الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

وفاة «الأنشطة» إكلينيكيًا بالمدارس الحكومية

الثقافة والفن والاجتماع.. أنشطة مجمدة لصالح المواد العلمية

توزيع الطلاب على المجالات بالإجبار بين الأخصائيين لتحقيق نصاب "الحصص"

الميزانية هزيلة ومحاضر الاجتماعات "حبر على ورق"

استغلال حصة "الألعاب" لتنظيف فناء المدرسة

خبراء: الأنشطة المدرسية غائبة عن 90% من المدارس

الوزير اهتم بالأنشطة فى الخطة فقط ولم يهتم بمراقبة تفعيلها

اعتمدت وزارة التربية والتعليم، خطة تطوير العملية التعليمية وتحديث المناهج بالحذف والإضافة ونظام التابلت، لكنها تجاهلت جزءا بالغ الحيوية والخاص بالأنشطة المدرسية: "الرياضية والفنية والاجتماعية والصناعية والزراعية، وهو الأمر النابع من غياب الوعى الكافى بأهمية النشاط ومردوده على التلاميذ، كذلك انخفاض كفاءة وانتماء معلمى الأنشطة للعمل.

ومن ثم يمكن إعلان وفاة تلك الأنشطة إكلينيكيًا وتنتظر فقط مراسم الدفن، بعد أن هجر معلمو الأنشطة تطوير أدواتهم فى ظل غياب الميزانية اللازمة لتفعيل النشاط وبات الحال داخل مدارس وزارة التربية والتعليم "حفظ وتلقين" دون ترفيه، مما يجعل اليوم الدراسى "رتيبا" ثابتا على شكل واحد ولون واحد، وبالتالى يلجأ الطالب إلى الهروب من المدرسة والجلوس على مقاهى الإنترنت.

ترصد "الزمان"، فى ضوء معلومات حصلت عليها، أركان الأزمة ومسئولية وزارة التربية والتعليم وضلوع قيادات تعليمية فى تهميش النشاط على حساب المواد العلمية، وحجم الميزانية المخصصة لكل نشاط.

كانت البداية، مع شهادات معلمين مسئولين عن نشاطات مختلفة، وقد اتفقوا على أن السبب الرئيسى وراء تدهور الأنشطة المدرسية غياب الميزانية، حيث قال "محمد.ص" معلم نشاط صناعى بواحدة من مدارس الثانوية العامة: إن لديهم أنشطة ومجالات، وكلاهما بغرض تثقيف وتعريف الطالب أشياء عملية بجانب التحصيل العلمى، وبالحديث عن المعوقات التى تواجهنى داخل غرفة المجال الصناعى، اذكر بالمقام الأول غياب كافة الإمكانات التى من خلالها يعرف الطالب كيفية توصيل دائرة كهربائية من أسلاك وشريط لحام ولمبة، وفى بعض الحالات أضطر إلى شراء تلك المستلزمات على نفقتى الشخصية، وأحيان أخرى أضطر وبسبب ضيق المعيشة إلى شرح عملية توصيل الدائرة الكهربائية نظريًا.

وأضاف، أن الغرض من النشاط أن يختار الطالب النشاط الذى يرغب القيام به، وهو ما لا يحدث مطلقًا وأتحدى أن يخرج مسئول ويقول إن الطالب يختار المجال أو النشاط الذى يحبه، حيث يتم تقسيم الطلبة بين معلمى الأنشطة بالتساوى على حسب عدد الفصل وذلك لضمان وجود عدد متساوى فى المجال الصناعى يقابله نفس العدد فى المجال الزراعى، ونفس الأمر مع جماعة الصحافة وجماعة المسرح، والخلاصة لا يختار الطالب النشاط بل يجبر عليه إجبارًا وبالعافية بالمعنى البلدى.

ويلتقط "رمضان.س" معلم تربية رياضية طرف الحديث، قائلاً: إن حصة الألعاب هى الوحيدة التى ينتظرها جميع التلاميذ للترويح عن أنفسهم من عناء التحصيل العلمى طوال اليوم، ونصاب الحصص الخاصة للألعاب بالمدرسة التى أعمل بها 18 حصة بعدد فصول المدرسة بما يعنى حصة واحدة فى الأسبوع للتلاميذ، فى حين اشترطت المناهج التربوية أن يكون عدد الحصص للتلاميذ حصتين فى الأسبوع الواحد، وأن تكون على رأس الجدول وخلال الفترة الأولى أو أول الفترة الثانية.

ولفت إلى أن ما يحدث هو وضع حصة الألعاب فى الحصة الأخيرة وعلى ضوء ذلك يتم تسريح التلاميذ من الحصة بمعرفة المدير قبل انتهاء اليوم الدراسى وأتحدى الوزير أن يخرج علينا ويصرح بأن التلميذ يحصل على حقه فى حصة الألعاب، وفى مدارس أخرى يتم استغلال التلاميذ والطلبة لتنظيف فناء المدرسة أثناء حصة الألعاب وذلك مقابل إعطائهم الكورة للعب ماتش قبل انتهاء وقت الحصة.

وأضاف، أن الأنشطة التى يمكن ممارستها فى حصة الألعاب هى كورة القدم وكورة الطائرة والمعروف أن رياضات فردية مسجلة لدى الوزارة ولكن غير مفعلة، ولكن الواقع عكس ذلك تمامًا فلا يوجد سوى كورة القدم فقط، ولا توجد أمكانات مادية لشراء شبكة لممارسة كورة الطائرة ونفس الشيء مع الألعاب الفردية.

فيما أوضحت "سلمي.ج" معلمة "اقتصاد منزلى" أن ضعف الميزانية أجبرها على الشرح النظرى دون تطبيق عملى للطلبة ولا تسمح لها اللوائح تحصيل أية أموال من الطلاب للتطبيق العملى، قائلة: المفروض أن وزارة التربية والتعليم خصصت ميزانية للصرف على الأنشطة الطلابية ومنها نشاط الصحافة ونشاط المسرح ونشاط التربية الفنية والموسيقى ونشاط الاقتصاد المنزلى، ومعاناتى هى نفس معاناة جميع أخصائيى المدرسة، وحينما نتوجه إلى المدير نسأله عن الميزانية يقول لنا "اصرفوا من جيبكم لحد ما الميزانية تيجى"، ومن تغامر وتنفق على حسابها الشخصى لا تحصل على شيء فى النهاية.

وأضافت، أنه يمكن قياس هذه المسألة على جميع التخصصات، فمعلمة التربية الموسيقية ليس لديها آلات موسيقية وتستعمل الآله التى اشترتها وقت أن كانت طالبة فى الجامعة، ويستمر وقت الحصة دون تطبيق عملى، ناهيك عن وضع الأنشطة فى الحصة الأخيرة من اليوم الدراسى فيكون الطالب غير قادر على استيعاب المادة.

محمد كمال الخبير التربوى، أكد أن تمويل الأنشطة المدرسية ذاتى، يأتى من قيمة مصروفات التلاميذ ولكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، حيث تستخدم المصروفات فى أشياء أخرى ليس محلها الحديث دون مستندات ولكن المعروف أنها تستخدم فى تجديد غرف المعلمين وشراء "دفاتر التحضير" للمعلمين فى جميع التخصصات والمواد العلمية، وفى حال شاركت المدرسة فى مسابقة بمجال الصحافة أو المسرح يقوم موجه المادة بصرف مكافأة للأخصائى وللطلبة ومدير المدرسة.

ولفت إلى أن قيمة مكافأة المعلم لا تتجاوز 35 جنيها لا تساوى قيمة المواصلات وكل طالب 10 جنيهات والمدير 20 جنيها، وميزانية شراء الأدوات المطلوبة للمسابقة من ورق وجلاد وأقلام لم تتغير قيمتها منذ عام 2000 وقت أن كان فرخ اللوحة بـ 25 قرشا.

وأضاف، أن وزارة التربية والتعليم لم تخصص ميزانية مستقلة للأنشطة وفى نفس الوقت طالبت بتفعيلها والاهتمام بها ضمن المواد اللازمة لتأهيل طالب قادر على القيادة فى المستقبل، ولكن الحقيقة عكس ذلك وهى مهمة للغاية بجانب المواد العلمية، عكس المتبع بالمدارس الخاصة والتى تهتم بالأنشطة.

ولفت إلى أن الوزير رغم اهتمامه بالأنشطة وحديثه الدائم عنها وسعيه للتعاقد مع مزيد من الأخصائيين إلا أن غياب الرقابة من جانب التوجيه ساهم فى تجميد الأنشطة بـ 90% من المدارس، والبقية تأتى، والتجميد هنا أعنى به عدم تفعيل الجانب العملى من النشاط والاكتفاء بالجانب النظرى.

خطة تفعيل الأنشطة

فيما يرى الدكتور محمد سلام أستاذ التربية الفنية جامعة المنوفية، أن تفعيل الأنشطة يحتاج إلى ميزانية منفصلة، مشددا على ضرورة توفير بيئة خصبة للطالب والتلميذ حتى يختار النشاط الذى يرغب فى ممارسته، من خلال توفير الآلات الموسيقية وتخصيص غرفة منفصلة للحصول على التدريب اللازم، نفس الشيء مع التربية الفنية وتخصيص ميزانية لشراء لوحات وألوان ودعوة أولياء الأمور لمساندة أبنائهم وتنمية الموهبة.

وأوضح أن الموهبة هى حائط الصد المنيع ضد الانحراف الأخلاقى على المدى البعيد، حيث أشارت نتائج الدراسات التى أجريت عام 2000 وأجراها علماء التربية فى الغرب إلى تميز الطلاب المشاركين فى الأنشطة المدرسية بالقدرة على تحقيق النجاح والإنجاز الأكاديمى، بالإضافة إلى إيجابيتهم مع زملائهم وأساتذتهم، وتمتعهم بروح القيادة والتفاعل الاجتماعى السوى والمثابرة والجدية، كما إنهم يميلون إلى الإبداع والمشاركة الفعَّالة ولديهم الاستعداد لخوض تجارب جديدة بثقة، عكس غير المشاركين.

وأضاف، أن خطة تفعيل الأنشطة بسيطة وسهلة تحتاج فقط إلى جرة قلم، أولاً: تخصيص نسبة من مصروفات الدراسة للأنشطة وتخضع لرقابة مشددة لمنع التلاعب بها، تخيير الطلاب بين الأنشطة عن طريق استمارة يقوم الطالب بتوقيعها إما بنفسه أو عن طريق ولى الأمر، ثالثًا: تجهيز غرف خاصة للأنشطة بعيدًا عن أجواء الفصل، رابعًا: تشجيع الالعاب الفردية.

click here click here click here nawy nawy nawy