الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

مصر تشن حربًا تطهيرية شاملة

السيسي
السيسي

طبول الحرب تقرع على رؤوس الإرهابيين والفاسدين

تطهير أرض الفيروز وحملات واسعة لملاحقة المتطرفين.. ونهاية قريبة للخلايا النائمة

الرقابة الإدارية تستعيد المليارات المفقودة من قوت المصريين

 

الحرب فى مصر وضعت أوزارها، فتم توجيه القوة الأمنية اللازمة لتطهير الأراضى الطاهرة من أبناء الجماعات الشيطانية المعروفة بجماعات سفك الدماء، وتنفيذ سلسلة من الضربات الاستباقية التى مكنت أجهزة الأمن من الثأر للوطن ودماء الشهداء الأبرار، وتزامن ذلك مع العمليات الناجحة التى نفذتها أجهزة مكافحة الفساد، بعد توحيد ضرباتها الموجعة التى أسقطت أباطرة الفساد والإفساد، وهذه الأحداث الداخلية تجعلنا نتحدث بلغة التأكيد على استمرار الحرب داخل الأراضى المصرية لإعادة البناء والتعمير، بالإضافة إلى الأحداث التى تشهدها الساحة الدولية والتى تؤرق هى الأخرى حالة الاستقرار المصرى، إذ تؤثر على الحالة الأمنية والاقتصادية الشاملة، فما تعيشه ليبيا من حالة عدم استقرار وارتفاع وتيرة الأحداث الإرهابية يجعل مصر فى حالة استعداد دائم لأى تطورات أمنية –لاقدر الله- كما أن الأحداث التى تعيشها فلسطين هى الأخرى تزيد من حالة الأرق الذى يهدد الاستقرار الأمنى.

«الزمان» تعرض خلال السطور التالية جزءًا من الحرب الضروس التى تخوضها أجهزة الأمن لمواجهة التنظيمات الإرهابية التى حاولت العبث بأمن وسلامة الوطن والمواطنين، بالإضافة إلى تسليط الضوء على معركة اصطياد رؤوس الفساد بالوزارات والهيئات الحكومية، فضلا عن الأحداث الدولية التى تؤزم وتؤرق حالة الاستقرار على أرض الوطن.

 

مصر تحارب الإرهاب

خاضت مصر بأجهزتها الأمنية أهم الحروب التى تشهدها خلال الفترة الحالية والمتمثلة فى المواجهات المتنوعة مع العناصر الإرهابية والجماعات المسلحة، لنشر الأمن والأمان بين ربوع مصر، وبث روح الطمأنينة فى نفوس المواطنين، وقدم أبطال الأجهزة الأمنية أرواحهم ودماءهم فداء للوطن، وتؤكد الأحداث أن مثل هذه الحرب الشرسة لم تنته حتى الآن، ولا يختلف أحد على أن مصر تدخل هذه الحرب نيابة عن العالم، وأن أبطالها سطروا خلال المواجهات الأمنية مع العناصر الإرهابية، البطولات الخالدة فى تاريخ الأوطان.

وفى هذا السياق يقول اللواء مصطفى المنشاوى، الخبير الأمنى إن مصر لا تزال مستمرة فى حربها ضد الإرهاب، وأنه بفضل عملية سيناء الشاملة استطعنا القضاء على الكثير من العناصر الخطيرة التى حاولت إقامة دويلات تنفيذًا لأجندات قطرية وتركية أرادت بمصر وأهلها السوء، ولا يختلف أحد على نجاح العملية الشاملة فى تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية من الأوكار والخنادق والأنفاق ومخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، واكتشاف وضبط وتدمير أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة، والأسلحة، والقنابل، والقضاء على أكثر من 500 إرهابى، وإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الأفراد ما بين عناصر إرهابية وداعمة للإرهاب أو مشتبه فيها بذلك، وعناصر جنائية هاربة من تنفيذ أحكام صادرة عليها.

ويضيف المنشاوى أنه تمت إحالة العناصر الأولى لجهات التحقيق القضائية المسئولة، بينما تم تسليم الأخرى لجهات تنفيذ الأحكام القضائية، كما تم تدمير العديد من الأوكار والمخابئ التى تستخدمها عناصر الإرهاب للاختباء بها وإخفاء أسلحتهم، بالإضافة إلى ما تم من اكتشاف وتدمير أكثر من 1200 عبوة ناسفة وأكثر من 1086 عربة و1000 دراجة نارية و420 مزرعة للنباتات المخدرة و120 طنا من المواد المخدرة و25 مليون قرص مخدر، فضلا عن اكتشاف وتدمير أكثر من 16 فتحة نفق على الشريط الحدودى بشمال سيناء، مشيرا إلى حجم النجاحات التى حققتها الأجهزة الأمنية فى الحد من محاولات التسلل والهجرة غير الشرعية.

ويشير المنشاوى إلى أنه على مدار عشرة أشهر منذ بدء العملية العسكرية الشاملة سيناء 2018 تمكنت القوات المسلحة من تحقيق العديد من الأهداف الإستراتيجية، إذ تمكنت العملية الشاملة من استهداف العديد من قيادات الصف الأول والثانى بتنظيم بيت المقدس «ولاية سيناء» الإرهابى منذ فبراير 2018، موضحا أن آخر نجاحاتها تمثلت فى القضاء على قائد التنظيم أبوأسامة المصرى، والعديد من قيادات الصف الأول منهم خيرت سامى السبكى المسئول الإدارى بتنظيم بيت المقدس، والإرهابى محمد جمال مسئول الهيئة الإعلامية للتنظيم، والإرهابى إسلام وئام، مسئول جهاز الحسبة، بجانب العديد من العناصر الإرهابية بالتنظيم، وهو ما أثر بشكل مباشر على بنية التنظيم الإرهابى من حيث الفاعلية والقدرة على تنفيذ عمليات إرهابية.

 

لقاءات تعريفية بمخاطر الإرهاب

ويطالب اللواء عمرو الزيات، الخبير الأمنى، منظمات المجتمع المدنى والإعلام بعقد اللقاءات التعريفية بمخاطر الإرهاب الذى تواجهه الدولة، إذ إن العمليات الإرهابية تنعكس على اقتصاديات الدولة وخاصة مجال السياحة.

ويشير الزيات إلى أن هدم أى دولة يبدأ من محاربة القوى التى تحميها وهى «الجيش والشرطة»، وهو ما فعلته الجماعة الإرهابية عندما حاولت إجهاد جهاز الشرطة فى 25 يناير، وما جاء بعدها من أحداث متلاحقة حتى الوصول إلى يوم 28 يناير 2011، واستغلت الجماعات الإرهابية خروج الضباط والأفراد من المواقع الشرطية لحماية المتظاهرين فى الميادين بالمحافظات وقاموا بإحراق أقسام ومراكز الشرطة، بالإضافة إلى فتح السجون وتهريب المساجين، وهو ما كان له آثاره السيئة فى نفوس رجال الشرطة.

ويحذر الزيات من اللجان الإلكترونية الإخوانية والتى تقوم ببث سمومها نحو الشعب المصرى، مشيرا إلى ضرورة مواجهة الشائعات الإخوانية القذرة، من خلال الإعلام المصرى القادر على ذلك، مطالبا المواطن بعدم الالتفات لها أيضا.

 

مصر تحارب الفساد

ولأن الفساد لا يقل خطورة عن الإرهاب، كانت لأجهزة الدولة العديد من الضربات الموجعة التى تم توجيهها للعناصر الفاسدة فى المجتمع بمختلف القطاعات الخاصة والعامة والحكومية، إذ قامت هيئة الرقابة الإدارية بتقسيم مؤسسات الدولة إلى قطاعات، وانطلقت بشكل فورى ومتزامن داخل كافة تلك القطاعات فى آن واحد، للكشف عن أوجه الفساد بها، والعمل على إعادة مئات الملايين المهدرة من أموال الدولة إلى خزائنها مرة أخرى، واستغلالها فى تقديم المزيد من الخدمات للمواطن البسيط.

وشملت الحملات التفتيش على الأسواق والمستشفيات والجمعيات الزراعية وصوامع وشون القمح ومحطات الوقود ومياه الشرب والصرف الصحى والمدارس والوحدات المحلية، بجانب توجيه ضربات قاصمة لمكافحة جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ فى كافة المواقع الوظيفية، إذ نجح رجال الهيئة فى ضبط 111 قضية، وأسفرت ضرباتها وحملاتها عن الحفاظ واستعادة ممتلكات وأصول وأموال الدولة المنهوبة بإجمالى مبلغ أكثر من 2 مليار جنيه و500 مليون جنيه، فضلا عن ضبط قضايا رشاوى قدرت بالملايين.

ومن أبرز الجرائم التى ضبطتها الرقابة إسقاط 6 من المتورطين فى محاولة تهريب 30 طن أدوية مدعمة عبر ميناء العين السخنة بالسويس، داخل حاوية خاصة بتصدير أدوات منزلية، منهم مسئولون بشركات أدوية، كما تم ضبط مدير المشتريات بوزارة التخطيط عقب تقاضيه مليونا و300 ألف جنيه رشوة من إحدى الشركات الموردة لأجهزة حاسبات آلية ومعدات إلكترونية وكابلات لوزارة التخطيط، مقابل تسريب معلومات عن عروض الشركات المنافسة، وتسهيل صرف المستخلصات المالية، والتى تزيد قيمتها على 100 مليون جنيه، كما ألقت القبض على مواطن ادعى انتماءه لأسرة رئيس الجمهورية واستولى على مبلغ 56 مليون جنيه، من رجل أعمال بدعوى تسليمها كتبرعات لصالح المشروعات القومية.

 

تركيا تدعم الإرهاب

الحرب التى تعيشها مصر، لم تكن السبب الرئيسى فيها أحداث محلية داخلية فقط، لكنها امتدت إلى أحداث عالمية ودولية بعدما اتخذت بعض الدول الأجنبية والمعادية للاستقرار من بعض الدول العربية مسرحا لإدارة جرائمها وسفك دماء العرب، وهو ما يصيب الأمن فى مصر بحالة من الاضطرابات المستمرة، فبين ليبيا وفلسطين والتدخلات التركية وزرعها للإرهاب بالأراضى العربية تزداد مدة الحرب المصرية ضد الإرهاب الدولى الذى صنعه أعداء الاستقرار.

وتركيا التى تتشدق دائما بإنسانيتها بين الشعوب، بدت سوءاتها أمام المجتمع المدنى، وانكشف أمرها بين الدول الأخرى، وسقطت عنها الأقنعة، وأدرك العالم جرائمها التى ارتفعت خسائرها فى الكثير من بلدان العالم، وأهمل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، حالة الانقسامات التى تعيشها بلاده ومارس هوايته للتدخل فى الشأن الداخلى للأوطان، وأدخل الدواعش إلى الأراضى الليبية، وارتفعت حدة الموقف بين تركيا وليبيا، وعزز ذلك إعلان الجيش الوطنى الليبى استهداف طائرة مسيرة تركية فى طرابلس، كانت تستعد لتنفيذ غارات على مواقع تابعة له، ولأن الموقف لا يؤثر على ليبيا وحدها لكن أحداثه تمتد إلى الأراضى المصرية، إذ إن حالة التوتر تؤثر على الحدود المصرية الليبية فى الوقت الذى تؤدى مصر دورها الأعظم فى الحرب ضد الإرهاب .

وجاءت تصريحات المتحدث باسم الجيش الليبى، اللواء أحمد المسمارى، فى هذا الإطار لتأكيد ذلك، قائلا إن الجيش يخوض معركة حقيقية مع تركيا على الأرض، وتزامن مع ذلك تداول أنباء تفيد بأن أنقرة تعمل حاليا على نقل عناصر من تنظيم داعش من سوريا إلى ليبيا، إذ نشرت جهات ليبية أن شحنة المدرعات التى تم الإعلان عن وصولها إلى المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق كانت للتغطية فقط على الشحنة الحقيقية، التى أكد أنها تتمثل فى أعداد كبيرة من عناصر التنظيمات الإرهابية التى نقلتها تركيا من سوريا إلى ليبيا، بالإضافة إلى كميات من الأسلحة الأخرى والذخائر، قدمتها تركيا كدعم للمجموعات المسلحة فى العاصمة الليبية طرابلس، كاشفا عن وجود رحلات جوية مباشرة من تركيا إلى مصراتة لنقل عناصر مسلحة من «جبهة النصرة» ممن قاتلوا فى سوريا.

ويتجه بعض خبراء الشأن الليبى إلى أن قيام أردوغان بنقل الدواعش إلى ليبيا، يأتى فى إطار خطته الممنهجة التى يسعى بها لإنقاذ أتباعه ورجاله من جماعة الإخوان الإرهابية، من مخاطر المواجهات مع الجيش الليبى، مشيرين إلى أنه يلتزم بتدعيمهم بالعتاد والمسلحين عبر الأراضى التونسية، موضحين أن خطة أردوغان لإرسال الدواعش إلى ليبيا، يستهدف بها محاولة توطين «العناصر الإرهابية»، فى الأراضى الليبية وتمكينها من إعادة تنظيم صفوفها من جديد.

وعلى الرغم من أن المشهد العام يفضح النظام الأردوغانى أمام الرأى العام الدولى، إلا أن أردوغان، أطلق حملات ترويجية لتحسين صورته والدفاع عنه أمام الشعوب الأخرى، إذ خرج سفير تركيا بتونس، بتصريحاته التى استهدف فيها تبرئة بلاده، ونفى ما تردد بأن بلاده تنقل الدواعش من سوريا إلى طرابلس، مشيرا إلى أن بلاده لا علاقة لها بالأحداث الإرهابية وأن بلاده تواجه حملات لتشويه سمعتها، وهذه التصريحات لا أساس لها من الصحة، وهدد السفير التركى بعض وسائل الإعلام التونسية التى نشرت الخبر.

من جانبه يؤكد طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، أن الوجود التركى فى ليبيا ليس جديدا، مشيرا إلى أنه يمر بمراحل صعود وهبوط وفقا لطبيعة تطورات الأوضاع فى ليبيا، والتى تشهد حالة من التجاذب والتباين الحاد بين طرفى النزاع متمثلة فى حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فايز السراج، والجيش الوطنى الليبى برئاسة المشير خليفة حفتر على الجانب الآخر، موضحا أن الأوضاع تأخذ مسارات جديدة مرتبطة بعدم وجود أى خيارات سياسية مطروحة فى هذا التوقيت.

ويضيف فهمى، أن الجانب التركى يعيد بناء تواجده فى الأراضى الليبية عن طريق دعم المجموعات التابعة للسراج، كرد فعل لمحاولات حفتر للتقدم على الأراضى الليبية، مشيرا إلى أن أنقرة باتت تبحث عن سبل جديدة للتدخل فى الشأن الليبى، موضحا أن هذا لا يقتصر على التمويل فقط.

ويكشف فهمى أن النظام التركى اتجه إلى هذا الأمر لإيجاد نقاط قوة جديدة بعد خسارة العديد من الملفات الإقليمية بالمنطقة، والدخول فى العديد من التجاذبات مع دول المنطقة وعلى رأسها مصر سواء على الجانب السياسى والاقتصادى، خاصة فيما يتعلق بمسألة غاز شرق المتوسط، مشددا على أن تصعيد تواجد تركيا فى الملف الليبى يأتى ضمن مناكفة الدولة المصرية كذلك.

ويشير إلى أن المخطط التركى يشمل استخدام إستراتيجية جديدة فى ليبيا من خلال الدعم عن بعد ممثلة فى العمليات الاستخباراتية، بالإضافة إلى الدعم عن قرب للتنظيمات الإرهابية، كما أنها لا تتوقف على نقل عناصر داعش، من سوريا إلى ليبيا، لكنها تشمل التعامل مع التنظيمات الإرهابية بما يخدم أهدافها خاصة أن أعدادا كبيرة انتقلت بالفعل من التنظيم فى سوريا إلى سرت فى وقت سابق، ولم يتم رصد وقائع واضحة حتى الآن بخصوص عمليات النقل.

 

اضطرابات القدس تنتقل إلى الأراضى المصرية

وفيما يخص الأحداث المؤلمة التى تشهدها الأراضى الفلسطينية، فإنها تمثل أسبابا واضحة فى ظهور بعض الاضطرابات على الساحة المصرية، إذ إن القضية الفلسطينية لا يمكن فصلها عن مصر، بالإضافة إلى أن مصر على مدار التاريخ تمثل القناة الشرعية لمناقشة قضية القدس، وعلى الرغم من أن سرد الأحداث التى تشهدها ساحة المواجهات فتجد فلسطين ملتزمة بالبنود التى يتم الاتفاق عليها خلال الاتفاقيات الدولية أملا فى أن يتم التوصل إلى الحلول الواجبة دون مواجهات مسلحة وغير متكافئة بين القذائف وحبات الحصى والطوب، إلا أن إسرائيل لا تلتزم بل وتجاهر وتتباهى بمخالفة الاتفاقيات ونقض الوعود الدولية، فبينما تم الاتفاق خلال مباحثات وعقود تهدئة الأوضاع بين الجانبين وتم الاتفاق على عدم استخدام الرصاص الحى، تجاهلت ذلك وألقت بالاتفاق عرض الحائط، إذ أطلقت النار بكثافة نحو الفلسطينيين خلال إحدى المظاهرات التى شهدتها الأيام القليلة المنتهية، وسقط خلالها نحو 40 مواطنا بجروح مختلفة.

ويتفق بعض خبراء الشأن الفلسطينى، على أن الشعب الفلسطينى يثبت أنه الأجدر على إفساد المؤامرات التى تعدها له القوى المعادية، مشيرين إلى أن الشعب سيواصل الاعتصامات والمظاهرات لإفشال «صفقة القرن»، مشيرين إلى ضرورة التوحد وتكوين رؤية وطنية تجمع أبناء فلسطين لمواجهة الإسرائيليين.

 

إيران تلعب بالنار

ما زالت إيران تبحث عن مزيد من الأزمات لها وجيرانها، فبدلا من أن تسعى لتهدئة الأوضاع والكف عن حالة اللاوعى التى ستجنى أزماتها الكثير من الدول التى تجمعها بها علاقات أو تجمعها بأمريكا، كما أن موقفها الرافض لتهدئة الأوضاع يجعل التساؤلات تتزايد فى الوقت الذى يؤكد بعض الخبراء أن إيران صنيعة أمريكية، ولا أحد يمكنه تفسير الأوضاع المتأزمة حاليا بينهما، أو التأكيد بأنها حقيقة أم أنه متفق عليها لتحقيق مصالح مشتركة بين البلدين، وأيا كانت الحقيقة فإن الجميع أسلم بأنه بات من المؤكد أن يشهد المجتمع الدولى أزمات متتالية بسبب سياسات إيران التى لن تنتهى إلا بالكوارث، وتسبب قرار إيران فى تحدى المجتمع الدولى والولايات المتحدة، إلى رفع نسبة تخصيب اليورانيوم على الحد المنصوص عليه فى الاتفاق النووى المبرم عام 2015، وتعميق المخاوف بين الإيرانيين من أن تظل بلادهم بحالة الأزمة فى الأمد البعيد.

لم يكن الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى وإعادة فرض العقوبات على إيران فى إطار حملة تقودها الإدارة الأمريكية لإرغام حكام طهران على الانصياع للقرارات الدولية كافيًا، ولا يزال النظام الإيرانى مصرًا على سياساته الاستفزازية والتى تثير القلق وتنشر المزيد من التهديدات بالمنطقة.

وكان الرئيس الأمريكى ترامب، أمر الشهر الماضى بتوجيه عدة ضربات جوية لإيران ثم تراجع عنها فى اللحظات الأخيرة، مشددًا على ضرورة أن يتوخى قادة إيران الحذر، إذ جاء ذلك بهدف وقف صادراتها النفطية وإرغامها على انتهاج سياسة تتوافق مع المقررات الدولية، إلا أن النظام الإيرانى يصر على مواصلة نهجه المتذبذب للمنطقة غير مبال بشعبه الذى يئن تحت وطأة إدارته، حتى أوصله إلى وضع اقتصادى مخزٍ، ونتيجة لذلك فإن الساحة الدولية تشهد حالة من القلق الشديد تزامنا مع انتهاء مهلة الـ60  يوما التى منحتها إيران لباقى الدول الأعضاء فى الاتفاق النووى من أجل تقديم حلول لإنقاذها من براثن الرئيس الأمريكى ترامب، الأمر الذى جعلها تقرر رفع نسب تخصيب اليورانيوم المتفق عليها مع أطراف الاتفاق بنسبة ستتجاوز3.67%.

وقبل توقيع الاتفاق النووى كانت إيران تمتلك مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب، وحوالى 20 ألفا من أجهزة الطرد المركزى، الأمر الذى كان كافيًا لإنتاج ما يتراوح بين 8 و10 قنابل نووية، بحسب تقديرات البيت الأبيض، وهو ما جعل إيران تبلغ الاتحاد الأوروبى بتفاصيل ثانى خطوات مسار خفض الالتزام بتعهدات الاتفاق النووى فى تحدٍ للضغوط الأمريكية، نافية «انتهاك» الاتفاق النووى، وعلى الرغم من إصدارها القرار إلا أن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجى، أعرب عن استعداد طهران للجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة فى حال تراجعت عن العقوبات، موضحا أنه يتم الإعداد لعقد اجتماع بين أطراف الاتفاق النووى على مستوى وزراء الخارجية لبحث تنفيذه وليس إعادة التفاوض حول البرنامج النووى الإيرانى، مطالبا الأوروبيين بتعويض انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى فى 11 مجالا.

من جانبها، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران تخطت الحد الأقصى المسموح به لها من مخزون اليورانيوم المخصب، والمنصوص عليه فى الاتفاق النووى.

وفى سياق متصل قام عدد من الخبراء الأمريكان بالتأكيد أنه فى حال قررت إيران إنتاج سلاح نووى سيكون أمامها شهران أو 3 أشهر فقط للحصول على كمية كافية من اليورانيوم المخصب بحدود 90%، وهى الكمية اللازمة لإنتاج القنبلة، وبعد 2015، وبموجب اتفاق وقعته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى وهى «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا»، بالإضافة إلى ألمانيا، كان لزاما على إيران بيع فائض اليورانيوم المخصب لديها إلى الخارج، بدلا من الاحتفاظ به.

وأجاز الاتفاق النووى تصدير اليورانيوم المخصب لمنع ارتفاع المخزون الإيرانى منه عن القدر المسموح، وهو 300 كيلو جرام، وبحسب الاتفاق، قررت إيران تخفيض مخزونها من اليورانيوم إلى نحو 98% إلى 300 كيلوجرام لمدة 15 عاما، والتزمت بمستوى تخصيب بحدود 3.67%.

وفيما يتعلق بموقف الصين، قالت إن استقواء الولايات المتحدة هو السبب الرئيسى وراء تصعيد الأزمة النووية الإيرانية، بعد إعلان طهران تأهبها للتخلى عن الحد المسموح به فى تخصيب اليورانيوم.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن السبب الأساسى للأزمة النووية الإيرانية هو الضغط الشديد الذى مارسته الولايات المتحدة على إيران.

كما أعربت الوزارة عن أسف بكين لقرار إيران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم بما يتخطى الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووى، وأكدت أن حل المسألة النووية الإيرانية ينبغى أن يتم بالطرق الدبلوماسية، ودعت كل الأطراف إلى ضبط النفس.

وكان وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو سبق ترامب فى التنديد بالموقف الإيرانى، قائلا إن طهران ستواجه مزيدا من العقوبات والعزلة، ودعت بريطانيا إلى إلغاء القرار الإيرانى برفع نسبة التخصيب فوراً، واتهمتها فرنسا بخرق الاتفاق الموقع معها.

كما حث الاتحاد الأوروبى إيران، على وقف الأعمال التى تخالف الاتفاق النووى الموقع معها، وقال إنه على تواصل مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق، وقد يؤسس لجنة مشتركة لبحث القضية.

وشددت وزارة الخارجية البريطانية على التزامها بالاتفاق على الرغم من أن إيران قد خرقت شروط الاتفاق النووى، وطالبت طهران بوقف أنشطتها، وأعربت ألمانيا عن قلقها، وحثت هى الأخرى إيران على عدم اتخاذ أى خطوات أخرى تعرض الاتفاق للخطر.

وجاء الرفض الأمريكى الغربى للالتزام بالاتفاق النووى مستندًا إلى سلوك إيران فى منطقة الشرق الأوسط واستمرارها فى تنمية القوة الصاروخية التى تملكها، وهذا ما يزعج واشنطن بالفعل لكن الاتفاق النووى لم يتطرق لهذه البنود الأمر الذى دفعها للانسحاب بشكل واضح منذ البداية مطالبةً بإعادة التفاوض حول بنود أخرى.

وأكدت مصادر دبلوماسية أن استمرار النظام الإيرانى فى التعنت واتباع السياسة نفسها، سيدفع بالمجتمع الدولى لتغليظ عقوباته التى - مع الأسف الشديد- يدفع ثمنها الشعب الإيرانى وحده.

ورأى عدد من الخبراء، حول هذا الشأن أن التصعيد النووى الإيرانى لن يكون فى صالحها، بل سيدفع مزيدا من الدول إلى الاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة ضدها.

من جانبه يرى الخبير السعودى فى الشأن الإيرانى، عبدالرحمن الطريرى، أن إستراتيجية إيران فى التصعيد النووى، تدفع مزيدًا من الدول للاصطفاف مع الولايات المتحدة والابتعاد عن المنطقة الرمادية، وهو ما ظهر بالفعل من تصريحات المرشحين الأقرب لشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا، وما أكده احتجاز البحرية البريطانية فى مضيق جبل طارق لناقلة نفط إيرانية متجهة إلى سوريا.

ويوضح الطريرى أن إيران تدرك جيدا الحدود التى قد تدعمها بها الدول الأقرب وهى «روسيا والصين»، إذ إن روسيا صرحت بوضوح بأنها ليست إطفائى المنطقة، كما أنها أوضحت للإيرانيين عدم القبول بمساس أمن إسرائيل، ما يؤكد على أن يد إيران مكبلة فى استخدام ورقة حزب الله، كما أن المفاوضات على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بوساطة أمريكية، التى يقودها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، ما هى إلا تأكيد على رغبة حزب الله فى تجنب أى مواجهة مع إسرائيل.

ويستنكر محمد المذحجى، الخبير فى الشأن الإيرانى، التصعيد الإيرانى فى منطقة الخليج، موضحًا أن بريطانيا أعلنت انخراطها فى أى حرب غير مقصودة مع الولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الخليج، إذ إن بريطانيا تريد أن تكون لها علاقات مميزة مع واشنطن بشكل ملموس.

ويضيف المذحجى أن وزير الخارجية البريطانى أطلق تصريحات بأن بريطانيا ستدعم أمريكا فى أى حرب من الممكن أن تشهدها منطقة الخليج بسبب سياسات إيران العدائية، بعدما أيقنت لندن أن طهران لا تُريد التعامل معها.

ويشير المذحجى إلى أن هذه التصريحات خرجت من وزير الخارجية البريطانى بعد زيارة مساعد وزير الخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط لإيران، ولم يتم استقباله بشكل جيد، ما اعتبره وزير الخارجية البريطانى إساءة دبلوماسية له.

ويضيف أن هناك تقاربا فى وجهات النظر بين الرئيس الأمريكى ترامب، والقيادة السياسية فى لندن، وهو ما ظهر واضحًا خلال زيارة ترامب الأخيرة للندن، مؤكدًا أن إقدام ترامب على توجيه ضربات لإيران كان فخًا من بعض معارضيه، ولكن ترامب فضل الابتعاد عن هذا الفخ.

وتضيف الخبيرة الإماراتية نورا المطيرى، أن روسيا والصين، أمام المجتمع الدولى، وشعوب المنطقة، ملزمتان بإيجاد حل بديل، يمنع انتهاك إيران لتعهداتها، حسب الاتفاق، بعدم امتلاك السلاح النووى والحد من أنشطتها النووية، ولكنهما فى الوقت ذاته، غير قادرتين، على تقديم ضمانات، تُرفع بموجبها العقوبات الدولية عن طهران، ما يعنى أنهما ستكتفيان بإطلاق التصريحات المحشوة بوجهين أحدهما ساخن، والآخر بارد.

ويوضح الخبير عبدالرحمن الراشد، أن فرض الحصار سيدفع إيران إلى العناد والتهديد والعودة إلى التخصيب، وندرك أنها ستفعل وتخسر باقى الدول الموقعة على الاتفاق النووى الشامل وستضطر إلى الوقوف ضدها، موضحًا أن هذا ما حدث بالضبط، فبدلا من أن تفاوض إيران، تمادت فى التحدى معلنة خرق الاتفاق، لترد الدول الأوروبية والصين وروسيا بالاستنكار، وهو ما يجعل دول الاتحاد الأوروبى مضطرة إلى مشاركة أمريكا فى فرض العقوبات على إيران.

ويؤكد خالد الزعتر، المحلل السياسى السعودى، أن العلاقة بين إيران والاتحاد الأوروبى، وصلت إلى مرحلة اللا عودة، لافتًا إلى أن رفع تخصيب اليورانيوم يجب أن يقابل بانسحاب أوروبى من الاتفاق النووى، إذا استمرت الدول الأوروبية بالالتزام فهذا يعنى أنها لم تقرأ جيدا العقلية الإيرانية، وتعتقد أنه بالإمكان أن يحترم النظام الإيرانى المعاهدات والاتفاقيات.

ويوضح الزعتر أن الخطوة الإيرانية برفع تخصيب اليورانيوم وخرق الاتفاق النووى، بمثابة «انتحار سياسى»، وتعكس حالة الإفلاس لدى النظام الإيرانى الذى لا يمتلك أى أوراق سوى التلويح بورقة «الاتفاق النووى»  للضغط على الدول الأوروبية لتخفيف الضغط الاقتصادى عنه ، والذى سيكون هو الخاسر الأكبر فى حال الانسحاب .

 

click here click here click here nawy nawy nawy