سبوبة «الكانتين» تشعل الفتنة داخل المؤسسات التعليمية
مدرس يعتدى بالضرب على المدير للخلاف على الإيراد.. وآخر يلفق للوكيل تهمة لإقصائه
لم يكن يعلم الطالب "محمد سعيد" بمدرسة الشهيد محمد لطفى بالقليوبية أن شراءه من "الكانتين" الذى يشرف عليه مدير المدرسة سيكون سببًا فى أزمة بينه وبين معلم الفصل، الذى تبين فيما بعد أن المعلم اختلف مع المدير على الإيراد لتكون بداية من الأزمات انتهت باشتباك كلاهما باليد أمام عدد من الطلبة الذين تابعوا المشهد فى صدمة، غير مدركين أن كم الأرباح الذى يحققه الكانتين يوميا قد يكون سببًا لوصول الأمر إلى هذه الدرجة، لتترسخ أول صورة من صور الفساد المالى والإدارى فى ذهن الطلبة.
سبوبة "الكانتين" واحدة من صور الاستثمار داخل المدارس يسيطر عليها المدير ووكلاؤه وبعض المقربين ممن يسمح لهم بالمساهمة، وفى المقابل الحصول على نسبة من الربح، وهو الأمر الذى يضطر ببعض المديرين فى بعض المدارس إلى إعطاء التلاميذ فترتين للفسحة بحجة تجديد نشاط التلاميذ، وهو الأمر غير الوارد بتعليمات الوزارة التى تسمح بفسحة واحدة فقط، لكن إذا ما ارتبط الأمر بضرورة نفاد الكمية الموجودة بالكانتين فإن التعليمات والقرارات الوزارية فى هذه الحالة تكون هى والعدم سواء.
"كلما أتذكر المشاجرات بين المدير والوكيل على الكانتين أتعجب من ترك الأمر يدار بهذه العشوائية" عبارة بدأ بها "محمود حسام" معلم بالمعاش حديثه لـ "الزمان"، قائلاً: إنه بشكل يومى كنت أرى المدير والوكيل فى خناق ومشاجرات لا تنتهى، وذلك بسبب الأرباح التى يحققها الكانتين وخلافهما على نسبة كل منهما، رغم اتفاقنا جميعا أن يكون الكانتين مملوكا لجميع المعلمين بالمدرسة مقابل مبلغ يساهم به العاملون، وأن يكون المسئول عنه أحد معلمى النشاط حتى لا يتأثر جدول الحصص، وفى كل مرة كان المدير يصر أن يكون هو المسئول مسئولية مباشرة ليعارضه الوكيل.
ولفت إلى أن الخلافات وصلت إلى البلاغات فى قسم الشرطة والنيابة الإدارية، لدرجة أننى أتذكر موقف أن أحدهم أبلغ عن الآخر بأن الكانتين يبيع للطلبة مواد غذائية منتهية الصلاحية، وحضرت قوات الشرطة وأمرت بفتح الكانتين فى ساعة متأخرة من الليل ووجدته فارغًا تمامًا من المواد الغذائية، فقامت باصطحاب الشاكى والمشكو فى حقه لقسم الشرطة وتحرير محضر إزعاج سلطات.
وشدد "حسام" على ضرورة خضوعه لسيطرة وزارة التربية والتعليم وألا يدار بهذه العشوائية، فعلى سبيل المثال تستطيع الدولة توفير فرص عمل للشباب بأن يتم السماح لهم بتأجير كانتين المدرسة، وأن يكون بعيدًا عن سيطرة المدير ووكلائه ممن يجنون وحدهم الأرباح.
أوضح "عمر مجدي"، معلم بالمرحلة الابتدائية في محافظة المنوفية، أن الكانتين الموجود بالمدرسة تختلف أرباحه على حسب القائمين عليه، فهناك مديرون يجبرون الطلبة على الشراء منه بأشكال مختلفة، منها ربط حصة الألعاب بضرورة شراء كل طالب منتج من المنتجات المعروضة بالكانتين ووسيلة أخرى تتمثل فى إعطائهم فترتين فسحة بدلاً من فترة واحدة، وهناك بعض المديرين يقومون بالإبلاغ عن بائعى الأطعمة حول المدارس ليس حرصًا على مصلحة الطالب بقدر ما هو رغبة من المدير بأن يتم بيع كل المنتجات الموجودة بالكانتين.
وتابع مجدى، لا يوجد رقابة أو تفتيش من جانب وزارة الصحة على المنتجات المعروضة بالكانتين، لدرجة أن أحد أولياء الأمور جاء واشتكى ذات يوم من مرض نجله بعد تناوله وجبة من الكانتين، فكان رد المدير بأن جميع المنتجات معلبة وأمر بإحضار عينة فاكتشف أن تاريخ الصلاحية منتهٍ منذ فترة طويلة، وتم احتواء الموقف وانتهى بالاعتذار وعدم تكرار الأمر.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد هاشم، الخبير التربوى ورئيس ائتلاف "أبناؤنا أولا"، سبوبة الكانتين تختلف باختلاف المدرسة وموقعها وطبيعة الطلبة ففى الأقاليم لا توجد أزمات بسبب هذه السبوبة، ولكن فى العاصمة وضواحيها قد يصل الأمر إلى أقسام الشرطة بين المسئولين عن الكانتين ومن يرغبون فى مقاسمة الأرباح، وهناك وقائع مثبتة بالمحاضر، وأعتقد أن حل الأمر بيد وزارة التربية والتعليم، وذلك من خلال تخصيص منفذ أمن لعرض مواد غذائية سليمة للأطفال بأن يسند الأمر لإحدى الجهات الرسمية، التى قد تديره بنفسها أو تطرحه للشباب وذلك حتى يتفرغ المعلمين للعملية التعليمية وألا ينشغلوا بأمر آخر.
وتابع هاشم: العام الماضى كانت هناك مبادرة تسمى بالكانتين الأخضر لتوعية الطلاب بالابتعاد عن المعلبات، وتغيير ثقافة الغذاء بأن يتم الاعتماد على المواد الغذائية التى تمنح الطالب فوائد لبناء الجسم بشكل سليم، لكن مثل تلك المبادرات لا تجد طريقها بمدارس الحكومة.