الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

حوادث

إما بالتشويه أو بالمرض.. «من الجمال ما قتل».. مستحضرات مغشوشة تغتال المصريات

20  مليار جنيه نسبة مبيعات تلك المنتجات بالسوق

مصانع بير السلم تستعمل مواد خام غير مطابقة للمواصفات ومحفزة للخلايا السرطانية.. ومنتجاتها رخيصة الثمن ومنتشرة بقوة

والضحايا: لا نستطيع التفريق بينها وبين المنتجات المضمونة.. ورخص الثمن سر الإقبال عليها

الخبراء: ينتهى المطاف بالسيدات اللاتى يستعملن تلك المنتجات بالوفاة

 لم تكن تتخيل «فريدة» صاحبة الخمسة وثلاثين عامًا أن حياتها ستنتهى داخل المعهد القومى للأورام إثر استعمالها المتكرر لواحدة من مستحضرات التجميل التى اعتادت شراءها من أحد المحال القريبة من منزلها، رغم تحذير صديقاتها من ذلك المنتج المغشوش، وأمام ارتفاع سعر المنتج السليم، اضطرت لتجاهل التحذيرات والاستمرار فى شراء «بودرة مائية» لتفتيح البشرة، ليستقر بها الحال مصابة بسرطان الرئة نتيجة استنشاق مادة سامة بشكل مستمر، أو هكذا فسر الأطباء حالتها.

لم تكن تلك المقدمة، سوى حالة من آلاف الحالات الأخرى التى تضررت وسوف تتضرر يوميًا من استعمال أدوات التجميل المغشوشة التى انتشرت بقوة فى الأسواق الفترة الماضية بالتزامن مع ارتفاع اسعار المنتجات الأخرى المضمونة والخاضعة للمواصفات القياسية، لتنافسها منتجات «بير السلم» التى تبحث عن الأرباح فقط دون الاهتمام بأية مواصفات قياسية، فتجدها تستعمل أسوأ أنواع الخامات للوصول إلى منتج فى متناول يد الباحثات عن الجمال الصناعى، وما هو إلا «جمال قاتل» يفتك بحياة صاحبته فى نهاية المطاف، وهذا ما رصدته «الزمان» فى السطور التالية، خاصة بعدما توسعت بعض هذه الكيانات وقامت بإنتاج عدسات لاصقة.

مصانع «الميك اب» المغشوش

تلك المصانع انتشرت فى أركان الجمهورية فلا تخلو محافظة من تلك الكيانات، ولكن بدايتها ومنشأها الأساسى كانت فى منطقة إمبابة، حيث تعرفنا على أحد العمال داخل تلك المصانع والذى اشترط عدم ذكر اسمه، ليروى لنا تفاصيل العملية بداية من شراء المواد الخام والتى يتم توفيرها بواسطة مندوبين لشركات مستحضرات تجميل معتمدة لدى هيئة الرقابة الصناعية ووزارة الصناعة، وتكون خامات غير مطابقة للمواصفات.

وعن شهادة ذلك العامل حول تفاصيل العملية، كيف تبدأ وإلى أين تنتهي؟ أكد لـ«الزمان» أن 70% من المنتجات المنتشرة بمحال الكوافير على مستوى الجمهورية من إنتاج مصانع بير السلم، وارتفاع سعر المنتجات المضمونة ساهم فى انتشار غير المضمونة، وتبدأ عملية التصنيع باستعمال «اسطنبات» يتم وضع المستحضر فى شكل سائل بداخلها إلى حين تأخذ الشكل الصلب وتتغير الأشكال بحسب المنتج ويجب مراعاة أن لا يفرق بينه وبين المنتج السليم ووضع عبارة «صنع فى الصين» لمنح المنتج ثقة لدى المشترى، فهو لن يشترى بنهاية الأمر منتج غير معلوم المنشأ، وآخرون يضعون عبارة «صنع فى مصر».

وتابع: بعدما تتم عملية التصنيع تأتى عملية التوزيع، وهناك مصدران لتوزيع تلك المنتجات، إما عن طريق مندوبين يعملون داخل المصنع ويقومون بترويج المنتج داخل الكوافيرات ومحال بيع المستحضرات، أو تصريف الكمية لدى واحدة من شركات التوزيع المعتمدة والتى تحتاج إلى مثل هذا النوع من المنتجات خاصة فى وقت الركود، والتوزيع من الإسكندرية وحتى أسوان، فلا يوجد منزل فى مصر لا يستعمل تلك المنتجات.

وقال المهندس محمد إبراهيم خبير جودة بواحدة من مصانع مستحضرات التجميل، إنه يتم استعمال مواد خام محظورة دوليًا وتؤدى بعد سنوات من الاستعمال إلى الإصابة بأمراض متنوعة ما بين انسداد بالشعب الهوائية وتصل إلى سرطان الرئة وأحيانًا سرطان الجلد، فهى منتجات مسممة تعتمد فى الأساس على خامات رخيصة الثمن للوصول إلى منتج رخيص فى متناول الجميع، والأفضل تجنب استعمال تلك المنتجات من الأساس.

وأضاف خبير الجودة أن عدد المصانع المرخصة لصناعة مستحضرات التجميل حوالى 270 مصنعا، فى المقابل 2000 مصنع غير مرخص ويتحكم فى 60 إلى 70% من السوق، بإجمالى مبيعات 20 مليار جنيه سنويًا، وبالعودة إلى الأصل فى انتشار تلك المنتجات سنلاحظ أنه قبل 15 عاما ظهرت محلات «البيع بـ2.5» ثم تطورت وأصبحت «بـ7.5» وكانت مركزًا رئيسيًا لبيع تلك المنتجات التى لاقت رواجًا كبيرًا، ومن ثم كان طبيعيا أن تجد الزبائن الباحثين عن الجمال الصناعى بأقل من ربع الثمن الحقيقى، فلك أن تتخيل أن سعر الروج يخرج من المصنع بـ3 جنيهات ويباع بـ20 جنيها أما المنتج السليم فلن يقل سعره عن 150 جنيها.

ويتفق معه فى المعلومات، الدكتور محمد الفيومى عضو شعبة مستحضرات التجميل ورئيس مجلس إدارة واحدة من شركات التوزيع، قائلا إنه عن طريق الصين يتم توفير عبوات فارغة لتعبئة المستحضرات المغشوشة وفى بعض الحالات يتم توفيرها عن طريق جامعى القمامة وغسلها ووضع استيكرات جديدة على العبوات.

وتابع الفيومى: قمنا بالحصول على عينة من تلك المنتجات وحللناها، لنكتشف أن الماسكرة عبارة عن خلط عسل أسود وحجر الكحل الأسود وماء وتترك للتماسك، وكريم الأساس عبارة عن نشا أو دقيق وكاكاو خام وزيوت عطرية وكبسول فيتامينات، والروج عبارة عن زيت عطر وملمع شفاه وشمع العسل، ويتم تسخينه والتعبئة بعد إضافة الألوان الصناعية حسب درجات اللون، والمانيكير عبارة عن فازلين وطباشير ولون وغراء، والأيشادور يصنع من بودرة ومسحوق نشا وزبدة كاكاو وشيا، وإضافة اللون حسب الدرجة المطلوبة، وقد تستعين بعض الورش بكيميائيين لضبط الخلطات، وكل تلك الورش لها صفحات بالإنترنت وموزعون بالأحياء الشعبية، لضمان انتشار المنتج.

وحذر الدكتور فؤاد مجدى استشارى الأمراض الجلدية، من خطورة استعمال تلك المنتجات التى وصفها بالقاتلة، مشيرًا إلى أن تكرار استعمالها يؤدى إلى أمراض متعددة، تبدأ بحساسية الجلد المزمنة وتنتهى بإصابة الجهاز التنفسى، وهناك حالات تكون مزمنة ومصابة بأمراض خبيثة نظرًا لكثرة الاستعمال والتعرض لآشعة الشمس وهؤلاء بالآلاف نظرًا لارتفاع تكلفة المنتجات السليمة.

ولفت مجدى إلى أن بعض المنتجات التى يتم وضعها بالعين مثل الكحل والأيلينر قد يصل بهم الحال إلى الإصابة بالتهابات حادة بشكبية العين وهى أمور كارثية لا يمكن تداركها بالعلاج طويل الأجل، فانتشار الأمراض الخبيثة بين المصريين تعود فى الأصل إلى استعمال تلك المنتجات غير المطابقة للمواصفات.

فيما رصدت «الزمان» بعض الضحايا لتلك المنتجات، إذ فسرت زينب محمد صاحبة الأربعين عاما لجوءها لاستشارى أمراض جلدية بعدما استعملت تلك المنتجات لسنوات دون أن تدرى أنها ستكون السبب فى إصابتها بحساسية الجلد التى تجعل جسدها فى حالة تورم مستمر، وتؤكد: بدأت فى استعمال البودرة المائية قبل ستة أعوام وكنت أتعرض لحساسية على فترات بعيدة ومع العلاج كانت الآثار الجانبية تزول على الفور، بخلاف ما تعرضت له مؤخرًا إذ اكتشفت ظهور بعض البقع السوداء فى وجهى والمعروفة باسم الكلف، وقمت بإجراء عمليات ليزر لإزالة آثارها ولكنها تعود من جديد مما جعلنى أخجل من مظهرى، إلى جانب الحساسية المزمنة التى تورم جسدى بالكامل.

حالة أخرى، لسيدة ثلاثينية، أرادت الجمال بواسطة تلك المنتجات لينتهى بها الحال فى عيادة طبيب تعالج آثار الحروق التى أصابت وجهها وجعلتها تبدو كالمسخ، وتروى «أسماء.ح» تجربتها مع تلك المساحيق ومستحضرات التجميل، قائلة: استعملت البودرة المائية لعدة أشهر قليلة وكنت أتعرض للشمس نتيجة ظروف عملى التى تتطلب هذا الأمر وبعد فترة بدأت ألاحظ احمرارا مستمرا فى الجبين وعلى الخدين، واعتقدت أنها التهابات بسبب أشعة الشمس، وتم تشخيص الحالة بأنها ارتيكريا مزمنة.

click here click here click here nawy nawy nawy