بين الصراع النووي وسباق التسلح.. القوات المسلحة تواكب التطور العسكري عالميًا
مصر تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتى
خبراء يستبعدون نشوب حرب نووية.. ويؤكدون: لسنا فى سباق مسلح
شجب واستنكار حول معاهدة القوى النووية متوسطة المدى التى تم توقيعها بين الاتحاد السوفيتى - روسيا حاليًا- والولايات المتحدة فى 8 ديسمبر 1987 بواشنطن العاصمة، فمنذ ذلك الحين نجد أمريكا تخرج بتصريحات جديدة وترد عليها موسكو بقوة أو العكس، ولكن مآل تلك التهديدات فى النهاية إلى الصمت دون أى قرار على أرض الواقع، وهو ما دفع إلى نشوب «حرب التلقيح» بين الدولتين مرة أخرى.
ترامب يفجر الأزمة
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أعلن عن تجميد التزامات بلاده فيما يخص معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى مع الاتحاد السوفيتى سابقًا، بحجة أن روسيا طورت منظومة أسلحة صاروخية جديدة تشكل من وجهة نظر واشنطن خرقًا فظًا للمعاهدة.
ويأتى تجميد الالتزامات الأمريكية لمدة ستة أشهر تمهيدًا لخروج الولايات المتحدة نهائيا من المعاهدة والضغط باتجاه التفاوض بشأن معاهدة جديدة، وفق القراءة الأمريكية.
وجاء على لسان وزير خارجيته مايك بومبيو، تعليق التزام واشنطن بالمعاهدة ، وذلك بعد أن اتهمت روسيا بخرقها وتجاهل النداءات الأمريكية بهذا الشأن.
وأمهل بومبيو، روسيا 6 أشهر من أجل الالتزام بمعاهدة الصواريخ النووية التى يتراوح مداها بين 500- 5500 كيلومتر، وفى حال لم تلتزم خلال هذه المهلة، فإن واشنطن ستنسحب منها نهائيًا.
روسيا ترد
وبعد أيام على إعلان موسكو انسحابها من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، وردًا على تصريحات ترامب، فقد أعلن وزير الدفاع الروسى، سيرجى شويجو، عن أن بلاده يجب أن تطور صاروخين جديدين قبل 2021.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن شويجو قوله أنه يتعين على موسكو أن تطور صاروخًا موجهًا أرضيًا جديدًا، وصاروخًا تفوق سرعته سرعة الصوت بخمس مرات أو أكثر قبل عام 2021، وذلك ردًا على اعتزام واشنطن الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى وفقًا لـ«رويترز».
ووجه وزير الدفاع الروسى أمرًا للجيش بالشروع فى العمل على تطوير نظامين صاروخيين جديدين، وضمان استكمال العمل بحلول 2021.
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أعلن عن تعليق التزام بلاده بمعاهدة الصواريخ النووية المتوسطة، ردا على إجراء أمريكى مماثل.
وعند إعلان بوتين قراره، أمر وزيرى دفاعه وخارجيته سيرجى شويجو، وسيرجى لافروف، بالامتناع عن إجراء محادثات بشأن نزع الصواريخ النووية.
ووافق بوتين أيضًا على اقتراح الوزير شويجو، بإنتاج صواريخ جديدة متوسطة.
النسما: نسعى لعالم خالٍ من النووى
طالبت كارين كنايسل وزيرة خارجية النمسا، كلًا من الولايات المتحدة وروسيا، بوقف سباق التسلح النووى، معربةً عن أسفها بتعليق الولايات المتحدة الالتزام باتفاقية نزع الصواريخ النووية المتوسطة.
وقالت كنايسل فى بيان لوزارة الخارجية النمساوية إن هذه الاتفاقية التى وقعت عام 1987 كانت بمثابة علامة فارقة على الطريق لإنهاء الحرب الباردة، وإعلان الولايات المتحدة تعليق التزاماتها وفقًا للاتفاقية يبعث على القلق من أن سباق تسلحا نوويا جديدا صار وشيكًا.
وأضافت: «الولايات المتحدة تستند فى تحركها المستمر للانتهاك الخطير لمعاهدة الصواريخ النووية من قبل روسيا».
وأكدت أن نشر الصواريخ متوسطة المدى مؤخرًا بعد أكثر من 30 عامًا من الحظر من شأنه أن يُزيد بشكل كبير من التهديد النووى فى أوروبا، محذرةً من الآثار الكارثية لاستخدام الأسلحة النووية.
وأشارت إلى سعى الحكومة النمساوية إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، معربةً عن الفخر بأن النمسا من بين 21 دولة صادقت بالفعل على معاهدة حظر الأسلحة النووية.
قلق ألمانى
وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس يدعو لمبادرة دولية جديدة لنزع السلاح والمستشارة ميركل ترغب فى إبقاء نافذة الحوار مع روسيا مفتوحًا، فيما يخيم القلق من جولة سباق نووى فى العالم تكون أوروبا مرة أخرى ساحتها المواجهة الأساسية فيها.
ودعا وزير الخارجية الألمانى إلى مبادرة عالمية جديدة لنزع السلاح، وقال فى حديث مع مجموعة فونكة الإعلامية الألمانية: «إن موضوع نزع السلاح يجب أن يتصدر أولويات الاهتمام العالمى».
وهو أمر لا ينطبق على الولايات المتحدة وروسيا فحسب، بل يجب أن يمتد لدول مثل الصين أيضا، وفقًا لموقع «شبيجل» الألمانى.
وتابع الوزير أنه جرى تطوير الكثير من الأسلحة ومنظوماتها خلال السنوات الأخيرة، وأضاف أن الحكومة الألمانية ستعمل من أجل وضع قواعد جديدة للتعامل مع التقنيات الحديثة لمنظومة الأسلحة الجديدة.
على صعيد متصل، تسعى المستشارة أنجيلا ميركل إلى إبقاء نافذة الحوار مع روسيا مفتوحة رغم الإعلان الأمريكى بشأن تجميد التزامات واشطن إزاء المعاهدة النووية المتوسطة.
وقالت ميركل إن روسيا خرقت المعاهدة، لكن نافذة الحوار يجب أن تبقى رغم ذلك مفتوحة.
يشار إلى أن إلغاء المعاهدة الخاصة بالأسلحة النووية متوسطة المدى يثير قلق أوروبا عموما وألمانيا خصوصًا بشأن جولة جديدة من سباق التسلح على غرار ما جرى فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، إذ شهدت ألمانيا مظاهرات كبيرة ضد سباق التسلح ولصالح نزع السلاح شارك فيها مئات الآلاف من الشباب الألمان.
كما يخشى الألمان من أن يؤدى سباق التسلح الجديد إلى زيادة فرضية المواجهة النووية بين روسيا والولايات المتحدة فى الفضاء الأوروبى.
اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أكد أنه لا بد من تسيلح جيشنا كى نحمى أرضنا وطننا وأمننا القومى، فيلزم الدراسة والتخطيط لكل شيء، كأن نحسب مقدار التسليح الذى نحتاجه طبقًا للعدائيات والتهديدات المحيطة، وبالتالى هذه الأسلحة كى ندبرها فلها شروط تتوفر فى نوعية السلاح.
أولها: لا بد أن تتوفر المقارنة النوعية وهى تسمى 1 إلى 1 بمعنى أنه لا تقل قدرات أسلاحتنا عن أسلحة العدو، على سبيل المثال: «لا يمكن أن مواجهة طائرة تقذف على مسافة 100 كيلو بطائرة 10 كيلو».. ومن هنا لابد من توفير أسلحة لها نفس القدرة.
وثاينها: أن يكون السلاح ملائما لطبيعة الأرض التى سيتم سيستخدم عليها سواء أكانت جبلية أو صحراوية أو زراعية أو جليدية، وأن يلائم المستخدم ومستواه العلمى.
والثالثة: القدرة على توفير السلاح أثناء الحروب وفى أى وقت، خاصةً وأن الحروب الحديثة تحطم فيها آلاف المعدات ففى اليوم الواحد تسقط مئات الطائرات، وتحطم عشرات الدبابات، ومئات الآلاف من أطنان الذخيرة تستهلك.
فلا بد من توفير أحد الثلاث شروط هى: أما أن نكون دولة مصنعة للسلاح «التصنيع المحلى» فإذا لم يتوافر ذلك خاصةً وأن تصنيع السلاح فى الوقت الحالى يصعب وإن كنا نصنع فمن الصعب تصنيع كافة الأصناف الحربية فيمكن أن نصنع أسلحة دون الأخرى، أو أن نشترى من دول عدوة لعدوى وصديقة لى وإلا سيحدث معنا كما حدث وقت الحرب عندما منعت أمريكا التصدير لمصر بينما أرسلته لأعدائنا، أو تنوع مصادر التسليح فإذا تخلفت عنا دولة نأخذ من غيرها.
وبالفعل هذه الشروط متوفر فى مصرنا، وهذا جعلنا مكتفون ذاتيًا فى التسليح فنجد أن قواتنا البرية رقم 12 على مستوى العالم والبحرية السادس عالميًا إذًا فالجيش المصرى مشهود له بالبراعة الحربية.
وعن صناعة السلاح، أضاف «سالم» لـ«الزمان» أن هناك قيودا كبيرة عليها فلكى نصنع السلاح لا بد من التطوير باستمرار فلا يمكن أن أصنع طائرة أو أى سلاح ولا أسعى لاستخراج الحديث منها، فنجدد كما يتجدد العالم فى كل شيء، وكى تتوافر هذه الإمكانيات يلزم وجود رأس مال كبير ورأس المال لا يأتى إلا بتصدير السلاح وهكذا.. وهذا كله يصعب تنفيذه إلا فى وجود سوق للسلاح المصرية.
فإذا كانت الدول العربية نفذت الهيئة العامة للتصنيع برؤوس عربية خالصة من أموال العرب كان من الممكن أن تكون لها أسواقًا عربيةً لتصدير السلاح العربى الخالص، وحينها يمكن أن نكفى قواتنا العربية ذاتيًا، ولكن هناك بعض القيود التى تعوقنا ويمكن حلها إذا كان هناك تصنيع مشترك مع أكثر من دولة عربية، ما يحدث الآن أننا نصنع السلاح ولكن قليلا بسبب الوضع الاقتصادى، بينما هناك دول عربية وأفريقية تستورد مننا أسلحة صغيرة.
وفى نفس السياق، قال اللواء أركان حرب طه محمد السيد المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن القوات المسلحة بأجهزتها المختلفة تبذل كل طاقتها لحماية مصر من جميع الأخطار التى تواجهها بشكل حاسم وقوى، وهذا دليل على تراجع ملحوظ فى العمليات الإرهابية التى كانت تستهدف القوات المسلحة وتقف وراءها هذه الجماعات المتطرفة التى تدعمها قوى كارهة لمصر بالسلاح والمال.
وأضاف الخبير العسكرى والمحلل الإستراتيجى، لـ«الزمان»، أن تصنيع مصر للأسلحة الحديثة بأيادٍ مصرية يمثل نقلة نوعية فى الصناعة الوطنية، مؤكدًا أن هذا بدايةً لعهد جديد فى التصنيع المحلى، مشيدًا بدور القوات المسلحة، وتابع: «يجب أن نشكرها لأنها حققت طفرة فى تصنيع السلاح وهذا يعتبر إنجازاتها فى مجال التصنيع»، مشيرًا إلى أنه يجب أن نفتخر نحن كمصريين بذلك الإنجاز العظيم.
واستكمل السيد أن تصنيع الأسلحة هو فخر للقوات المسلحة المصرية بأن تنتج أسلحة خالصة التصنيع بأيدٍ مصرية وبخبرة وطنية.
ومن جانبه، لفت اللواء مهندس أركان حرب متقاعد محمد مختار قنديل، لـ«الزمان» إلى أن سباق التسليح النووى هو الذى يؤثر على البشرية كالرؤوس النووية والقنابل الذرية، فمصر ليست فى سباق التسليح، ولكن هناك سباق آخر مستتر وهو سباق أسلحة الدمار الشامل «النووية، والجرثومية، والكيماوية» فإذا كان العدو الأول لنا هو إسرائيل وتمتلك رؤوست نووية فلا بد لنا من تمتلاك أسلحة مساوية لها أو أعلى إمكانيات منها، فالمقارنة تأتى من هنا ولا بد من التوازن معها لأنها التهديد الموازى لنا.
وعن المعاهدة بين الاتحاد السوفيتى - روسيا حاليًا- وأمريكا، علق قائلا إن هناك ما يسمى بالرعب النووى فلا يمكن لأى دولة فى العالم أن تعتدى على غيرها من الدول الكبرى، فنجد أن روسيا تمتلك رأسا نووية وكذا أمريكا، وهؤلاء يمكن أن يدمروا العالم ثلاث أو أربع مرات فلا يمكن لأحد أن يستخدم السلاح النووى.
وأشار الخبير العسكرى إلى أننا نصنع أسحلة ثم نصدرها كالذخيرة وعربيات المدرعة، ويكون التصدير لدول أقل منا عسكريًا، مبينًا أن مصر ليس تركيزها الأقوى على تصدير السلاح ولكن كل التركيز على كيفية الحصول على السلاح، وإذا كنا نمتلك سلاحا نفكر فى كيفية تطويره.
واختتم مؤكدا أن مصر تمتلك الاكتفاء الذاتى من السلاح لأنه يلزم علينا تأمين حدودنا من أى خطر.