مصر تُكشّر عن أنيابها لإثيوبيا في أزمة سد النهضة
4 أسلحة مصرية لمواجهة إثيوبيا فى أزمة سد النهضة
الخبراء يوضحون الفرص الضائعة فى حل عراقيل ملء السد
مراقبون: الضغط العربى على إثيوبيا والتحرك فى مجلس الأمن هام للغاية
مؤنس: مطلوب وزير خارجية متخصص فى الشئون الأفريقية
عبدالغفار: الاقتصاد ورقة ضغط قوية على أديس أبابا
حالة من الغموض تسيطر على مستقبل العلاقات المصرية الإثيوبية، فى ظل تعنت الأخيرة حول المطالب المصرية، التى تتلخص فى اشتراكها فى إدارة السد بما يسمح الحفاظ على منسوب المياه أمام السد العالى عند 165 مترا، وأن يكون زمن ملء الخزان 7 سنوات بدلا من 3 سنوات حفاظا على حصة مصر السنوية من مياه النيل.
الخبراء أكدوا أن مصر لديها حلول دبلوماسية وعربية كبرى، خاصة مع مجلس الأمن، وسحب الاستثمارات المصرية من إثيوبيا للضغط عليها سيسبب انتكاسة اقتصادية كبيرة للجانب الإثيوبى، وحتى لا تصبح الدول العربية منتهكة الموارد، كما حدث مع العراق فى خفض حصته من المياه بعد بناء تركيا سدود على منابع الأنهار التى تروى الأراضى العراقية.
وأضافوا أن الضغط على الشركة الإيطالية المسئولة عن بناء سد النهضة الإثيوبى "سالينى أمبريجيرو" أيضا تساهم فى التوقف، وذلك بحثها على الامتثال لقواعد القانون الدولى، والتى تنص على "عدم مساعدة أى دولة فى إقامة مشروعات تؤدى إلى نقص المياه أو تأخير وصولها للدول الأخرى فى أى حوض من أحواض الأنهار".
أكد الدكتور أشرف مؤنس، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة عين شمس، على ضرورة تعيين وزير خارجية متخصص فى الشئون الأفريقية، كى يستطيع أن يلعب دورا ملموسا فى دعم العلاقات مع الدول الأفريقية، باعتبارها العمق الاستراتيجى لمصر. مشيرا إلى أن تعيين اللواء كامل الوزير مسئولا عن حفر قناة السويس الجديدة لذلك تم إنشاؤها فى سنة واحدة بدلا من ثلاث سنوات.
أضاف لـ"الزمان"، أن تصاعد الأزمة يرجع إلى الدور الذى تلعبه الدول الممولة، فى التأثير على الجانب الإثيوبى، لأجندتها الخاصة، لافتا إلى أن من بينها دولا عربية رفضت ذكر اسمها، بخلاف الدور الذى تلعبه إسرائيل بهدف التأثير على القرار السيادى المصرى.
وتساءل الدكتور مؤنس:" إذا كانت إثيوبيا بدأت بناء السد عام2011 ولم تنته من بنائه بالرغم من مرور 8 سنوات على وضع حجر الأساس؟، فلماذا تصر على أن يكون زمن ملء خزان السد 3 سنوات بدلا من 7 سنوات رغم علمها بخطورة ذلك على تدفق المياه إلى مصر خصوصا إذا صادف ذلك انخفاض مستوى الفيضان.
وأضاف مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، أن البرلمان الأفريقى لا بد أن يتمكن خلال اجتماعه بجوهانسبرج بدولة جنوب أفريقيا الأيام القادمة، من لعب دور ملموس فى حل الأزمة، مؤكدا أن الحل الوحيد أمام مصر هو استمرار التفاوض مع الجانب الإثيوبى، مؤكدا أن خيار الحرب غير مطروح إطلاقا فى مثل هذه الأزمات لاستحالة تنفيذه على أرض الواقع.
وقال مؤنس: إن موقف السودان من الأزمة غامض بالرغم من أنها أكثر منا تضررا من الآثار المتوقعة فى حالة انهيار السد، إلا أن امتلاكها لحلول بديلة للمياه كالأمطار، والمياه الجوفية، جعلتها غير مهتمة بالنتائج السلبية المتوقعة من نقص مياه الفيضان أثناء فترة ملء خزان السد، فيما تعتمد مصر على النيل فى توفير 95% من احتياجاتها من المياه.
فى سياق متصل، أكد الدكتور محمد عبدالغفار، رئيس المجلس الاقتصادى الأفريقى، أن العامل الاقتصادى قد يجبر إثيوبيا على تغيير قرارها تجاه مصر. لافتا إلى أن تلويح دول الخليج بسحب استثماراتها لديها ما تلتزم بمبادئ القانون الدولى والذى ينص على التزام دول المنبع بالحفاظ على نصيب دول المصب من مياه الأنهار الدولية.
أضاف عبدالغفار، أن مصر عرضت فتح منافذ لإثيوبيا على البحر الأبيض المتوسط، من خلال تحويل مجرى النيل إلى مجرى ملاحى، لافتا إلى أن تكلفة النقل البحرى تقل 60% عن نظيرتها البرية، موضحا أن تكلفة نقل الكونتينر الواحد من إثيوبيا بريا إلى موانئ البحر الأحمر تصل إلى 6 آلاف دولار، مقابل 1800 دولار فقط.
طالب رئيس المجلس الاقتصادى الأفريقى، بإحياء مشروع "التكونيل"، الذى استمر بين عامى 1992 و1998 من القرن العشرين، بهدف إحداث طفرة فى تنمية دول حوض النيل، والذى بحث فى إمكانية إنشاء خط ملاحى من بحيرة فيكتوريا فى أوغندا حتى ميناء الإسكندرية على البحر المتوسط.
وأوضح أن تكلفة نقل الكونتينر مسافة 3 آلاف ميل بري 6 آلاف دولار مقابل 3 آلاف دولار إذا تم نقلها بحريا.
أما محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، قال: إن مصر تمتلك عدة أوراق يمكن اللجوء إليها كبديل عن المفاوضات الفاشلة كى تقبل إثيوبيا بإطالة فترة ملء خزان سد النهضة من سبع إلى عشر سنوات، مع الحفاظ على مستوى المياه بسد أسوان عند 165 مترا فوق سطح الأرض.
وأشار حسين، إلى خيار تدويل القضية بنقل ملف السد إلى مجلس الأمن الدولى، لكن على مصر التنسيق أولا مع الاتحاد الأفريقى لتضمن دعم الدول الأعضاء، وكذلك التواصل مع الكويت العضو العربى الوحيد بمجلس الأمن الآن.
ولفت حسين، إلى ضرورة أن تتواصل مصر مع كل الدول صاحبة العضويات الدائمة بالمجلس، تفاديا لاستخدام حق النقض (الفيتو) على محاولة إحالة القضية لمحكمة العدل الدولية، حيث تستند القاهرة إلى نص القوانين الدولية التى تمنع بناء أى منشأة تؤدى لتأخير وصول المياه أو إنقاصها من دون موافقة دولة المصب.
وأكد أن نجاح هذه الخطوة يتطلب بذل مصر جهودا دبلوماسية كبيرة لشرح رؤيتها للأزمة، وإقناع الدول المختلفة، خاصة أعضاء مجلس الأمن بعدالتها، وكذلك واقعية مطالبها فى مياه النيل الذى يعد شريان الحياة، خاصة إن مبادئ القانون الدولى تتيح للدول الواقعة على ضفاف الأنهار الدولية الاستفادة من مواردها المائية دون الإضرار بمصالح وحقوق الأطراف الأخرى.