عصابات تنتهك حرمة الموتى بالمحافظات وتسرق «أبواب المقابر»
باحثة أثرية تروى قيام «أسقف مطاى» بهدم مقابر الأقباط
المنوفية والغربية والقليوبية والشرقية على رأس القائمة.. ومتعاطو المخدرات المتهم الأول فى ارتكاب تلك الجريمة
أصحاب مقابر لـ«الزمان»: الجثث معرضة للسرقة وللكلاب الضالة وتعيين خفراء وسيلة لحماية المقابر
ظاهرة خطيرة انتشرت بالمحافظات الفترة الماضية كانت نتيجة ضياع الأخلاق ولجوء أصحاب النفوس الضعيفة لانتهاك حرمة الموتى وسرقة أبواب المقابر دون مراعاة لأدنى حقوق الإنسان وهو ميت بأن يغلق عليه باب يحميه من الكلاب الضالة ومن سوءات أهل الدنيا، تلك الظاهرة التى انتشرت على شكل حوادث متفرقة فى عدد من المحافظات، حاولت «الزمان» إلقاء الضوء عليها باعتبارها ظاهرة خطيرة اجتماعية.
كانت البداية من مدينة أشمون بالمنوفية، إذ تعرضت مقابر المدينة للسرقة فى وقت سابق من العام الحالى وهو ما دفع السلطة التنفيذية للتدخل الفورى واحتواء الأزمة وشراء أبواب حديدية جديدة بدلا من المسروقة على حساب مجلس المدينة.
وأكد محمد عمارة، أحد أهالى المدينة لـ«الزمان» أنه أثناء دفن أحد الموتى من أبناء المدينة لاحظنا اختفاء بعض الأبواب وهى ليست المرة الأولى، ولكن لم يحدث أن قام أحد اللصوص بسرقة عدد كبير من الأبواب الحديدية والجميع يعلم بأن مقابر أشمون بعد منتصف الليل تصبح فى قبضة مدمنى المخدرات والمسجلين خطر ممن يلجئون إليها لتعاطى المخدرات بعيدًا عن عيون الأجهزة الأمنية.
ولفت عمارة إلى أنه بين الحين والآخر نجد بعض الأبواب غير موجودة وتمت سرقتها، وربما انخفض معدل السرقات ولكنها لا تزال مستمرة حتى الآن، والأزمة ليست فى السرقة فقط ولكن فى وجود الكلاب الضالة التى قد تنهش لحم الموتى، فتخيل أن أحد أقاربك هو المدفون بتلك المقبرة وتعرض لهذا الأمر، والحل هو تعيين خفير للمقابر يقوم بالمرور عليها ومعه سلاح مرخص لحمايتها.
وفى القليوبية وبالتحديد قرية بهادة تعرضت مقابر القرية لنفس الأمر، إذ أكد فريد مجدى أحد أبناء القرية، قائلا إن سرقة أبواب المقابر أمر معروف منذ سنوات وفشلت كل محاولات حمايتها، والمتسبب فى الأمر هو ضلوع تجار الخردة مع الخارجين على القانون ممن يقومون بمثل تلك الأمور المشينة، وقد سبق أن جلسنا مع تجار الخردة وطلبنا منهم الإبلاغ عن الأشخاص الذين يبيعون لهم أبواب المقابر ولكنهم أنكروا شراءها من الأساس وأخبرونا بأن اللصوص لن يبيعونها لتجار القرية وسوف يبيعونها لآخرين من الخارج لعدم كشف أمرهم.
ويتفق معه محمد حمدى قائلا إنهم توصلوا لأحد اللصوص «والذى أخبرنا بحاجته للمال لعلاج والدته المريضة وبالفعل تأكدنا من صدق روايته، وقد قادنا إلى أحد التجار بالقليوبية ممن يشترون تلك الأبواب ويقومون ببيعها لمصانع الحديد فيما بعد، وهم نفس التجار الذين يشترون قضبان السكك الحديدية المسروقة وأغطية بالوعات الصرف الصحى».
وفى مدينة بنها بالقليوبية، شهدت هى الأخرى عشرات الوقائع المتعلقة بسرقة أبواب المقابر، وقالت سناء محمود إن مقابر كفر الجزار تعرضت للسرقة مرارًا وتكرارًا دون وجود إجراءات لحماية الموتى ومراعاة حرمتهم، وقد وقف متعاطو المخدرات وراء انتشار تلك الجريمة ويعاونهم تجار الخردة.
وفى محافظة الغربية لم تختلف الصورة، إذ انتشرت الظاهرة فى عدد من القرى التابعة للمحافظة الهادئة، ويروى محمود أحمد تجربته مع لصوص المقابر، قائلا إنه بعد تكرار حوادث سرقة أبواب المقابر لجأنا فى بعض المناطق إلى تركيب كاميرات مراقبة وتعرضت هى الأخرى للسرقة والحل هو عمل دوريات أمنية بالقرب من المقابر لأن الشرطة لن تقوم بدوريات داخل المقابر إلا بتوافر معلومات حول وجود خارجين على القانون يختبئون داخلها، وقد اشتركنا سويًا لتعيين خفراء الفترة الماضية ليس لحماية الأبواب بقدر ما هى حماية لجثث الموتى التى قد تتعرض لأى شيء بعد سرقة الباب.
فيما سردت مونيكا حنا المدرس المساعد بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا واقعة هدم قبر جدها قائلة: للأسف الشديد استيقظت منذ فترة قريبة على جريمة حرض عليها أسقف مطاى بمحافظة المنيا، إذ حرض مجموعة من الشباب على هدم مدفن جدى مرقس جرجس سعد المدفون داخل كنيسة مارجرس التى بناها سنة ١٩٢٨ بأمر من القيسى باشا وزير الداخلية فى ١٩٣٤ بعد وفاته.
وأضافت «حنا» أنه تمت إقامة الكنيسة بعدما وهب الخواجة «أفرينو» الأرض لأقباط مطاى فقاموا ببناء كنيستهم بجانب جبانات الموتى، واليوم فوجئنا بقيام الأسقف بهدمها بطريقة غير سليمة (رخصة الهدم بها قرار مع الإبقاء عالمدفن)، وقمت بالطعن على قرار هدم الكنيسة فى المحكمة الإدارية، والآن قام الأسقف بفعل أشنع وهو تحريض على جريمة أصعب وهى جريمة هدم قبور صريحة.
وقالت: «اتهمت فيها المحرض قبل الشباب المغرر بهم، فلن أتوانى عن حبس جميع من سولت أنفسهم هدم هذا التراث المعمارى التاريخى ونبش قبر جدى مرقس جرجس سعد».
وتابعت: «نطالب البابا تواضروس بإصدار شجب لهذه الأفعال المشينة والتى تسيء للكنيسة بشكل مباشر، وأخيرا تم إصدار أمر ضبط وإحضار لمن قاموا بعمل هذا العمل المشين، وبلغ المجلس المحلى المحافظة التى بدورها قامت بوقف جميع الأعمال على موقع الكنيسة الذى تم هدمه» .
بدوره، كشف الخبير الأمنى اللواء مصطفى المنشاوى، أن سرقة أبواب المقابر ظاهرة قديمة حديثة ومنتشرة بقوة فى الأقاليم عكس القاهرة، إذ يوجد سكان داخل المقابر لحمايتها أما فى الأقاليم فلا يوجد سكان داخل المقابر مما يمنح ساترًا وغطاءً للخارجين على القانون لممارسة أعمالهم غير القانونية، وبناءً عليه فإن الحل يبدأ من تجار الخردة ومحاصرة الموجودين بالقرب من عمليات السرقة واستجوابهم لمعرفة اللصوص والقبض عليهم كذلك تعاون الأهالى فيما بينهم وتخصيص غفير براتب شهرى على الأقل للعمل فترة الليل، هذا إلى جانب الدوريات الأمنية لتمشيط تلك المناطق.