الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الكيلو بـ60 جنيهًا.. نخترق «مافيا بيع السمن» البلدى المغشوش المدمر للصحة

يصنع من الشحم وعظام الحيوانات ومواد كيماوية.. وترويجها فى المحافظات وعبر صفحات "الفيس بوك"

خبراء: تصيب المستهلكين بأمراض خبيثة على المدى البعيد.. وتدمر جدار المعدة وتضعف الجهاز المناعى

مستهلكون: لم نفرق بينها وبين السليمة إلا بعد استخدامها

يبدو أن أزمة ارتفاع أسعار بعض السلع تحت وطأة الظروف التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن، كانت كفيلة بأن يضاعف أصحاب النفوس المريضة حجم إنتاجهم من السلع المغشوشة والضارة، على حساب صحة الإنسان، ومن ثم ظهر بقوة فى الأسواق سمن بلدى بقيمة 50 إلى 60 جنيها للكيلو الواحد، وقد أحدثت رواجًا كبيرًا بين المستهلكين؛ نظرًا لتدنى سعرها مقارنة بسعر السمن البلدى السليمة، وقيمتها 120 جنيها للكيلو، وأمام تدنى سعر الأولى وارتفاع سعر الثانية، لجأ آلاف المواطنين للسمن المغشوش عن جهل منهم بأسباب رخص السعر.

جولة سريعة على موردى السمن البلدى السليم، كشفت لنا حجم الفساد الذى يرتكبه يوميًا "تجار جملة"، يقومون بترويج السمن المغشوش، بذريعة أن تدنى سعره يأتى على خلفية الرغبة فى توزيع كم أكبر، وبالتالى يحقق أرباحا أكثر، شرط إقناع الزبائن بأن السمن بلدى 100%، وذلك بواسطة الشكل أو المظهر الخارجى للتاجر، والذى يلتزم بارتداء "الجلابية الفلاحى"، وبالنسبة للسيدات يلتزمن بشكل "الفلاحة الأصيلة"؛ للتأكد من دخول الحيلة على الزبائن، وتحقيق أرباح قد تصل فى اليوم الواحد إلى 10 آلاف جنيه.

"بلال سامى"، تاجر للسمن البلدى، ومورد من فلاحى محافظة الغربية، كشف لـ"الزمان"، عن انتشار السمن المغشوش، قائلاً: "إن طريقة التصنيع عبارة عن خلط لزيوت مضاف عليها شحم صناعى أبيض، وبودرة ألبان وعظام حيوانات مطحونة، ويتم خلط كل هذه التركيبة داخل وعاء كبير وتسخين الكمية عند درجة حرارة معينة، حيث يتم سكبها داخل أوعية أقل حجمًا على هيئة "السمن البلدى"، ووضعها داخل "ديب فريزر" لحين تجميدها، ثم طرحها على المستهلكين بأسعار من 50 إلى 60 جنيها".

وأضاف، أنهم يسمونها السمن المهدرج أحيانًا، ونسميها فى الفلاحين "سمن المعامل"، وهى ضارة على صحة الإنسان وغير صالحة للاستهلاك الآدمى، وتؤثر على نمو الأطفال السليم، ويتم تصنيعها بواسطة تجار معدومى الضمير، يبحثون عن المكسب السريع، وللأسف يتم ترويجها فى جميع أرجاء الجمهورية، ولكن لن تجد التاجر المروج لتلك البضاعة من نفس البلد، ربما يكون من بلد مجاور ويبيع بضاعته فى بلد آخر خوفًا من غضب الأهالى بعد تجربة السمن، حيث ينبعث عنها رائحة كريهة بعد وضعها على النار، وتبدأ فى الغليان إلى أن تذوب تمامًا وتتبخر، ولن تجد "ربة المنزل" شيئا موجودا فى الوعاء.

واستطرد، يمكن التفريق بينها وبين السليمة بواسطة الرائحة والطعم، وعند وضعها على النار ينكشف كل شىء، وقد انتعشت بقوة تلك الأيام بالتزامن مع الظروف الطارئة التى تمر على المواطنين، وغلاء أسعار المنتجات بشكل عام، وهنا يظهر تاجر غشاش مرتدى عباءة شخص زاهد فى الدنيا، ولا يبحث عن المكسب، إنما يبحث عن تلبية حاجة الفقراء بينما هو شيطان كبير.

وتلتقط الدكتورة "فتحية وهبة"، استشارى الطب البيطرى، طرف الحديث، قائلة: "إن الأضرار الجانبية لاستهلاك السمن المغشوش كبيرة للغاية، ولا يمكن تداركها لاحقًا، وهى بضاعة فاسدة يمكن الكشف عنها بالمعاينة الظاهرية، وهنا ينبغى توعية ربات البيوت، فإذا كنت تستهلك السمن المغشوش، فإن بقايا الحيوانات المستخدمة فى تصنيعه تؤدى إلى الإصابة بأزمة قلبية فى أى وقت، وضرر بالدورة الدموية، وهذا يمكن أن يؤدى إلى قتلك، وفى حال احتواء السمن على مواد كيميائية وسموم، فإنه يؤدى إلى الإصابة بمشاكل فقر الدم والدماغ، وعند احتوائها على عنصر الكادميوم، يمكن أن يسبب ذلك الإصابة ببعض أنواع السرطانات، ويحدث ضررا بالمسالك البولية والكلى عند استخدامها بشكل منتظم".

وأضافت، أن الحملات الرقابية وإبلاغ المواطنين عن هؤلاء التجار، مسئولية مشتركة بين الأجهزة التنفيذية وبين المواطنين، وفيما يرتبط بالطعام والشراب، دائمًا ما أنصح المواطنين بالتعامل فقط مع أشخاص سبق لنا التعامل معهم، دون الشراء من أشخاص جدد، فإذا كان المنتج أغلى بضعة جنيهات قليلة أفضل من أن يكون مغشوشا ويضر بأفراد الأسرة.

كما رصدت "الزمان"، رواية لشخص مطلع على كيفية تصنيع تلك المنتجات، وصولاً إلى بيعها للزبائن، وقد اشترط عدم ذكر اسمه، حيث أوضح "ت. ج"، فى مستهل حديثه، أن بيزنس بيع السمن المغشوش يضاهى فى مكاسبه حجم تجارة المخدرات، وهو أمان ولا يمكن أن تحدث به أى ملاحقة أمنية، وإذا ما ألقى القبض على التاجر، فإن أقصى ما يمكن أن يحدث له هو غرامة لن تتجاوز بضعة جنيهات، بعد أن يلقى بالتهمة على تاجر الجملة، ويكون شخصا مجهول الهوية بالأساس لا يمكن رصده.

وأضاف، أنه يتم تجميع عظام الحيوانات من السلخانة، وطحنها إلى أن تتحول لبودرة، وخلطها بشحم صناعى أبيض، ومواد كيماوية الغرض منها جعل المادة متماسكة، ويتجنب التاجر ترويج بضاعته فى الصيف أو وقت ارتفاع الحرارة؛ خوفًا من ذوبان السمن ومن ثم انبعاث رائحة كريهة منه، يؤدى إلى كشف أمره أمام الزبائن، وبعض التجار يقومون بوضع طبقة من السمن البلدى السليم على السمن المغشوش؛ لتبدو وكأنه سمن سليم 100%، والحرص فى كل الأحوال على نزول التاجر لمنطقة ما مرة واحدة فقط أو مرتين، وعلى فترات متباعدة؛ لكى لا ينكشف أمره بين الأهالى.

واستطرد، أتذكر أن أحد التجار قبل سنوات قليلة، أرسل زوجته لسوق "منوف" بالمنوفية- ويقام كل ثلاثاء- وكانت من قرية البرادعة بالقناطر الخيرية، وألقى الأهالى القبض عليها بعدما رصدوها من قبل فى ذات السوق، وتلقت "علقة ساخنة" بسبب هذا السمن المغشوش.

من جانبه، أوضح الدكتور باسم محمد، استشارى الجهاز الهضمى والكبد، أن السمن المصنع داخل معامل بير السلم وبتلك الطريقة، والذى يحتوى على مسحوق عظام، فإنه يؤثر على الهضم، مما يسبب ضررا على الكليتين والكبد، ويمكن أن يؤدى للإصابة بالسكتة الدماغية، وفى حال احتواء السمن المغشوش على الزنك، فإنه يسبب الإجهاض للنساء الحوامل، كما أن له مضاعفات طبية خطيرة، خاصة أننا على أعتاب شهر كريم يرتفع فيه حجم استهلاك المواطنين من السمن البلدى، ومع انتشار وباء كورونا، فقد يؤثر على مناعة المصريين بشكل كبير، وهنا لا بد أن ندق ناقوس الخطر.

وشدد على ضرورة الشراء من أماكن نثق فى أصحابها، وعدم التعرض لمنتجات تنزل إلى الأمعاء عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ففى أغلب الأحيان تكون غير صالحة للاستهلاك الآدمى.

click here click here click here nawy nawy nawy