نقتحم وكر تجارة المخدرات بالدقهلية
تربعت قرية "أبوالغيط" ومثلث الرعب الجعافرة وكوم الثمن على قائمة تجار المخدرات بما دفع الأجهزة الأمنية إلى تكثيف الحملات والمداهمات لتجفيف بؤر استهدفت تدمير الشباب بتجارة المخدرات وقد نجحت بالفعل فى توجيه ضربات موجعة للتجار أفقدتهم توازنهم الذى حققوه فى وقت الانفلات الأمنى إبان أحداث يناير 2011، وقبل أن تلتقط الأجهزة الأمنية أنفاسها ظهر مكان جديد لتجارة المخدرات وهو "الجنينة" نسبة إلى القرية التى تحمل نفس الاسم بمحافظة الدقهلية والمتاخمة لقرية ميت أبوخالد التابعة لمركز ميت غمر.
استطاعت "الزمان" اختراق عالم تجار المخدرات هناك بالتعاون مع شهود عيان قرروا نقل الأحداث التى تجرى فى الخفاء إلينا شرط عدم الإفصاح عن هويتهم، مؤكدين أن بعض الجنائن تتحول إلى سوق شعبى نهارًا يأتى إليه الزبائن من كل اتجاه ويكون تجار المخدرات فى انتظارهم ليبدأ المزاد وداخل السوق كل ما يشتهى المدمن من "أفيون وحشيش وبانجو واستروكس، إلخ" من مواد مخدرة.
البداية كانت مع "أ. ط" سائق التوك توك الذى نقل إلينا المشهد مثلما يراه يوميًا حينما يقوم بتوصيل الزبائن من القرى المجاورة إلى "الجنينة"، قائلاً: أتألم كلما رأيت شابا يطلب منى الذهاب به إلى قرية الجنينة والسبب معرفتى المسبقة بأن ذهابه إلى هناك ليس لزيارة قريب أو مقابلة صديق إنما لشراء مخدر "البانجو" الذى تشتهر به المنطقة هناك نظرًا لرخص ثمنه مقارنة بالأنواع الأخرى، وفى حالات كثيرة أرفض العودة بالشاب بعد التأكد من شرائه لهذه المخدرات تجنبًا لتحمل المسئولية وخوفًا من القبضة الأمنية التى لن ترحمنى إذا ما ألقى القبض على الشاب.
ويتابع حديثه، عملية البيع تبدأ فى الصباح وتستمر حتى العصر، والمشهد يكون عبارة عن شخص واقف بين الأشجار داخل جنينة موالح وأمامه جوال ممتلئ بالمخدرات ويحرسه من اليمين والشمال رجلان مدججان بالسلاح الآلى وملثمين وإذا ما رأوا أى تصرف مريب يطلقون النار، والمشهد لا يمكن تصوره وكأنه لا توجد دولة ولا قانون، لدرجة أن بعض الشباب يأتون من مدينة المنصورة ومن مراكز الدقهلية البعيدة لشراء المخدرات من "الجنينة" ونتيجة وجود أكثر من مخرج للقرية فلا يشغل أحد باله بالخروج الآمن من القرية بالمخدرات التى اشتراها.
شهادة أخرى حصلنا عليها من "م. م" شاب ثلاثينى ومقيم بقرية ميت أبوخالد المتاخمة للجنينة، قائلاً: حينما تستوقف توك توك وتطلب منه الذهاب بك إلى "الجنينة" يضاعف السعر لأنه يعرف أنك ذاهب لشراء مخدرات وهناك مخاطرة حيث يصل سعر التوصيلة إلى 100 جنيه فيما لا تستحق المسافة أكثر من 10 جنيهات وربما أقل، وعندما تصل إلى هناك تترك التوك توك بالقرب من شاطئ الترعة وتنزل على قدميك تسير مسافة 500 متر وبعدها تدخل الجنائن ووسط الأشجار سوف تجد سوق جملة مثله مثل سوق العبور لبيع الخضراوات والفاكهة ولكن هذا السوق يكون لبيع المخدرات.
واستطرد، "لا يوجد فصال" تلك العبارة كتبها أحد التجار وعلقها على غصن شجرة يقف وراءها وكأنه يقف داخل محل لبيع الملابس والأمور تسير على ما يرام وهناك على أول الطريق "ندورجية" وهم المسئولون عن تأمين الجنينة وإبلاغ البائعين بأى خطر محتمل سواء كانوا أفرادا عاديين أو حكومة كما يطلقون على رجال الشرطة، ويكون فى الغالب صبية لم يبلغوا سن الخامسة عشر، ومجرد أن ينتهى السوق ينصرف الصبية والسيارات والتوك توك ليأتى الزبائن فى اليوم التالى، مشيرًا إلى تضرر الأهالى الموجودين بالقرية من تجار المخدرات ولكن ما باليد حيلة فلا أحد يجرؤ على الإبلاغ أو الحديث عن ما يشاهدونه من لحظات رعب إذا ما وقع صدام بين التاجر والزبائن.
بدوره، كشف مجدى زهران "الخبير الأمنى" عن سر لجوء تجار المخدرات لتلك الأماكن، قائلاً: ما يعرف بمنطقة الجنينة وعلى حد الوصف بأنها قرية تزدهر بالجنائن ومن ثم لجوء العصابات إليها للاختباء عن عيون الأجهزة الأمنية، وهى نفس طريقة عمل عصابات الصعيد التى تختبئ فى حقول القصب واختباء العصابات قديمًا فى الأحياء العشوائية مثل تل العقارب وغيرها، حيث توفر جغرافيا المكان درع حماية للتجار ومداهمة تلك المناطق تحتاج إلى تصوير جوى أولاً لرصد السلاح من أجل إعداد خطة أمنية لاقتحام المكان دون سقوط مصابين أو قتلى.
وأضاف، الدولة وفرت قنوات آمنة للاتصال والإبلاغ عن مثل تلك القضايا دون الإفصاح عن هوية المتصل وحماية بياناته ومن ثم سكوت أصحاب الجنائن إن لم يكونوا متورطين فى الإتجار عن الإبلاغ على تلك العصابات هو أمر غير مقبول ويحتاج إلى مداهمة أمنية لهذا المكان.
ويتفق معه مصطفى المنشاوى الخبير الأمنى، قائلاً: اختباء العناصر الإجرامية وسط الزراعات أسلوب قديم حديث، وحملات وزارة الداخلية يوميًا تثبت قوة الدولة على ردع تجار المخدرات والضربات التى وجهتها لهم الفترة الأخيرة خير مثال.
وأضاف، ملاحقة العناصر الإجرامية مثل تجار المخدرات لا يتوقف ومستمر "ليل نهار"، والإبلاغ عن تلك العناصر واجب يؤديه المواطن، وكم من أماكن تم الإبلاغ عنها وتم التعامل مع القائمين عليها بالقانون.
واستطرد، المادة 33 من قانون العقوبات عاقبت كل من يقوم بممارسة الإتجار فى المواد المخدرة بالسجن المؤبد بدءا من السجن المشدد 3 سنوات، إلى السجن المؤبد أو الإعدام فى بعض الحالات، والغرامة المالية التى تصل إلى 100 ألف جنيه مصرى، كما أنها لا تزيد عن 500 ألف جنيه مصرى، وهذا فى حالة إذا تم تصدير أو استيراد المخدرات أو أى شىء يتعلق بها من المحاصيل الزراعية.
كما ينص قانون العقوبات فى المادة رقم 34، أن عقوبة الإتجار بالمخدرات فى داخل المجتمع تصل إلى السجن المؤبد والإعدام تبعاً لوقائع الدعوى، وإذا كانت هناك حيثيات مشددة للعقوبة من عدم وجود ظروف مشددة لذلك.