الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

«الزمان» تكشف كواليس العالم السرى لشهود الزور

منذ عشرات السنين ومع تراجع أخلاق البعض وتنازلهم عن القيم والثوابت التى تربينا عليها ومنها شهادة الحق، ظهرت مجموعات من المواطنين ليس لهم عمل سوى شهادة الزور بالمحاكم من أجل الحصول على بضعة جنيهات، ومع مرور الوقت تطورت المهنة واتخذت أشكالا مختلفة فأصبح هناك الشاهد الذى يتخفى وراء «البدلة» والنظارة السوداء وكأنه أحد السادة المسئولين، وأصبح هناك الشاهد الملتحى مستغلا المظهر الدينى فى إقناع القاضى بما يدلو من شهادة، وجميعها صور لنفس الوظيفة، وهو ما دفع بعض الدوائر بوزارة العدل إلى التفكير فى القضاء على تلك الظاهرة بعد أن انتشرت بقوة الفترة الماضية وتهديد منظومة العدالة، وذلك من خلال ميكنة القضايا بما يضمن سهولة التعرف على الشاهد فى حال تكرر ظهوره أمام نفس الدائرة أو أمام دوائر مختلفة بنفس المحكمة.

وتكشف «الزمان» كواليس العالم السرى لشهود الزور، أو شهور الإيجار كما يسمون أنفسهم أو يسميهم المحامون الذين يلجأون إليهم فى بعض الأوقات حتى لا يتعبوا أنفسهم فى إثبات براءة موكليهم بالشكل القانونى.

يروى «محمد .ف» محامٍ بالنقض، أن هناك تفاصيل مثيرة حول عالم شهود الإيجار، قائلا إن الصورة اختلفت عن الماضى فالأعداد كانت متضائلة قديما، وأقصى ما كانوا يقومون به هو الشهادة على عقد بيع تم تحريره بين طرفين ثم تراجع أحد الطرفين عن البيع فنلجأ وقتها لشهود للطعن على صورة العقد، ورغم أن الشاهد بالأساس لم يكن موجودا بالعقد إلا أنه يقسم بأن البيعة تمت أو لم تتم على حسب اتفاق المحامى، أما الآن تطورت المسائل لتصل إلى جرائم القتل والسرقة بالإكراه والخطف والاغتصاب وأيضا السعر يتفاوت، فهناك شاهد قد يحصل على 200 إلى 250 عن كل قضية، وهناك آخر تصل شهادته إلى 10 آلاف جنيه.

وتابع: السعر يتفاوت بحسب الوظيفة التى يعمل بها الشاهد، ولتفهم ذلك، لا بد أن تزور المحكمة لتتعرف على بعض الأشخاص يعملون بوظائف محترمة ولكن ضيق الحال دفعهم للعمل كشهود عيان وهؤلاء سعرهم مرتفع حتى لا يشك القاضى بشهادتهم.

ويلتقط «سامى.ج» محامٍ بالاستئناف طرف الحديث، مضيفا أن الشهود على كافة أشكالهم موجودون داخل المحكمة، وهناك الشاهد الذى يضطر لارتداء البدلة وهذا له سعر، وآخر يطلق لحيته وهذا له سعر، وبينهما سمسار قد يكون محاميا أو شاهد زور قديم استطاع أن يجمع كافة البيانات عن هؤلاء الشهود طوال سنوات عمله، إذ يقوم بتوفير الشخص المطلوب سواء كان رجلا أم امرأة، ويحصل فى المقابل على نسبة من الأموال.

وتابع: نظام عمل الشاهد معقد بدرجة كبيرة، فلا يمكن ظهوره أمام نفس الدائرة بالأسبوع الواحد، ويكتفى بالغالب فى الإدلاء بشهادة مزورة أربع مرات بالشهر وأمام دوائر مختلفة بنفس المحكمة وفى كل مرة يغير من ملامحه، كأن يرتدى نظارة أو يحلق شعره وهكذا، وعلى الجانب الآخر يعمل بمحاكم أخرى بما يجعل حصيلة ما يتقاضونه مقابل ذلك العمل حوالى 2 إلى 3 آلاف جنيه شهريا كحد أدنى.

فيما أكد الدكتور محمد السيد الفقيه القانونى، أن مواجهة تلك الظاهرة القديمة الحديثة يضمن عدالة أكثر نزاهة، وعلى وزارة العدل أن تدرك خطورة استمرارهم، ففى الدول المتقدمة ولمنع تلك الشهادات الزور لا بد أن يثبت الشاهد أنه كان متواجدا بساعة وتاريخ حدوث الواقعة سواء بالفيديو أو الصور أو شهادة آخرين، على عكس ما يحدث لدينا فى بعض القضايا، فهناك محامون يلقنون الشاهد بعض التفاصيل ويطلقونه أمام القاضى ليكذب على هيئة المحكمة ويقسم بالله زورا على رؤية أشياء لإثبات براءة أحد المتهمين أو إدانته وللأسف يؤثر بشهادته على المحكمة التى تحكم فى ضوء ما لديها من أوراق وشهادات شهود.

وتابع الفقيه القانونى: هناك أمران لعلاج مسألة الشهود، أولا أن يتم تطبيق تعديلات قانون الإجراءات الجنائية التى قامت بها الحكومة من قبل وعرضت على البرلمان ولا نعرف إلى أى درجة وصلت وخاصة فيما يتعلق بشهود العيان، وأن يكون الاستماع إليهم اختياريا من قبل هيئة المحكمة، الأمر الثانى أن يتم ميكنة قضايا المحكمة وهو أمر مفيد للحفاظ عليها لسنوات أطول كما يساعد على تقليل ظاهرة شهود الزور.

ويتفق معه المستشار أسامة الرخ المحامى بالنقض، قائلا إن حدد المشرع مواد القانون أرقام 297، و300، و301، من قانون العقوبات عقوبة كل من شهد زور أو أرغم غيره على شهادة الزور، وتنص المادة 297 على أن «كل من شهد زورا فى دعوى مدنية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين»، كما تنص المادة رقم 300 على: «من أكره شاهدا على عدم أداء الشهادة أو على الشهادة زورا يعاقب بمثل عقوبة شاهد الزور مع مراعاة الأحوال المقررة فى المواد السابقة»، فيما تنص المادة 301 على: «من ألزم باليمين أو ردت عليه فى مواد مدنية وحلف كاذبا يحكم عليه بالحبس، ويجوز أن تزداد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه».

click here click here click here nawy nawy nawy