الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

”حساسية الألبان”.. أطفال مهددون وأمهات حائرة ورقابة غائبة

كانت الثانية بعد منتصف الليل حينما استيقظت "رنا" على بكاء طفلها حديث الولادة ليدخل بعدها فى حالة اختناق شديدة كادت تودى بحياته، وهو الطفل الذى رزقها الله به بعد ثلاث بنات، لتذهب إلى مستشفى أبوالريش للأطفال وتكتشف أن نجلها مصاب بحساسية الألبان وممنوع من تناول اللبن الصناعى أو أى منتج مشتق من الألبان، وإلا ستكون العواقب وخيمة، وظلت فى معاناة بدأت منذ عام ومستمرة حتى الآن ولا تعلم إلى متى تنتهى.

"رنا" ومئات الأمهات وربما الآلاف إن صح القول، يعانى أبناؤهم من حساسية الأطفال التى تصيب حديثى الولادة والأطفال حتى سن خمس سنوات، تختلف أعراضها من طفل إلى آخر تبدأ بطفح جلدى للحالات الأقل ضررًا من الحساسية وتصل إلى اختناق وضيق تنفس فى حالات أخرى، ولهؤلاء الأطفال لبن مخصص يتم صرفه من وزارة الصحة عن طريق الوحدات ونتيجة أزمة وباء كورونا يختفى اللبن بين الحين والآخر وهو ما يضطر بالأمهات إلى شراء اللبن من الصيدليات بأسعار مضاعفة، ومع غياب الرقابة على الصيدليات يتم المتاجرة بهؤلاء الأطفال.

معاناة وتهديد لحياة الأطفال

"رنا" تقول لـ"الزمان" إن أزمة اختفاء اللبن الخاص بحساسية الأطفال لم تنتهِ منذ تشخيص حالة ابنى بأنه مريض حساسية ألبان، وتظهر من وقت إلى آخر وفى كل مرة يقول المسئولون فى الوحدات المسئولة عن صرف اللبن بأن الحصة لم تصل إليهم بعد وربما لأسباب متعلقة بالتصنيع أو الاستيراد وهى أسباب واهية لا علاقة لها بالمنطق أو العقل، وما يعنينى هو حياة طفلى المهددة دائمًا فهو لا يرضع "طبيعى" وبالتالى يحتاج إلى لبن "نيوكيت" المخصص للأطفال المصابين بالحساسية، وفى الطبيعى نجد صعوبة بالغة فى إيجاده أو الحصول عليه من منافذ وزارة الصحة فما بالك بالأزمة التى نعيشها منذ أزمة كورونا.

وأضافت، أنها قامت ومجموعة كبيرة من الأمهات اللاتى يعانى أبناؤهم من حساسية الألبان بعمل "جروب" على الفيس بوك، من أجل التواصل فيما بيننا للتعرف على الأماكن التى تقوم ببيع لبن الحساسية بأسعار مخفضة ولن أذكر أرقاما لأن السعر يختلف صعودًا وهبوطًا يوميًا وشهريًا يجب تخصيص مبلغ 2600 جنيه لتوفير اللبن لطفلى، خوفًا على حياته من الألبان الصناعية العادية غير المخصصة لمرضى الحساسية.

وتلتقط "داليا" طرف الحديث، وهى أم لتوأمين يعانيان من حساسية الألبان، قائلة: رزقنى الله بتوأمين ولد وبنت ومنذ الشهر الأول وهما يعانيان من حساسية الألبان، ولأن الرضاعة الطبيعية غير كافية كان لا بد من وجود لبن صناعى واستمرت المعاناة لعامين ونصف العام حتى تم فطامهما، لتبدأ معاناة جديدة مع أنواع الشيكولاتة الداخل فى صناعتها لبن صناعى أو ألبان طبيعية فما أن يتناول طفلى هذا النوع حتى يشعر باختناق.

وتسترجع "داليا" ذكرياتها مع اختفاء اللبن المخصص للأطفال المصابين بالحساسية، قائلة: عدم اكتفاء الطفل من اللبن يسبب تدمير الجهاز المناعى بالنسبة للجلد، وظهور أرتيكاريا، إكزيما مزمنة، تدمر الجهاز التنفسى ووجود أزمات به قد تصل للالتهاب الرئوى، إضافة إلى الأنيميا، وقلة وزن وضعف عام وتأخر فى المشى والتسنين وتدمير الجهاز الهضمى، وأحيانًا حدوث انتكاسات شديدة قد تؤدى للوفاة، ناهيك عن الاكتئاب الذى يصيب الطفل بعد بلوغه سن الخامسة وهو ممنوع عن تناول كثير من الأطعمة بسبب حساسية الألبان.

واستطردت، حالات الأطفال غير القادرين تلجأ الأمهات إلى بدائل وللأسف تؤثر سلبًا تلك الطرق على الذكورة ومنها "لبن الصويا" والذى حذرنى منه الطبيب منذ اليوم الأول، وكذلك مياه الأرز الأبيض وهو مغذى لكن تناوله بكثرة يصيب الأطفال بالبدانة ويؤثر سلبًا على بعض الأطفال بنسب متفاوتة.

غياب الرقابة وتجار الأزمات

من جانبه يقول الدكتور محمد صبرى استشارى طب الأطفال وحديثى الولادة، غياب الألبان المخصصة لحساسية الأطفال ليست الأزمة الوحيدة التى تواجه الأطفال المصابين بالحساسية، لكن نقص الفيتامينات لتعويض نقص الأغذية أيضًا أزمة والمتاجرة بهؤلاء الأطفال يبدأ من غياب الرقابة على بعض الصيدليات التى تمارس احتكارا لأصناف بعينها من اللبن المخصصة لهؤلاء الأطفال وبعضها يتم استيراده من الخارج ويتم توزيعه على عيادات تستقبل تلك الحالات ويتم بيعه بأسعار مرتفعة.

وأضاف، لرفع المعاناة عن أسر الأطفال التى يعانى أبناؤهم حساسية الألبان، يجب تخصيص عيادات تابعة لوزارة الصحة لعلاج هؤلاء الأطفال وتستقبلهم وحدهم لمتابعة الحالة لحين تماثل الطفل للشفاء دون مقابل مادى، كذلك توفير اللبن المخصص لهم وتوزيعه بشهادة الميلاد وتقرير طبى يفيد استمرار الحساسية بموجب توقيع كشف طبى دورى كل 6 شهور، وأخيرًا تشديد الرقابة على الصيدليات.

حساسية الألبان

بدوره، يقول الدكتور هانى زنون "استشارى طب الأطفال جامعة المنوفية": أعراض حساسية الألبان متفاوتة من طفل إلى آخر ومنها أعراض الجهاز الهضمى وتتمثل فى "إسهال، إمساك، قىء، انتفاخ، مغص، ارتجاع قد يصاحبه دم فى الحالات الحادة، رفض الرضاعة، مخاط فى البراز قد يصاحبه دم فى الحالات الحادة، التهاب الحفاضة"، وأعراض جهاز تنفسى تتمثل فى "رشح حاد، التهاب فى ملحمة العين، التهابات فى الجهاز التنفسى، أزيز فى الصدر، ألم فى الأذن، كحة وتهيج فى الفم، صدمة تحسسية فى الحالات الحادة"، وأعراض جلدية تتمثل فى "هرش، حبوب، إحمرار الجلد، طفح جلدى، إكزيما".

وأضاف، هناك طفل لمجرد تناوله قطعة جبن مصنوعة من اللبن الطبيعى يدخل فى نوبة اختناق شديدة جدًا يحتاج على إثرها جلسة تنفس صناعى ليعود مثلما كان، وللأسف غياب ثقافة التعامل مع هؤلاء الأطفال وكيفية التأقلم يؤدى لنتائج كارثية، وأتمنى من وزارة الصحة تعميم منشور وتبنى حملة وإن كانت عبر مواقع التواصل الاجتماعى من أجل تثقيف أولياء الأمور.

click here click here click here nawy nawy nawy