«طلاق السكران» ما بين الوقوع والمسموح
حجة المعاصرين تبارى قواعد القدامى فى الإفتاء المصرية
من المعلوم أن السكران ربما يقع فى كل المعاصى حال عدم إفاقته، من زنا، وقتل للنفس، وتلف للمصالح وإشاعة للمفاسد فى المجتمع الذى ينسب إليه، وتعتمد دار الإفتاء المصرية والقانون المصرى، أن طلاق السكران لا يقع، وفى المقابل تعتمد المملكة السعودية وقوع طلاق السكران.
سبق وأن أجاب الإمام الأكبر الأسبق الشيخ حسن مآمون، ومفتى الديار المصرية الأسبق، أن المخمور "السكران" وهو الذى غطى على عقله بسبب تناول الخمر وما شاكلها حتى صار يهذى ويخلط فى كلامه ولا يعى بعد إفاقته ما كان منه حال سكره - إذا أوقع الطلاق على زوجته يقع طلاقه عند جمهور أئمة الحنفية إذا كان سكره من محرم كالخمر وكل ما يغطى على العقل من الأشربة الأخرى المحرمة، أما إذا كانت تغطية العقل بسبب تناول شىء مباح فإن الطلاق لا يقع، وكذا لا يقع الطلاق على الراجح فى المذهب إذا كان السكر من محرم ولكن كان تناوله للضرورة أو تحت ضغط الإكراه.
وذهب بعض الحنفية والإمام الشافعى إلى طلاق السكران لا يقع وقد أخذ بهذا القانون رقم 25 لسنة 1929 المعمول به فى المحاكم المصرية، وهذا الرأى هو الذى نفتى به لقوة دليله ولاتفاقه مع روح الشريعة أما إذا أوقع الطلاق مدمن الخمر الذى لا يتأثر بها فإنه يقع متى أوقعه وهو واع كل ما يقوله ويقصده - فالسكران إن ذهب السكر بعقله لم يقع طلاقه أما إذا كان يعى ما يقوله فإن طلاقه يقع فى هذه الحالة .
وخالف الدكتور أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، فتوى الإمام الراحل حسن مآمون، قائلاً: "إن العلماء اختلفوا فى طلاق السكران إذا كان سكره بتناول ما يحرم عليه من الخمر بأنواعها هل يقع أم لا؟" على قولين.
ويرى "ممدوح" أن طلاق السكران يقع، لأن عقله زال بسبب معصية، فيقع طلاقه عقوبة عليه وزجرًا له عن ارتكاب المعصية، والقول الثاني: لا يقع طلاقه، واستدلوا بأدلة، منها: قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ» (النساء/43)، فجعل سبحانه قول السكران غير معتبر، لأنه لا يعلم ما يقول.
مكون أن يقع فى كل الذنوب ويتلف المصالح فكأنه رضى بذلك غير خائف مما سيقترف، فجعلوا كل ما جنى فوق رأسه يعاقب به. من سكر بلا إرادة السكر فمعذور لا يقع طلاقه بالاتفاق
وتابع: وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل يقر بالزنا، فقال: «أشرب خمرًا؟» فقام رجل وشم فمه فلم يجد منه ريح خمر»، رواه مسلم (1695)، وهذا يدل على أنه لو كان شرب خمرًا، فلا يقبل إقراره فكذلك لا يقع طلاقه.
وأفاد أمين لجنة الفتوى، بأن الذى عليه دار الإفتاء والقانون المصرى أن طلاق السكران لا يقع.