رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية ل أ ش أ: سباق التسلح النووي في المنطقة سيكون مدمرا على الجميع
حذر رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان دول المنطقة من خطر الانزلاق لسباق التسلح النووي لأنه سيكون مدمرا على الجميع كما أنه ليس في مصلحة أحد ، قائلا "إنه يتعين على الجميع الجلوس إلى طاولة الحوار لوقف هذا السباق لأنه يشكل تهديدا لوجودنا ولحضارتنا".
ودعا طوقان - في مقابلة مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط في عمان – دول المنطقة إلى ضرورة العمل من أجل تنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مصدر واحد أو مصدرين ؛ لأن ذلك يجعلها عرضة للاستهداف وبسهولة مثلما حصل في الأردن عندما انقطع النفط العراقي بعد احتلال العراق والغاز المصري بعد الثورة وهو ما دفعه للدخول بتقنيات جديدة إلى طاقة الشمس والرياح والطاقة النووية.
ووصف التعاون العربي - العربي في هذا المجال بأنه "ضعيف" نظرا لانشغال بعض من الدول العربية بمعالجة مشاكلها وتحدياتها اليومية من مياه وغذاء وطاقة .. قائلا "إننا لاحظنا أن مصر بدأت تأخذ مسارا نحو الطاقة النووية السلمية والسعودية كذلك ، وهناك تعاون أردني مع كلا البلدين حيث وقع الأردن مع السعودية مذكرة تفاهم في مجال الطاقة النووية وسيتم توقيع مذكرة تفاهم أخرى مع مصر قريبا".
وعما إذا كانت عصابة (داعش) الإرهابية ستشكل تهديدا على أي مشروعات مستقبلية في مجال الطاقة النووية السلمية بالمنطقة .. أجاب طوقان "يجب ألا نبالغ في قدرات داعش ؛ لذا فإن عجلة التنمية يجب أن تستمر في الدوران في بلداننا العربية ، هذه الفتن يجب ألا تثنينا أو تحرفنا عن رؤيتنا الاستراتيجية البعيدة التي يجب أن تتقدم إلى الأمام".
وأضاف "إن وجود داعش يجب ألا يحرفنا عن التطور العالمي في مجال الطاقة الذي يجب أن ننتقل إليه ، يتعين علينا عدم الوقوع في نفس الفخ وفي المتاهات الماضية ، لقد انحرفنا في أحيان كثيرة عن طريق التطور والتقدم".
وشدد على ضرورة زيادة التعاون العربي في هذا المجال لتذليل التحديات الموجودة سواء من الناحية الفنية التقنية أو السياسية خاصة وأن هناك قوى عالمية وبعض القوى الغربية المتنفذة أخذت خطا ضد التطور العلمي والتكنولوجي في العالم العربي وتحاول احتكار الطاقة النووية وإبقائها على إسرائيل ومن ثم إيران وبالتالي أصبح العالم العربي على الهامش.
وقال طوقان "لو تضافرت جهود الدول العربية وشكلت كتلة واحدة سيمكنها ذلك من تحقيق مصالحها والوقوف بوجه أي تهديد أو أي معوق تضعه بعض القوى العالمية لمنعها من الدخول لهذا المضمار" ..لافتا إلى أن التعاون العربي في البداية كان ضعيفا إلا أن هناك بعض الدول بدأت تدرك أن مصلحتها في التكتل وفي اتخاذ موقف سياسي موحد بالنسبة للقضايا المحورية وعلى رأسها قضية الاحتفاظ بكل الحقوق العربية تحت اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية ومن ناحية التحديات الفنية والتقنية للدخول في تقنيات مشتركة .
وردا على سؤال كيف يمكن جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في ظل امتلاك إسرائيل له ؟.. أجاب طوقان إن هذا الموضوع في غاية الأهمية ويجب أن يناقش على أعلى المستويات السياسية وعلى صعيد مجلس الأمن الدولي ومن خلال عقد مؤتمر دولي تشارك فيه الدول الخمس الكبرى النووية وتؤكد فيه الدول العربية رفضها لازدواجية المعايير.
وقال "يجب أن تكون المطالبات على مستوى القيادات في المنطقة بوضع خطة واضحة بالنسبة للانتشار النووي في الشرق الأوسط بالنسبة للاستخدام السلمي أو حظر الأسلحة النووية وأن تدخل الدول العربية بقوة في هذا المضمار ككتلة موحدة وإلا ستهضم حقوقها وتضيع في خضم المحيط ، وأن تطبق المعايير على الجميع دون استثناء لأحد".
وأضاف "يجب أن يتم نزع السلاح النووي من الجميع وأن تطبق نفس المعايير عندما يتعلق الأمر باستخدام الطاقة النووية السلمية" ..رافضا المعيار الذهبي الذي تطبقه الولايات المتحدة على الدول العربية في هذا المجال والذي يستهدف حرمانها من حقوقها .. قائلا "إن هذا الأمر مرفوض لمصلحة السلم والأمن العالمي ولمصلحة دول المنطقة".
وحول التقرير الإسرائيلي الذي تحدث مؤخرا عن وجود 1537 خللا في القلب المعدني لمفاعل ديمونة والتداعيات التي ستترتب على ذلك ؟..أجاب طوقان إن برنامج إسرائيل النووي محاط بالسرية والكتمان والتمويه وقلة المعلومات حتى بالنسبة لحلفائها الغربيين وحتى بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، قائلا "إذا كان هذا التقرير صحيح فإن ذلك يستدعي تدخل الأسرة الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقيق في كل ما يقال لأنه أمر في منتهى الخطورة وهذا مدعاة لأن تقتح كل الدول منشآتها بكل وضوح أمام المفتشين الدوليين والوكالة وأن تطبق المعايير على الجميع".
وفيما يتعلق ببرنامج إيران النووي .. اعتبر رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية أن الصفقة التي أبرمت مع إيران (5 +1) محكومة بضوابط وليس بالأمر السهل أن تنطلق للسلاح النووي ؛ لأنه تم تفكيك معظم أجهزة التخصيب الموجودة لديها وباتت 6 آلاف بدلا من 19 ألفا وتم تفكيك بعض وحدات مفاعل (آراك) لإنتاج البلوتونيوم .. مشيرا إلى أن الغرب لم ولن يتساهل ولم يترك الباب مفتوحا بل دخل على منشآت حساسة مثل وحدات التخصيب كما أنه غير تصميم المفاعل.
وقال "إن المعرفة باتت موجودة لدى إيران لكن الاتفاقية قيدتها ، وإذا ما أخلت بها فإنها ستدفع ثمنا باهظا علاوة على الملايين التي خسرتها"..مؤكدا أن الغرب يراهن على وجود تغير جذري في العقلية الإيرانية خلال السنوات العشر القادمة لأن الجميع لا يريد أسلحة نووية في المنطقة وعلى رأسهم الروس.
وعن التدخل الإيراني في الشئون العربية..أجاب رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية "ليس من مصلحة إيران والنظام الإيراني التدخل في الشئون العربية لكن يجب أن لا نلومها بل نلوم أنفسنا على ضعفنا" ..مضيفا "إن الشعب الإيراني جار لنا منذ آلاف السنين ويجب أن نتعايش سويا معه".
وحول التعاون المصري الأردني في مجال الطاقة النووية .. أعلن طوقان أن الجانبين سيوقعان في سبتمبر القادم على هامش اجتماعات وكالة الطاقة الذرية مذكرة تفاهم تؤسس لتعاون علمي وثيق بين البلدين في المجال النووي والتعاون في استغلال ثروات اليورانيوم وإجراء البحوث واستخدام المفاعلات البحثية وتبادل المعلومات والخبرات في مجال بناء المحطات النووية خاصة وأن مصر تتطلع للتكنولوجيا الروسية وهو ما يعزز التعاون العلمي والفني بين القاهرة وعمان.
وعن برنامج الأردن النووي السلمي .. أفاد طوقان بأن الأردن دخل العصر النووي من خلال المفاعل البحثي الذي وصل لمرحلة الحراجة في 25 أبريل الماضي ، قائلا "إننا انتهينا من 99% من المفاعل وبدأنا في مراحل التشغيل التجريبي النهائي وسيتم في نهاية العام نقل الإدارة كاملة من المقاول الكوري إلى هيئة الطاقة الذرية" ، منوها بأن المفاعل الذي تقوم على إدارته طواقم أردنية سيشغل لأغراض علمية وبحثية وتجارية ، حيث سيتم إنتاج النظائر الطبية المشعة.
وفيما يتعلق باستخلاص اليورانيوم..قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية إننا سننشر خلال هذا الشهر المراجعة الجديدة أو ما يعرف ب(تقرير اليورانيوم) ، مبينا أن الاحتياطات المثبتة تبلغ 40 ألف طن وهناك إمكانية لزيادتها في منطقة وسط الأردن من 3000 إلى 7000 طن ، مشيرا إلى أن الهيئة نجحت في استخلاص الكعة الصفراء على المستوى المخبري وهي الآن تقوم باستخلاص الكعة الصفراء على المستوى الميداني وسيتم خلال هذا الصيف بناء وحدات استخلاص كبيرة لليورانيوم.
وأضاف طوقان "إن خطتنا للسنوات الثلاث القادمة أي حتى العام 2020 تستهدف الوصول بإنتاج تجاري على مستوى محدود يبلغ 400 طن سنويا من الكعة الصفراء ثم التوسع مستقبلا".
وبالنسبة لمحطة الطاقة النووية ، أجاب طوقان "إن الأمور تسير إلى الأمام وقد تم تثبيت الموقع في قصير عمرة ونتفاوض نحن والطرف الروسي مع طرف صيني لتزويد المحطة بالتوربينات والأنظمة الكهربائية ونعمل على إيجاد مصادر التمويل وهناك مؤشرات إيجابية على اهتمام أطراف أخرى مثل الطرف الصيني ولدينا محادثات مع شركات تشيكية وأوروبية للدخول وتزويد التكنولوجيا للتوربينات والأنظمة الكهربائية للمحطة"..مشيرا إلى أن تكاليف المحطتين يبلغ 10 مليارات دولار.
وعن التقرير الذي أعدته اللجنة الاستشارية الدولية المعنية بالبرنامج السلمي النووي الأردني..قال طوقان إنها تتكون من 7 خبراء دوليين (من أرقي الخبراء الدوليين في العالم ومن بينهم 2 أو 3 منهم خبراء في أنظمة السلامة النووية) وأنها قدمت تقريرها إلى الحكومة وسيتم نشره قريبا وهو إيجابي جدا ، وقد استعرض المشاريع الثلاثة وكل الخطوات التي اتخذتها الهيئة.. مضيفا "إن هناك بعض النقاط التي أشاروا إليها وطلبوا بضرورة تعززيها وسوف نعلنه على البرلمان وعلى الشعب لطمأنة المواطنين".