استخدام مادة مسرطنة فى صناعة ”لانش بوكس” وقوارير المياه
استطاعت مصانع بير السلم أن تنتج أجيالا جديدة من المنتجات التى تدخل فى الاستهلاك اليومى للأطفال بالمدارس استجابة لسياسة السوق المرتبطة بالعرض والطلب، ومع غياب الرقابة تنتج تلك المصانع يوميًا مئات القطع البلاستيكية والمستخدمة فى حفظ طعام الأطفال والمعروفة باسم "لانش بوكس" وذلك من مواد تحتوى على سم "البيسفينول"، والذى يؤدى إلى خلل بعض الهرمونات فى الجسم ويسبب العديد من المشكلات لها صلة بأمراض سرطان الثدى للسيدات ونقص هرمون "التستسيرون" عند الرجال وأخطار مدمرة على الأطفال، حيث يرتبط بعدد من الأمراض التى تصيبهم على المدى البعيد مع كثرة الاستعمال لتلك المنتجات، ونظرًا لرخص عملية التصنيع حال الاعتماد على تلك المادة ومواد أخرى مشابهة يتم تفضيلها على غيرها لتحقيق أعلى المكاسب.
الدكتور محمد ماجد "استشارى طب الأطفال" يوضح لـ"الزمان"، خطورة تلك المادة على الأطفال، قائلاً: فى السنوات القليلة الماضية وبالتزامن مع ظهور ما يعرف بالـ"لانش بوكس" لحفظ الطعام لاحظنا انتشار حالات التسمم الغذائى بين الأطفال فى مرحلة الابتدائى دون أسباب واضحة وكثرة إصابة الأطفال بحالات الإسهال ونزلات معوية حادة، ومع تتبع طرف خيط الأزمة انتهينا إلى وجود مادة فى تلك المنتجات تتفاعل مع الحرارة وينتج عنها مواد كيميائية ضارة تسبب السرطان على المدى البعيد.
وأضاف، أحذر كل أم وأب من شراء منتجات "لانش بوكس" أو "قارورة مياه" من مصدر مجهول، ومهما كان سعر المنتج الأصلى فهو مصنع من مواد لا تتفاعل مع الحرارة ومواد آمنة على صحة الإنسان وعليه يمكن الشراء من المتاجر المعروفة.
ويتفق معه الدكتور ولاء عبدالله "استشارى طب الأطفال"، قائلاً: هناك عدد كبير من البلاستيك بعضها آمن على صحة الإنسان والآخر غير صحى ولا يمكن التعامل معه واستخدامه فى حفظ الطعام، وذلك كونه معاد استخدامه ومضاف عليه مواد كيميائية مسرطنة وتعامل الأطفال مع تلك المواد خطر يؤدى لنتائج كارثية، ونصيحتى دائمًا لأولياء الأمور الأخذ فى الاعتبار أن أى منتج مجهول سوف يكون له تأثير سلبى على صحة الطفل سواء على المدى القصير أو البعيد.
وتابع، بالنسبة للتأثير المباشر على صحة الأطفال للمدى القصير يعانى الطفل دائمًا من مغص فى الأمعاء وقىء وإسهال وارتفاع درجة الحرارة وهو ما يدفعنا للاتجاه فى طريق "كورونا" واحتمال إصابة الطفل بالوباء خاصة أن بعض الأعراض تتشابه مع أعراض كورونا بسبب الإسهال والحرارة وهو ما يجعلنى أسأل وأكرر السؤال على الأمهات بشأن الأدوات التى يستعملونها مع أبنائهم خاصة الطعام والشراب، وأكرر السؤال على الـ"لانش بوكس" وفى بعض الحالات أطلب رؤيتها وللأسف توقعاتى تكون صادقة فى مواقف كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر لاحظت استخدام إحدى الأمهات "لانش بوكس" لطفلها وقد انصهر أحد جانبيه نتيجة الحرارة داخل حقيبة الطفل.
ولفت إلى أن عبوة بلاستيكية لم تتحمل الحرارة ونتج عنها تفاعل كيميائى ينتج عنه مواد مسرطنة، وعليه أحذر من استخدام منتجات للطفل مصنعة من المواد التالية، البولى إيثيلين تريبتالات، البولى فينيل كلورايد، البولى ستيرين، هذا إلى جانب منتجات يدخل فى صناعتها سم البيسفينول، ولعل الأخير هو الأخطر والأشد فتكًا بأمعاء الأطفال، ويجب الأخذ فى الاعتبار أن مثل تلك المنتجات لم يكن لوزارة الصحة أن تسمح بتداولها لعلمها يقينًا بأنها واحدة من مسببات الأمراض المزمنة وانتشار الأوراق، وهنا يكون الدور على الأجهزة الرقابية.
فيما يقول المهندس حاتم فؤاد "خبير بقطاع الصناعات الهندسية": منطقة باسوس بالقليوبية هى مركز لصناعة تلك المنتجات ويتم تصنيعها لصالح مكتبات فى منطقى الفجالة والعتبة ويتم توريدها لجميع محافظات مصر بغض النظر عن خطورتها فما يهتم به أصحاب المصانع فقط الربح ولا يعنيهم صحة الإنسان، وسعر تلك الأدوات للقطعة الواحدة لا يتجاوز العشرة جنيهات فى حين يكون سعر المنتج البلاستيك المعد لحفظ الطعام ويحمل رقم "5" مرتفع السعر قد يصل إلى 50 جنيها ولكنه آمن على حياة الأطفال.
وأضاف، فى قطاع الصناعات يتم إنتاج أدوات منزلية بلاستيكية من مواد محظورة دوليًا وللأسف يتم تهريبها من الخارج، وبالنسبة للبلاستيك المعاد تدويره هو أشد خطورة وفتكًا بصحة الإنسان، وذلك لعدة أسباب منها استخدام الأكياس البلاستيكية السوداء المحظورة أساسًا فى تصنيع بعض تلك المنتجات، وهى مواد خطيرة على التربة الزراعية ولا يمكن لها أن تتحلل بسهولة.
كما تواصلت "الزمان" مع أولياء أمور قادتهم الظروف الاقتصادية الصعبة إلى شراء تلك المنتجات رخيصة السعر دون علم بمدى الضرر الذى تسببه للأطفال، وفى هذا السياق يقول "محمد غرابة" ولى أمر لطالب فى الصف السادس الابتدائى، قائلاً: اشتريت لنجلى "لانش بوكس" و"قارورة مياه" بسعر 15 جنيها من السوق وبعد فترة من الاستخدام بدأ يشتكى من مغص متكرر فى الأمعاء وبعد العرض على الطبيب طلب منا عدم استخدام تلك المنتجات مرة أخرى.
ونفس الشكوى، عانت منها "فاطمة سعيد" ولى أمر لتلميذ بالصف الثانى الابتدائى، قائلة: الأطفال ينظرون إلى بعضهم البعض وطفلى طلب منى شراء "لانش بوكس" وبسبب الظروف التى نعيشها وخسارة والدة جزء من راتبه بسبب كورونا اشتريت "حقيبة المدرسة ولانش بوكس وقارورة مياه" بـ100 جنيه، من سوق الخميس بالمطرية وكانت المشكلة وجود رائحة نفاذة من البلاستيك المستخدم فى حفظ الطعام وعليه قررت عدم استعمالها مرة أخرى.