إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
الرئيس السيسى ينتصر لنبى الرحمة فى ذكرى مولده
انتصر الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كلمة عالمية خاطب بها الداخل وحذر فيها من الفتن فى الخارج باسم الدين، لنبى الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مطالبا المصريين بالتحلى بمكارم النبى وسماحته وحلمه وعفوه وصفحه، محذرا من تأجيج المشاعر الدينية واستغلالها فى خلق أزمات عالمية تنذر بكوارث إنسانية، مراهنا على وعى أبناء الأمة الإسلامية فى الاعتصام والحلم مع إثارة الفتن الدينية، رافضا أى تطاول على سماحة النبى الكريم قائلا: "إن الإساءة إلى الأنبياء والرسل استهانة بقيم دينية رفيعة، وجرح مشاعر الملايين، حتى لو كانت الصورة المقدمة هى صورة التطرف، "فلا يمكن أن يُحَمَّل المسلمون بمفاسد وشرور فئة قليلة انحرفت، نحن أيضًا لنا حقوق فى ألا تجرح شعورنا ولا تؤذى قيمنا".
وفى احتفالية عالمية بمناسبة مولد خير البشرية، نظمها الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الأربعاء الماضى، حذر الرئيس السيسى من مخططات التخريب والتدمير باسم الدين، قائلا: "لو 1% من المليار ونصف المليار مسلم كانت متطرفة؛ يعنى بنتكلم فى حوالى 15 مليونًا، دول ممكن يخربوا العالم لو حقيقى، ومعنى كده أن النسبة أقل بكثير.
وشدد الرئيس السيسى على ضرورة التوقف والتدبر فى الأمور التى نتحدث فيها، ولا أوجه أية كلمة إساءة أو لوم إلى أحد؛ ولكن الأمر يتطلب مراجعة مع النفس لنا جميعا، ومش باتكلم عن مصر بس.. كفى إيذاءً لنا".
وأضاف الرئيس السيسى: "أنا باقول لكل المسلمين فى مصر وبره مصر، إذا كنت تحب النبى محمد فتأدب بأدبه، وتخلق بخلقه.. بتحب النبى صحيح، وقلت الكلام ده قبل كده.. يا ترى أنت متقن لعملك؟ يا ترى أنت صادق فى كلمتك؟ بتحترم الناس وبتحافظ على حقوقهم؟".
وتابع: "أعتقد ولا أظننى خاطئًا عندما أرى أن الاستعلاء بممارسة قيم الحرية درب من دروب التطرف عندما تمس هذه الممارسة حقوق الآخرين".
كذلك الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، دافع عن النبى أمام حملات التطاول والإساءة التى طالت ذاته الكريمة، رافضا أى إساءة تأجج المشاعر وتنتهك المقدسات الدينية، داعيا المجتمع الدولى لإقرار تشريع عالمى يجرم معاداة المسلمين والتفرقة بينهم وبين غيرهم فى الحقوق والواجبات والاحترام الكامل المتبادل.
وناشد شيخ الأزهر، فى كلمته الأربعاء الماضى، المواطنين المسلمين فى الدولِ الغربيةِ إلى الاندماجِ الإيجابى الواعى فى هذه المجتمعات، والذى يحفظ عليهم هُويَّاتهم الدينيةِ والثقافيةِ، ويحول دون انجرارهم وراءَ استفزازاتِ اليمينِ المتطرف، والعنصرية الكريهة، واستقطابات جماعاتِ الإسلام السياسى، وعلى المسلمين المواطنين أن يتقيدوا بالتزام الطرقِ السِّلميةِ والقانونيةِ والعقلانيةِ فى مقاومةِ خطابِ الكراهيةِ، وفى الحصولِ على حقوقِهم المشروعة؛ اقتداءً بأخلاق نبيهم الكريم ﷺ.
وفى مواجهة الحملة الشرسة للإساءة إلى نبى الرحمة، أعلن شيخ الأزهر عن إطلاقِ مِنَصَّةً عالميَّةً للتعريفِ بنبى الرَّحمة ورسول الإنسانيَّة ﷺ يقومُ على تشغيلِها مرصدُ الأزهر لمكافحة التطرف، وبالعديدِ من لغاتِ العالم، وكذلك تخصيصِ مسابقةٍ علميةٍ عالميَّةٍ عن أخلاقِ محمَّد ﷺ وإسهاماتِه التاريخيَّة الكبرى فى مَسيرةِ الحُبِّ والخَيْر والسَّلام.
وقال الإمام الأكبر إنه لا يتعجب مما يحدث كلَّه بأن تُوقَدَ نارُ الفتنةِ والكراهيةِ والإساءةِ فى أقطارٍ طالما تغنَّت بأنها مهد الثقافةِ وحاضنة الحضارةِ والتنوير والعلم والحداثة وحقوق الإنسان، ثم تضطربَ فى يديها المعاييرُ اضطرابًا واسعًا، حتى بِتنا نَراها وهى تُمسك بإحدى يدَيْها مِشكاةَ الحريةِ وحقوقِ الإنسانِ، بينما تُمسِكُ باليدِ الأخرى دعوة الكراهية ومشاعلَ النيران.
وناشد المسلمين قائلا: "لا تبتَئِسوا مِمَّا حدث ومِمَّا سيحدثُ أيضًا، فقد تَعرَّضَ نبيُّكم فى حياته وبعدَ رحيلِه لما هو أشد من ذلك مِمَّا كان يُقابِلُه بالصَّفحِ والإحسانِ والدُّعاءِ للجاهلين به بالهدايةِ.. وكان يقولُ: «اللهمَّ اهْدِ قَوْمى فإنَّهم لَا يَعْلَمُون» عملا بما أمره الله به تعالى: «فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ»، و«فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إن اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» و«فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِى اللَّهُ بِأَمْرِهِ إن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
واستبشر شيخ الأزهر بنصر الله لنبى الرحمة قائلا إنِّى لأستبشرُ كلَّ الاستبشارِ حين أتذكَّرُ الآيةَ الكريمةَ المعجزةَ التى تكفَّلُ الله فيها وحده للدِّفاعِ عن نبيِّه الكريم فى قوله تعالى: إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.
وأيد وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، الدعوات المطالبة بالتحلى بمكارم الأخلاق والتعامل بحلم مع فتن إثارة المشاعر الدينية والدعوات التحريضية، مطالبا بالتحلى بمكارم أخلاق النبى صل الله عليه وسلم، وقال الوزير، إن الله بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، مشددا على أن الترجمة الحقيقية تمكن فى إتباع سنته وحسن الاقتداء به ومن مكارم أخلاق النبى خلق الوفاء ورد الجميل.
وأضاف وزير الأوقاف، أن الرسول عاد إلى مكة من الطائف فى إجارة مشرك "المطعم بن عدى"، وفى يوم بدر ومع المطالبة بإطلاق الأسرى فقال صلى الله عليه وسلم لو أن المطعم فيهم لأطلقت سراحهم إكراما له وردا لجميله يوم أن دخلت مكة فى جواره.
وأوضح أن الرسول قال عن سيدنا أبى بكر، إن أمن الناس فى صحبتى وفى ماله أبوبكر، ما من أحد عندنا يدنا ما ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافينا، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة وقال الرسول: "ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه، من سدى إليه معروفا فيشكره".
وتابع وزير الأوقاف موجها كلمته للرئيس السيسى: "لم ننسَ ولن ننسى يوم أن وقفت موقفا وطنيا عظيما مشهودا فى وقت عصيب جدا وقلت: "إن الرصاص الذى يواجه إلى صدور المصريين سنتلقاه بصدورنا".
وقال الدكتور مختار جمعة للرئيس السيسى: "لن نقول مثل ما قيل لسيدنا موسى.. فاذهب أنت وربك فقاتلا.. لكن نحن بإذن الله معكم عن يمينك وعن شمالك ومن خلفك مقاتلون.. علماء الأزهر والأوقاف مع معركة بناء الوعى والوطن والجبهة متى لزم الأمر.. شأن الوطن عظيم".
كما سارعت المملكة العربية السعودية لرفض حملة الإساءة إلى النبى الكريم، حيث صرح مصدر مسئول فى وزارة الخارجية، أن المملكة السعودية ترفض أى محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب.
واستنكرت المملكة، الرسوم المسيئة إلى نبى الهدى ورسول السلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أو أى من الرسل عليهم السلام.
وأدانت المملكة -بحسب المصدر- كل عمل إرهابى أياً كان مرتكبه، وتدعو إلى أن تكون الحرية الفكرية والثقافية منارة تشع بالاحترام والتسامح والسلام وتنبذ كل الممارسات والأعمال التى تولد الكراهية والعنف والتطرف وتمس بقيم التعايش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم.
ووسط حملات الإساءة والتشويه التزمت الأمة الإسلامية والعربية بالمنهج الوسطى المنضبط فى الرد على تلك الهجمات بالوسطية والبعد عن التعصب والانفعال للتأكيد على سماحة الإسلام، وتختلف بالطبع ردود المسلمين كل بطبيعته فيكون رد الإمام الأكبر مختلفا عن المسلم العادى، ورجال الأعمال تختلف ردود أفعالهم عن البسطاء، وكان أقل الردود على الإساءة هى حملات المقاطعة التى انطلقت ضد المنتجات الفرنسية، باعتبار أن فرنسا هى الدولة المحورية التى انطلقت منها الإساءة.
المسلمون يواجهون التطاول الفرنسى بحملات المقاطعة
دفع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بلاده نحو معركة محسوم نتائجها مسبقًا، حيث راهن على ابتزاز مشاعر المسلمين والكيل بمكيالين والسماح بعرض رسوم مسيئة للرسول، وتأتى تلك الإساءة بالتزامن مع ذكرى ميلاد رسول الرحمة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وفى السطور التالية نرصد تداعيات حملة المقاطعة التى أطلقها مسلمو العالم العربى ضد المنتجات الفرنسية وقيام عدد كبير من المتاجر برفع المنتجات الفرنسية من على الأرفف لتكبيد الاقتصاد الفرنسى خسائر فادحة ردًا على الإساءة.
ويقول "سامى الزيات" صاحب "سوبر ماركت": قررت رفع جميع المنتجات الفرنسية من المحل ردًا على الإساءة ولن أتعامل معها لحين الاعتذار رسميًا عبر رئيس الدولة، لأن كرامتنا لا تسمح الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولن نقف مكتوفى الأيدى أمام تلك الابتزازات التى يمارسها الغرب ضد المسلمين من المحيط إلى الخليج، وحان الوقت أن نتحد ونقف يدا واحدة ضد تلك الهجمة الشرسة على الإسلام.
وأضاف، تضامن عدد كبير من أصحاب المحال القريبة منى واتفقنا على عدم عرض أى منتجات فرنسية ونستمر فى ذلك لحين الاعتذار ولن يحتمل الاقتصاد الفرنسى أى خسائر خاصة فى الظروف الراهنة بسبب وباء كورونا.
ويتفق معه "أحمد فرج" صاحب سلسلة "سوبر ماركت" بالمنوفية، قائلاً: قمنا فى قويسنا وبركة السبع وشبين الكوم برفع جميع المنتجات الفرنسية ويستمر الحال لحين الاعتذار، والزبائن تفهموا الأمر واقتنعوا بضرورة المقاطعة، وأنا على استعداد تحمل أى خسائر فى السلع حتى لو اضطررت إلى إلقائها فى البحر لكن لن أشارك من اليوم فى دعم شخص أساء للرسول صلى الله عليه وسلم، ولن انساق وراء المشككين فى جدوى الحملة، وإذا لم تكن ذات جدوى فلماذا خرج الرئيس الفرنسى بعدها بأيام يقول إن الحملة لن تجدى نفعًا على أمل إرسال اليأس فى قلوب المشاركين بالحملة.
كانت مقاطعة المنتجات الدانماركية على خلفية رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم هى الأبرز، ففى عام 2005 نشرت صحيفةJyllands-Posten الدانماركية رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للرسول، تبعتها عدة صحف نرويجية وألمانية وفرنسية قامت بإعادة نشر هذه الصور.
وبدأت كثير من بلدان العالم الإسلامى الدعوة لمقاطعة السلع الدانماركية وذلك من خلال حث التجار على عدم استيراد أى منتجات غذائية صنعت لديهم، وحث الناس أيضاً على عدم شراء هذه المنتجات.
فقامت بعض المراكز التجارية الكبيرة فى بعض الدول العربية خصوصاً (السعودية، الكويت، الإمارات، البحرين، سوريا، لبنان، والمغرب) بإزالة كافة المنتجات الدانماركية من على رفوفها خاصة منتجات الألبان من شركاتArla التى كانت منتشرة بكثرة.
وتسببت هذه الخسائر بحسب إحصاء نشرتها الحكومة الدانماركية بخسارة أكثر من 170 مليون دولار، وتراجع حركة الصادرات نحو 15%، إضافة لفقدان نحو 11 ألفاً لوظائفهم.
على الطرف الآخر، وبعيدًا عن وعود "ماكرون" للفرنسيين بأن مثل تلك الحملات لن يثنيهم عن الاستمرار فيما وصفوه بمواجهة المتطرفين، يعانى الاقتصاد العالمى جراء أزمة كورونا من خسائر كبيرة ومتوقع استمرار الخسائر مع الموجة الثانية للوباء وقد تستمر سنوات لحين التعافى، وهو وضع خطير لا يسمح معه بمثل تلك الدعوات للمقاطعة بما يؤكد على غباء النظام الحاكم فى فرنسا بحسب تصريحات الخبير الاقتصادى محمود رشاد، والذى أضاف قائلا: الموقف الفرنسى تغير بالفعل ومن يلاحظ بيان وزارة الخارجية الفرنسية والذى أصدرته بعد أيام قليلة من حملات المقاطعة سيرى أنه استغاثة للحكومات العربية والإسلامية من أجل وقف تلك الحملة، والتى ستؤثر بشكل كبير على قطاع الصناعات الغذائية الفرنسية على المدى القصير خاصة أن صناعة شهيرة مثل صناعة الألبان والجبن تتعلق بمراحل تصنيع متصلة تبدأ من المعامل ومصانع الكرتون وغيرها من الصناعات التكاملية وعليه قد تضطر تلك المصانع للغلق وتسريح العمالة.
وأوضح أن قطاعات السيارات والصناعات المعدنية والإلكترونيات لن تتأثر بالوقت الراهن بعكس الصناعات الغذائية وأعتقد أن الرئيس الفرنسى سوف يتراجع فى وقت من الأوقات خوفًا من استمرار الحملات.
حملات شعبية
فيما أوضح "أحمد شكرى" الباحث بالشأن الاقتصادى قائلا: حملات المقاطعة حتى الآن على المستوى الشعبى ولم تتبناها أى دولة بشكل رسمى وربما تركيا وذلك لحسابات سياسية بحتة ومواقف سابقة بينها وبين النظام الحاكم فى فرنسا، ولكن يجب الوضع فى الاعتبار أن هناك موائمات سياسية واعتبارات يتم الأخذ بها أولاً مثل صفقات السلاح والأدوية، وعليه فإن المسئولية الآن على المواطن العربى هل يقبل شراء المنتجات الفرنسية أم لا، وعلى كل حال فلو اعتبرنا أنه لن تتبنى دولة عربية حملة المقاطعة فإن مقاطعة المواطن العادى للحملة سوف تكبد الاقتصاد الفرنسى خسائر وهذا ما يخشاه أصحاب المصانع هناك وبدأوا فى التحرك للضغط على الرئيس الفرنسى.
واستطرد، الغرب لديه حسابات معقدة مع الحكومات العربية ولكنه لا يمتلك نفس تلك الحسابات مع الشعوب وعليه هو يخشى التحرك المنظم للمواطنين والحملات التى انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعى بالتزامن مع قرب الإعلان عن موجة ثانية لفيروس كورونا ومن ثم التأثير السلبى على أداء البورصة وحدوث خسائر لقطاع الصناعات الغذائية.
المصريون فى الخارج: "السيسى أب لكل المصريين"
حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تهنئة أبناء الجاليات المصرية المسلمة بالخارج بمناسبة حلول المولد النبوى الشريف.
وقال الرئيس السيسى- فى برقية تهنئة بهذه المناسبة نقلتها سفارات وقنصليات مصر بالخارج إلى أبناء الجاليات المصرية عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعى: "الأخوة والأخوات أبناء مصر المُسلمين بالخارج، يطيب لى أن أبعث إليكم بأصدق التهانى وخالص الدعوات القلبية بمُناسبة حلول ذكرى ميلاد سيد الأنام ورسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مُتمنياً لكم دوام التوفيق والنجاح ولمصرنا العزيزة ولأمتنا الإسلامية المزيد من السلام والتقدم والرخاء".
ورصدت "الزمان"، ردود أفعال المصريين فى الخارج بعد أن غمرتهم الفرحة، وأعربوا عن سعادتهم باهتمام الرئيس السيسى بهم، وإدخال البهجة عليهم وتأكيده على أنهم جزء أصيل فى الدولة، وأنهم وإن كانوا خارج بلادهم بأجسادهم فهم دائما حاضرين فى ذهن القيادة السياسية، وأن مصرى لا تنسى أبناءها فى الأعياد والمناسبات.
ومن ناحيته، قال عادل جابر، رئيس الجالية المصرية فى الأردن، إنها ليست المرة الأولى التى نتلقى فيها التهانى من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، قائلًا: "تعودنا دائما نحن أبناء مصر بالخارج وفى كل مكان فى العالم وفى كل مناسبة أن نتلقى مثل هذه التهانى من فخامة الرئيس سواء كانت المناسبات أعياد قومية أو أعياد دينية لنا كمسلمين أو أخواتنا الأقباط".
وأعرب جابر عن سعادته الغامرة باهتمام القيادة السياسية المصرية بأبنائها فى الخارج، ومثل تلك التهانى تحمل لنا رسائل كثيرة أهمها أن الرئيس السيسى أب لكل المصريين".
وحرص جابر على أن يرسل برقية تهنئة للرئيس، قائلًا: "من أبناء مصر فى الخارج ومن الجالية المصرية نقول للرئيس كل عام وأنت بخير وصحة وعافية، وأيضا نقول له سير كما أنت نحو التنمية والتقدم والازدهار والرخاء والرقى.. لنا عيون ترى التطوير والتحديث ونحن من خلفك، حفظ الله مصر أرض وشعب وقيادة".
أما مصطفى رجب، رئيس اتحاد الكيانات المصرية فى أوروبا، فأكد أن أبناء الجالية المصرية فى بريطانيا وأوروبا، استقبلوا خبر تهنئة الرئيس عبدالفتاح السيسى بسعادة بالغة، وتناقلته مختلف صفحات الكيانات المصرية فى أوروبا على مواقعهم، مشيرًا إلى أن الجميع بادر برد التهنئة للرئيس مع دعواتهم للوطن الحبيب بالأمن والرخاء".
وعن رؤيته حول الإساءة الأخيرة للدين الإسلامى، قال مصطفى رجب، إنه يتفق تمامًا مع وجهة النظر التى ترى أنه لا يجب الوقوف مكتوفى الأيدى أمام إهانة الرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن الاختلاف فى طريقة التعامل مع القضية فليس فى إسلامنا وضع صورة نعل حذاء على وجه إنسان ولا وضع رأسه على جسد حيوان ولا وضع صورة له على مداخل المطاعم كى يدوس عليها الزبائن، لأن تأثيرها سيكون عكسيا وأشد.
وأضاف أن ثورة وسائل التواصل سوف تمر مرور الكرام وتنتهى بلا نتيجة كما مر الكثير منها من قبل، ولا بد أن نتحول من شعب متكلم إلى شعب عملى، مشيرًا إلى أن هناك قانونا فى جميع بلاد أوروبا يسمى حرية التعبير وكل الإساءات إلى الأديان والرُسل تحتمى تحت طائلة هذا القانون، وشملت هذه الإهانات المسيح عليه السلام من قبل، ولا تقف الإهانات عند هذا الحد بل تمتد إلى إهانة الكثير من الرموز الدينية والأشخاص.
وشدد على ضرورة التحرك الكيانات المسلمة فى أوروبا وتتفاعل مع هذا القانون فى البلد التى تعيشون بها ومحاولة تعديله على أن حرية التعبير لا يجب أن تتهاون فى الإهانة أو التجريح، مستشهدًا بأمثلة تعرض لهم فى بريطانيا عندما حاول هولندى عمل فيلم فيه إساءة لرسول الله، وكان ذلك الشخص فى زيارة بريطانيا وهو لا يحتاج فيزا وكل ما يفعله هو ركوب القطار والحضور إلى بريطانيا، ولكن نتيجة لتعاملهم بـ"سكوتلاند يارد" أعادوه إلى هولندا فى نفس القطار ولم يسمحوا له بالزيارة.
وكما استشهد "رجب"، بمثال آخر عندما قام المتعصبون بمظاهرة أساءت إلى الشعب البريطانى والملكة، إذ إنهم عزموا على ارتداء "تى شيرت"، عليه صور تسىء للرسول عليه الصلاة والسلام، ودعوا لها على مواقع التواصل، وبالتعاون مع اسكتلاند يارد، مُنعوا من ارتداء "التى شيرت"، متابعًا: "نشرنا كل ذلك على صفحاتنا ولا أنسى أن مدير الأمن كان فى إجازة ولغاها كى يتأكد من حفظ الأمن".
ووصف رئيس اتحاد الكيانات المصرية فى أوروبا، الأمر على مواقع التواصل الاجتماعى، بأنه كله باللغة العربية "زوبعة فى فنجان"، وليست مع الطرف المعنى، مؤكدًا أن الحل فى أن تتفاعل الجمعيات الإسلامية مع حكومات البلاد الأوروبية التى يعيشون فيها ومحاولة تعديل قانون حرية التعبير بألا يشمل على إهانة الآخرين وإلا سوف يظل الوضع على ما هو عليه.
كما تقدم رامى علم الدين، ممثل الجالية المصرية فى مملكة البحرين، بالتهنئة للرئيس السيسى بمناسبة المولد النبوى الشريف، قائلًا: "فى ذكرى الأعياد تتهادى الأمنيات وأمام جليل عطاء سيادتكم يُسعدنى نيابة عن المصريين فى مملكة البحرين أن نُعربَ عن مكنون الاعتزاز والتقدير مع خالص الدعاء بدوام التوفيق والسداد بمناسبة المولد النبوى الشريف، وذكرى مولد نبينا الكريم رسول الهدى الذى بعث بالمحبة وللسلام".
وتعهد "علم الدين" للرئيس السيسى أن يرتقى أبناء مصر فى الخارج بمصر الغالية، ويكونوا سفراء لبلدهم، قائلًا: "ندين لها بالولاء والفداء فى الداخل والخارج، جنوداً مدافعين عن أمنها ومصالحها، لتبقى مصر بقيادتكم وتلاحم شعبها مع جيشها وشرطتها عزيزة شامخة فى العلا".
العالم ينتفض: "إلا رسول الله"
يعود الخلاف إلى هجوم أمام مدرسة فرنسية فى 16 أكتوبر قطع فيه رجل من أصول شيشانية رأس المدرس صامويل باتى بعد ما عرض على تلاميذه رسوما كاريكاتيرية للنبى محمد فى درس عن حرية التعبير، واعتبرت الحكومة الفرنسية ذبح المدرس هجوما على حرية التعبير، قائله إنها ستدافع عن حق عرض هذه الرسوم وأيدها فى ذلك مواطنون كثيرون، وازدادت الأزمة بعد تأكيد ماكرون تمسك بلاده بمبدأ الحرية فى نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبى محمد، خلال مراسم تكريم أقيمت للمدرس الذى قتل بقطع رأسه، وأثارت تصريحات ماكرون موجة انتقادات فى عدد من الدول الإسلامية حيث خرجت تظاهرات مندّدة بها، كما أُطلقت حملة لمقاطعة السلع الفرنسية فى قطر والكويت ودول خليجية أخرى، وعدد من الدول الإسلامية والأفريقية، فى حين تضامن مع الرئيس الفرنسى العديد من نظرائه الأوروبيين.
كانت الرسوم التى تصور النبى محمد قد نشرت أول مرة قبل أعوام فى مجلة شارلى إبدو الفرنسية الساخرة ثم تعرض مقرها لهجوم مسلح فى 2015 قُتل فيه 12 شخصا.
ومنذ ذبح المدرس باتى هذا الشهر نُشرت الرسوم فى فرنسا تضامنا معه مما أثار غضبا فى العالم الإسلامى. ماكرون يشعل فتيل الفتنة.
على الرغم من ارتدائه ثوب الكراهية، أعلن الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، عن رفضه خطاب الحقد، قائلا: «إنه لن يكون هناك تراجعا أبدا، أمام دعوات متنامية لمقاطعة السلع الفرنسية»، على خلفية موقفه المتبجح، من الرسوم الكاريكاتورية، ضد رسول الإنسانية، كما دون الرئيس الفرنسى، على مواقع التواصل الاجتماعى، بعدة لغات منها اللغة العربية، قائلا: «ما من شيء يجعلنا نتراجع أبدا».
وادعى ماكرون، قائلا: «نتمسك بالحرية ونضمن المساواة ونعيش الإخاء بزخم، تاريخنا تاريخ النضال ضد كل أشكال الطغيان والتعصب.. وسنستمر»، ومضى بزعمه: «نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام ولا نقبل خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلانى وسنستمر، سنقف دوما إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية».
يأتى ذلك فى أعقاب وصف الرئيس الفرنسى، عملية القتل الفردية التى لا تمثل الدين الإسلامى، والتى جرت فى إحدى ضواحى العاصمة باريس، بأنها ضمن إرهاب الإسلاميين، وخلال كلمة مقتضبة فى جامعة السوربون، إبان تكريم المدرس المقتول، شدد الرئيس الفرنسى، قائلا: «إن صامويل باتى، قتل لأنه كان يجسد الجمهورية، وإنه بات اليوم وجه الجمهورية»، مؤكدا: «أن فرنسا لن تتخلى عن نشر الرسومات الساخرة ولن ترضخ للتهديدات».
ومضى ماكرون، بكلماته التى تحمل فى طياتها الحقد: «رجل قتل معلمًا للتاريخ، لأنه عرض على تلامذته فى المدرسة الإعدادية رسوما كاريكاتورية للنبى محمد (ص)، هذا استهداف لحرية التعبير الخاصة، هذا الهجوم ضمن إرهاب الإسلاميين».
واستطرد: «البلاد بأكملها تقف مع المعلمين، وهؤلاء الإرهابيون لن يقسموا فرنسا.. الظلامية لن تنتصر».
وأكمل ماكرون، حديثه: «إن الإسلاميين يفرقون بين مؤمن وكافر، فيما كان باتى، يؤمن بالمواطنة والجمهورية والحرية، وإن فرنسا، ستحمى المدرسين فى مؤسساتهم التعليمية أو خارجها، وإن الإسلاميين لن يقتلوا مستقبل فرنسا»، مشيدا: «بوجود أبطال هادئين مثل صامويل باتى لحمايتها»، بحسب ما ذكرت «DW».
وتابع: «أن صامويل باتى، ضحية أخرى للإرهاب، رغم أنه لم يكن عدوا بالنسبة للإرهابيين، ولم يكن عدوا للديانة التى يستخدمونها لتدبير وتنفيذ جرائمهم، وكان قرأ القرآن ويحترم تلاميذه بمختلف عقائدهم وكان مهتما بالحضارة الإسلامية أيضا، لكنه قُتل بسبب ذلك كله، إذ أنه يجسد الجمهورية والحرية التى تنتشر فى المدارس يوما بعد يوم».
وعلى خلفية التصعيد والهجمات التى تطول المسلمين والإسلام، فقد وضعت رسائل تهديد فى صندوق بريد مسجد مدينة فيرنون شمالى فرنسا، وتضمنت عبارات تهديد بالموت وتحقير المسلمين ولمرتادى المسجد.
ولم يتوقف الأمر على التهديد فحسب، فقد أعلنت الشرطة الفرنسية، اعتقال إمرأتين فرنسيتين، مشتبه بهما فى إطار تحقيق حول محاولة قتل سيدتين محجبتين طعنًا فى العاصمة باريس، بعد هجوم عنصرى مشتبه به تحت برج إيفل، فى باريس، كما تعرّضت امرأتان عربيتان ترتديان الحجاب من أصل جزائرى، تحت برج إيفل، فى العاصمة، للطعن على يد امرأتين فرنسيتين.
وبدورها، تقدّمت الجالية المسلمة فى فرنسا، التى يبلغ عددها أكثر من 5 ملايين شخصاً، بشكوى نتيجة تزايد الاحتجاجات على المسلمين، بسبب حملة الحكومة الفرنسية، على المساجد والمنظمات الإسلامية.
إساءة شارلى إيبدو
والإساءة للدين الإسلامى لم تكن بالجديدة على الدولة الفرنسية، ففى 2013 أصدرت مجلة «شارلى إيبدو» الساخرة، كتابا مصورا حول سيرة النبى محمد (ص)، وفق ما نشرت فرانس 24، وحينها مثلت «شارلى إيبدو»، أمام القضاء فى مناسبات مختلفة بتهمة الإساءة إلى نبى الإسلام، إلا أنها لم تتعرض للإدانة، واتهمتها جمعيتان بالتحريض على الكره العرقى، لإقدامها على نشر رسوم كاريكاتورية للنبى محمد.
وفى مطلع يناير عام 2015، تعرضت «شارلى إيبدو»، إلى هجوم مسلح، نفذه 3 مسلحين مجهولين ونسبته الحكومة الفرنسية آنذاك إلى متشددين إسلاميين، وراح ضحيته 12 شخصا من بينهم 4 رسامين معروفين كشارب وولانسكى وكابى، وفق ما ذكرت إذاعة مونت كارلو الفرنسية.
وحينها تعرض الدين الإسلامى إلى هجوم حاد، مع مواصلة نشر الرسومات المسيئة للرسول (ص)، أن كشفت دراسة فرنسية، عن تزايد ملحوظ فى مبيعات الكتب المتعلقة بالإسلام فى فرنسا، إذ زادت نسبتها فى الربع الأول من عام 2015، عما كانت عليه فى الفترة نفسها من عام 2014 بثلاثة أضعاف، حيث بذل كثير من الفرنسيين، جهودا لفهم الثقافة الإسلامية، بشكل أفضل بعد الهجوم على الصحيفة الساخرة.
وبحسب الدراسة التى أجريت على 30 من كبرى المكتبات الفرنسية، تزايدت مبيعات الكتب المتعلقة بالإسلام، خلال الربع الأول من 2015 بحوالى 3 أضعاف، عن الربع الأول من عام 2014.
وفى غضون ذلك، قال مدير مجلة «فيلوزوفي»، فابريس غيرشيل، إن الفرنسيين يطرحون على أنفسهم أسئلة متزايدة لعدم اقتناعهم بالأجوبة السطحية التى يجدونها فى الإعلام عن الإسلام، حيث أصدرت مجلته عددا خاصا بعنوان «القرآن»، فنفدت معظم نسخه من أكشاك باريس.
أما مكتبة «لا بروكور» الدينية فى باريس، والتى تعد من أكبر المكتبات المتخصصة فى أوروبا، فتقول أن القاسم المشترك لجميع الذين يقبلون على شراء مطبوعات عن الإسلام هو السعى إلى الفهم والاستعلام، حتى يشكلوا رأيهم الخاص بشأن الإسلام.
وفى بداية الأسبوع الماضى بدأت العديد من الدول العربية والإسلامية بإجراءات المقاطعة المعزولة للمنتجات الفرنسية فى المتاجر الكبرى فى الشرق الأوسط، بعد الجدل المثار إثر تصريح الرئيس إيمانويل ماكرون حول حرية نشر رسوم كاريكاتورية تمثل النبى محمد، ولم تُسجل أى حركة مقاطعة كبيرة، سواء فى الشرق الأوسط أو فى شمال أفريقيا.
وفى عدد من الأماكن عُلقت لافتة كتب عليها "تم سحب المنتجات الفرنسية" على واجهة قسم الأجبان واللحوم الباردة فى متجر فى بيت حنينا، فى القدس الشرقية المحتلة، فيما قام موظف بملء عربة بأجبان "البقرة الضاحكة" و"كيرى" وزبدة "بريزيدان".
وقال تجار فى العاصمة الليبية طرابلس إنهم لم يتلقوا "تعليمات من السلطات، فالأمر متروك للعملاء أن يقرروا أن كانوا يريدون شراءها أم لا".
وفى العراق أو إيران، انتقدت أصوات كثيرة الرئيس الفرنسى بشدة. لكن المنتجات الفرنسية قليلة على الرفوف فى الأصل وحتى باهظة الثمن، تمامًا مثلما هى الحال فى لبنان الغارق فى ركود عميق.
وكانت إعلانات جبنة "البقرة الضاحكة" ما زالت منتشرة الثلاثاء فى العاصمة العراقية بغداد.
وأبلغ عن تحركات معزولة أخرى فى اليمن، أفقر دولة فى شبه الجزيرة العربية، حيث سُحبت المنتجات الفرنسية من متجر كبير فى صنعاء، فى دلتا النيل فى مصر، أعلن أحد المتاجر الكبرى على فيسبوك أنه فعل الشىء نفسه، ولكن لم يبلغ عن تحرك مماثل فى المملكة العربية السعودية أو فى المغرب العربى.
وكانت الحركة أوسع قليلاً فى الكويت، مع حوالى ستين جمعية تعاونية معنية بالتحرك، وفى الأردن أو قطر، حيث أعلنت سلسلتا توزيع عن مقاطعة البضائع الفرنسية.
وفى الدوحة إلى أن المنتجات الفرنسية كانت لا تزال متوافرة فى متجر إحدى هاتين السلسلتين.
وقال وزير التجارة الخارجية الفرنسى فرانك ريستر، إن الدعوات للمقاطعة فى تركيا والعالم الإسلامى "محدودة" فى الوقت الحالى، لكن التظاهرات والإدانات الصادرة عن حكومات ومؤسسات للرسوم الكاريكاتورية التى تمثل الرسول أكثر عددًا.
وفى عمان، تجمع عشرات الأردنيين خارج السفارة الفرنسية الثلاثاء للمطالبة باعتذار من ماكرون، بينما أحرق سكان فى غزة صور الرئيس الفرنسى لليوم الثالث على التوالى.
وخرج آلاف المتظاهرين فى أنحاء داكا عاصمة بنجلادش ووضع بعضهم صورة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تحت أقدامهم، ونصحت فرنسا مواطنيها المقيمين فى عدة دول ذات غالبية مسلمة باتخاذ احتياطات أمنية إضافية فى ظل تصاعد الغضب من رسوم كاريكاتيرية للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، وفيما استدعت إيران القائم بالأعمال الفرنسى لإبلاغه باحتجاج طهران على الرسوم.
وفى إشارة إلى رغبة بعض الدول فى الحد من تبعات هذه الواقعة، مع إدانة الرسوم، أحجمت السعودية عن تكرار دعوات فى دول إسلامية أخرى إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.
وقال رمضان قديروف زعيم منطقة الشيشان الروسية التى تقطنها أغلبية مسلمة فى منشور على إنستجرام مخاطبا ماكرون "أنت تدفع الناس نحو الإرهاب ولا تترك لهم خيارا وتهيئ الظروف لنمو التطرف فى رؤوس الشباب، ويمكنك أن تصف نفسك بكل جرأة بأنك زعيم الإرهاب وملهمه فى بلدك".
ومن جانبه حذر محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامى، تحذيره من أن المبالغة فى رد الفعل "أمر سلبى يتجاوز المقبول" ولن تفيد سوى ناشرى الكراهية.
وفى إظهار نادر للوحدة أصدرت أربعة أحزاب تركية من بينها حزب المعارضة الرئيسى بيانا مشتركا قال أن ماكرون كان "متهوراً" فى دعم حرية التعبير وإن موقفه قد يؤدى إلى صراع.
وفى الأردن تجمع نحو 50 محتجا أمام السفارة الفرنسية المحاطة بحراسة مشددة فى العاصمة عمان.
وقالت عضو البرلمان السابق ديمة طهبوب، أن هذه ليست حرية تعبير عندما يتم التعدى على ديانات الآخرين، مشيرة إلى الموقف الذى اتخذته باريس بشأن الرسوم، موضحة أن هذا هجوم واضح.
وجدد مجلس الوزراء السعودى فى بيان رفض المملكة لأى محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، وندد بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبى محمد، ولم يتضمن البيان إشارة إلى دعوات فى بعض الدول الإسلامية إلى مقاطعة البضائع الفرنسية بسبب الرسوم التى تنشر فى فرنسا، وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص الثلاثاء فى دكا ضد فرنسا داعين إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية وأحرقوا دمية تمثل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون متهمين إياه بـ"عبادة الشيطان"، فيما خرجت احتجاجات أقل حجما فى بلدان أخرى مع اتساع رقعة الغضب.
وانطلقت التظاهرة التى نظّمها حزب "إسلامى أندولان بنغلادش" المؤثر، من أمام المسجد الرئيسى فى البلاد، مسجد بيت المكرم الوطنى فى وسط العاصمة.
وقال مسئول كبير فى حزب "إسلامى أندولان بنغلادش": عطور الرحمن للحشد أمام المسجد "ماكرون هو أحد القادة الذين يعبدون الشيطان"، داعيا الحكومة إلى "طرد" السفير الفرنسى.
من جهته، أكد قيادى إسلامى آخر هو حسن جمال أن المحتجين "سيهدّمون كل حجر" من السفارة فى حال لم يُطرد السفير.
وفى سوريا، أحرق محتجون صورا للرئيس الفرنسى، فيما تم حرق العلم الفرنسى فى طرابلس عاصمة ليبيا، ومن المتوقع تنظيم مزيد من الاحتجاجات فى غزة والضفة الغربية المحتلة وإسرائيل وجنوب اليمن.
البلد الأوروبى الثانى من حيث الديانات
تعد «بلد النور» أكبر بلد أوروبى يحتضن الجالية المسلمة، حيث جاء الدين الإسلامى فى المرتبة الثانية كدين أساسى فى فرنسا ويقدر عدد الجالية بحوالى 5 ملايين مسلم، ينتمى أغلبهم إلى دول شمال أفريقيا، وتوفر الحكومة الفرنسية أراضى لبناء المساجد فى جميع مدنها، ولا تفرض أى ضغوطات على المسلمين فى التمسك بالمعتقد الخاص بهم، بل شجعتهم على فتح المحال والمنشأة التجارية الكبرى، وتوفير اللحم الحلال فى جميع المحلات الكبيرة فى فرنسا مثل كارفور وجيان وكورا، وتم توفير المأكولات الشرقية العربية فى شهر رمضان، ولكن مؤخرا بعد جريمة مقتل المدرس صامويل بيّنت الأرقام أن فرنسا هى أكثر دولة تعرّضت لهجمات إرهابية فى أوروبا خلال السنوات الأخيرة، إذ شهدت حوالى 18 هجوما، أبرزها الهجوم على شارلى إيبدو فى يناير 2015، وهجمات باريس خلال نوفمبر من السنة ذاتها، وهجوم يوليو 2016 فى مدينة نيس، وهجوم ستراسبوج شهر ديسمبر2018، وكلها خلفت قتلى وجرحى وارتكبها منتسبون لتيارات جهادية.
تعيش الجاليات المسلمة فى فرنسا حالة من التهميش والإبعاد المتعمد خاصة فيما يتعلق بالإعلان عن ميولهم الدينية، حيث أن فرنسا من الدول القليلة التى تمنع ارتداء أى شىء يرمز إلى الدين، وتفرض قيودا بالغة على حضور الدين فى الحياة العامة.
دفاع المستشرقين عن الرسول
وفى سياق منفصل، دافع عدد كبير من مستشرقى الغرب عن الرسول، ووفقا لها نستنتج كم الافتراءات الإساءات المتكررة، بحق النبى محمد، قال الدكتور مايكل هارت صاحب كتاب «الخالدون مائة أعظمهم محمد»: أن محمدا كان الرجل الوحيد فى التاريخ الذى نجح بشكل أسمى وأبرز فى كلا المستويين الدينى والدنيوى، وهذا الاتحاد الفريد الذى لا نظير له للتأثير الدينى والدنيوى معا يخوله أن يعتبر أعظم شخصية أثرت فى تاريخ البشرية.
وأضاف هارت: هناك رُسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون اتمامها، ولكن محمداً هو الوحيد الذى أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها فى حياته، ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه فى هذا المجال الدنيوى أيضاً، وحد القبائل فى شعـب، والشعوب فى أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها فى موضع الانطلاق إلى العالم.
وقال المستشرق الإيطالى ميخائيل إيمارى فى كتابه (تاريخ المسلمين): لم يقبل محمد المساومة فى موضوع رسالته رغم كثرتها واشتداد المحن وهو القائل "لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته"، عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بنظير، محمد ترك العرب أمة لها شأنها تحت الشمس فى تاريخ البشر.
ويقول الفيلسوف الفرنسى الشهير جان جاك روسو: لم ير العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا "محمداً" ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقاً أميناً ما صدقه أقرب الناس إليه، وقال المفكر الفرنسى لامارتين: إذا كانت الضوابط التى نقيس بها عبقرية الإنسان هى سمو الغاية والنتائج المذهلة، فمن ذا الذى يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبى محمد فى عبقريته.
أما برتراند راسل وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950، قال: لقد قرأت عن الإسلام ورسوله فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فى حين أشار المستشرق الفرنسى جوستاف لوبون: وإذا ما قِيسَتْ قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد من أعظم مَنْ عَرَفهم التاريخ، موضحا أن التعصب الدينى أعمى بصائر مؤرخين كثيرين عن الاعتراف بفضله.
وقال إن بيزيت فى كتابه حياة وتعاليم محمد: من المستحيل لأى شخص يدرس حياة وشخصية نبى العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبى وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبى، وتسأل فى كتابه أن "رجلاً فى عنفوان شبابه لم يتعد سنه 24 عاما تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره- السن التى تخبو فيها شهوات الجسد- تزوج لمجرد إشباع لرغباته وشهواته" وتابع"، لو نظرت إلى النساء اللاتى تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سبباً إما فى الدخول فى تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شىء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التى تزوجها فى حاجة ماسة للحماية".
أما المستشرقة الإيطالية لورا فيشيا فاغليرى فى كتاب «الدفاع عن الإسلام»، قالت: كان محمد متمسكًا دائمًا بالمبادئ الإلهية وشديد التسامح، خاصة نحو أتباع الأديان الموحدة، لقد عرف كيف يتزود بالصبر مع الوثنيين، وقال رودى بارت، وهو عالم ألمانى معاصر، اضطلع بالدراسات الشرقية فى جامعة هايدلبرج، وكرس حياته لدراسة علوم العربية والإسلام: كان من بين ممثلى حركة التنوير من رأوا فى النبى العربى أدلة الله، ومشرعًا حكيمًا، ورسولًا للفضيلة، وناطقًا بكلمة الدين الطبيعى الفطرى، ومبشرًا به.
أما الأستاذ الجامعى «مارسيل بوازار»، وهو أستاذ جامعة سويسرى عاش لمدة أكثر من 12 عامًا فى بلاد عربية وإسلامية خاصة كممثل للجنة الدولية للصليب الأحمر، قال: «سبق أن كُتِب كل شىء عن نبى الإسلام، فأنوار التاريخ تسطع على حياته، وأضاف: «لم يكن محمد على الصعيد التاريخى مجرد مبشرًا بدين، بل كان كذلك مؤسس سياسة غيّرت مجرى التاريخ، وأثرت فى تطور انتشار الإسلام فيما بعد على أوسع نطاق كما أحدثت رسالته فى المجتمع العربى القائم آنذاك تغييرات أساسية ما تزال آثارها ماثلة فى المجتمع الإسلامى المعاصر».
وفى كتاب محمد والمحمدية، قال بوسورث سميث: لقد كان محمد قائدا سياسيا وزعيما دينيا فى آن واحد، لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة، ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت، إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.
ماكرون العنصرى
ومن جانبه قال الدكتور جمال شقرة رئيس لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد خانه التعبير حين تحدث عن أن فرنسا بلد الحريات ومن كل إنسان التعبير عن رأيه كما يشاء.
وأضاف أن حرية الإنسان مقيدة بحرية الآخرين، لا سيما إذا تعلق الأمر بالأديان السماوية، مشيرا إلى الهجوم الذى قاده ألقس الأمريكى جون سبيسيتو ضد الغرب قائلاً عن أى ليبرالية تتحدثون وأنتم عاجزون عن استيعاب المهاجرين بثقافاتهم المختلفة.
أوضح رئيس لجنة التاريخ، أن تصرف ماكرون أظهره أمام العالم على أنه إنسان عنصرى، والحقيقة أنه إنسان ليبرالى يتقبل ثقافات الآخرين داخل ثقافته ومعتقداته، إلا أنه نسى أن هناك متعصبين فى أوروبا يهاجمون الأديان الأخرى، بل ويحقرون من شأن الجنسيات الأخرى، لدرجة اعتقاد البعض منهم أن الآخر هو الجحيم.
أكد الدكتور جمال شقرة أن الأزهر الشريف تعامل مع الفتنة برقى حين قرر رفع قضية على المجلة التى قامت بنشر صور مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، ويمنع تصاعد الفتنة بين الأديان والجنسيات المختلفة، فطالما أن فرنسا بلد الحريات فلا بد وأن تكون بلد العدالة.
أشار شقرة إلى استغلال بعض المغرضين الأزمة لإشعال فتنة ستنطفئ بعد أسابيع قليلة، لافتا إلى استغلال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الفتنة لإلهاء الشعب التركى عن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد.
وتساءل رئيس لجنة التاريخ لماذا لا يفرج أردوغان عن الآلاف من الصحفيين وأساتذة الجامعات المعتقلين منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التى وقعت عام 2016 بجحة أنهم من أنصار فتح الله كولن المعارض السياسى.
اختتم شقرة كلامه بأن الرئيس الفرنسى قد خانه التعبير وكان يجب عليه أن يقول إن هذا الشخص الذى أساء للإسلام قد تجاوز حدود الحرية، فهل كان الفرنسيون سيقبلون بالإساءة إلى المسيح أو البابا وهل سيقبل الرئيس ماكرون نفسه الإساءة إليه تحت دعاوى الليبرالية.
وفى ذات السياق، قالت الدكتورة أمنية محسن مدرس علم الانثروبولوجيا بمعهد دراسات علوم المسنين بجامعة بنى سويف، أن الرئيس الفرنسى ماكرون قد استثمر الأزمة للدعاية لنفسه ولزوجته اللذين أصبحا يتصدران الصفحات الأولى حول العالم، وكان ينبغى على منظمات حقوق الإنسان الدولية التدخل لمنع ازدراء الأديان.
أضافت أن فكرة ازدراء الأديان السماوية مرفوضة، وعلى طبقة المثقفين نشر ثقافة احترام الآخر، وعلينا أن نترك الأمر الأزهر الشريف، لتولى الرد بنشر سماحة الإسلام مع الأديان الأخرى على خمسة عشر قرنا من الزمان.
أشارت مدرس الانثروبولوجيا إلى أننا وفى ذكرى ميلاد الرسول نتذكر أخلاقياته مع خصومه حيث كان هناك رجل يهودى يضع القاذورات أمام منزله كل يوم وعندما غاب ذهب إليه فى منزله للسؤال عنه.
ورفضت الدكتورة أمنية تحويل الخلاف الثقافى إلى خلاف اقتصادى، لأن السياسة لا تعترف شيئا سوى المصالح الدائمة بين الدول ولا يجب تحويل الخلاف الفكرى مع شخص أو أشخاص إلى صراع بين الشعوب لأن ذلك السلوك يضر المجتمع وربما كانت هناك جهات متربصة للاستفادة من الأزمة لمصالحها الخاصة.