الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

نكشف مافيا تهريب السيارات من ليبيا إلى مصر

"اللوحات التجارية" وسيلة المهربين للتنقل بالسيارة دون ملاحقة أمنية

التسليم فى "مطروح والعلمين".. والدفع مقدمًا لجماعات مسلحة

شهود عيان: تزوير رقم "الشاسيه" و"الموتور" بالسيارات المهربة.. ووحدات المرور يصعب عليها اكتشاف الخدعة

فى العام 2012 تعرضت سيارة "نيسان باثفندر"، تقف فى حى السفارات فى مدينة نصر، لحريق التهم جميع أجزاء السيارة، ولم يترك منها سوى الهيكل الخارجى، والذى تم بيعه لاحقًا خردة، وهى السيارة الثالثة داخل مصر ضمن سيارتين آخرتين، بحسب كلام صاحبها الذى احتفظ برقم الشاسيه حتى لا يتم استغلاله لاحقًا فى أمر يعود عليه بالضرر، حتى التقى بأحد العربان المقيمين فى مدينة 6 أكتوبر، وعرض عليه استقدام نفس السيارة من ليبيا وبسعر لا يتجاوز الـ 100 ألف جنيه، وبالقطع سوف تكون مسروقة ومهربة عبر الحدود، ليتم نقل هيكل رقم الشاسيه من السيارة القديمة المحروقة إلى السيارة الجديدة، ويصبح سعرها السوقى أكثر من مليون جنيه.

لم تكن تلك البداية، سوى مقدمة كاشفة لبيزنس تهريب السيارات، عبر الوديان والحدود الرابطة بين مصر وليبيا عبر الحدود الغربية، والتى شهدت فى وقت من الأوقات انفلاتا أمنيا، إلى أن تم تضييق الخناق على عصابات تهريب السجائر والمخدرات، وإحكام القبضة الأمنية، لكن بشكل أو بآخر وجد بعض المهربين- بالتنسيق مع جماعات وتنظيمات مسلحة غير شرعية- طريقها عبر الصحراء، لتهريب السيارات بالطلب إلى مصر عن طريق وسطاء.

"أبوخيرى"، وهو أحد عربان مدينة السادس من أكتوبر، يروى لـ"الزمان"، تفاصيل تهريب السيارات، قائلاً إن بعض الأشخاص لديهم سيارات نادرة الوجود فى مصر، حيث يصعب توفير قطع غيار لها أو تعويض أجزاء منها حال تعرضت لحادث، واستيرادها من دولة المنشأ مكلف للغاية بسبب الجمارك، وفى الغالب تكون سيارات دفع رباعى، وهنا تظهر الحاجة للمهربين فى دولة ليبيا، فى ظل الأوضاع غير المستقرة التى تشهدها، حيث يتم الاتفاق عن طريق أحد العربان المقيمين فى مرسى مطروح أو العلمين، ولهم أقارب مقيمون فى ليبيا، ويتم إرسال مبلغ على سبيل العربون، والباقى بعد استلام السيارة فى المكان المتفق عليه.

وأضاف، أن التحرك بسيارة مسروقة أمر مرعب، خاصة أن الكمائن فى مصر لا تترك بعوضة على الطريق إلا وتعرف وجهتها، وهنا تأتى مهمة "اللوحات التجارية"، ويتم تعليقها على السيارة، والتى تتيح لقائد السيارة السير بأمان، ويعبر كافة الأكمنة دون ملاحقة أمنية أو تضييق خناق، ويحصل هذا السائق على مبلغ كبير نظير قيامة بالقيادة لحين تسليمها إلى صاحبها.

ويلتقط "ش. ص"- حارس عقار ومن العربان- طرف الحديث، مضيفًا: أن السيارات فى ليبيا رخيصة للغاية ويتحكم بها تنظيمات مسلحة، وتهريبها يتم عبر الوديان والممرات الجبلية على الحدود الغربية، ويبدأ الاتفاق بواسطة سمسار تهريب السيارات، وهو ليبى الجنسية، ويعاونه "خفراء" فى منطقة مرسى مطروح وفى العلمين، يساعدونه على إدخال السيارة وتوصيلها لصاحبها، لتبدأ لاحقًا عملية تعديل رقم الشاسيه، ليكون مطابقا مع سيارة أخرى ولها ملف فى المرور.

ولفت إلى أن وحدات المرور نادرا ما تكتشف عملية تزوير رقم الشاسيه، حيث يقوم صاحب السيارة المحروقة بقطع الشاسيه بطول السيارة، ليتم تركيبه لاحقًا فى السيارة المهربة من ليبيا، داخل واحدة من ورش السمكرة وفى سرية تامة.

وبشأن تكلفة عملية الشحن ونقل السيارة، أكد أن سعر السيارة يكون على حسب الموديل وتاريخ الصنع، وعلى أقصى تقدير تتراوح من 50 إلى 100 ألف جنيه، يتم تحويلها إلى دنانير ليبية، إضافة إلى 2000 جنيه للسائق الذى يقود السيارة من مطروح أو العلمين لمكان الزبون طالب السيارة، وهناك عمولة سمسرة للعرباوى، الذى قام بتوصيل المهرب بالمشترى.

ولفت إلى أنه من الصعب اكتشاف عملية تزوير رقم الشاسيه بواسطة المهندس الفنى بوحدة المرور، وهو ما يشجع البعض على استقدام المزيد من السيارات لإحياء سيارات أخرى تعرضت للتلف بالكامل.

ممرات جبلية

على الجانب الآخر، كشف اللواء مصطفى المنشاوى، الخبير الأمنى، أن الحدود الغربية مؤمنة بطول الشريط الحدودى، ويتم ملاحقة عناصر التهريب باستمرار، وهناك عصابات تم إلقاء القبض عليها فى أوقات سابقة، بما أدى إلى تراجع عمليات التهريب، ولكن تظل بعض الثغرات الحدودية فى الممرات والوديان الجبلية، وسيلة تلك العصابات للمرور، وهى بعيدة وتستغرق ساعات سفر طويلة، لكن وظيفة المهربين تأمين تلك المسارات وعبور البضائع، التى تكون فى الغالب عبوات سجائر وسلع غذائية وسيارات مهربة.

وأضاف، أن السيارات المهربة والمراد إعادة استعمالها لتشغيل سيارات أخرى فى مصر، تكون من فئات معينة وذات قطع غيار مرتفعة جدًا، وتستلزم استيرادها من الخارج، بما يرهق موازنة صاحب السيارة، وعليه فإن الحل البديل استيراد سيارة مهربة، وتكون مسروقة طبعًا من ليبيا وإدخالها بتلك الطريقة.

وتابع، كانت السيارات فى الماضى تأتى مهربة من ليبيا، وتدخل إلى قطاع غزة عن طريق أنفاق سيناء التى شيدتها حركة حماس، وكانت سيارات دفع رباعى يتم تركيب مدافع فوقها وتستخدم فى العروض العسكرية التى تقوم بها، ولأن سيارات الدفع الرباعى هى السائدة فى ليبيا، فإن مسألة توفير إحداها ونقلها إلى مصر أمر غير مكلف، ولكنه محفوف بالمخاطر، ومن المحتمل اكتشاف الحيلة داخل وحدة المرور، بواسطة الفنى حال كشف عن أطراف السيارة من الجانبين ولاحظ وجود قطع ولحام، وهنا يتم مصادرة السيارة والقبض على صاحبها، وقد حدث هذا الأمر مرارًا وتكرارًا، وفى وحدات مرور مختلفة.

فيما أوضح الدكتور محمد السباعى، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة المنوفية، أن تهريب السيارات من الخارج إلى مصر والعكس، هو نتيجة عوامل طبيعية يعرفها أهل البادية، ممن لهم درب خاصة فى الجبال واستغلالها لتهريب السيارات والبضائع، وهو أمر هين مقارنة باستغلالها فى الماضى لتهريب عناصر إرهابية، مثلما حدث مع الإرهابى "عشماوى"، والذى ألقى القبض عليه فى ليبيا، ليتم تسليمه وإعدامه فى مصر لاحقًا، وتأمين تلك الممرات يتم بواسطة الطيران المسير بغير طيار.

وأضاف، تدقيق رجال المرور فيما يتعلق بتلك السيارات فئة الدفع الرباعى، هو أأبسط حل لمواجهة ظاهرة تهريب السيارات وتعديل ملامحها، لمنحها ترخيص بالعودة من جديد، ولكن تغطية كافة النقاط على الشريط الحدودى الغربى، أمر صعب فى الوقت الذى تشهد فيه ليبيا أوضاعا غير مستقرة، وحروب بين ميليشيات مسلحة وحكومة شرعية وأخرى غير شرعية، وأيضًا وضع وحدات متنقلة بين تلك النقاط لتأمينها لمنع عمليات التهريب.

click here click here click here nawy nawy nawy