الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خير أجناد الأرض

«يد الغدر» تغتال قائد الحرب والسلام

"إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطا وإنما كانت كبوة عارضة"، من كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى ولد فى 25 ديسمبر عام 1918، لأب مصرى وأم من ذوى أصول سودانية، ونشأ فى قرية "ميت أبوالكوم"، بمحافظة المنوفية، وبدأ حياته فى كتَّاب القرية وظل به ست سنوات استطاع خلالها أن يحفظ القرآن كاملا بأجزائه الثلاثين، ومن الكتّاب انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بقرية طوخ دلكا المجاورة لقريته حيث لم يكن بقريته آنذاك أية مدارس للتعليم الابتدائى وحصل منها على الشهادة الابتدائية.

قال عن هذه الفترة السادات "السنين التى عشتها فى القرية قبل أن أنتقل إلى المدينة، ستظل بخواطرها وذكرياتها زادًا يملأ نفسى ووجدانى بالصفاء والإيمان فهناك تلقيت أول دروسى فى الحياة، تعلمتها على يد الأرض الطيبة السمحة، التى لا تبخل على الناس بالزرع والثمر، وتعلمتها من سماء قريتنا الصافية المشرقة، إننى أعتقد أننى لو تخليت عن الروح الريفية التى تسرى فى دمى، سوف أفشل تمامًا فى حياتى".

انتقل السادات إلى القاهرة بعد عودة أبيه من السودان، فى أعقاب مقتل السردار الإنجليزى "سير لى ستاك" قائد الجيش المصرى والحاكم العام للسودان. فقد كان من أهم العقوبات التى وقعتها إنجلترا على مصر أن يعود الجيش المصرى من السودان.. فعاد معه والد السادات حيث كان يعمل كاتبًا بالمستشفى العسكرى، والتحق السادات بالعديد من مدارس القاهرة؛ مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بالزيتون، ثم مدرسة السلطان حسين بمصر الجديدة، فمدرسة فؤاد الأول الثانوية، ثم مدرسة رقى المعارف بشبرا، وحصل من الأخيرة على الثانوية العامة.

شخصيات تأثر بها فى صغره

تأثر السادات بجدته وقال عنها فى كتابه البحث عن الذات "خلال فترة وجود أبى فى السودان، كان الذى يتولى أمرى خلال تلك الفترة، جدتى لوالدى وهذه السيدة أعتز بها جدا رحمها الله لأنه إذا كنت تعلمت شيئا فتعلمته منها، وتوفيت عن أكثر من 90 عاما وكانت أُمية لا تقرأ ولا تكتب شأنها شأن أغلب من يعيشون فى القرية ولكنها كانت تملك حكمة وثقافة التجربة، ثقافة الزمن والتراث الطويل لهذا الشعب، شعب 7 آلاف سنة متراكمة كنت دائماً أراه فيها، وأقول مرة أخرى إنه إذا كنت استفدت شيئا فى حياتى فقد استفدته من خبرة وشخصية هذه السيدة".

كما تأثر السادات بشخصيتى زهران وأدهم الشرقاوى، وقال عنهما: "المواويل اللى كانوا بيحكوها لنا عشان ينيمونا بها موالين، الموال الأول لزهران عن دنشواى وهو يحكى قصة دنشواى، الموال الثانى كان موال أدهم الشرقاوى لأن الشعب كان يُخلد البطولة فيه ورفض الشعب للاستعمار، ومن هنا بدأت أدرك لأول مرة أننا نعانى من حاجة وإن فيه حاجة اسمها الإنجليز وفيه حاجة اسمها احتلال وشنقوا جماعة قرايبنا وأهالينا من دنشواى اللى قريبة من بلادنا".

حياته السياسية

عام 1936 أبرم مصطفى النحاس باشا، رئيس وزراء مصر معاهدة 1936 مع بريطانيا، والتى سمحت باتساع الجيش المصرى تأهبًا للحرب العالمية الثانية وهذا الأمر أتاح لأبناء الطبقة المتوسطة فرصة الالتحاق بالكلية الحربية وأن يصبحوا ضباطًا فى صفوف الجيش.

ومن هنا دخل أنور السادات، وجمال عبدالناصر ومجموعة كبيرة من رموز ثورة يوليو إلى الكلية الحربية، وبعد التخرج من الكلية الحربية ألحق بسلاح المشاة بالإسكندرية، وفى العام نفسه نقل إلى "منقباد" بصعيد مصر ضمن مجموعة من زملائه الضباط الشبان، وهناك التقى لأول مرة بالرئيس جمال عبدالناصر، وقال أنور السادات عن هذه الفترة: "كنا ضباطًا صغارًا، وكان لنا قواد وكان هناك أيضا إنجليز، وكان قوادنا المصريون لا عمل لهم إلا إذلالنا والانحناء أمام الإنجليز، وكنا نرى هذا الوضع الكريه فنحترق، ونسخط ولكننا لم نكن نستطيع أن نتكلم وماذا يستطيع ملازم ثانٍ مثلى أن يفعل فى داخل النظام العسكرى، وفى تلك الأوضاع الرهيبة إلا أن يسكت، ويكظم الغيظ ويدخن النار فى حشاه! هكذا كانت أيامنا. ولكن ليالينا كانت تختلف اختلافًا كبيرًا، ففى جو من الصداقة والألفة كنا نجلس فنمرح، ويذهب هذا المرح شقاء اليوم الطويل، وشقاء الجسد، وشقاء النفس، وشقاء الغربة فى جبل بعيد".

الضباط الأحرار

قام السادات وعشرة آخرون من الضباط بتأسيس جمعية سرية "ثورية" هدفها الأساسى هو تحرير الدولة، وهكذا بدأت النواة الأولى لتنظيم الضباط الأحرار بمجموعة من الضباط فى معسكر تباب شريف بمنطقة "منقباد" بالصعيد، حيث جمعت بينهم زمالة العمل والسخط على الإنجليز، ثم انتقل السادات فى أول أكتوبر عام 1939 لسلاح الإشارة، وبسبب اتصالاته بالألمان قُبض عليه وصدر النطق الملكى السامى بالاستغناء عن خدمات اليوزباشى محمد أنور السادات، غير أن السادات لم يتم فصله من الجيش فقط بل قرر الإنجليز اعتقاله، وتم نقله بالفعل إلى سجن الأجانب.

ثم هرب من المعتقل عام 1944 وظل مختبئًا، حيث سقطت الأحكام العرفية، وبذلك انتهى اعتقاله حسب القانون، وأثناء فتره هروبه عمل السادات تبّاعًا على عربة لورى، كما عمل تبّاعاً ينقل الأحجار من المراكب النيلية لاستخدامها فى الرصف، وفى عام 1945 انتقل إلى بلدة أبوكبير فى الشرقية حيث اشترك فى شق ترعة الصاوى.

الزواج من جيهان

تزوج السادات من جيهان رءوف صفوت، بعد أن انفصل عن زوجته الأولى فى مارس 1949، كما مارس بعض الأعمال الحرة، ثم تغير مسار تاريخ السادات حين استطاع عن طريق صديق قديم له يدعى يوسف رشاد وكان ضابطا طبيبا أصبح من الأطباء الخاصين بالملك فاروق أن يعود للجيش فى الخامس عشر من يناير 1950 بنفس الرتبة التى خرج بها وهى رتبة يوزباشى، ثم اختاره عبدالناصر عضوًا بالهيئة التأسيسية لحركة الضباط الأحرار.

حياة جيهان مع أنور السادات

قالت عن ردة فعل الرئيس السادات عند تلقى خبر استشهاد أخيه، إنه كان متماسكا على الرغم من حبه الشديد له نظرا لأنه أخيه الصغير، ولم يجد رفاهية الحزن على أخيه لأن الحرب كانت فى ذروتها فكانت الظروف تحتم عليه بأن يتماسك فقال هو استشهد وهذا شرف له وكلهم أولادى.

وعن خطط الحرب قالت جيهان إن السادات لم يكن يطلعها عن أية معلومات، ومنذ زواجهما وهى لا تتدخل فى أية أمور تخص عمله، وقبل الحرب كان السادت مُصرا على استرداد أرض مصر لأنه كان يرفض أن يكون رئيسا لدولة أجزاء منها محتلة، وطلب منها قبل حرب أكتوبر بيوم تحضير حقيبته لأنه سوف يخرج ليقضى ليلته فى قصر الطاهرة حيث كانت غرفة عمليات حرب أكتوبر، وعندما وصل للقصر اتصل بها وقالت له حينها إنه سوف ينتصر لأنه يدافع عن الحق ويحاول استرداد الأرض من مغتصب، فرد على قائلا: "أنا واثق بإذن الله أننا سننتصر".

استشهاده

استشهد فى 6 أكتوبر من عام 1981 حيث تم اغتياله فى عرض عسكرى كان يقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وقام بالاغتيال خالد الإسلامبولى وحسين عباس وعطا طايل وعبدالحميد عبدالسلام التابعين لمنظمة الجهاد الإسلامى التى كانت تعارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث قاموا بإطلاق الرصاص على الرئيس السادات مما أدى إلى إصابته برصاصة فى رقبته ورصاصة فى صدره ورصاصة فى قلبه.

الرئيس يضع إكليل الزهور على قبر السادات

فى إطار احتفالات مصر والقوات المسلحة بالذكرى الـ47 لانتصارات أكتوبر المجيدة، وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة أكاليل الزهور على النصب التذكارى لشهداء القوات المسلحة بمدينة نصر، كما قام الرئيس السيسى بوضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس الراحل محمد أنور السادات وقراءة الفاتحة، ترحماً على روحه الطاهرة ومصافحة عدد من أفراد أسرته.

click here click here click here nawy nawy nawy