الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

المشاتل غير المرخصة «كلمة السر» فى انتشار أمراض الخضروات والفاكهة

استخدام مبيدات مسرطنة لتحفيز نمو «الشتلات» لمضاعفة الإنتاجية على حساب المواطن

غياب حملات الرقابة

وزارة الزراعة تداهم المشاتل المخالفة وتحذر الفلاحين من التعامل معها

وخبراء يؤكدون: أصحابها متهمون رئيسيون فى تدهور موسم الطماطم

أصدرت وزارة الزراعة تعليماتها لمديريات الزراعة بجميع المحافظات بالمرور على منافذ الشتلات، والتأكد من التزامها بالتراخيص الرسمية المعمول بها فى الدولة، وذلك للتأكد من التزامها ببيع الشتلات الخالية من الأمراض مع إنهاء جميع إجراءات التراخيص وتحويل المخالف لجهات التحقيق، بالإضافة إلى منع تصدير شتلات الفاكهة إلى الخارج إلا من خلال المنافذ المعتمدة من قبل الوزارة.

وأرجعت الوزارة تلك الحملة المفاجئة لضمان الحصول على منتج عالى الجودة خالى من الأمراض والآفات، بعدما تعرض مزارعو الطماطم لخسائر فادحة هذا الموسم وعدد من الخضروات جراء الشراء من مشاتل غير معتمدة ولا مرخصة فغابت عنها الرقابة نهائيًا فكانت النتيجة انتشارا واسع النطاق للخضروات المصابة بالأمراض وخسارة المزارعين وارتفاع سعر الخضروات على الجانب الآخر.

وترصد «الزمان» مافيا المشاتل غير المرخصة واستقدامهم أنواع من الشتلات المريضة وتسويقها للمزارعين فى محافظات مصر المختلفة وعدم التزامهم بتعليمات وزارة الزراعة والاعتماد على مبيدات محظورة دوليًا، فتكون النتيجة خضروات وفواكه مصابة بأمراض تنتقل إلى جسم الإنسان وتصيبه بالسرطان على المدى البعيد.

الدكتور مراد بهجت خبير الصوب الزراعية، أكد لـ«الزمان» أن حملات وزارة الزراعة ومداهمة المشاتل غير المرخصة ليست من فراغ، فما توفر لدى الأجهزة الرسمية فى الدولة من معلومات يجعلها تصوب أصبع الاتهام فى إصابة النباتات بالأمراض إلى تلك المشاتل التى تستورد شتلات مريضة من الخارج وأخرى يتم رشها بواسطة مبيدات محظورة دوليًا ومن ثم يتم زراعتها فتكون النتيجة موت النبات قبل عمر الاكتمال وعليه يتضاءل حجم الإنتاج فتزيد الأسعار، وفى حال تمت معالجة المسألة من البداية يصل حجم الإنتاج إلى المستوى المطلوب وبالتالى تستقر الأسعار.

وتابع بهجت: لا تكتفى تلك المشاتل بخلق أزمات فى الداخل ولكن تسبب أزمات لمصر فى الخارج وأحيانًا يصل الأمر إلى غلق دولة ما باب استيراد الشتلات من مصر كما حدث مسبقًا وما يتبع الإجراء من إحراج سمعة مصر دوليًا فى سوق التصدير، ناهينا طبعًا عن عدم خضوع تلك المشاتل غير المرخصة لأى غطاء قانونى ومن ثم غياب الضرائب والتأمينات وضياع حقوق العاملين بها، وهنا يجب التمييز بين مشاتل الزهور ونباتات الزينة ومشاتل الخضار والفاكهة، فالأولى لا تسبب أى أزمة ولا مشكلة مع المواطن، أما الثانية فإذا لم تخضع للرقابة فسوف تزيد من الطين بلة.

ويتفق معه، المهندس أحمد بازيد «خبير لاند سكيب»، قائلا إن هناك مافيا تدير سوق المشاتل المسرطنة ورجال أعمال يستوردون تلك الشتلات من إسرائيل وتكون عبارة عن شتلات مهجنة ومنتجاتها ليست طبيعية تصيب المستهلك بأمراض مزمنة على المدى البعيد، ولعلاج تلك الكارثة لا بد من وضع قاعدة بيانات بالشتلات الآمنة والواجب استيرادها من الخارج وتنظيم العملية، كذلك تشديد الرقابة على منافذ البيع والتأكد من سلامة الشتلات.

وتابع بازيد أن الزراعة أمن قومى ويجب أن يكون التعامل معها على هذا الأساس وحتى نتجنب انتشار تلك المشاتل لا بد أولا من التفتيش داخل مخازن تلك المشاتل لضمان حصر جميع التقاوى والمبيدات المستخدمة ومطابقتها للمسموح بها من جانب وزارة الزراعة خاصة أن تلك المشاتل غير المرخصة وبالطبع لا تخضع لرقابة سبب رئيسى فى انتشار الآفات الزراعية وضعف إنتاجية المحصول، فضلا عن إحياء دور المرشد الزراعى بالقرى والأقاليم التى ابتعدت عن وزارة الزراعة وارتمت فى أحضان تلك المشاتل والتى تقدم نصائح مسمومة لجنى المكاسب على حساب أى شيء آخر.

وعن علاقة المشاتل غير المرخصة بتدهور الموسم الحالى وإصابة الخضروات بأمراض متعددة، أكد الدكتور صفوت عبدالله الخبير السابق بمركز البحوث الزراعية، أن بعض المشاتل الموجودة فى المحافظات خرجت عن تعليمات الوزارة وذلك لأنها غير مرخصة فى الأساس وقامت بتعزيز زراعة شتلات وتقديم نصائح للفلاحين حول أنواع معينة من التقاوى، ومنها تقاوى الطماطم بغرض عمل دعاية لشركة أجنبية وللأسف تسببت التقاوى فى تدمير محصول الطماطم قبل عمر الاكتمال وإصابتها بآفة خطيرة أوقفت نموها، وقد تكبد آلاف المزارعين ملايين الجنيهات خسائر نتيجة تلك التقاوى.

وتابع: يتعرض محصول الطماطم باستمرار لنفس المرض نتيجة انتشار تجارة الشتلات غير المعتمدة بعد التوسع فى إقامة المشاتل غير المرخصة ومن المفترض أن هذه الشتلات مقاومة للتجعد الذى يظهر مع القيظ أو درجات الحرارة المرتفعة جدا والفارق الوحيد الموسم الجارى الذى أسهم فى إيجاد ضجة إعلامية هو زيادة حجم المساحة من جانب وتركزها فى منطقتين من جانب آخر، واتهام إحدى الشركات المستوردة للبذور بالتسبب فى ذلك.

الفلاحون: المشاتل باعت لنا الوهم

من جانبهم، استنكر عدد من الفلاحين تأخر حملات وزارة الزراعة على المشاتل غير المرخصة واصفين إياها بأنها أتت بعد فوات الأوان، ووصف فتحى إبراهيم مزارع بمحافظة المنوفية، حملات الحكومة بأنها جاءت لتشييع الجثمان بعد أن تشبعت أراضى الفلاحين بتقاوى ومبيدات المشاتل غير المرخصة.

وأضاف أن الجميع يعتمد على تلك المشاتل إذ تعطى منتجاتها أعلى إنتاجية عن منافذ الحكومة ورغم أن البعض يعلم حقيقتها لكن يستمر فى التعامل معها، ففى الوقت الذى أدارت فيه الحكومة ظهرها للفلاح، فتحت تلك المشاتل ذراعيها لهم وقدمت لهم كافة المساعدات المطلوبة، ولكن ما حدث هذا الموسم مع الطماطم وحجم الخسائر الذى تعرضنا له جعلنا نعيد النظر فى حجم المكاسب وما يمكن تحقيقه من وراء المكاسب البسيطة شرط عدم الخسارة كما حدث هذا العام.

ويتفق معه مزارع آخر، قائلا: الفلاح لا يعرف المشاتل المرخصة من غير المرخصة فلن يسأل صاحب المشتل عن الرخصة، ولكن الحكومة يجب أن تلعب هذا الدور وتسأل وتعرف كل شيء وتنصحنا لأننا بنهاية المطاف مزارعون نهتم فقط بالزرعة إلى أن يتم جمعها وبيعها للمستهلك، وما يحدث معنا من أصحاب المشاتل هو بيع الوهم وإقناعنا بأن نوعا معين من الشتلات يعطى أعلى إنتاجية وفى النهاية نجدها مصابة بآفات وأمراض.

click here click here click here nawy nawy nawy