الزمان
إبراهيم فايق: الأهلي يعلن عن مدربه الجديد خلال يومين فقط تحرك عاجل من الأهلي للتعاقد مع بديل كولر.. مصطفى عبده يكشف أمين مجلس التعاون المصري الكويتي: البنية التحتية المصرية تغيرت بشكل كبير في جميع المجالات الصحة العالمية تشدد على ضرورة إنهاء المنع الإسرائيلي للمساعدات إلى غزة بالفيديو.. «ريم الهوى» تتصدر الترند بعد أسبوعين من طرح ما قدر غلاتك رئيس الوزراء يشارك في قمة الدول المساهمة ببعثة الاتحاد الأفريقي للدعم استقرار الصومال ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان غزة منذ 18 مارس الماضى إلى 2062 شهيدا و5375 مصابا بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء 2025.. الإفراج بالعفو عن عدد من النزلاء المحكوم عليهم الزراعة تستعرض إنجازات الدولة المصرية مجال النهوض بصناعة الدواجن زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب شمال الإكوادور الصحة: إصدار 10 آلاف قرار علاج بجراحات زراعة الأنسجة والأعضاء بـ360 مليون جنيه «الداخلية»: القبض على شخصين لحيازتهما «صقورًا» بالقاهرة
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

فن

في ذكرى رحيل الضاحك الباكي نجيب الريحاني.. تعرف على أبرز أعماله

الفنان نجيب الريحاني
الفنان نجيب الريحاني

يمثل اليوم ذكري رحيل الفنان نجيب إلياس ريحانة الشهير باسم نجيب الريحاني (21 كانون الثاني (يناير) 1889م 20 جُمادى الأولى 1306هـ - 8 حُزيران (يونيو) 1949م 12 شعبان 1368هـ)،

هو مُمثل فُكاهي مصري من أصل عراقي. يُعد أحد أبرز رُوَّاد المسرح والسينما في الوطن العربي عُمومًا ومصر خُصوصًا، ومن أشهر الكوميديين في تاريخ الفُنون المرئيَّة العربيَّة.

وُلد في حي باب الشعريَّة بِمدينة القاهرة في زمن الخديويَّة، لِأبٍ عراقيٍّ كلدانيّ يُدعى «إلياس ريحانة»، كان يعمل بِتجارة الخيل، فاستقر به الحال في القاهرة لِيتزوَّج امرأةً مصريَّة قبطيَّة أنجب منها ثلاثة أبناء منهم نجيب. تلقَّى الريحاني تعليمه في مدرسة الفرير (بالفرنسية: Les Frères)‏ الفرنسيَّة بالقاهرة، وفيها تجلَّت موهبته التمثيليَّة المُبكرة، فانضمَّ إلى فريق التمثيل المدرسيّ، واشتهر بين مُعلميه بقُدرته على إلقاء الشعر العربي، حيثُ كان من أشد المُعجبين بالمُتنبي وأبو العلاء المعرِّي، كما أحب الأعمال الأدبيَّة والمسرحيَّة الفرنسيَّة. بعد إتمامه دراسته، عمل مُوظفًا بسيطًا في شركةٍ لِإنتاج السُكَّر في صعيد مصر، وكان لِتجربته هذه أثرٌ على العديد من مسرحياته وأفلامه السينمائيَّة لاحقًا، وعاش لِفترةٍ مُتنقلًا بين القاهرة والصعيد. وفي أواخر العقد الثاني من القرن العشرين الميلاديّ أسس مع صديق عُمره بديع خيري فرقةً مسرحيَّة عملت على نقل الكثير من المسرحيَّات الكوميديَّة الفرنسيَّة إلى اللُغة العربيَّة، وعُرضت على مُختلف المسارح في مصر وأرجاء واسعة من الوطن العربي، قبل أن يُحوَّل قسمٌ منها إلى أفلامٍ سينمائيَّة مع بداية الإنتاج السينمائي في مصر.

تزوَّج الريحاني امرأةً لُبنانيَّة تُدعى بديعة مصابني تعرَّف إليها أثناء إحدى عُروضه في لُبنان، واصطحبها معهُ إلى مصر حيثُ افتتحت ملهىً خاصًا بها اشتهر باسم «كازينو بديعة»، كما أسست فرقتها المسرحيَّة الخاصَّة كذلك التي عُرفت باسم «فرقة بديعة مصابني» والتي اكتشفت العديد من المواهب التمثيليَّة في مصر. انفصل الريحاني عن بديعة مصابني في وقتٍ لاحق، ليتزوَّج بامرأةٍ ألمانيَّة هي «لوسي دي فرناي» وأنجب منها ابنته الوحيدة. أُصيب الريحاني في أواخر أيَّامه بِمرض التيفوئيد الذي أثَّر سلبًا على صحَّة رئتيه وقلبه، وفي يوم 8 حُزيران (يونيو) 1949م المُوافق فيه 12 شعبان 1368هـ، تُوفي الريحاني في المُستشفى اليُوناني بِحي العبَّاسيَّة بِالقاهرة، ولمَّا يختتم تصوير آخر أفلامه، ألا وهو «غزل البنات»، وكان لهُ من العُمر 60 سنة

 

ترك نجيب الريحاني بصمةً كبيرةً على المسرح العربي والسينما العربيَّة، حتَّى لُقِّب بِـ«زعيم المسرح الفُكاهي» في مصر وسائر الوطن العربي، ويرجع إليه الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي في مصر، وربطه بالواقع والحياة اليوميَّة في البلاد بعد أن كان قبلًا شديد التقليد للمسارح الأوروپيَّة، ويُعرف عنه قوله (في خليطٍ من اللهجة المصريَّة العاميَّة واللُغة العربيَّة الفُصحى): «عايزين مسرح مصري، مسرح ابن بلد، فيه ريحة "الطعميَّة" و"المُلوخيَّة"، مش ريحة "البطاطس المسلوق" و"البُفتيك"... مسرح نتكلَّم عليه اللُغة التي يفهمها الفلَّاح والعامل ورجل الشارع، ونُقدِّم لهُ ما يُحب أن يسمعهُ ويراه...». وكان لِلريحاني وأُسلوبه التمثيلي تأثيرٌ على العديد من المُمثلين اللاحقين، منهم فُؤاد المُهندس الذي اعترف بتأثير أُسلوب الريحاني عليه وعلى منهجه التمثيلي. وقد أدَّى دور الريحاني عدَّة مُمثلين في عدَّة مُسلسلات تلفزيونيَّة تحدثت عن بدايات الفن المسرحي والسينمائي في مصر والوطن العربي.

نشأته

مولده ودراسته

 

وثيقة تعميد نجيب الريحاني على يد الخُوري يُوحنَّا طوَّاف يوم 15 أيَّار (مايو) 1889م (المُستطيل الأحمر).

وُلد نجيب الريحاني بِمدينة القاهرة يوم 21 كانون الثاني (يناير) 1889م، المُوافق فيه 20 جُمادى الأولى 1306هـ، من أبٍ عراقي كلداني يُدعى «إلياس ريحانة»، وامرأة مصريَّة قبطيَّة أرثوذكسيَّة تُدعى «لطيفة بُحلُق»، وكان أحد ثلاثة أبناء لِوالديه، وعُمِّد على يد الخُوري يُوحنَّا طوَّاف يوم 15 أيَّار (مايو) 1889م. أمضى الريحاني طُفولته في حي باب الشعريَّة، الذي كان مقر الطبقة المُتوسطة القاهريَّة في ذلك الوقت. وكان أبوه يمتلكُ مصنعًا للجبس يدُرُّ عليه ربحًا وفيرًا، يكفل لِزوجته وأبناءه حياةً كريمة. وقد أتاح هذا الأمر لِأبنائه أن يلتحقوا بِأرقى المدارس، آنذاك، إذ تابع نجيب عُلومهُ في مدرسة «الفرير» (بالفرنسية: Les Frères)‏ الفرنسيَّة، حيثُ تلقَّن تعليمه بِتلك اللُغة حتَّى ألمَّ بها إلمامًا كبيرًا. وكان يتميَّز في هذه المرحلة من حياته بِهُدوئه وميله لِلعُزلة وانكبابه على الدراسة، وأظهر معها اهتمامًا باللُغة العربيَّة والأدب، فتأثر بالمُتنبي وأبو العلاء المعرِّي، واستوقفتهُ آثار الأُدباء الفرنسيين مثل: ڤيكتور هوگو وجان دو لاڤونتين وموليير. هذا الميل الأدبي تبلور لديه في حُب الشِّعر، الذي كان يُجيد إلقائه بِاللُغتين العربيَّة والفرنسيَّة، ممَّا أثار انتباه مُدرسيه، وفي مُقدمتهم الشيخ بحر أُستاذ اللُغة العربيَّة، الذي أبدى إعجابه الشديد بإلقاء الريحاني لِلشعر، وأثنى على حُبِّه للتمثيل، فأخذ يعهد إليه بِإلقاء الشعر في المُناسبات، ورشَّحهُ لِعدَّة مسرحيَّات مدرسيَّة وأسند إليه فيها أدوارًا تمثيليَّة. ولم يمضِ وقتٌ قصير حتَّى أسند إليه رئاسة فريق التمثيل. وكان الريحاني حين يعود إلى بيته، يُغلق باب حُجرته، ويُدرِّب نفسه على الإلقاء بِصوتٍ مُرتفع يبلغ مسامع الجيران.

 

وفاة والده

تُوفي والد الريحاني وهو طالب. ويظهر أنَّهُ أوصى بِكُل ثروته لابنة أُخته اليتيمة، بحُجَّة أنَّ أبناءه قادرون على إعالة أنفُسهم، في حين أنَّ المرأة لا تستطيع. وكان أن وجد الابن الأكبر «توفيق» كاتب المحكمة - نفسه مسؤولًا عن إعالة الأُسرة. حتَّى إذا حصل نجيب على شهادة «البكالوريا» (الثانويَّة العامَّة) - وهو لم يبلغ السادسة عشرة بعد - التحق بِعملٍ بالبنك الزراعي، لِيُساهم بِدوره في الإنفاق على أُسرته.

 

حياته قبل الاحتراف

في البنك الزراعي

 

عزيز عيد بعد أن تقدَّمت به السُنون.

 

عندما بدأ الريحاني بِعمله في البنك الزراعي، تعرَّف على عزيز عيد، وهو مُخرجٌ شاميّ شاب لم يكن عمله في البنك يمنعه عن مُولاة التمثيل - فلم تلبث أن جمعت بينهما صداقةٌ متينة، تأصَّل حُب الريحاني لِلمسرح في ظلِّها، إذ أخذ الصديقان يتردَّدان معًا - لِعدَّة أشهر - على الفرق المسرحيَّة بالقاهرة. وتمكنا من الحُصول على وظيفتيّ «كومبارس» بِدار الأوپرا، حيثُ كانت الفرق الأجنبيَّة تعمل في موسم الشتاء، وكانت أوَّل رواية اشترك الريحاني في تمثيلها هي رواية «الملك يلهو» وكان قد ترجمها أديب اسمه أحمد كمال رياض بك. وبذلك أُتيح للريحاني مُشاهدة تمثيل بعض كبار المسرحيين في زمانه، مثل: جان مونيه - سيلي (بالفرنسية: Jean Mounet-Sully)‏، وبنوا قسطنط كوكلان (بالفرنسية: Benoît Constant Coquelin)‏، ولوسيان جرمان گيتري (بالفرنسية: Lucien Germain Guitry)‏، وسارة برنار (بالفرنسية: Sarah Bernhardt)‏. وفي أواخر سنة 1907م، قرَّر عزيز عيد تكوين فرقته المسرحيَّة الخاصَّة. فلم يلبث أن ظهر «جوق عزيز عيد»، في شهر أيلول (سپتمبر) من السنة نفسها. وكان من الطبيعي أن ينضم الريحاني إلى هذه الفرقة التي تخصصت في تمثيل فارسات الكاتب الفرنسي جورج فيدو، مثل «گرنگوار» وهي من ترجمة عزيز عيد نفسه.

 

كان عزيز عيد شغوفًا بالكوميديا أكثر منه بِالميلودراما، مُتطلعًا إلى ترقية الكوميديا المصريَّة المحليَّة. لِذلك كان يعتقد أنَّهُ على الجُمهور أن يتعوَّد كوميديا أرقى من أُسلوب «الفصل المُضحك» والأوپريتات التي كانت الفرق الشاميَّة تُمثلها، إيمانًا منه بِحاجة الجمهور إلى مُشاهدة «الفارس» الفرنسي، لِيتعرَّف على موضوعات الحياة المُعاصرة وقواعد البناء الكوميديّ. ولمَّا كان الريحاني قليل الاهتمام بِالكوميديا، فإنَّهُ لم يلبث أن انفصل عن الفرقة. إذ كان - ككثيرين من أبناء جيله - مُتأثرًا بالرأي القائل بِأنَّ الدراما الجادَّة وحدها هي الجديرة بِالمُشاهدة. لكنَّهُ لم يلبث أن تحوَّل عن هذا الرأي بل إنَّهُ أخذ يُعارضه بِشدَّة. واستمرَّ هذا النمط التمثيلي يُسيطر على الريحاني، بحيثُ كان يستظهر قصائد هوگو وأشعار المُتنبي ولُزوميَّات أبي العلاء المعرّي، فكان ما أن يعود من عمله حتَّى يخلوا بنفسه في المنزل ويُلقي ويُمثِّل أمام المرآة، حتَّى ضجَّت والدته وكاد إخوته أن يهجروا المنزل، لكنَّهُ لم يكن يعبء بِتلك العراقيل، واستمرَّ يُرضي هوايته، كما ذكر في مُذكراته. استقال عزيز عيد من عمله في البنك سنة 1908م لِيتفرَّغ تمامًا للتمثيل، وانتقل بِفرقته المسرحيَّة إلى مسرح إسكندر فرح بِشارع عبد العزيز، وتشارك مع المُمثل القديم سُليمان الحدَّاد، وعرض رواياتٍ مُترجمة عن الفرنسيَّة منها: «ضربة مقرعة»، و«الابن الخارق للطبيعة»، و«عندك حاجة تبلَّغ عنها»، و«ليلة زفاف». وكان الريحاني بِحُكم ارتباطه برابطة الزمالة مع عزيز عيد في البنك تُسند إليه أدوار ثانويَّة صغيرة. ولم يكن انصراف الريحاني لِلمسرح يسمح لهُ بالانتظام في عمله بالبنك، ففُصل منه بعد قليل، بعد أن أصبح عدد أيَّام تغيُبه عن عمله لا يُطاق بالنسبة لِلإدارة، على أنَّ الريحاني أشار في مُذكراته أنَّ ما وُصف بأنَّهُ عمله في البنك لم يكن عملًا حقيقيًّا على الإطلاق، فقال: «وَلَم تَجِد إِدَارَةُ البَنكِ إِزَاءَ هَذِهِ الحَالَاتِ الصَّارِخَةِ إلَّا أن تًسْتَغنِي عَن عَمَلِي. وَأيُّ عَمَلٍ يَا حَسْرَة؟ هُوَّ أَنَا كُنت بَاشْتَغَل؟!».

 

مع فرقة سليم عطا الله

بعد فصله من البنك، أخذ الريحاني يُمضي أكثر أوقاته في المقهى المُقابل لِمسرح إسكندر فرح. وذات يوم، عرض عليه المُمثِّل الشَّامي أمين عطا الله الذي كان قد تعرَّف عليه في فرقة عزيز عيد - العمل بِفرقة أخيه سليم بِالإسكندريَّة، لقاء أربعة جُنيهات مصريَّة في الشهر، فقبل الريحاني على الفور، وكان ذلك أوَّل مُرتَّب ذو قيمة تناوله من التمثيل. وكانت أوَّل مسرحيَّة مثَّلها الريحاني هي مسرحيَّة «شارلُمان»، التي أُسند إليه فيها دور الإمبراطور الإفرنجي، وهو دورٌ ثانويّ. ويُذكر أنَّهُ أدى دوره بِنجاحٍ مُبهرٍ في ليلة الافتتتاح حتَّى طغى على البطل نفسه، أي المُدير سليم عطا الله الذي كان يُشارك بالتمثيل، وما أن أُسدل ستارُ هذا الفصل حتَّى هرع إلى الريحاني جمهرة من الكُتَّاب والأُدباء وأغلبهم من أصدقاء مُدير الفرقة وصافحوه مُهنئين ونصحوا المُدير بالاحتفاظ به لأنَّه سيكون - على حد قولهم - مُمثلًا لا يُشقُّ لهُ غُبار. غير أنَّ هذا النجاح يبدو أنَّهُ أثار عليه حقد المُدير سليم عطا الله، فقرر فصله.

 

في شركة السُكَّر بالصعيد

بعد فترةٍ طويلةٍ قضاها الريحاني بلا عمل، تحوَّل لِلبحث عن عملٍ في مجالٍ آخر غير المسرح، حتَّى كانت سنة 1910م، حيثُ التحق بِشركة السُكَّر بِنجع حمادي في صعيد مصر. وسارت أحواله على ما يُرام خلال سبعة أشهر، إلى أن أُغرم بِزوجة مُدير الحسابات التي كانت تصغر زوجها بِسنين كثيرة. فحاول أن يلقاها ذات يوم، لا سيَّما وأنَّ مسكنه كان مُواجهًا لِمسكن الزوجين، وكان زوجها مُتغيبًا في القاهرة لِقضاء مُهمَّة مصلحيَّة. وأثناء مُحاولة الريحاني التسلل إلى غُرفة نوم تلك الامرأة، فوجئ بالخادمة التي استيقظت في تلك اللحظة وعلا صُراخها حتَّى صحا الجيران، ووفد الخُفراء وألقوا القبض على الريحاني. وذاعت أنباء الفضيحة في البلدة، ففُصل الريحاني من عمله، وعاد إلى القاهرة وإلى الجُلوس في المقهى.

 

 

لقطة من فيلم «سلامة في خير» إنتاج سنة 1937م، يظهر فيها الريحاني بِدور المُوظف البسيط، وهذه إحدى تأثيرات عمله في شركة السُكَّر بالصعيد.

وازدادت أحوال الريحاني سوءًا على سوء عندما طردته والدته من المنزل بعد فصله من عمله كونها كانت قد ضاقت به ذرعًا. فعاش لِفترةٍ مُتشردًا في شوارع القاهرة، فكان يُمضي نهاره جالسًا في المقهى حتَّى تُغلق أبوابه في الساعة الثانية صباحًا، ثُمَّ يذهب لِيفترش إفريز كوبري قصر النيل حتَّى طُلوع الشمس، ثُمَّ يُعاود الذهاب إلى المقهى. وبعد فترةٍ على هذه الحالة، تمكَّن الريحاني من العُثور على عملٍ كمُترجمٍ ومُعرِّب بِفرقة الشيخ أحمد الشَّامي، وهي فرقة مسرحيَّة جوَّآلة مشهورة، ترجم لها مسرحيتين فرنسيتين، إحداهما «عُشرون يومًا في الظل» التي حوَّلها - فيما بعد - إلى مسرحيَّةٍ طويلةٍ من إعداده. وكانت ظُروف العمل بالفرقة شاقَّة وبدائيَّة، إذ كانت العُروض تُقام على ألواحٍ خشبيَّةٍ مرصوصة فوق براميل، وكانت الفرقة تتنقل من مدينةٍ إلى أُخرى في طول مصر وعرضها، وكان الريحاني ينام على الأرض، ويتقاضى أجره لبنًا وبيضًا، لكنَّهُ كان يتقبَّل الأمر بِرُوحٍ مرحة. وذات يومٍ فُوجئ بِزيارة أُمِّه له، التي أتته تحمل خطابًا من شركة السُكَّر يُتيح لهُ العودة إلى عمله السَّابق، وفي نفس الوقت حاولت إقناعه مُجددًا بِترك التمثيل وبيئته «الوضيعة» والعودة إلى الحياة «الكريمة». وتقبَّل الريحاني العرض مُستسلمًا لأنَّهُ كان قد ذاق الهوان في هذه الفرقة. وتبع أُمَّه إلى القاهرة، ومنها سافر إلى شركة السُكَّر بِنجع حمادي.

 

قضى الريحاني سنتين في هُدوء الريف ودعته، وابتعد عن الحركات الصبيانيَّة التي اشتهر بها قبلًا، فجدَّ في عمله حتَّى حاز ثقة مُدير الشركة وغيره من الرُؤساء، فارتفع بِذلك مُرتبه إلى أربعة عشر جُنيهًا في الشهر. وفي سنة 1912م تلقَّى رسالةً من عزيز عيد يُخبره فيها بِإنشاء فرقة دراميَّة جديدة تولَّى إدارتها المُمثل جورج أبيض، الذي كان قد عاد من باريس، حيثُ درس الفن المسرحي تحت إشراف المُمثل الكبير «سيلڤان». وكانت هذه الخُطوة بِمثابة إحياء لِلآمال في إنعاش الحياة المسرحية بالقاهرة. وقرأ الريحاني هذه الرسالة بِهُدوءٍ مُصطنع. ومع أنهُ لم يكن مُستعدًا لِلمُخاطرة باستقراره مرَّة أُخرى، فإنَّهُ لم يعد يستطيع مُقاومة إغراء المسرح، بعد أن طالع في الصُحف أنباء نجاح فرقة أبيض. فحصل على إجازة، وسافر إلى القاهرة، وهُناك شاهد جميع مسرحيَّات جورج أبيض، ثُمَّ عاد بعد شهرين إلى عمله لِنفاذ نُقوده، وإن كان شغفه بالتمثيل قد صار أقوى من ذي قبل. ومضت سنتان أُخرتان، لم يطرأ فيهما تغييرٌ يُذكر على حياة الريحاني، سوى أنَّ عرَّافة فرنسيَّة تنبأت لهُ بِأحداثٍ في المُستقبل، قُدِّر لها أن تتحقق بعد سنوات، كما أورد في مُذكراته. وفي سنة 1914م، فُصل الريحاني مرَّة أُخرى من شركة السُكَّر، فعاد إلى القاهرة مُجددًا، على أنَّ فترة عمله في الشركة تركت فيه أثرًا انعكس في الكثير من أفلامه السينمائيَّة لاحقًا، حيثُ أدَّى دور المُوظف البسيط.

 

مسيرته الفنيَّة

مع فرقة جورج أبيض

 

الإمبراطور النمساوي فرانس جوزف الأوَّل، الذي تقمَّص الريحاني دوره في مسرحيَّة «صلاح الدين الأيُّوبي»، في سبيل إضحاك الجُمهور.

بعد عودته إلى القاهرة، التحق نجيب الريحاني بِفرقة جورج أبيض، الذي كان قد ضمَّ - قُبيل ذلك - فرقته إلى فرقة سلامة حجازي. وكانت أوَّل مسرحيَّة يظهر فيها الريحاني هي «صلاح الدين الأيُّوبي»، وهي ميلودراما تاريخيَّة. وكان جورج أبيض يضطلع فيها بِدور الملك الإنگليزي ريتشارد الأوَّل قلب الأسد، بينما اختير للريحاني دورًا صغيرًا هو ملكُ النمسا، وكان كُل ما عليه أن يفعله هو أن يقف من جورج أبيض موقف المُبارز ويتكلَّم بضع كلماتٍ فقط. وكانت الحرب العالميَّة الأولى قد اشتعلت في ذلك الوقت (سنة 1914م)، وكانت الصُحف والمجلَّات المصريَّة والعُثمانيَّة والأجنبيَّة تنشر صُورًا لِمُلوك وأباطرة الدُول المُتحاربة، ومن بينها صورة الإمبراطور النمساوي فرانس جوزف الأوَّل، فخطر للريحاني أن يتقمَّص شخصيَّة هذا الإمبراطور ما دام دوره هو «ملك النمسا»، فتبرَّج ووضع لحيةً اصطناعيَّة على وجهه، ثُمَّ خرج إلى المسرح حينما حان الوقت، فضجَّ الجمهور بالضحك، ويروي الريحاني في مُذكراته قصَّة هذه الحادثة فيقول: «اندَفَعَ جورج أَبيَض ثَائِرًا مِثلَ رِيتشَارد قَلب الأَسَد، فَفُوجِئ بِمَظهَرِي هَذا. وَتَبَخَّرَت حَمَاسَتُه، وَانطَفَأَت شُعلَتُه، وَأَحسَسْتُ بِأَنَّهُ يُغَالِبُ عَاصِفةً مِنَ الضَّحِك تَكَادُ تَتَفَجَّرُ عَلَى شَفَتَيهِ وَمِن أَسَارِيرِ وَجهِهِ!... كُلُّ ذَلِكَ وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي لَا أَبْتَسِمُ وَلَا أُخَالِفُ طَبِيْعَةَ المَوْقِف... أَقُولُ إنَّ جورج أبيض دَخَل ثَائِرًا، وَهُوَ يَصْرِخُ مُرَدِّدًا كَلِمَةَ رِيتشَارد المَأثُورَة: "وَيلٌ لِمَلِكِ النَّمسَا مِن قَلبِ الأَسَد!"... وَلَكِن وَيلٌ إيه وبتاع إيه. مَا خَلَاص مَا خَلَاص، جورج مَا بَاقاش جورج والمسرح بَقَا عيضه، والحَابل اختلط بالنابل زي ما بيقولوا». وعلى أثر ذلك الحادث، فُصل الريحاني من الفرقة، ولم يُصبح بلا عمل فقط، بل إنَّهُ وجد جميع الأبواب مُغلقة في وجهه كذلك.

 

فرقة الكوميدي العربي والتشارك مع عزيز عيد

بعد فصله من الفرقة، أخذ الريحاني يتردد على المقهى يوميًّا، لِيقضي أوقات فراغه. ولحق به عزيز عيد، الذي ترك هو الآخر فرقة جورج أبيض مع صديقته اللُبنانيَّة روز اليُوسُف، وجلس الاثنان يتشاوران في أمر مُستقبلهما، وسُرعان ما انضمَّ إليهما بعض المُمثلين الذين كانوا يُعانون الإفلاس والبطالة مثلهم، ومنهم: أمين صدقي، واستيفان روستي، وحسن فائق، وعبدُ اللطيف جمجوم، وكانوا جميعًا يتطلَّعون إلى تكوين فرقة جديدة. وذات يومٍ قدَّم لهم ثري من رُوَّاد المقهى عشرة جُنيهات، لِيبدءوا في تكوين الفرقة. فأنشأوا بِهذا المبلغ «فرقة الكوميدي العربي» في صيف سنة 1915م، تحت إشراف عزيز عيد. واستهلَّت الفرقة نشاطها في مسرح «برنتانيا» بِإحدى فارسات جورج فيدو، هي «خلِّي بالك من إميلي» (بالفرنسية: Occupe-toi d'Amélie)‏ وهي من ترجمة أمين صدقي. وأعلن عزيز عيد أنَّ مُشاهدة هذه المسرحيَّة مقصورة على الرجال فقط، إذ ما من سيِّدة مصريَّة مُحترمة كانت - حتَّى ذلك الحين - تجرؤ على حُضور عرض مسرحيَّة تُشيد بِمُغامرات مومس. وعلى الرُغم من طرافة موضوع المسرحيَّة، فإنَّ جُمهور الرجال أخفق في تذُّوق فيدو، لأنَّهُ لم يكن يتقبَّل عرضًا بلا موسيقى. كذلك هاجم النُقَّاد هذه المسرحيَّة بحُجَّة مُخالفتها «لِلواقع والمنطق والأخلاق». وبعد شهرين انتقلت الفرقة إلى مسرحٍ آخر أقل نفقات، وهو مسرح «الشانزليزيه» بِالفجالة. ولم يُكتب لِهذه المُحاولة النجاح، والسبب هو أنَّ فارسات عيد الفرنسيَّة، كانت تخدش حياء الجُمهور. وانخفض دخل الفرقة عمَّا كان عليه في مسرح «برنتانيا»، ممَّا أدَّى إلى توقُّف عُروضها، فاضطرَّ عيد إلى ضم فرقته إلى فرقة عُكاشة في 3 تشرين الثاني (نوڤمبر) 1915م المُوافق فيه 26 ذو الحجَّة 1333هـ، كما كان يفعل مُعظم أصحاب الفرق في ذلك الوقت. وفي نهاية الأمر، حلَّ فرقته، وعاد إلى عمله السَّابق بِفرقة أبيض.

 

ويرجع فشل مُحاولة عيد الثانية في مجال الكوميديا إلى سببين أساسيين: أولًا شُعور الجُمهور بالخجل أمام فارسات عيد الجريئة. حتَّى إنَّ عنوان إحداها، «يا ستِّي ما تمشيش كده عريانة» (بالفرنسية: Madame ne Marchez Pas Donc Toute Nue)‏ أثار حملة نقد عنيفة في الصُحف والجرائد، إذ خشي البعض - بِوحي العنوان - أن تظهر مُمثلة عارية على المسرح. ثانيًا اعتقاد الجُمهُور أنَّ الميلودرامات الموسيقيَّة وتراجيديَّات جورج أبيض الكلاسيكيَّة هي وحدها الأشكال المسرحيَّة الجديرة بالاحترام، وأنَّ الكوميديا - وبِخاصَّةً الكوميديا المكتوبة بالعاميَّة - لا تستحق الاهتمام. وعلى الرُغم من هذا الفشل، فإنَّ هذه التجرُبة عادت على الريحاني بِفائدةٍ كبيرة، إذ تلقَّى في فرقة عيد تدريباته الفنيَّة الوحيدة في حياته. فتعلَّم فن الإخراج، وتعرَّف على أُسلوب وتقنيَّة الفارس الفرنسي، الذي قُدَّر لهُ أن يكون ذا الأثر الأكبر على أغلب مسرحيَّاته التالية، وأخيرًا تأكَّد الريحاني من أنَّ موهبته التمثيليَّة تتألَّق في الكوميديا، وذلك بعد براعته في تأدية دور «پوشيه» والد إميلي، وقال بالنسبة لِهذا الأمر: «إنَّ نَجَاحي - كَمَا يَقُولُون - فِي هَذَا الدًّور جَاءَ عَجيبًا مُذهِلًا لِي. إِنِّي أُحِبُّ الدّرَامَا وَأُجِيدُهَا، وَمَا تَوَقَّعتُ أَبَدًا أن يَنَالَ تَمثِيلِي لِدَورِ "پوشيه" كُلُّ هَذَا النَّجَاحِ الكَبِير الذي أَحْرَزتُه فِي تِلكَ الليلَة.. وَلَقَد لَفَت نَجَاحِي وَإِقبَالُ الجُمهُورِ وَتَهلِيلِهِ وَصِيَاحِهِ أنظَارَ زُمَلَائِي فِي الفِرقَة، وَخَاصَّةً صَدِيقِي عِيد. وَكَانَ سَبَبًا فِي إِصرَارِ عَزيز عَلَى تَمثِيلِي الأَدوَارَ الفُكَاهِيَّةَ دَائِمًا». على أنَّ الريحاني لم يلبث أن اختلف مع عيد في إحدى المسائل الحيويَّة. فقد كان يرى أنَّ اقتباس المسرحيَّات الفرنسيَّة ينبغي أن يتماشى مع ذوق المُجتمع المصري والعربي والشرقي عُمومًا، ومع عاداته وتقاليده وطباعه، وألَّا تخرج هذه المسرحيَّات مُطابقة لِصُورتها الأصليَّة. واتَّسعت هُوَّةُ الخلاف بينهما، حتَّى اضطرَّ الريحاني إلى ترك الفرقة في شهر نيسان (أبريل) سنة 1916م بعد أن أتمَّ تدريباته، مُكملًا بذلك المرحلة الأولى من حياته في المسرح، مُؤهلًا لِكي يشق طريقه الخاص.

 

مرحلة «الأبيه دي روز» وكشكش بك (1916 - 1917م)

بانفصال الريحاني عن عزيز عيد تبدأ المرحلة الثانية من حياته الفنيَّة، التي بدأ يلمع فيها كفنَّان كوميدي أصيل، ابتكر ما يُعرف باسم الكوميديا «الفرانكوعربيَّة» أو «الفرانكو-آراب» (بالفرنسية: Franco-Arabe Comédie)‏، كما ابتكر شخصيَّته المشهورة «كشكش بك»، العُمدة الريفي. وحتَّى شهر حُزيران (يونيو) سنة 1916م، كان الريحاني مُتعطلًا، تمضي حياته بلا هدف. وفي مساء أوَّل حُزيران (يونيو) من السنة سالِفة الذِكر، كان الريحاني جالسًا في مقهى مسرح برنتانيا، فأتى شخصٌ يرتدي سترة فاخرة ويمسك عصا ذهبيَّة المقبض وجلس بجانبه وناوله سيجارة دون مُقدِّمات، ولم يتعرَّف الريحاني على هذا الشخص في بادئ الأمر، ولمَّا أمعن النظر فيه تبيَّن أنه استيفان روستي، زميله الذي عانى معه من الشقاء والفقر. وأخذ روستي يُحدثه عن مصدر ثروته، وكيف أنَّهُ بعد انفصاله عن فرقة عزيز عيد، وجد عملًا بِملهى «الأبيه دي روز» الذي كان ملكًا لِشخصٍ يونانيٍّ يُدعى «روزاتي». هُناك كان استيفان روستي يُقدِّم تمثيلات خيال الظل، ويُؤدي مع إحدى المُمثلات مشاهد غراميَّة كوميديَّة خلف ستارة شفَّافة تُضاء من الداخل، فتسقط ظلالهما على الستار. وهذا اللون من التمثيل كان مألوفًا لدى جُمهور الملهى، وكان روستي يتقاضى عن دوره أجرًا مُرتفعًا، بلغ ستين قرشًا في الليلة الواحدة. وطلب الريحاني من روستي أن يجد لهُ عملًا مُماثلًا في «الأبيه دي روز». وكان دور الريحاني في تمثيليَّة خيال الظل بسيطًا للغاية. إذ تُقدم راقصة حسناء مُثيرة - وراء الستار - بِمُصاحبة الريحاني، الذي كان يُؤدِّي دور خادمٍ نوبيٍّ، على رأسه طُربوشٍ مُرَّاكشيٍّ. وكانت الكوميديا تنبعُ أساسًا من التلاعب بِزُر الطُربُوش، أو مُغازلة الراقصة، أو الاستجابة لِحركاتها المُثيرة بِحركاتٍ هزليَّةٍ. وكان أجر الريحاني أربعين قرشًا عن الليلة الواحدة. وهو ما يُعدُّ ثروةً إذا ما قورن بِالقرشين أو الثلاثة التي كان يتكسَّبُها في فرقة عيد. وفي تلك الفترة، توافدت الجُيوش الأوروپيَّة الحليفة على مصر، بعد أن فشلت حملة ترعة السويس الأولى من قِبل الجيش العُثماني لِإخراج البريطانيين من مصر وتمهيدًا للزحف على ما تبقَّى من الممالك العُثمانيَّة في الشَّام والعراق، فصار مُعظم رُوَّاد ملهى «الأبيه دي روز» من الجُنود الأجانب. ورأى الريحاني أنَّ الوقت قد حان لِكي يهجر دوره في تمثيليَّة خيال الظل الهابطة، فأقنع «روزاتي» - صاحب الملهى - بأن يسمح لهُ ولِروستي بِتقديم كوميديا قصيرة من فصلٍ واحدٍ بالفرنسيَّة. إلَّا أنَّ هذه الخُطوة لم تنجح، إذ أنَّ كُل ما كان يحرص عليه الرُوَّاد - من مصريين وأجانب - هو مُشاهدة الحسناوات من راقصاتٍ ومُغنياتٍ على منصة العرض. وما أن كان تمثيلُ المسرحيَّة الفرنسيَّة يبدأ، حتَّى كان المُشاهدون يُديرون ظُهورهم لِلمنصة ويتبادلون الأحاديث.

 

 

وذات يومٍ - من صيف سنة 1916م - خطرت للريحاني فكرة جديدة، في وقتٍ حلَّ به الإرهاق بِسبب جُهوده المُستميتة، وانتابه فيه إحساسٌ مريرٌ بالخيبة لِإعراض الجُمهور عنه. وكانت هذه الفكرة هي شخصيَّة «كشكش بك». وقد تضاربت الآراء في تفسير نشأة هذه الشخصيَّة. فبعض الباحثين قال أنَّ الفكرة مأخوذة عن الكاتب أحمد شفيق المصري، وقال آخرون أنَّ «كشكش» هذا مُستوحى من شخصيَّةٍ «ساتيريَّة» تحملُ نفس الاسم، جاء ذكرها في صحيفةٍ معروفةٍ في تسعينيَّات القرن التاسع عشر الميلاديّ، وهي «حمارة منيتي». وهُناك رأيٌ ثالث يُرجع شخصيَّة كشكش إلى عُمدة مُشابه جاء ذكره في كتاب «حديث عيسى بن هشام» الذي ظهر سنة 1907م. وتقول روز اليُوسُف إنَّ الريحاني أخذ شخصيَّة كشكش من ميلودراما قصيرة بِعنوان «القرية الحمراء» أخرجها عيد سنة 1917م. واسم «كشكش» - كما قالت روز اليُوسُف - هو اسمُ التدليل الذي كانت تُنادي به الريحاني صديقته الفرنسيَّة «لوسي دي فريزني». أمَّا الريحاني نفسه فقال أنَّهُ ابتكر شخصيَّة كشكش من خِلال تجارُبه مع عُمد الريف، فكثيرًا ما كان يلتقي بهم في أثناء عمله بالبنك الزراعي، عندما كانوا يترددون عليه لِلحُصول على قُروض، بعد فقدهم أموالهم أو تعرُّضهم للاحتيال في المدينة، على أن تُسدد القُروض بعد عودتهم إلى قُراهم أو تُقيَّد كدينٍ يُخصم من ثمن محصول السنة التالية. فخطر بباله أن يبتكر عُمدةً عجوز شهواني، محبوبٌ لِطيبته وسذاجته ومرحه وشغفه بالحياة، يرتدي الجبَّة والقفطان والعمامة، وفد حديثًا من الريف إلى القاهرة وبجُعبته الكثير من المال، فالتفَّ حوله فريقٌ من الحِسان أضعن ماله، وتركنه مُفلسًا، فيعود إلى قريته يعضُّ بنان الندم، ويُقسم أغلظ الأيمان بأن يعود إلى رُشده، وألَّا يعود إلى ارتكاب ما فعل. فهو إنسانٌ فيه براءة الريفيين وخفَّتهم الفطريَّة، وعلى الرُغم من مكره ودهائه إلَّا أنَّهُ بريءٌ من زيف المدينة وخداعها ونفاقها.

 

 

لقطة من فيلم «حوادث كشكش بك» يبدو فيها الريحاني مُحاطًا بثُلَّةٍ من النساء.

وفي أوَّل شهر تمُّوز (يوليو) - من تلك السنة - كتب الريحاني وأخرج أولى مسرحيَّات «كشكش بك» بِعنوان «تعالي لي يا بطَّة»، التي استغرق عرضها عشرين دقيقة، وكان يشعرُ بالقلق الشديد مخافة فشلها. ولكن لم يكن هُناك ما يدعو للقلق، فقد ابتهج جُمهُور حفل الافتتاح، ورفع روزاتي أجر الريحاني الذي تعهَّد بِإخراج مسرحيَّة جديدة كُل أُسبُوع. فأخرج بعد «تعالي لي يا بطَّة» مسرحيَّتيّ «بِستَّة ريال» و«بُكره في المشمش». وسُرعان ما ذاعت أنباء هذه المسرحيَّات وتهافت الناس على مُشاهدتها، ممَّا دعا روزاتي إلى فرض رسم لِدُخول الملهى، كما رفع أجر الريحاني إلى سبعة وعشرين جُنيهًا في الشهر. وتألَّفت مسرحيَّات الريحاني المُبكرة من أحداثٍ كوميديَّة بسيطة، تتخلَّلُها أغانٍ ورقصات، وحوارها مزيجٌ من العربيَّة والفرنسيَّة والإنگليزيَّة، بحيثُ يقع سوء تفاهم لفظي مُضحك. ويُعدُّ هذا الأُسلوب من أهم عناصر الإضحاك في المسرحيَّات الفرانكوعربيَّة. وقد كان حفل السهرة عبارة عن عرضٍ حافل بالمُنوَّعات، واشتمل القسم الأوَّل منهُ على عُروضٍ راقصة، وأغانٍ إفرنجيَّة، وينتهي بِمسرحيَّة كشكش بك. وكان عرض الملهى الترفيهي يستمر من حوالي الساعة التاسعة مساءً حتَّى مُنتصف الليل. وقد لاحظ الريحاني أنَّ المقاعد كانت تمتلئ تمامًا في الساعة الحادية عشرة، وهو موعد بدء المسرحيَّة. ولمَّا كانت تقاليد ذلك الوقت لا تسمح للنساء بارتيادالملاهي أو المسارح بِصُحبة الرجال، فقد فكَّر روزاتي في تقديم حفلات نهاريَّة خاصَّة بالسيدات، كما كان مُتبعًا في المسارح. وفي مُنتصف شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر)، ظهر إعلانٌ في جريدة الأهرام ينص على أنَّ إدارة الملهى ستعرضُ مسرحيَّة «بُكره في المشمش» خصيصًا للسيدات يوم 17 تشرين الأوَّل (أكتوبر)، وأنَّ المُؤلِّف ومُؤدي دور كشكش بك هو «نجيب أفندي الريحاني». فكانت تلك أوَّل مرَّة يظهر فيها اسم الريحاني في الصُحف، فسُرَّ سُرورًا كبيرًا ولم يُصدِّق ما رآه بادئ الأمر، فقام بشراء أكثر من عشر نُسخ من الجريدة، تعمَّد أن يضع إحداها مفتوحة على الإعلان أمام والدته في صباح اليوم التالي، غير أنَّها نظرت إليه بامتعاض بعد أن قرأت الإعلان، ووضعت الجريدة جانبًا ولم تُعلِّق، ما زاد من حُزنه وإحساسه بأن نجاحه لم يكتمل بعد، فهاهو اسمه في أكبر جريدة مصرية، مكتوبٌ إلى جوار الباشوات والوُجهاء، لكنه لم يزل في نظرها «مُشخصاتي». تطلَّب إخراج مسرحيَّة جديدة - كُل أُسبوع - جُهودًا شاقَّةً من الريحاني. غير أنَّ شعبيَّة هذه المقاطع الاستعراضيَّة، جعل عرضها يمتد إلى أُسبوعين، ممَّا أتاح لِلمُؤلِّف المُخرج المُتعب فُرصة الرَّاحة. ومع ذلك فكَّر الريحاني في الاستعانة بِأمين صدقي، مُترجم فرقة عزيز عيد، كما قام بِتنمية فرقته الصغيرة المُؤلَّفة من استيفان روستي وعبدُ اللطيف المصري بأن ضمَّ إليها: كلود ريكانو وعبدُ اللطيف جمجوم، وهُما من فرقة عيد القديمة. وكان صدقي كاتبًا موهوبًا، غزير الإنتاج، ابتكر عدَّة شخصيَّات منها «أم شولح» حماة كشكش بك، التي كان يُؤدي دورها بنفسه. وفي أواخر سنة 1916م، قدَّم الريحاني أربع مسرحيَّات جديدة، هي على التوالي: «خلِّيك تقيل!»، و«هزِّ يا وز»، و«إدِّيلو جامد»، و«بلاش أونطة». وكان للمسرحيَّة الأخيرة أثرٌ في ذاكرة الريحاني من حيث أنها خففت عنهُ بعض حُزنه جرَّاء عدم شُعور والدته بالفخر من إنجازاته، فبينما كان يتنزَّه في حديقة الأزبكيَّة في إحدى الأيَّام سمع مُصادفةً من بعض النساء المُتنزهات - اللواتي يبدو إنهنَّ كُنَّ من بين من حضرن الرواية - لحنًا كُنَّ يُنشدنه من ألحان رواية «بلاش أونطة»، وما أن انتهين حتَّى تعمَّد أن يمشي أمامهنَّ، فسمعهنَّ يُشرن إليه ويتحدثن عنه، وما إن ابتعد عنهنَّ حتَّى وقف ونظر خلفه وقال: «تعالي يا أُم توفيق اسمعي. شوفي الأملة اللي فيها ابنك المشخصاتي... النَّاس بتشاور عليه في الشَّارع». صادفت مسرحيَّات الريحاني سالِفة الذِكر نجاحًا كبيرًا، حتَّى أنَّ ملهى «الكازينو دي پاري» بادر بِتقليدها، وعندئذٍ أصرَّ الريحاني على رفع أجره. لكنَّهُ حين طلب زيادةً أُخرى - قدرُها ثلاثة جُنيهات - رفض روزاتي، فترك الريحاني «الأبيه دي روز». ولم تكن قد انقضت عدَّة أشهر - من أواخر الصيف إلى أوائل الشتاء - حتَّى ارتقى الريحاني من مُمثل صغير إلى مُؤلِّف مشهور ونجم لامع، وعلى أثر ذلك قرَّر أن يعمل لِحسابه الخاص.

مذكرات الريحاني

دون الريحاني مذاكراته عام 1946 وقد نُشرت بعد رحيله بعشر سنوات. وقد كتبها بلغة سينمائية قادرة على رصد التفاصيل ورسم المشهد الكلي. فهو لم يرصد بها محطات نجاحه فحسب، بل توقف كثيرًا أمام لحظات الإخفاق والتعثر. فيبدأ مذاكراته من بدايات خطاه ودراسته في مدرسة ألفرير بالخرنفش، وتقلده لوظائف صغيرة وعادية انتهت كلها بالرفت. ليمر مع قرائه في رحلته الفنية المثيرة ويعرفهم على سيد درويش وبديع خيري وعزيز عيد وبديعة مصابني، والكثير من رجال ونساء عصره، الذين التصق بهم وارتبط بهم في أعماله المسرحية المتتالية. فلذلك، تبدو مذكراته وكأنها سجلًا حافلًا لتاريخ المسرح المصري خلال واحدة من أزهى فترات المسرح ازدهارًا. وقد عكست هذه المذكرات ملامح وجه الريحاني الكوميدي والدرامي والثوري والإنساني.

 

في الإذاعة والسينما والتلفزيون

 

احتفت گوگل بالذكرى السابعة والعشرين بعد المائة (127) لميلاد نجيب الريحاني في 21 كانون الثاني (يناير) 2016م.

مسلسل إذاعي قصة حياة نجيب الريحاني سنة 1900 من تأليف محمود السعدني وإخراج محمد علوان.

فيلم بديعة مصابني سنة 1975، عن قصة حياة بديعة مصابني، من بطولة نادية لطفي وأدى دوره فؤاد المهندس.

مسلسل أبو ضحكة جنان سنة 2009، عن قصة حياة إسماعيل ياسين بطولة أشرف عبد الباقي وأدى دوره سمير غانم.

مسلسل كاريوكا سنة 2012، عن قصة حياة تحية كاريوكا، ومن بطولة وفاء عامر وأدى دوره حسن العدل.

الضاحك الباكي/ زمن نجيب وبديعة

في سنة 2010، قام التليفزيون المصري بالإعلان عن إنتاج مسلسل تليفزيوني عن حياة نجيب الريحاني تحت اسم الضاحك الباكي. وكان قد تقرر أن يقوم بالدور الفنان السوري عابد فهد. وكان مقررًا عرضه في شهر رمضان 2010. إلا أنه لم ير النور وقتها لخلافات عدة وقعت بين الكاتب والإعلامي ومؤلف المسلسل محمد الغيطي ومخرجه محمد أبو سيف بسبب اعتراض الاخير على الشكل الذي تم به صياغة العمل. ثم كان من المفترض أن يتم تقديمه في سنة 2011، على أن يتولى بطولته صلاح عبد الله، وينتجه صادق الصباح، ولكن تم تأجيل العمل وقتها بشكل مفاجئ، حتى قام مؤلفه بتسويقه لمدينة الإنتاج الإعلامي والمنتج عادل حسني. وقد دفعت الأزمة الاقتصادية، التي تمر بها مصر في الفترة الحالية، إلى تأجيله للمرة الثانية بعد عدم اتفاق مدينة الإنتاج الإعلامي، والمنتج عادل حسني، على الميزانية الخاصة بالعمل، وهو الأمر الذي أجبر المدينة على تأجيله.

 

كان العمل، في بداية الأمر، يحمل اسم زمن نجيب وبديعة، وكان يُسلط الضوء على حياة نجيب الريحاني وزواجه من الراقصة بديعة مصابني، إلا أن أشرف عبد الباقي، الذي كان من المقرر أن يُجسد شخصية الريحاني ضمن أحداث العمل، قام بمشاركة المخرج السابق للعمل سعيد حامد بإضافة تعديلات عديدة على السيناريو الذي كتبه الغيطي، وقررا تسمية المسلسل بالضاحك الباكي. وأراد عبد الباقي أن تستحوذ شخصية الريحاني على معظم أحداث المسلسل وتهميش شخصية بديعة، وهو ما تسبب في نشوب خلافات عديدة بينه وبين الجهة المنتجة وهي مدينة الإنتاج الإعلامي والمنتج عادل حسني، قبل أن تتوقف التحضيرات ويتم تأجيلها. وتقرر استبعاد المخرج سعيد حامد والاستعانة بمجدي أبو عميرة، وإعادة السيناريو القديم الذي حمل اسم زمن نجيب وبديعة، ومعها الاستغناء عن عبد الباقي والاستعانة بهشام إسماعيل، فيما تم ترشيح التونسية لطيفة للعب دور بديعة مصابني.

 

وزعم الغيطي، الذي يقوم بكتابته بناءً على مذكراته ومذكرات بديع خيري ويوسف وهبي، أن الريحاني قد أسلم ووحد بالله، وهو ما أثار حفيظة ابنته جينا بشدة وجعلها تتخذ الإجراءات القانونية ضد المسلسل. وبالمثل، كشف الغيطي أن الريحاني كان عقيمًا وليس لديه أبناء.

 

حياته الشخصيَّة

زوجاته وأولاده

 

نجيب الريحاني مع ابنته جينا، من زوجته الألمانيَّة لوسي دي فرناي.

تزوج من الراقصة اللبنانية بديعة مصابني، التي أُعجب بجمالها بعد عدة لقاءات فنية وعاطفية بينهما. وطالعت مجلة التياترو جمهورها بعددها الصادر في أيلول (سپتمبر) عام 1924 بخبر زواج قطبي الرقص والكوميديا بديعة حبيب مصابني ونجيب إلياس الريحاني بكنيسة السرايا. وقد حمل العقد توقيع الريحاني باللغة العربية، بينما وقعت العروس بالحروف اللاتينية. كما نشرت المجلة تقريرًا عن العروسين ملحقًا بصورة زفافهما، وفيها ظهر الريحاني بادي النحافة واقفًا بجوار عروسه ذات الفستان والطرحة البيضاء.

 

وبعد الزفاف سافر العروسان مع فرقتهما إلى أمريكا الجنوبية لتقديم عروضًا مسرحية هناك، إلا أن السعادة الزوجية بينهما لم تدم طويلًا؛ فالخلاف بينهما كان واضحًا، حيث كانت بديعة اقتصادية والريحاني مسرف، هي سيدة أعمال وهو فيلسوف، هي تحب حياة الأسرة وهو يعشق الانطلاق، بالإضافة إلى عدم قدرتهما على الإنجاب مما دفع بديعة إلى تبني فتاة يتيمة صغيرة تُدعى جولييت وأعطاها الريحاني اسمه رسميًا، ومع ازدياد الخلاف بينهما طلبت الزوجة الطلاق، حيث آثرت الاهتمام بفنها، وحاول الريحاني إرضائها بشتَّى الطُرق، ولكن دون جدوى. ثم عاودا الارتباط لفترة لينتهي بهما الحال إلى الطلاق إذ كانت بديعة تعتبر الزواج عائق بوجه طموحاتها وأن غيرة نجيب الريحاني تزيد الطين بلة. حيث لجأ الطرفان إلى الكنيسة بالقاهرة لتطليقهما، وهو ما تم رفضه بشدة لأن المذهب الكاثوليكي لا يسمح بالطلاق. فاتفق الزوجان على استمرار الزواج، ولكن شريطة الانفصال الجسدي بينهما بناءًا على طلب بديعة، واضطر الريحاني إلى قبول شرطها. وتركت بديعة بعد ذلك بيت الزوجية وفرقته المسرحية، لتؤسس صالتها الليلية التي حققت بها نجاحًا مذهلًا واستقطبت من خلالها العديد من النجوم مثل: محمد فوزي وإبراهيم حمودة وإسماعيل ياسين وغيرهم.

 

كما تزوج الريحاني أيضًا من نجمة الاستعراضات بفرقته، لوسي دي فرناي، الفرنسية من أصل ألماني، بين عامي 1919 و1937م، في شقة بحي هيليوپوليس، وأنجب منها ابنته جينا، ولكنها نُسبت في الوثائق إلى شخص آخر، كان يعمل ضابطًا في الجيش الألماني بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني.

 

حقيقة إسلامه

بعد ساعات من رحيله، دخل محرر آخر ساعة شقته بعمارة الإيموبليا ليسجل ما بقي من أغراضه، فوجد أربعة وأربعين بذلة وعشرين بيجامة وجلبابًا وخمسة عشر حذاءًا، ومصحفًا وإنجيلًا وصورة للقديسة تريزا، التي كان يتخذها شفيعة له، إضافة إلى مذكرات تشرشل بالفرنسية وكتاب حسن البيان في تفسير مفردات القرآن، وألفية ابن مالك، وبعض مسرحيات روايات لشكسبير. بالإضافة إلى وجود كلبته ريتا، التي امتنعت عن الطعام حزنًا على فراقه، وما لبث إلَّا أن نفقت بعده بيومين أو ثلاثة.

 

وعن وجود القرآن في منزله وإلى جانب منضدته بالمستشفى، أشار الفنان التشكيلي حمدي الكيَّال نقلًا عن بديع خيري أن الريحاني أخبره أنه سيُشهر إسلامه قبل وفاته وأنه قرأ جميع الكُتب السماويَّة وقرَّر أن يُشهر إسلامه. وأردف قائلًا عن وجود نسخة من القرآن على المنضدة المجاورة لسريره في المستشفى قبل وفاته. وأشار إلى أنه سأل شيخ الأزهر حينها عن موقف الريحاني، حيث أخبره بأنه تُوفي مسلمًا، فيما أكدت ابنته جينا أنه مات مسيحيًا، وأنها تعرف والدها أكثر من أي شخص آخر، فنفت حقيقة إشهاره لإسلامه وأنها ما هي إلا مجرد إدعائات يُروجها بعض المُتخصصين في هذا النوع من التفضيل بين الأديان في مصر بصورة عُنصريَّة تعتمد المُنافسة بين الأديان كأُسلوب حياة. وتبقى مسألة إشهار الريحاني إسلامه مُبهمة رُغم تعدد الأقاويل.

 

حواشٍ

1: كانت مصر ولايةً عُثمانيَّة مُنذ أن ضمَّها السُلطان سليم الأوَّل مع سائر المشرق العربي إلى الدولة العُثمانيَّة سنة 1517م، وكان الباب العالي يتولَّى تعيين الوُلاة وعزلهم، حتَّى سنة 1840م عندما أصدر السُلطان عبدُ المجيد الأوَّل فرمانًا منح بواسطته الوالي مُحمَّد علي باشا الحق في أن تكون ولاية مصر وراثيَّة في نسله من بعده، بسبب العديد من المُستجدات السياسيَّة والاعتبارات الدُوليَّة آنذاك.

ومُنذ ذلك الحين أخذت السيادة العُثمانيَّة على مصر تُصبح إسميَّة رُويدًا رُويدًا، لكنَّ تعيين وخلع الوُلاة والخديويين (لاحقًا) بقي لا يتم إلَّا بِفرمانٍ سُلطانيّ صادر عن الباب العالي، واستمرَّ الدُعاء للسلاطين على منابر المساجد بوصفهم خُلفاء المُسلمين، ولم تُفصل مصر عن الدولة العُثمانيَّة تمامًا إلَّا سنة 1914م عندما أعلنتها بريطانيا محميَّة مع اندلاع الحرب العالميَّة الأُولى، ودُخول الدولة العُثمانيَّة الحرب إلى جانب مُعسكر دُول المركز المُناهضة لِبريطانيا وفرنسا وروسيا.

2: ورد في الإصحاح الخامس من إنجيل متَّى: «وَقِيلَ: مَن طَلَّقَ امرَأَتَهُ فَليُعطِهَا كِتَابَ طَلَاق ۝ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمُ: إنَّ مَن طَلَّقَ امرَأَتَهُ إِلَّا لِعِلَّةِ الزِّنَىٰ يَجعَلُهَا تَزنِي، وَمَن يَتَزَوَّج مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزنِي». لِهذا تنظر المبادئ المسيحيَّة للزواج على أنَّهُ علاقةٌ أبديَّة. لِذلك من الصعب الحصول على الطلاق نظرًا لكون الزواج عقدًا غير مُنحل.

slot online
click here click here click here nawy nawy nawy