فضيحة.. «المعاقون ذهنيا» أزواج تحت الطلب مقابل 1000 جنيه
مكاتب المحاماة تنهى الجريمة داخل شقة إيجار
أهالى الضحايا لـ«الزمان»: ضيق الحال أجبرنا على الموافقة.. و500 جنيه عن كل زواج.. توقيع إيصال أمانة على ولى الأمر لطمأنة الزبون
خبراء: جريمة إنسانية يعاقب عليها القانون بـ6 عقوبات مشددة.. ولا بد من التحرك فورًا لحمايتهم
مصطفى شاهين
على طريقة فيلم عادل إمام «زوج تحت الطلب» قرر البعض أمام ضيق الحال اللجوء إلى تلك الوظيفة عن طريق محامين يقدمون خدماتهم للمطلقين للمرة الثالثة مقابل حفنة من الأموال، لكن تلك المرة لم يكن المحلل شخصا فى كامل قواه العقلية مدركا لما يدور حوله، إنما كان من أصحاب ذوى الاحتياجات الخاصة وذلك فى أبشع صورة من صور الاستغلال الجسدى لهؤلاء، ومن ثم كان علينا أن نلقى الضوء على بعض الحالات التى رصدناها بعدما تم استغلالهم كمحللين لزوجات عن طريق مكاتب محاماة ليتم منح ذويهم فى المقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين الـ500 إلى 1000 جنيه.
«لم يكن أمامنا بديل، حرصًا على مصلحة أسرة من التفكك».. هكذا بررت «جيهان.ح» والدة الشاب أسامة.ع، من ذوى الاحتياجات الخاصة، موقفها من تسليم ابنها لأحد المحامين ليوقع عقد زواج شرعى بينه وبين سيدة فى الأربعين من عمرها وتنحدر من عائلة ثرية وحدث طلاق للمرة الثالثة مما يستدعى وجود محلل.
وحول تفاصيل الواقعة، تشير جيهان إلى وجود علاقة قرابة بينهم وبين أحد المحامين والذى يتعامل مع نجلها مثل أحد أبنائه، وهو يعمل بمحكمة الأسرة وبشكل يومى يقابل عشرات الحالات التى تحتاج إلى محلل، وقد سبق وأن عرض مساعدة نجلى بمبلغ مالى 10 آلاف جنيه للقيام بدور محلل وهى وظيفة لا تحتاج إلى شيء سوى الزواج بسيدة مطلقة للمرة الثالثة، علمًا بأن الأزواج المقدمين على تلك التجربة يغارون على زوجاتهم بشدة ولهم مواصفات خاصة فى الزوج.
وتابعت جيهان: بعض المكاتب تعتمد على ذوى الاحتياجات الخاصة وآخرين يعتمدون على الذين فقدوا بصرهم، وهى شروط كلما توافرت فى الزوج ارتفع السعر، فهو بالنهاية يحتاج إلى محلل يعالج الأزمة التى تسبب بها لنفسه، وفى العموم يتم التعامل مع المسألة من ناحية الشرع والدين، وطالما لا يوجد حرمانية فالأموال التى نحصل عليها حلال.
وعن حالات الزواج التى قام بها نجلها من قبل، تؤكد جيهان أنه عن طريق المحامى تزوج نجلى مرتين، الأولى وهو فى سن الثالثة والعشرين والأخرى وهو بسن الخامسة والعشرين، فالأمر ليس كما تتخيله بأن عمليات الزواج تتم بشكل يومى، والواقع أنها تتم على فترات متباعدة، لأن البعض لا يملك المال لشراء محلل.
واقعة أخرى، رصدناها لأب اضطر أمام الظروف المعيشية الصعبة أن يقدم نجله البالغ من العمر 26 عاما، وهو من ذوى الاحتياجات الخاصة لأحد السماسرة يستغله كمحلل، ويروى «أحمد.ش» تفاصيل الواقعة، قائلا إن أحد الأشخاص تعرف عليه أثناء توقيع الكشف الطبى على نجلى فى أحد الأماكن المجهزة لذوى الاحتياجات الخاصة، وبعد فترة تواصل معى هاتفيًا يعرض المساعدة، مشددًا على أن العرض الذى سيقدمه مغرٍ ولن يرفضه مطلقًا، وبالفعل كان العرض مغريا ولكن بعد فترة شعرت بالندم، إذ طلب استخدام نجلى كمحلل لزوج طلق زوجته للمرة الثالثة وبينهم أبناء فى مراحل عمرية مختلفة وحرصًا على مصلحة الأسرة من التفكك وافقت، وتم إعطائى 1000 جنيه وبعد الطلاق 500 جنيه، ولضمان حدوث الطلاق تم تحرير إيصال أمانة لضمان تنفيذ الصفقة.
وتابع: «لم تكن المرة الأخيرة، بل كانت الأولى ضمن 7 زوجات قام بها نجلى عن طريق نفس الشخص والذى يعمل داخل مكتب محامٍ شهير، وزبائنه من كبار رجال المجتمع».
فيما رصدنا بالمنوفية، نفس الواقعة، إذ يروى المحامى بالنقض «محمد.ا» تفاصيل معرفته بهذه التجارة، قائلا: حدثت أمامى نفس الواقعة بالمنوفية، وتم استغلال أحد الأشخاص من ذوى الاحتياجات الخاصة فى عملية زواج لتحليل الزوجة لزوجها وإعطاء ذلك الشخص بعض من المال، وهى عملية غير أخلاقية بالمرة وتحايل على الشرع، فلا بد من أن يدخل بها المحلل حتى تكون لغيره، ولكن فى مثل هذه الحالة فلا يوجد مثل هذه الأمور فالزوج بالأساس غير واعٍ لتصرفاته فهو من ذوى الاحتياجات الخاصة ويتم اختيارهم بعناية للقيام بتلك المهمة، وعلى الجهات المنوطة بحماية هؤلاء التدخل الفورى والسريع.
وحول عدد حالات الزواج، أكد المحامى بالنقض، أنه لا يوجد حصر دقيق خاصة أنها عمليات غير إنسانية ولا يتم البوح بها ولكن على أقل تقدير 100 حالة سنويًا مقارنة بنسبة الطلاق التى تحدث سنويًا.
واستنكر مجموعة من خبراء القانون وأساتذة علم النفس الوقائع التى رصدتها «الزمان»، مشددين على ضرورة محاسبة كل من تسول له نفسه ويستغل أصحاب الاحتياجات الخاصة، إذ أوضح الدكتور أحمد عربى أستاذ القانون، أن ما يحدث داخل المجتمع هو تحايل على الشرائع السماوية التى شرعها الدين وهى أمور تتنافى مع قيم الإسلام ولا بد من محاربة تلك الأفكار، فالمحلل ليس كما يتخيلها البعض فلا بد أن يدخل الزوج بزوجته حتى تحل لغيره ثم تنقضى أيام العدة بعد الطلاق لتتزوج بآخر، ولكن ما يحدث من استغلال أصحاب الاحتياجات الخاصة فى تلك العملية ما هو إلا جريمة إنسانية يعاقب عليها القانون.
وتابع عربى: هناك 6 مواد بقانون ذوى الاحتياجات الخاصة الذى تمت الموافقة عليه فى البرلمان الفترة الماضية والتى شددت العقوبات الواقعة على المتهمين فى قضايا الاعتداء الجنسى والحرمان من الميراث وكل أشكال الاستغلال الواقعة على المعاقين، إذ نصت المادة 65 من القانون بمعاقبة المتهمين إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر.
فيما فسرت الدكتورة أسماء عيد أستاذة علم النفس، أن الظواهر الغريبة التى أصابت المجتمع الفترة الماضية هى نتاج البعد عن صحيح الدين، وما يحدث فى حق ذوى الاحتياجات الخاصة جريمة يعاقب عليها القانون وواقع مرير تعيشه الحالات التى تتعرض لمثل تلك الحوادث، وعلى الأجهزة التنفيذية محاسبة ومحاكمة كل من يتورط فى تلك الوقائع وتقديمهم لمحاكمة عاجلة، فهم بذلك لا يرتكبون جريمة فى حق الشخص المعاق إنما جريمة فى حق المجتمع بعد إصابته بصدمة نفسية جراء تلك التصرفات.
وفى سياق متصل، أكد الشيخ محمد عمرو إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أن هذه العملية بهذا الشكل تحايل على الشرع ولا تجوز، قائلا: الأساس فى زواج المحلل هو أن يتزوج الرجل المرأة المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبرى، من أجل أن يحلها لزوجها الأول بعد أن بانت منه، وأساس هذه المسألة قول الله سبحانه وتعالى «فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره»، فإذا طلق الزوج زوجته طلاقا بائنا بينونة كبرى ثلاث طلقات لم تحل له زوجته حتى تنكح زوجا غيره بنكاح كامل مستوف لكامل الشروط مع الدخول بالمرأة.