”للسعادة وجه آخر” رواية جديدة للكاتبة الروائية ” رانيا بيومي”
تناقش فيها رحلة "أمل" بنت عم سعيد الموظف البسيط بالإسكندرية، من حي محرم بك الي القاهرة للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بعد أن جاء ترتيبها ضمن العشرة الأوائل في الثانوية العامة، ثم تفوقها في الجامعة بصورة مكنتها من الالتحاق بالعمل في أحد مكاتب الأمم المتحدة بالقاهرة عقب تخرجها.
انتقلت بعدها للعمل بمكتب "تنسيق الشؤون الإنسانية" بدولة "ملاوي" جنوب شرق إفريقيا، وواجهت مشكلات متعددة في التعامل مع البيئة الطبيعية، والاضطرابات السياسية التي تملأ البلاد.. ولكنها كانت تري أنها تقدم رسالة في الحياة بمواساتها هؤلاء الفقراء الذين يعانون من قسوة الحياة ولا يجدون من يحنو عليهم، وكيف حالت الصراعات العرقية بينها وبين تأدية واجبها الي الحد الذي دفع المنظمة إلى ترحيل موظفيها الي بلادهم والاكتفاء بتلقي تقاريرهم عبر الإنترنت.
وجاءت المفارقة الغريبة في حياتها العملية حين تم قبولها في وظيفة ذات مستوى رفيع في المقر الرئيسي للمنظمة بنيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عانت من صعوبة النقلة النوعية المفاجئة، لاسيما وان مشاكلها الأسرية قد تفاقمت بمرض والدها مع بداية استلامها العمل الجديد فكان عليها العودة العاجلة الي مصر للوقوف الي جانبه في المستشفي التي شاءت الاقدار أن يخرج منها محمولا علي الأعناق، لتجد نفسها وحيدة في الحياة.
عندها بدأت تشعر بمرور قطار العمر عليها دون أن تفكر جديا في الزواج وبناء أسرة، فكثرة السفر لم تسمح لها بالارتباط العاطفي، وحتي "سراج" زميلها في المنظمة الذي كان قريبا منها لم يصارحها يوما برغبته في الزواج منها، وبقي السؤال هل ستبقي دون زواج، أم تفاتح زميلها في رغبتها بالارتباط به.. صراعات نفسية عاشتها بطلة القصة، قدمتها لنا الروائية بكلمات بسيطة.. ولكنها عميقة المعاني.
في الفصل قبل الأخير تكلف أمل بتوصيل معونات انسانية الي سوريا، وهناك تقوم الجماعات المسلحة باختطافها، وهنا تشرح لنا الكاتبه اسلوب الحياة اليومية لهذه التنظيمات، وكيفية ادارتهم للمناطق التي يسيطرون عليها، ورؤيتهم لباقي افراد المجتمع حيث يعتقدون انهم كفار لا يجب التعامل معهم، بل انهم يقومون بتعليم ابنائهم الدين من منظور التنظيم، دون الأخذ في الاعتبار ما ورد في كتب التراث التي وضعها كبار علماء الدين، وصدق عليها كل علماء المسلمين علي مدي 1400 سنة في مشارق الارض ومغاربها، ولم تنسي الكاتبة ان توضح لنا مشاعر اهل العاملين بهذه المنظمات حين يتعرض اولادهم للخطف، كما نقلت لنا الحياة اليومية لللاجئين داخل المخيمات .
ولعلها المرة الأولي التي تنقل لنا فيها روائية مصرية صورة عن معاناة العاملين بالمنظمات الدولية، سواء في حياتهم الشخصية او حين يكلفون بنقل المعونات الإنسانية لمناطق النزاعات المسلحة، لتؤكد لنا أن وفرة المال والمباني الشاهقة والسيارات الفاخرة ليست عنوانا للسعادة الإنسانية، وانه لا فرق بين من يعانون شدة الفقر وأولئك الذين يتمتعون بسعة العيش.. فلكل مشاكله التي تؤرق عليه حياته.