهم الخط الديواني الكليلي، والديواني الغزالي، واخترق قواعد حروف الخط العربي، ليكون الأول في مجاله من يكسر القواعد ليبتكر ما لم يسبقه المبدعون إليه.
وكشف لـ"الزمان"، بداية رحلته في الإبداع قائلا: "بدأت أرسم بالخط، وفحاولت أتعمق في البحث فوجدت أناس بالكويت، يرسموا زخارف بالخط العربي، فتعجبت من الرسمة متسائلا، ما هذه وكيف ترسم؟!، ثم علمت أنها حروف عربية متلاصقة بجانب بعضها البعض بشكل متناسق، والسبب وراء هذا النوع من الزخرفة، هو أن الجمل المكتوبة بهذا النوع من الخط، لا يستطيع معظم الناس أن تقرأها، وفي هذا غموض وإثارة يجذب كل من يشاهد تلك الزخرفة".
كما أوضح أنه يوجد فن اسمه الكولاج، وهو الاتيان بورق الجرائد ووضعه على لوحة بيضاء "ورق بريستور"، ويتم رسم شخص بورق الجرائد عن طريق قطع تضعها بجانب بعضها البعض، قائلا: "ففكرت بأن نستبدل ورق الجرائد بأشياء سوداء، أو بلوكات سوداء، والبلوكات دي نملأها بالخط العربي، وبالرغم من صعوبته حيث صعوبة ملئ ملامح الشخص وتحديد وجه بالحروف العربية ليس بشيء سهل، لكنه أصبح أمر مبتكرا ولقى استحسانا من الكثير من الناس، وأعجب به الكثيرين، وكنت استخدم في اللوحة الواحدة 11 نوع مختلف من المقاسات في الأقلام، كي أخرج الوجه بصورة مطابقة للحقيقة".