تدني أوضاعهم.. الاعتداءات المتكررة.. بحثهم عن فرص أفضل بالخارج.. استقالات الأطباء تعصف بمرضى المستشفيات الحكومية
بوادر أزمة حادة فى المستقبل القريب
أطباء: نرفض «لى ذراع» الدولة ونبحث عن الأفضل من أجل أبنائنا.. ورواتب الحكومة هزيلة لا تكفى الطعام
لا أحد ينكر أن أطباء مصر يتحملون داخل المستشفيات الحكومية ما لا يتحمله إنسان من نقص مستلزمات وتدنى أوضاع معيشية فى ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وهو ما دفع الآلاف منهم وخلال السنوات القليلة الماضية بعد أن صمت الحكومة أذنيها عن مطالبهم إلى الهجرة خارج مصر والعمل فى دول الخليج بحثًا عن فرصة أفضل.
وفى المقابل تسبب هذا الإجراء فى نقص ملحوظ بعدد الأطباء وبالتالى أصبحت حاجة الحكومة لبحث مطالب الأطباء ضرورة ملحة حتى لا يتأزم الوضع أكثر من ذلك، خاصة أن ظروف المواطن الاقتصادية لم تعد تساعده على الذهاب إلى عيادة طبيب خاصة ودفع ثمن الكشف وأصبحت المستشفى الحكومى هى وجهته الأولى.
«الزمان» تلقى الضوء على أزمة هروب الأطباء من المستشفيات الحكومية إلى الخارج، من واقع شهادات حية حصلنا عليها لبعضهم يوجهون فيها أصابع الاتهام إلى وزارة الصحة التى تجاهلت مطالبهم بتحسين الوضع المادى ومحاولات البعض تهديدهم فى مصادر رزقهم الأخرى سواء كانت عيادات خاصة أو مستشفيات يمتلكونها.
الدكتور محمد ماهر طبيب قدم استقالته، يكشف لـ«الزمان» ملامح الأزمة، قائلا: «أعمل فى مناخ غير آدمى لا يناسب المريض ولا الطبيب ونقص حاد فى المستلزمات الطبية ولا يوجد أمن لحمايتى داخل الاستقبال، ومجرد أن أخطر أهل المريض بأن الحالة توفت ينهالون علىّ بالضرب، ناهيك عن حالات الاعتداء المتكررة التى تقع على الأطباء ولا يتحرك لمسئول طرفة عين، وكأن هذا هو الطبيعى والمطلوب من المريض تجاه الطبيب، عكس ما رأيناه فى الخارج».
وتابعت: «لا أحد يحدثنى عن الإمكانيات فى الخارج فالأهم هو الإمكانيات التى يمتلكها العنصر البشرى وهو الطبيب، لكن كيف لى أن أعمل ولا توجد مستلزمات طبية من قطن وشاش ومضادات حيوية وبعض الأشياء التى لا يمكن تجاهلها».
واستطرد: «لا أنكر أن الدولة تعانى وأن الرئيس يفعل ما بوسعه، لكن أنا كطبيب لدى أبناء فى أشد الحاجة للحصول على تعليم أفضل من التعليم الحكومى، ومن ثم لا توفر لى وظيفتى الحكومية الراتب المطلوب، كذلك محاولات مجلس النواب من قبل إغلاق العيادات الخاصة مقابل رفع الراتب بضعة جنيهات، فهو أمر لا يعقل، وحتى لا أكون مهددا قررت أن أستقيل من وزارة الصحة وأعمل بالكويت».
نفس الشيء قام به الطبيب أحمد خالد، والذى قال: «كنا على موعد مع استقالات جماعية ربما تصل إلى 20 ألف استقالة على مستوى الجمهورية فى أعقاب الجمعية العمومية التى عقدت قبل يونيو الماضى، ولكن لم يفلح الأمر، كوسيلة للضغط على الحكومة من أجل تلبية مطالب الأطباء والتى هى مطلب أساسى للمريض، وهو توفير النواقص فى المستشفيات، وجعل الحياة أكثر آدمية داخل استراحة الأطباء وبالتالى أستطيع أن أقدم الخدمة على أفضل شكل ممكن، وهى المطالب التى لا نجد لها ردا، وفشلت نقابة الأطباء فى الضغط على الحكومة وكذلك مفاوضات تحسين ظروف الأطباء المعيشية».
وتابع خالد: «لم أجد أمامى إلا فرصة السفر إلى الخارج وتقدمت بطلب إجازة بدون راتب وتم تعطيل الإجراءات والتعنت بدعوى أن حاجة العمل تدعو إلى وجودى فلم أجد سبيلا إلا تقديم الاستقالة وحتى تكون رسالة بأنه على الدولة النظر إلى الطبيب حتى يستطيع الاعتناء بالمريض».
فيما كشف الطبيب إسلام ربيع عضو نقابة الأطباء قائلا إنه وخلال العامين الماضيين استقال حوالى 4 آلاف طبيب، وقد تقدم بعضهم بطلبات لنقابة الأطباء للحصول على شهادة طبيب حر حتى يتمكنوا من العمل فى عيادات خاصة لتحسين دخلهم الشهرى ونتيجة تعارض وقت العيادة مع وقت العمل الحكومى يضطر الطبيب إلى تقديم استقالته.
وتابع ربيع: «لا يوجد بدل عدوى مناسب فى حين تحصل فئات أخرى على بدل عدوى يصل إلى 1500 جنيه شهريًا، رغم أنهم لا يمارسون مهنة الطب، وأؤكد أن المتضرر الأول من استقالات الأطباء هو المواطن البسيط الذى لم يجد تحرك إيجابى من الحكومة لعلاج مشاكل الأطباء».