«جريس».. قلعة صناعة الفخار بالمنوفية تعانى من الإهمال
على ضفاف نهر النيل، تقع قرية "جريس" التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية محتفظة بملامحها الفرعونية حيث البيوت الطينية واهتمام الأهالى بزراعة الأرض القريبة من نهر النيل وصناعة الفخار وهى المهنة التى لا يزال أهل القرية محتفظين بها إلى الآن رغم مرور أزمات مختلفة عليها ولعل آخرها وباء كورونا الذى تسبب فى وقف التصدير وترتب عليه هجرة عدد من شباب القرية لصناعة الفخار والتوجه لمهن أخرى لكسب قوت يومهم.
قرية "جريس" والشهيرة أيضًا بأبراج الحمام، يعانى أهلها الإهمال شاكين حالهم للمسئولين لعل أحدا يسمعهم، وفى هذا الإطار يقول الحاج إبراهيم مدين "أحد صناع الفخار": ورثت المهنة عن والدى الذى ورثها عن جده وأنا الآن أشارف على الثمانين وأحمد الله أنى لا زلت أعمل بيدى حتى يومنا هذا، وقد عاصرنا أيام أصعب بكثير من التى نعيشها الآن وأتمنى فقط خروج حلمى للنور بتأسيس مدرسة حكومية لتعليم الأطفال صناعة الفخار مثل مدارس الزجاج القديمة التابعة لمصانع "ياسين" فى شبرا الخيمة وكانت مسئولة عن تخريج العمال للعمل بمصانع الشركة، ولدينا نموذج حى الآن فى شركات العربى والمدرسة التكنولوجية التى أسسوها وذلك هو السبيل الوحيد للحفاظ على الصناعة وتطويرها.
وأضاف، الإهمال ضرب قطاع صناعة الفخار لأسباب مرتبطة بوباء كورونا الذى هز اقتصاد العالم وربما يعود مرة أخرى ليضرب من جديد ومع استمرار نزوح الشباب عن الصنعة ربما تندثر وتتلاشى مع مرور الوقت بعد وفاة كبار الفخاريين، وعليه أطالب بتوفير بيئة مناسبة للصناعة أبسطها تحسين البنية التحتية للقرية والتى لم تعد تتحمل مرور السيارات بسبب الطرق المتهالكة جدًا وغير الممهدة بما يؤدى إلى حدوث تلفيات أثناء نقل الشغل من مكان التصنيع إلى مكان التخزين.
واستطرد، أتعجب من غياب دور وزارة الثقافة من تبنى بعض المواهب داخل القرية ممن لديهم منتجات تنافس بالخارج فى معارض ومحافل دولية، وهناك تجار بالقاهرة يقومون بشراء بعض المنتجات وبكميات كبيرة ويتولون هم تصديرها للخارج، كذلك لا يوجد اهتمام بوجود معارض على مستوى لعرض المنتجات.
ويلتقط "محمد إبراهيم" طرف الحديث، وهو الشاب الثلاثينى الذى يعمل داخل ورشة والدة المتوفى، قائلاً: عدت إلى القرية بعد مغادرتها فى سن العشرين نظرًا لوفاة والدى وعدم وجود عائل يهتم بشقيقى وشقيقتى وهم أصغر منى بالسن ووالدتى، فقررت العودة إلى الورشة لصناعة الفخار تلك الصنعة التى ورثتها عن جدى وأبى، وللأسف سوق الفخار تلك الأيام ليس على ما يرام بسبب الظروف الاقتصادية للمواطنين وكذلك ارتفاع سعر التصنيع والنقل وعدم وجود أسواق خارجية لاستيعاب الشغل، وعليه نضطر للبيع بالتقسيط لتصريف البضائع.
وأضاف، طلبة كليات الفنون الجميلة والتربية النوعية قسم فن، يأتون للقرية لمعرفة الطريقة التى نصنع بها الفخار وهى فى الأصل موهبة فهى حالة فريدة من التناغم بين قطعة الطين ويد الصانع ليشكلها بمقاسات ومواصفات فنية بحتة لا يمكن لأجهزة الديجتال الحديثة القيام بها وتعطيها نفس اللمسة الفنية.
فيما قال "مسعد مجدى" أحد أبناء القرية، تركت المهنة بعد 11 سنة عمل متواصل داخل ورشة عمى وذلك لتدنى العائد المادى مقابل عملى فى التجارة بالعتبة، وكان هذا قرار كثير من أبناء القرية حيث بدأت المعارض المنزلية تتلاشى ويحل مكانها معارض بيع المفروشات والأجهزة المنزلية وربما سيكون هذا حال بعض الصناعات المنزلية الأخرى نظرًا لتراجع اهتمام الدولة بتلك الصناعة وغيرها، وعلى أقل تقدير يمكن للدولة دعم الغاز الطبيعى المقدم لأصحاب ورش الفخار مثلها مثل مصانع الحديد والصلب وإعفاء أصحاب المعارض من الضرائب لحين انتهاء أزمة كورونا.
وتابع، يمكن لوزارة الشباب والرياضة استضافة معارض خاصة لأصحاب ورش الفخار لعرض منتجاتهم وبهذا يمكن تسويقها وهو ما يمثل دعم معنوى ومادى فى نفس الوقت من جانب الدولة للفخاريين.