مافيا دولية تتاجر بوثائق خطية لرؤساء وملوك دول عربية
تم الاستيلاء على المخطوطات بشكل غير شرعى وعرضها على مواقع البيع الإلكترونية
تزوير برقيات على ورق قديم لتسهيل بيعها
خبراء: كنوز قومية تمثل جزءا من هوية المجتمعات ويجب الحفاظ عليها.. إبقاء بعضها سرية لحماية العلاقات بين الشعوب
عصابات أجنبية تقوم بتزوير بعض المخطوطات ونسبها لملوك وأمراء لإحداث وقيعة
المراسلات الخطية بين صدام وزعماء العرب تم الاستيلاء عليها أثناء الغزو الأمريكى
انتشر على مواقع البيع الأجنبية منذ فترة قصيرة بيزنس جديد، وجد مئات الآلاف من الزبائن خاصة أن المنتج المعروض يثير الفضول وحب التملك للأشياء النادرة، وكانت المنتجات عبارة عن وثائق مكتوبة بخط اليد ومزيلة بتوقيع رئيس الدولة وكانت البداية من وثائق تم الاستيلاء عليها بشكل غير شرعى للرئيس الراحل صدام حسين وذلك أثناء غزو العراق.
وتم الحصول على تلك الوثائق التى كتبها بخط يده أثناء الغزو العراقى للكويت، وبعد ذلك بينه وبين رؤساء دول عربية، ورغم أن الدوافع وراء نشر تلك الوثائق والتى لن نتطرق إليها تستهدف فى المقام الأول الوقيعة بين دول أشقاء إلا أنها اتخذت تخفيا فى عباءة عمليات البيع والشراء المجرد من أية أغراض سياسية.
ورصدت «الزمان» بيزنس ظهر على الساحة يتشابه إلى حد كبير مع بيزنس الآثار، وهو الاتجار فى الوثائق الخطية وتزوير بعضها ونسبها إلى رؤساء وملوك وأمراء، وإن كان بعضها عبارة عن مراسلات عادية ولكنها تجد الزبائن الذين يدفعون مئات الآلاف من الدولارات للحصول على تلك الوثائق بغرض جمع الأشياء النادرة، وهى التجارة التى تصدى لها أحد المتابعين لمواقع البيع والشراء عبر الإنترنت وأحد المعارضين بشدة لتلك الثقافة السلبية التى ظهرت السنوات القليلة الماضية.
الدكتور أحمد فودة صاحب مبادرة معًا لحماية التراث العربى، يروى تفاصيل مثيرة عن عمليات بيع الوثائق عبر موقع «ebay»، قائلا إنه عرض وثائق بخط اليد للرئيس الراحل صدام حسين وتم شراء بعضها فيما لا يزال يعرض نفس المواقع وثائق أخرى بغرض البيع، وهو ما دفعنى إلى تتبع تلك الوثائق لمعرفة حقيقة الأمر واكتشاف إن كانت مزيفة من عدمه، وقد توصلت إلى حقيقة مفادها أن بعض الوثائق والتى يتم عرضها فى المتاحف الوطنية بعضها تم تقليده وسرقة الأصلى والتى تباع فيما بعد بمئات الآلاف من الدولارات وربما ملايين على حسب أهميتها، أو يتم تقليدها وبيعها للزبائن على أنها أصلية.
وتابع فودة: فى حالة وثائق الرئيس الراحل صدام حسين فهى وثائق أصلية 100% وتأكدت من ذلك عبر عدة مصادر وللأسف تم الحصول عليها بمعاونة عراقيين قاموا بسلب القصور الرئاسية إبان الغزو الأمريكى للعراق فى 2004، والأزمة ليست فى الوثائق المرسلة من صدام إلى زعماء الدول ،العربية ولكن فى المرسلة من الزعماء إلى صدام خاصة والتى قد تتسبب فى إحراج دولى بسبب المواقف السياسية وربما تقع تلك الوثائق فى يد أحد ما ليستغلها أسوأ استغلال للوقيعة بين الأشقاء العرب، ومن هنا جاءت لى فكرة الحفاظ على التراث العربى وتوعية الشعوب بأهمية الأمر، وأنه لا بديل عن الحفاظ عليها وعرضها فى المتاحف الوطنية لأنها ملك الشعوب فقط وهم من يحددون مصير تلك الوثائق وليس العملاء الأجانب.
فيما أوضح مينا عادل خبير مخطوطات تاريخية، أن عملية بيع المخطوطات على مواقع التواصل الاجتماعى مسألة حديثة ظهرت مع انتشار مواقع البيع والشراء عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى والتى سهلت العملية وجعلتها أشبه بشراء شيء من السوبر ماركت، وبالنسبة للحالة الخاصة بعرض وثائق بخط يد رؤساء وزعماء وملوك فيجب التدقيق هنا فى مسألتين، الأولى أن أغلب تلك الوثائق وإن كانت مرصعة بشعار الدولة فإنها مزيفة وتم تسجيلها على ورق قديم لتبدو وكأنها وثيقة تاريخية، الأمر الثانى أن تلك الوثيقة وفى حال كانت حقيقة وليست مزيفة فإن الحفاظ عليها بنفس أهمية الحفاظ على الآثار لأنها تمثل جزءا من تاريخ دولة ولا بد من حفظها والتأكد من عدم خروجها من الدولة.
وتابع خبير المخطوطات: هناك دور على المتاحف الوطنية يجب أن تمارسه وهو الحفاظ على تلك الوثائق، والتأكد من عرضها على كافة المواطنين، ومنها على سبيل المثال القرارات الملكية والجمهورية الهامة، والتى بدلت مصير الشعوب، وهناك متاحف فى أوروبا نجحت فى توعية طلبة المدارس من خلال تنظيم زيارات لتلك المتاحف وتعريفهم بحقيقة تاريخهم بشكل عملى بعيدًا عن المؤلفات الدراسية.
فيما أكد الخبير الأمنى اللواء مصطفى المنشاوى، أن عصابات دولية تقوم بسرقة تلك الوثائق بمساعدة مواطنين من داخل تلك الدول باعوا ضمائرهم للشيطان مثلما حدث فى مصر إبان أحداث يناير 2011 والاستيلاء على مخطوطات وآثار من المتحف المصرى، فما يتم عرضه على مواقع البيع يعود بعضها للعصور الفرعونية وهناك عشرات النماذج تؤكد صحة كلامى والمواقع موجودة ويمكن الرجوع إليها.
وتابع المنشاوى: مواقع عرض المخطوطات تستهدف ضرب استقرار المنطقة العربية ولكن تغلف المسألة فى قالب البيع والشراء بعد أن يكون تم تسريب صور للوثائق وبيان ما بها من معلومات تضر بالفعل العلاقات بين الدول وبعضها بعضا، وهذا هو الغرض من الموضوع وليس البيع كما يروج، والتصدى لتلك الظاهرة يجب أن يكون بتشديد الحراسة على الوثائق الوطنية والحفاظ عليها وطرح المسموح منها للمواطنين بغرض التثقيف والتوعية، فيما تحجب الوثائق الأخرى التى لا يجوز الكشف عنها.
وعن الأسعار المتداول بها، سعر المخطوطات، يروى حاتم زين أحد رواد مواقع البيع والشراء عبر الإنترنت، قائلا: أهتم بمتابعة كل ما يعرض على المواقع من منتجات ومقارنة الأسعار، وقد رصدت وجود قسم جديد فى بعض المواقع لبيع الأشياء النادرة، وهنا يتم عرض بعض التحف والأنتيكات التى يتم العثور عليها داخل الفيلات القديمة، ولأن بعض تلك الفيلات كان مملوكا لبشوات وبهوات عصر الملكية قبل ثورة يوليو 52، فقد يتم العثور على مراسلات بين أفراد من حاشية الملك وبين أصحاب تلك الفيلات قبل أن يهاجروا خارج مصر، ومن هنا يقوم المالك الجديد للفيلا بعرضها للبيع أو اقتنائها بشكل شخصى.
وتابع: رصدت بنفسى خمس حالات قامت بعرض وثائق بخط يد الملك فاروق ولم تتسن لى الفرصة للتأكد من حقيقتها أو تزويرها.