معامل «التعليم الفني» كنز مصري مهمل
تفاصيل خطة تحويل المدارس الفنية إلى قلاع اقتصادية
خريطة متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتى
صيانة المعامل وتشغيل الطلاب داخلها وتأهيلهم لسوق العمل
مطالب برلمانية بتحويل المدارس الفنية إلى اقتصادية
خبراء: لدينا 2000 مدرسة تعليم فنى تخدم 2 مليون طالب.. ومعدل الإنتاج «صفر».. ونهضة ألمانيا اعتمدت على خريجى المدارس الفنية
عانى التعليم الفنى فى مصر من إهمال كبير على مدار السنوات الماضية، إلا أن القيادة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى تسعى لبناء دولة صناعية زراعية من جديد، ولعل البداية التى اختارتها الحكومة من مدارس التعليم الفنى خاصة وأن الطاقة البشرية الموجودة داخل مدارس التعليم الفنى بـ2000 مدرسة تقريبًا حوالى 2 مليون طالب وطالبة.
تشغيل تلك الطاقة البشرية داخل معامل ومزارع تابعة لتلك المدارس بمقدوره تحقيق رؤية مصر نحو تنمية صناعية وزراعية، وتخريج عمالة مدربة تلبى احتياجات المستثمرين ممن يضطرون إلى استيراد عمالة من الخارج.
«الزمان» تلقى الضوء على ثروة مصر المهدرة داخل مدارس التعليم الفنى، والتى وصفها الخبراء بأنها عملية إهدار للمال العام على مرأى ومسمع الجميع، وهناك أصحاب مصالح مستفيدون من استمرار الوضع، ومن ثم لا بد من تغيير الصورة النمطية عن التعليم الفنى أولا والاهتمام بتحويل تلك المدارس إلى تكنولوجية اقتصادية تحقق من خلالها الدولة الاكتفاء الذاتى وتصدر للخارج من خلالها.
الدكتور محمود أنور، الخبير بالتعليم الفنى، يكشف تفاصيل مثيرة عن مشروع المدارس الفنية الاقتصادية، قائلا إن مصر بها 2000 مدرسة للتعليم الفنى مجهزة بمعامل تحتاج فقط إلى صيانة دورية وتم إهمالها على مدار سنوات وداخل تلك المدارس لدينا 2 مليون طالب يتخرجون سنويًا إلى سوق العمل لا يفقهون شيئا، والسبب إهمال الجانب العملى على حساب النظرى، رغم أن الغرض من وجود تلك المدارس هو الاهتمام بالشق العملى حتى يكون مهيئا لسوق العمل.
وتابع: داخل كل مدرسة من مدارس التعليم الفنى الزراعى معامل ألبان وجبن وعصائر ومنتجات زراعية أخرى إلى جانب حظائر المواشى وأراضى زراعية حتى يتسنى للطالب التدريب العملى، وما سبق ذكره كفيل بأن يجعل شق التعليم الفنى فى مصر من مصادر تمويل الموازنة العامة، ولكن ما يحدث هو سرقة واختلاس وعدم تنظيم المنتجات داخل معارض تحت إشراف حكومى، وبالتالى تحقيق مكاسب تعود بالنفع على الدولة وتستخدم فى دعم منظومة التعليم.
ولفت إلى أن بمدارس التعليم الفنى الصناعى ورش للخراطة والأخشاب وغيرها من تشكيل المعادن إلى جانب أقسام الكهرباء والتكييف والتبريد، وهنا نستطيع تحويل تلك الأقسام إلى توكيلات لصيانة الأجهزة الكهربائية لخدمة الجمهور، مقابل رسوم بسيطة تعود بالنفع على الطرفين، تحمى المواطن من استغلال التوكيلات الأخرى التى تغالى فى أسعار خدماتها وتوفر للمدرسة والدولة موارد إضافية.
وكشف مصدر حكومى لـ«الزمان» عن تفاصيل مشروع تحويل المدارس الفنية إلى اقتصادية، قائلا إن الحكومة وبالتنسيق مع البرلمان تستهدف عمل طفرة بالفترة القادمة لتحويل مشروع المدارس الفنية إلى اقتصادية خاصة، مشيرا إلى أن هناك بعض المدارس الفنية والمتخصصة التابعة لهيئات حكومية مثل السكة الحديد وغيرها، إذ تستهدف الدولة إحياء فكرة المدارس داخل المصانع التابعة للدولة ودعمها من جديد، إذ يكون للطالب فرصة عمل مضمونة فور تخرجه من المدرسة وحصوله على الشهادة.
وأوضح المصدر أن خطة الحكومة تقوم على ثلاثة محاور، الأول دعم المدارس الفنية وصيانة جميع المعامل بما يتناسب مع التطورات الحديثة، والثانى تنظيم معارض حكومية للمنتجات الخاصة بمدارس التعليم الفنى الزراعى، والثالث تسويق منتجات التعليم الفنى الصناعى، هذا إلى جانب خطوات لاحقة تستهدف تحسين صورة التعليم الفنى، وذلك بالتنسيق مع رجال الأعمال وتنظيم حملة إعلامية لتقديم العمالة الفنية المدربة للمصانع.
من جانبه، أكد أحمد حسن مسئول ملف التعليم الفنى بنقابة المعلمين المستقلة، أن مستقبل مصر مرهون بالتعليم الفنى وتطوير المعامل هو الحل الوحيد للنهوض بالمنظومة فلا تزال تعانى أغلب المعامل من إهمال، وبالتالى مستوى تدريب الطلبة فى المنظومة التى تطمح إليها الدولة لا بد أن يتناسب مع المعدات الحديثة فى المصانع.
وتابع: «أعمل مدرسا فى واحدة من مدارس التعليم الفنى الصناعى وهناك بعض الورش استطاع الطلاب ومن خلال أبسط الأدوات تشكيل الأخشاب وعمل غرف نوم وصالونات وسفرة لا مثيل لها، ولكن ينقصنا فقط الموارد».
وعن العائد الاقتصادى الممكن تحقيقه من المدارس الفنية، أوضح الخبير الاقتصادى محمد عزيز، أن الفوائد كثيرة منها ما يعود للدولة بشكل مباشر من خلال بيع منتجات تلك المدارس بالمعارض ومكاسب غير مباشرة من خلال توفير عمالة مدربة، وكلاهما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلى والقومى، ويحقق أرقاما جديدة لمصر فى السوق العالمية، وما نحتاج إليه هو تقديم الدعم فقط لتلك المدارس وتصحيح صورتها.