كارثة.. تسريب عقود الأملاك بالشهر العقارى
استغلال العقود فى تزوير الممتلكات وبيعها للغير.. وقانون لحماية البيانات الشخصية هو الحل
فقيه قانونى: لا بد من إصدار قانون يجرم استغلال البيانات الشخصية.. وحمايتها وتصوير عقود الممتلكات حالات فردية وليست ظاهرة
لم يكن يعلم أحمد عبدالتواب صاحب الأربعين عامًا أن أملاكه التى ورثها عن والده وقام بتوثيقها بالشهر العقارى ستكون على المشاع بعد أن قام أحد السماسرة ممن اختلفوا معه فى وقت سابق على سعر قطعة أرض، ببيعها بعيدًا عن علمه، وقرر الانتقام عن طريق تصوير عقود الملكية الخاصة بـعبدالتواب ومن ثم تزوير البيانات وعمل عقد بيع صورى فى ضوء المعلومات الواردة فى العقد المسجل، ليكتشف صاحب الممتلكات أن هناك شخصا غريبا ينازعه فى ملكية الأرض والعقار الذى ورثهما عن والده، ليضطر آسفًا إلى أن يعطيه مبلغا من المال ليسترد حقه من جديد.
لم تكن تلك الحالة الوحيدة، إذ كانت ضمن عشرات بل مئات الحالات التى عثرت على عقودها المسجلة بيد مواطنين آخرين ليس لهم علاقة بما تتضمنه العقود من أملاك، وذلك نتيجة غياب قانون حماية البيانات الشخصية الذى دفع ببعض الموظفين لتسهيل حصول مواطنين آخرين على نسخة من العقود ظنًا منهم بأن تلك العقود المنسوخة أو المصورة لن يعتد بها لأنها ليست أصلية، ولكن للأسف يتم استغلالها من جانب عصابات التزوير فى عمل عقود جديدة بين صاحب الممتلكات وبين المشترى عن طريق تزوير توقيعه ومحاولة تسجيل العقد مرة أخرى بالشهر العقارى.
كانت البداية مع «محمد إسماعيل البوهى» والذى وجد نفسه أمام مالك جديد لشقته المغلقة منذ سنوات، إذ يسافر كثيرًا إلى الخارج ولا يزور تلك الشقة التى اشتراها لنجله عبدالله صاحب الخمسة أعوام، لتكون عش الزوجية حينما يكبر، وبعد أن جمع القرش على القرش وجد شقته معروضة للبيع على أوليكس وهو ما اكتشفته زوجته وتواصلت معه لينزل إلى مصر على الفور، ويكتشف أن عقد الشقة المسجل لدى الشهر العقارى تم تصوير نسخة منه وتسليمها إلى مواطن آخر يدعى «على.ح» والذى قام بعمل عقد جديد، ولكنه لم يسجله بالشهر العقارى، مما دفع بمالك الشقة الحقيقى لتحرير محضر بالواقعة برقم 1098 لسنة 2017، يتهم فيه المدعو «على.ح» بالنصب وتزوير توقيعه والاستيلاء على شقته وتم إحالة البلاغ إلى المحكمة لإثبات صحة العقود من عدمه.
وتابع البوهى: لا أعلم كيف يسهل موظف خروج عقد بيع مسجل ولماذا لا يتم محاسبته؟ وحينما توجهت إلى مأمورية الشهر العقارى، عرفت من أحد الأشخاص هناك أن ذلك ليست الواقعة الأولى وهناك حالات أخرى تضررت من خروج العقود المسجلة، إذ يتم استغلال إحدى السيدات وتدعى أنها زوجة صاحب العقار وعلى خلاف مع زوجها وتستجدى الموظف للحصول على نسخة من العقد وهناك حالات أخرى يتم استخراج صورة لها من العقد بموجب رشوة يتم دفعها للموظف المختص.
واقعة أخرى لمواطن يدعى حازم سليمان والذى اضطر للجوء إلى القضاء بعدما وجد الفيلا التى ورثها وأشقاؤه عن والدتهم انتقلت ملكيتها إلى الخفير المسئول عن حراستها، ويروى «سليمان» تفاصيل الواقعة، قائلا: اكتشفت بعد سنوات أن الفيلا المملوكة لى وأشقائى حصلت على ترخيص بالهدم وسيقام عليها برج سكنى وعرفت أن المتورط فى الواقعة هو الخفير وأبناؤه واعتقدت أن الأمر سينتهى بمجرد إخطار الشرطة، لأكتشف أن الخفير لديه عقد موثق بالشهر العقارى وعليه توقيعى وأشقائى بالبيع، لأعرف بعدها أنه حصل على نسخة من عقد البيع المسجل والذى يعود تاريخه قبل ميلادى بسنوات، وعلمت وقتها من بعض الموظفين أن تصوير العقود أمر عادى ولا يكلف الشخص سوى ثمن تصوير العقد.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد عبدالعزيز أستاذ القانون العام، أن الدولة فى أشد الحاجة لقانون حماية البيانات الشخصية التى أصبحت مباحة لكل من «هب ودب» ويعاقب بموجب المواد المنظمة له كل من تسول له نفسه استغلال بيانات خاصة بالمواطنين فى تزوير عقود أو ابتزاز، ويجب أن تكون العقوبات رادعة.
وأضاف أستاذ القانون، أن التشريع الجديد سيعمل على إيجاد فرص استثمارية جديدة، خاصة فى مجالى صناعة مراكز البيانات العملاقة، ومجال صناعة التعهيد، والتى تسهم فى خلق مزيد من فرص العمل وتشجع على جذب الاستثمارات فى قطاعات الدولة المختلفة، والتى تقابل تحديات عدم وجود قانون لحماية البيانات الشخصية حاليا، مما يدفع الدول المختلفة لعدم إسناد الأعمال لشركاتنا لعدم وجود حماية لبياناتهم الشخصية داخل مصر، كما سيعمل للحفاظ على الخصوصية الإلكترونية للمواطن بما يضمن حماية بياناته الشخصية من الاعتداء عليها من الشركات الدولية ومنصات التواصل الاجتماعى دون الحصول على موافقة.