الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

«مسجد المقابر».. المحطة الأخيرة الآمنة لوداع ضحايا كورونا

الحفاظ على التباعد الاجتماعى أثناء صلاة الجنازة.. وحمله داخل سيارة الإسعاف لحين الانتهاء من مراسم الدفن

كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة مساءً حينما انطلقت أصوات مكبرات الصوت داخل القرية تنادى على أحد المتوفين لإعلام أبناء القرية بأن صلاة الجنازة سوف تنطلق من مسجد المقابر فى العاشرة مساءً، ذلك المسجد الوحيد الذى لا يزال مفتوحًا أبوابه أمام الجنازات التى يشيعها أبناء القرية يوميًا، لضحايا كورونا أو غيرهم.

وتجوب السيارات أرجاء القرى فى الأقاليم ذات الطبيعة الريفية محملة بمكبرات الصوت تنادى على الشخص المتوفى وقبل أزمة كورونا كان المنادى فى كل مرة يقول اسم مسجد مختلف حسب قربه من منزل المتوفى أما الآن بات مسجد المقابر هو الوحيد المسموح له استقبال الجنازات للصلاة على الجنازات.

"على مختار" عامل بواحد من مساجد المقابر بمحافظة المنوفية، يروى تفاصيل الجنازات تلك الأيام، قائلاً إنهم يستقبلون بشكل يومى عددا من الجنازات كانت فى الماضى موزعة على المساجد الموجودة بالمدينة، وبعد غلقها تحولت جميع الجنازات إلى مسجد المقابر والذى تفصله بضعة أمتار عن المقابر ونكون حريصين على التباعد الاجتماعى داخل المسجد منعًا لانتشار وباء كورونا بين المشيعين للجنازة.

وتابع، شيعنا جنازات لمتوفين بالكورونا من داخل المسجد أكثر من مرة، ويتم الحرص على بقاء المتوفى داخل سيارة الإسعاف وفتح ساحة أمام المسجد مخصصة كاستراحة للمشيعين للجنازة، وذلك حتى لا نخالف تعليمات وزارة الصحة بشأن المتوفين بكورونا، ورغم أن المستشفى تصلى الجنازة على المتوفى لكن أهل المتوفى يكون لديهم إصرار على الصلاة عليه وذات مرة رأيت أبناء متوفى يحملونه للصلاة عليه داخل المسجد وبعد مفاوضات أقمنا الصلاة بالساحة.

"والدفنة من مسجد المقابر"، هكذا أصبح الوضع داخل مدينة طنطا والقرى المجاورة لها، لكافة المتوفين تلك الأيام، حيث يقول "إسلام سعد" من أبناء المدينة: لم تعد المساجد متاحة الآن للصلاة على المتوفى ولأنه لا يمكن تشييع جثمان المتوفى لمثواه الأخير دون الصلاة عليه كان لا بد من البحث عن وسيلة أخرى للصلاة على المتوفى، وذلك عن طريق التجمع أمام منزله والصلاة خاصة أنه لا يوجد ركوع فى صلاة المتوفى، أو التوجه إلى مسجد المقابر حيث نقوم بالصلاة على المتوفى.

وأضاف، أن جميع الجنازات تشيع من مسجد المقابر ولكل مدينة وقرية مسجد بالقرب من المقابر لا يتم استعماله فى الصلوات الخمس مثل باقى المساجد تنفيذًا للتعليمات ولكن يستخدم فقط للصلاة على المتوفى، حيث لم تعد الجنازات مكتظة بالمشاركين مثلما كان الوضع عليه من قبل وأحيانًا تكتفى بأهل المتوفى وبعض الأقارب والجيران، وفى الماضى كان يشارك مثلاً 1000 شخص فى جنازة واحدة.

"رجب أبوالغيط" والذى يعمل "خفير مقابر" ويقوم أحيانًا بدفن الموتى، يقول لـ"الزمان" إنه يحرص تلك الأيام على إلقاء نظرة على تقرير المستشفى للمتوفى وأحيانًا يكون شرطا أساسيا للقبول بدفن الميت، ففى مرة من المرات قام أحدهم بخداعى وإخطارى بأن "عمه" توفى إثر أزمة قلبية وبعدها عرفت من آخرين أن المتوفى كان مصابا بفيروس كورونا، ومنذ ذلك الحين تيقظت خوفًا على حياة زوجتى وأبنائى، وحتى أتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحمايتى من انتقال العدوى، وعليه قمت بشراء بدلة واقية وماسك فيس وكمامة أستخدمها بشكل عام فى دفن أى متوفى.

ولفت إلى أن فتح مسجد المقابر لا يكون إلا فى الجنازات، وفى حال كان عدد المشاركين بالجنازة كبيرا لا يتم السماح لهم جميعًا بالدخول والاكتفاء بعدد بسيط لإتمام المهمة.

من جانبه، قال الشيخ على وهبة "إمام وخطيب بوزارة الأوقاف": من الناحية الشرعية فإن المسجد هو مكان صلاة الجنازة، وقد أفتى العلماء بذلك وأيضًا مسموح بالصلاة على الميت خارج المسجد طالما هو مكان غير منهى عن الصلاة فيه وإذا دخل الميت المسجد بعد أداء الصلاة المفروضة وذلك بالنسبة للأيام العادية السابقة لكورونا فتصلى صلاة الجنازة أولًا قبل صلاة السنة، لأن تعجيل الدفن مطلوب، وفتح مسجد المقابر للصلاة طالما سيراعى القائمون عليه تباعد الأفراد حماية لهم فهو أمر مقبول ومرحب به.

click here click here click here nawy nawy nawy