الرابحون والخاسرون من قانون الهيئة المصرية للدواء
الحكومة تقضى على مافيا تجارة الأدوية بآلية تشريعية جديدة
عقدت لجنة الصحة بمجلس النواب الأسبوع الماضى جلسات استماع خاصة من قبل بعض المتخصصين فى منظمات المجتمع المدنى، وذلك بشأن قانون الهيئة المصرية للدواء، والذى تقدمت به الحكومة، إذ أنه سيتم تعديل البنود وإقرارها فى لجنة الصحة بالمجلس ثم سيتم مناقشات الجلسة العامة، ومن المنتظر إقرار القانون خلال دور الانعقاد الحالى لمجلس النواب، والمسمى المقترح هو الهيئة المصرية للدواء.
ويعتبر مشروع قانون التنظيم المؤسسى لجهات الدواء والمستحضرات والمستلزمات والأجهزة الطبية، «الهيئة المصرية للدواء» خطوة مهمة جدا لحل جميع المشكلات المتعلقة بقطاع الدواء، إذ سيكون بداية لطفرة حقيقية لتصدير أدويتنا للخارج، وطبقا للنص المُحال من الحكومة سيتم إنشاء 3 جهات هى المجلس الأعلى للدواء والتكنولوجيا الطبية، ومسئوليتها وضع السياسة العامة للدواء فى مصر والرقابة عليه، والهيئة المصرية للتكنولوجيا الطبية كهيئة اقتصادية مسئولة عن عملية شراء المنتجات الطبية والخامات والمستلزمات وإعداد الموازنات الخاصة بها، والهيئة المصرية للرقابة الدوائية، إذ أن القانون سيتعامل بشكل حاسم مع «نواقص الدواء» و«غش الأدوية».
واعتبر متخصصون فى القطاع الطبى أن قانون الهيئة المصرية للدواء سيكون له إيجابيات كثيرة وسيقضى على الأدوية المغشوشة وسيكون للقطاع الصيدلى والأدوية بشكل خاص أبا شرعيا، سيجنى منه شركات الأدوية العملاقة سواء الخاصة أو العامة ملايين الجنيهات كأرباح، أما الخاسرون فهم مافيا تجارة الأدوية الذين مصوا دماء المصريين خلال السنوات الماضية .
من جانبه قال الدكتور محمد عزالعرب المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إنهم طالبوا بإلغاء مقترح المجلس الأعلى للدواء والتكنولوجيا الطبية، إذ أنه لم يقم بتنفيذ المراد منه على الوجه الأمثل وطالب بتغيير المسمى إلى الهيئة المصرية للدواء والإبقاء على دور جهاز حماية المستهلك وعدم تجنيبه فى الرقابة، وذلك لحماية المواطن المصرى، إذ انتظرنا هيئة الدواء المصرية منذ أول مسودة عام ١٩٩٢ويجب تغيير المسمى إلى الهيئة المصرية للدواء ليتوافق مع الدول الأخرى.
وتابع: «هدفنا الأول هو المريض المصرى فى حقه فى علاج آمن وفعال ومتوفر وفى متناول اليد خاصة أن مشاكل الدواء تفاقمت بشكل خطير فى الفترة الماضية، ويجب الاهتمام بشركات الأدوية لأنها رمانة الميزان إذا عملت لصالح المريض المصرى البسيط، خاصة بعد تدنى مستوى مبيعاتها وتصديرها أيضا الذى انخفض فى السنة الأخيرة إلى ٢٤٨ مليون جنيه فقط، وهو رقم مخجل»، وواصل: «طالبت كذلك بالالتزام بـ DMF أثناء استيراد المواد الخام إذ تم الاتفاق سابقا على ذلك».
وأشار إلى أن تعجبه من خلو تشكيل المجلس الأعلى من ممثلى المجتمع المدنى وكذلك من الصيادلة، فالخبير الأول فى الدواء هو الصيدلى، وقال: «طالبت بسرعة إقرار قانون التجارب السريرية مما سيدعم GMP ، وسينعكس إيجابا على التصنيع والتصدير، وبالنسبة للمناقشات فطالبت معظمها بإلغاء مقترح المجلس الأعلى للدواء لما قد يتسبب فى بيروقراطية معطلة ولمزيد من الاستقلالية للهيئة وكذلك وجود اختلافات فى تفسير المواد، ويجب تقليص البنود ومحتواها وشرح التفضيلات فى اللائحة التنفيذية، وكان هناك بعض النقاط الخلافية فى تحديد الولاية للمنتجات البيطرية والأعلاف ومع الجهات الأخرى كوزارة الزراعة .
وأضاف عزالعرب أنه خلال العشرين سنة الماضية الأخيرة من نقص متكرر للأدوية خاصة الحيوية والأمراض المزمنة ووجود التشوهات السعرية الكبيرة بين المثائل وغلاء السعر لأصناف كثيرة رغم انخفاض سعر المادة الخام عالميا ومعوقات التشغيل والإنتاج لشركات الأدوية الصغيرة والمتوسطة وتدنى دور شركات قطاع الأعمال المهين، فمن غير المعقول أن يكون مشاركة الـ8 شركات فى السوق المحلية حوالى 6% فقط بعد أن كانت تغطى 80% منذ 35 سنة، ورقم صادراتها الهزيل فى العام المنصرم 248 مليون جنيه أى حوالى 16 مليون دولار.
وبيّن أن ذلك يأتى بجانب المشاكل الضخمة التى تواجه الصيدليات أكثر من 70 ألف صيدلية مسجلة و55 ألف صيدلية عاملة بالفعل منها مشاكل مرتجعات الأدوية ودخلاء المهنة وانتشار السلاسل بشكل مبالغ فيه، وما تمثله من مخالفات عديدة منها الأدوية المهربة والممارسات الاحتكارية، وتزايد سوق الأدوية المغشوشة وغيرها الكثير والكثير من المشاكل المعلومة خاصة للمتخصصين، ومن هنا بدأت محاولة استصدار قانون هيئة الدواء العليا قبل عام لذا الأمل يحذونا جميعا لسرعة الانتهاء من القانون المعروض بعد تنقيته والأخذ بما تم مناقشته.
أما الدكتور مصطفى الوكيل وكيل نقابة الصيادلة فقال إن «الهيئة المصرية للدواء حلم طال انتظاره، فمنذ سنوات قمنا بإعادة صياغة وتعديل مشروع قانون الهيئة العليا للدواء، ولمدة شهور طويلة، واشترك معنا فى الصياغة قامات مهنية فى مجالات مختلفة، وانتهينا من الشكل النهائى للقانون».
وأشار إلى أنه تم تدشين مشروع القانون فى مؤتمر ضخم حضره ما يقرب من 100 نائب بالبرلمان وقيادات وزملاء من كافة الجهات وتم التقدم بالقانون لمجلس النواب من خلال أحد النواب الصيادلة، ووقع عليه أكثر من سدس أعضاء البرلمان، ولكن فجأة تم تجميد مشروع القانون، وتقدمت الحكومة حاليا بمشروع قانون مقارب لما قمنا بصياغته ولكن بمسمى جديد وهيكل غريب تتضارب بعض مواده مع غيرها ومع بعض القوانين الأخرى، وتمت إضافة بعض المحاور أفقدته ميزته كقانون ننتظره ليعيد مصر على خارطة الدول المتقدمة فى قطاع الدواء.
وأضاف الوكيل أنه تمت إضافة هيكل غريب لما يسمى بالمجلس الأعلى للدواء يحتوى على 13 وزيرا ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وكأنها مجاملة من واضعى القانون أصحابها فى غنى عنها، بل تعيق تنفيذ الخطط المنتظرة للقانون، فليس من المعقول تفرغ رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء و13 وزيرا لإدارة هذا الملف، ولكن الجيد فى الأمر أنه تم الاتفاق من حيث المبدأ فى أولى جلسات الاستماع بحذف هذا الجزء من القانون وأيضا تغيير مسمى القانون الذى يحتاج لسطرين لكتابته والعودة للمسمى الذى طرحناه وهو الهيئة المصرية للدواء، وأيضا الاتفاق مبدئيا على أن يرأسها صيدلى بدرجة وزير وهناك أمور أخرى وتعديلات وإضافات تتم مناقشتها مع النواب الصيادلة، ونتمنى أن يخرج القانون كحلم تمنيناه ولا يتحول لكابوس نخشاه.