الأمين العام لـ«الأخوة الإنسانية»: نعمل على تحقيق الإخاء الإنساني والتعارف بينَ الجميعِ
قال المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام للجنة الأخوة الإنسانية، إنه في مثلِ هذا اليومِ، منذُ عامٍ، كُنَّا نحبسُ الأنفاسَ في انتظارِ تحقيقِ حلمٍ استَغرَقَ أكثَرَ من عامٍ من الإعدادِ والجُهْدِ والعَمَلِ الدَّؤُوبِ بين اثنين من أهمِّ رُمُوزِ الأديانِ في عصرِنا الحديث، كان التحدِّي كبيرًا، وكان كثيرٌ من الناس يرَوْنَ أنَّ ما نحلمُ به لا يَعدُو أن يكونَ أكثَرَ من خَيالٍ جامحٍ، وأمنياتٍ بعيدةِ المنالِ، ولم يُصدِّقوا حتى شاهَدُوا وشاهَدَ العالم كلُّه هذا الحلمَ يَتحقَّقُ بتوقيعِ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ أ.د أحمد الطيب، وقداسةِ البابا فرنسيس، لــ"وثيقةِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ"، برعايةٍ كريمةٍ مُخلصةٍ جادَّةٍ من صاحِبِ السُّمُوِّ الشيخِ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، راعي وثيقةِ الأُخُوَّة الإنسانيَّة.
ولفت خلال التجمع الإعلامي العربي، اليوم الإثنين، إلى أن الحلمُ البعيدُ حقيقةً، تحوَّلَ الخيالُ الجامحُ إلى واقعٍ نعيشُه، فمَنَحَنا ذلك القوَّةَ، ورَسَّخَ لدَيْنا اليقينَ في أنَّنا قادرون معًا، على الرُّغمِ من َتنوُّعِنا واختلافنا، أن نُحقِّقَ كثيرًا للإنسانيَّةِ، ومِن رَحِمِ هذا اليَقِينِ الراسخِ تأسَّسَتِ اللجنةُ العُليا للأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ، كلجنة دولية مستقلة، ومنذُ نشأتها وهي تَعمَلُ على تنفيذِ العديد من المبادرات، وفي مقدمتها مُبادرةُ البيتِ الإبراهيميِّ، تلك المنارة التي تبعثُ الأملَ والنورَ، وتبرزُ إنسانيةَ الأديانِ، وكذلك المبادراتُ التي تهتمُّ بإدراجِ وثيقةِ الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ في مناهجِ التعليمِ والبحثِ العلميِّ؛ لثقتِنا بقُدرةِ التعليمِ على خلقِ عالمٍ خالٍ من العنف والتطرف، عالمٍ يَشعُرُ فيه البَشَرُ جميعًا بالأمانِ، بغَضِّ النظَرِ عن دِينِهم أو لونِهم أو عِرقِهم.
وأشار إلى أن استراتيجيةُ اللجنةِ العُليا تقوم على مد يَدَ التعاونِ إلى كُلِّ أولائكِ الذين يَعمَلُونَ بصِدقٍ وإخلاصٍ من أجل إخوانهم من البشَرِ، وتُشجِّعُ كُلَّ أصحابِ المبادراتِ الإنسانيَّةِ، كي نسيرَ معًا نحوَ الهدَفِ الأسمى، وهو تحقيق الإخاء الإنساني والتعارف بينَ جميعِ المؤمنينَ بالأديانِ، بل بينَ المؤمنينَ وغيرِ المؤمنين، وكُلِّ الأشخاصِ ذوي الإرادةِ الصالحة.
وتابع:« يَقَعُ الإعلامُ في القَلْبِ من هذا المشروعِ الإنسانيِّ الكبير؛ فالإعلامُ بلا شكٍّ شريكٌ فاعلٌ في كلِّ تفاصيلِه، وهو يتحمَّلُ جُزءًا كبيرًا من المسؤوليَّة: مسؤوليَّةِ الوعيِ والتثيقفِ، ومسؤوليَّةِ نَشْرِ القِيَمِ والمبادئِ الإنسانيَّةِ، وبالحديثِ عن شَرَفِ المسؤوليَّةِ التي تتحمَّلُونها، اسمَحُوا لي وأنا أقفُ هنا بينَكم أنتُم أهلُ الصنعةِ أن أتَوجَّهَ إليكُم بسؤالٍ مُركَّبٍ، لعلَّه يجدُ طريقَه في البحثِ على طاولاتِ مُناقشاتِكم في وِرَشِ العمَلِ اليوم». وقال:«ألسنا اليومَ في حاجةٍ إلى تبنِّي مفهومِ المسؤوليَّةِ الإنسانيَّةِ في الصحافةِ، كمفهومٍ أو نظريَّةٍ جديدةٍ تُوجِّهُ العمَلَ الصحفيَّ على اختلافِ سياساتِه وتوجُّهاتِه، وتضبطُه بضوابطَ ومعاييرَ إنسانيَّة؟ وهل يُمكن الموازنةُ بينَ الإنسانيَّةِ والمهنيَّةِ في العملِ الصحفيِّ؟».
ولفت إلى أنَّنا يُمكننا الاستفادةُ من تجربةِ لجنةِ (هوتشينز) التي انعقدت في أربعينيَّات القرنِ الماضي، والتي صَدَرَ عنها ما عُرِفَ بنظريَّةِ المسؤوليَّةِ الاجتماعيَّةِ للمُوازنةِ بين حُريَّةِ الصحافةِ ومَسؤوليَّتها، وهي تجربةٌ قريبةُ الشَّبَهِ ممَّا أقصدُ، خاصَّةً من جهةِ تحلِّي الإعلامِ بالمسؤوليَّةِ والمبادرةِ الذاتيَّةِ للتغييرِ، إلَّا أنَّنا هنا نَتحدَّثُ عن مَسؤوليَّةٍ أكثَرِ اتِّساعًا وشُمُولًا من سابقتِها، وهي المسؤوليَّةُ الإنسانيَّة.
السادةُ الإعلاميُّون! واستطرد:« أشعُرُ باعتزازٍ كبيرٍ وأنا أُشاهِدُ رموزَ الإعلامِ من عالمِنا العربيِّ يتَّخِذون هذه المبادرةَ الأُولى من نوعِها في العالمِ للعَمَلِ من أجلِ الأُخُوَّةِ الإنسانيَّة، وأَثِقُ أنَّ حضراتِكم قادرون بلا شكٍّ على صناعةِ تغييرٍ ليس على صعيدِ الإعلامِ العربيِّ فحسب، ولكن أيضًا على صعيدِ الإعلامِ العالميِّ؛ فأنتُم تَستَنِدون إلى رصيدٍ وإرثٍ حضاريٍّ كبيرٍ من القِيَمِ والمبادئ والمُثُلِ العُليا التي عاشت بها منطقتُنا في سَلامٍ وتَعايُشٍ قرونًا من الزمن، ثم إنَّكم تَستَنِدون إلى دستورٍ إنسانيٍّ عظيمٍ وَضَعَه بينَ أيدِينا فضيلةُ الإمامِ الأكبر، وقَداسة الحبرِ الأعظم، وهو وثيقةُ الأخوَّةِ الإنسانيَّة، التي تجعلُ من الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ أساسًا للعلاقاتِ بين البشَر».
وبين إن هذه الدعوةِ لهذا التجمُّعِ، هي مُبادرةٌ تُضافُ إلى سِجِلِّهِ الحافِلِ من المبادراتِ الدوليَّةِ المتنوِّعةِ والداعمةِ لقِيَمِ التسامُحِ والإخاءِ الإنسانيِّ، تلك المبادراتُ التي وَضَعَتِ المجلسَ في مُقدِّمة العاملين على صناعة السِّلمِ العالميِّ، وجعَلَتْه محلَّ إشادةٍ وتقديرٍ إقليميٍّ ودوليٍّ، وكان آخِرُ ذلك التكريمَ الذي منَحَه السيدُ الرئيسُ عبدالفتاح السيسي، رئيسُ جمهوريَّةِ مصرَ العربيَّة، للأخ العزيز سعادة الدكتور سلطان الرميثي، الأمين العام لمجلسِ حكماءِ المسلمين، منذُ أيَّامٍ؛ تقديرًا لدَوْرِ المجلس في تعزيزِ السِّلمِ والحوارِ بينَ الأديانِ والثقافات، ونَشْرِ ثقافةِ التعايُشِ والسَّلام. السادةُ الإعلاميُّون!. وبين إنَّ الأملَ كبيرٌ في أنْ يَخرُجَ هذا التجمُّعُ برؤيةٍ إعلاميَّةٍ جديدة، تُسهِمُ في صناعةِ إعلامٍ نَطمَئِنُّ معه على مُستقبلِ أجيالِنا القادمة، أجيالٍ نرجو أن تَنشَأَ على الأُخُوَّةِ والمحبَّة، وألَّا تُشَوِّهَ براءتَها مشاعرُ الحقدِ والكراهيِة تُجاهَ الآخَر