«إيصال الأمانة» سلاح العنايات المركزة لاستقبال الحالات الحرجة
إلزام أهل المريض بتوقيع إيصال أمانة لضمان صرف مستحقاتهم
فى الوقت الذى يعانى فيه المواطن من أجل العثور على سرير عناية مركزة داخل واحدة من مستشفيات الحكومة، توحشت العنايات المركزة الخاصة والتى يعمل أغلبها بدون تراخيص وفوق أسطع العمارات، ومن ثم كان لا بد من العثور على طريقة تضمن لهم حقوقهم لدى أهل المريض حال وفاته غير الوسيلة المعتادة وهى حجز الجثة لحين تسديد المستحقات.
ورصدت "الزمان" الوسيلة الجديدة والتى تضمنت اشتراط توقيع أحد أبناء المريض أو قريب من الدرجة الأولى على توقيع إيصال أمانة مقابل استقبال الحالة إضافة إلى مبلغ تحت التأمين يكفى ليلة أو ليلتين على الأكثر.
"محكوم علىَّ بالسجن عامين فى إيصال أمانة لعناية أبى المركزة" بتلك العبارة بدأ "حسام.م" حديثه لـ"الزمان"، قائلاً إنه قبل عام توجهت بوالدى والذى تعرض لجلطة فى المخ إلى مستشفى قصر العينى ولم أجد سرير عناية مركزة وقمت بالبحث عن سرير فى 90% من المستشفيات الحكومية بالقاهرة والقليوبية والجيزة دون فائدة، وفى النهاية نصحنى أحد المسعفين بعناية خاصة لدى طبيب يعرفه وبسعر معقول، وبالفعل توجهنا إلى هناك وتم استقبال الحالة دون تسديد أى أموال سوى قيمة أول ليلة مع توقيع إيصال أمانة على بياض لضمان حق العناية المركزة وخوفًا على حياة أبى وقعت بنفسى.
وأضاف، أنه بعد أيام من دخول أبى العناية توفى مع تدهور حالته الصحية، وأصبحت مديونا للعناية بـ 20 ألف جنيه ولم أتمكن من السداد لأجد نفسى بنهاية المطاف مطاردا بحكم حبس سنتين وطلبت من صاحب العناية إمكانية تسديد المبلغ على أقساط ورفض وطلب المبلغ كاش.
ويلتقط "سامى البنا" طرف الحديث، والذى يعانى نفس المعاناة، قائلاً إنه استلم جثمان والدته من العناية المركزة وقلت فى نفسى إنهم أناس طيبون خاصة أن المبلغ المطلوب منى سداده وقتها 12 ألف جنيه، وبعد أسبوع وجدت اتصالا من مدير العناية يطالبنى بالمبلغ وطلبت مهلة وانتهت بتسديد 6 آلاف وتبقى نصف المبلغ وتعثرت بسبب مرض ابنى وانتقالى لمسكن جديد وفوجئت بعدها بشهور قليلة بحكم حبس عام واجب النفاذ.
وأضاف، أنه اضطر إلى الاقتراض بالربا لتسديد المبلغ حتى لا يتم إيداعى السجن، فمثل هؤلاء أصحاب العنايات الخاصة لا يعرفون طريقا للرحمة.
من جانبه، أكد الدكتور محمود إمام استشارى المخ والأعصاب، أن العناية المركزة مشروع تجارى بحت استطاع صاحبة أن يستفيد من غياب دور الدولة أو تقلصها فيما يتعلق بالعناية المركزة وعدم وجود أسره كفاية، حيث إنه يسعى فقط إلى ضمان حقه من خلال إيصال الأمانة ورغم أنه إجراء غير أخلاقى ولا إنسانى لكن يرضخ بالنهاية لقوانين العرض والطلب بين صاحب العناية والحالة، فهو يضع فى اعتباره أنه يقوم بعمل إنسانى من خلال توفير العناية المركزة دون مقابل مادى على الفور مقابل توقيع إيصال يضمن حقة.
وأضاف، أن غالبية العنايات تعمل بنفس الطريقة، خوفًا من غضب أهل المتوفى واحتجازه مقابل دفع المستحقات والحل يكمن فى تدخل الحكومة وزيادة عدد أسرة العناية المركزة على مستوى الجمهورية.
فيما أوضح الدكتور أحمد الشافعى "صاحب مستشفى خاصة"، أن لدينا حضانات أطفال ونطلب من أهل الطفل تسديد مبلغ تحت الحساب لشراء الأدوية أما بالنسبة للرعاية نحصل عليها على أقساط، وذلك تيسيرًا على أهل الطفل، أما فيما يتعلق بعناية الكبار فهناك مستشفيات تطلب توقيع إيصال الأمانة لضمان حقها وهو حقها بالفعل فلا أحد يعلم كم الأموال التى يسددها صاحب العناية يوميًا لأطقم التمريض واستشاريين لتوقيع الكشف الطبى على الحالة والخامات المستخدمة وغيرها من الأمور الغائبة عن أهل المريض.
وشدد على أن حجم الرعاية الموجود فى المؤسسات الخاصة أعلى بكثير من الموجودة بغيرها، وهذا طبيعى نظرًا لأن المريض فى تلك الحالة يتم علاجه على نفقته الخاصة ومن ثم يحظى بأفضل رعاية ممكنة، ووجود أحكام قضائية ضد بعض الحالات الفردية فيما يتعلق بإيصالات الأمانة هى مسألة لا يمكن تعميمها على كل العنايات المركزة، فهذا حق صاحب العناية ويجب تسديده ويكفيه أنه لم يستغل ظروفك وطلب مبلغا مقدما مقابل عدد من الأيام مثلما يفعل البعض.