مصر تنافس إسرائيل فى زراعة ”الذهب الأخضر”
الـ"جوجوبا" مصدر حيوى لزيوت الطائرات.. ويوفر عائدات مالية بالعملة الصعبة.. و"العلمين" تحتضن آلاف الأفدنة من النبات الأخضر
خبراء: تمت زراعته لأول مرة سنه 1996 ويتحمل درجات الحرارة والملوحة المرتفعة
"كان أملى الوحيد فى تحقيق الثراء السريع بعد سنوات من انتظار الوظيفة الحكومية".. هكذا أصبح لسان حال الشاب الثلاثينى "أحمد زهران"، فى أغلب جلساته مع رفاق الجامعة، حيث يلتقيهم كلما نزل إجازة إلى مسقط رأسه بمحافظة المنوفية.
واستطاع فى العام 2013، أن يحصل على قطعة أرض مساحة 2 فدان ونصف بمنطقة العلمين ويقوم بزراعة نبات الجوجوبا والمعروف أيضًا باسم "ذهب الصحراء"، والذى دخل مصر للمرة الأولى عام 1996 ولا توجد سوى "إسرائيل" فى المنطقة التى توجهت نحو زراعة هذا النبات حتى تكون رائدة فى توليد زيوت الطائرات المستخلصة من ذلك النبات، وعلى ضوء ذلك التحقت مصر بالدولة الرائدة فى زراعة الجوجوبا واستخلاص زيوت الطائرات وتصديره إلى الخارج.
"زهران" يروى لـ"الزمان"، أن رحلة نجاحة بفضل هذا النبات، قائلاً: تخرجت فى كلية الزراعة دفعة 2009 وانتظرت الوظيفة طويلاً على أمل التعيين فى واحدة من المعامل الحكومية أو مركز البحوث الزراعية لكن دون جدوى، فلجأت إلى الشركات الخاصة وحصلت على الخبرة اللازمة لكن الراتب لم يكن كافى لتحقيق طموحى وهنا تعرفت على أحد المهندسين يقوم بزراعة نبات الجوجوبا وهو المهندس نبيل الموجى والذى أدخل ذلك النبات إلى مصر عام 96، وتدربت بشكل عملى ورأيت حجم الأرباح التى تحققها الشجرة الواحدة وهى فى عمر عامين، حيث يباع الكيلو منه بـ 85 جنيها، وتظل الشجرة منتجة إلى ما لا نهاية.
وأضاف: بحثت عن مكان صالح لزراعة النبات علمًا بأنه أحد النباتات التى تتحمل ملوحة المياه والحرارة المرتفعة، وعلى هذا الأساس توجهت إلى مدينة العلمين، حيث عثرت على واحدة من شركات استصلاح الأراضى الصحراوية تقوم بزراعة هذا النبات، وحصلت على قطعة أرض وفى العام الثالث جنيت الأرباح وكان المشروع صعب فى البداية وكنت اضطر للعمل مزارعا لدى البعض لتوفير قيمة المعيشة وتأخرت فى الزواج وكل هذا حتى يقف المشروع على قدمه وبالفعل نجحت وقمت بتوسيع مساحة الأرض إلى أربعة أفدنة والعام الجارى اتفاوض لشراء فدان آخر، وهناك عشرات الشركات تتهافت على المحصول بغرض التصدير إلى الخارج وخطوتى القادمة تأسيس شركة لتسويق المنتج فى الخارج وبيعه مباشرة إلى الشركات الأجنبية للحصول على فارق التسويق.
لم يكن "زهران" الشاب الوحيد الحالم بزراعة هذا النبات، حيث يستعد المهندس محمد حمدان، لشراء مساحة مزروعة بنبات الجوجوبا للاستفادة المادية التى يحققها، ويقول لـ"الزمان": سبق أن قمت بزراعة نبات "المورينجا"، وهو أحد المنتجات التى تستخدم فى التخسيس وأشياء أخرى وله أرباح معقولة، لكن لا يقارن بنبات الجوجوبا، خاصة إن الأخير يدخل فى صناعات حيوية، مثل: زيوت الطائرات وكبرى الشركات العالمية تستخدمه بديلا عن الزيت التقليدى المستخلص من البترول، وأرباحه بالعملة الصعبة وجميع من دخل هذا المشروع حقق أرباحا مضاعفة.
وأضاف، أن مصر توجهت مؤخرًا لتبنى هذا المشروع كى تنافس إسرائيل والتى تمتلك 100 ألف فدان من الجوجوبا وبفضل مشروع المليون ونصف المليون فدان الذى أطلقه الرئيس وتخصيص أصحاب الأراضى مساحات كبيرة لزراعة نبات ذهب الصحراء من المتوقع أن نتفوق على إسرائيل خلال الفترة القليلة المقبلة ويرتفع حجم صادراتنا من الجوجوبا.
وعن الأرباح المتوقعة للذهب الأخضر، يقول "حمدان": إن الفدان الواحد من نبات الذهب الأخضر يباع بـ 50 ألف دولار، ويمكن استخدام ناتج المحصول فى صناعة أدوية لعلاج الصدفية والشروخ الشرجية لدى الإنسان واستخلاص زيوت للشعر، وفى النبات يمكن استخلاص علاج لما يعرف بـ "البق"، الذى يصيب بعض النباتات، وفوائد هذا النبات عديدة.
على الجانب الآخر، يصف الخبراء هذا النبات بأنه ضمن مصادر العملة الصعبة ولكن تم إهماله وتجاهله لسنوات، حتى أجبرت الحاجة الدولة والحكومة الاهتمام بالمزارعين، حيث أوضح المهندس صلاح البنا، خبير استصلاح الأراضى الصحراوية، أن مصر والكيان الصهيونى فقط هما من ينتجوا ويزرعوا هذا النبات، لكن لدى الكيان الصهيونى هناك اهتمام بهذا النبات أكثر حيث وصل إنتاج الفدان الواحد 2 طن وما نزال نحن ننتج ما بين 700 و900 كيلو فقط فى الفدان، وبالتالى التوسع فى الزراعة كما هو الحال الآن يجعلنا أقرب منافس وأشرسهم ونؤرق حلم الكيان الصهيونى بالسيطرة على تلك الزراعة.
ويتفق معه المهندس سليمان عبدالعزيز، صاحب شركة استصلاح أراضى زراعية، قائلاً إن نبات الجوجوبا دخل مصر عام 1996 وتعرض صاحب الفكرة وهو المهندس نبيل الموجى رائد صناعة الذهب الأخضر فى مصر لمحاولات تضييق وخناق من أجهزة تنفيذية بالدولة وواجهه صعوبة فى تسجيل براءات اختراع لبعض مستخلصات النبات رغم أنها أدوية تساعد البشرية فى تجاوز بعض الأمراض دون اللجوء إلى جراحات طبية وكان هذا الأمر هو ثمة هذا العهد الذى يحارب أصحاب الأفكار البناءة.