مواطنون يسقطون فى فخ الـ«دولارات المحروقة»
يبتكر النصاب يوميًا وسائل جديدة للإيقاع بالضحايا، ولعل البحث فى رغبات الضحايا يصل به فى النهاية لتصميم خدعة مرتبطة بكسب المال السريع، ومن هنا رصدت "الزمان" وسيلة جديدة يتم خداع المئات بها يوميًا مرتبطة بشائعة قديمة عن الجن وقدرته على سرقة البنوك، لكن ما أضافه النصابون على الخدعة لجوء الجن إلى حرق تلك الأموال ليتحول لونها من الأخضر إذا ما كانت دولارات وفى الغالب تكون كذلك إلى "بنى داكن" وتحمل نفس ملمس الدولار ونفس الوزن للعملة تقريبًا فئة الـ100 دولار ونفس الأبعاد ولكنها تبقى ورقة ذات لون بنى داكن لا يمكن الإشارة إليها على أنها كانت بالأصل دولارا، وحتى تتحول من هذا اللون إلى الشكل الأصلى لها ينصح النصاب ضحيته شراء ما يعرف بالزئبق الفرعونى لتتحول على الفور إلى لونها الأخضر أو الانتظار عليها بضعة سنوات حتى تزول عنها اللعنة.
بتلك الحيلة الجهنمية، وقع "و.أ" صاحب 33 عاما ضحية لنصاب يعيش بمحافظة الغربية وامتهن النصب منذ سنوات وصدر ضده مجموعة أحكام بالسرقة والنصب، وفى روايته لـ"الزمان"، يقول ضحية الدولارات المحروقة: تعرفت على النصاب عن طريق صديق وبعد جلسات جمعتنا سويًا فى أكثر من مناسبة، بدأ يغرينى بالمكسب السريع والدخول فى تجارة مع صديق له بقطع غيار السيارات ولكنى رفضت لعدم امتلاكى المبلغ الكافى، وذات يوم فوجئت به يركب سيارة أحدث موديل وأخبرنى أن السر وراء ذلك شراؤه عملة أجنبية بسعر بخس وتحويلها إلى الجنيه المصرى وبالسؤال عن التفاصيل أكد لى أن أحد المشايخ استطاع تسخير جن وقام بسرقة آلاف الدولارات من البنوك الأجنبية فى الخارج ولكنها للأسف تحولت إلى اللون البنى الداكن حزنًا من الجن على الشيخ الذى توفى غدرًا على يد أشخاص لشكهم فى سلوك الشيخ وشبهات حول علاقة آثمة بينه وبين إحدى سيدات المنزل.
وأضاف، أن حديثه أقنعنى بتجربة شراء دولارات محروقة ومحاولة إيجاد حل لكى تعود إلى شكلها الأصلى وقمت بشراء 10 آلاف دولار مقابل ألف جنيه مصرى، ولم يحدث شىء وبعدها نصحنى نفس الشخص بضرورة شراء ما يعرف بالزئبق الفرعونى أو الانتظار بضع سنوات لحين تحول العملة الأجنبية إلى شكلها الأصلى واشتريت بواسطة نفس الشخص عبوة من الزئبق بقيمة 20 ألف جنيه و100 ألف دولار محروق مقابل 10 آلاف جنيه مصرى وكان ابن خالتى شريكا معى فى الصفقة التى انتهت بالنصب على كلانا وأصبحت ملتزما أمام ابن خالتى برد قيمة الأموال التى أعطيناها لهذا النصاب.
واقعة أخرى مشابهة وفى محافظة المنوفية وبالتحديد قرية "سمادون" التابعة لمركز أشمون، وقعت حادثة مشابهة فى التفاصيل لحد كبير مع الواقعة الأولى، ولكن هذه المرة كان الضحية طبيبا مشهورا تم النصب عليه بواسطة عصابة الدولارات المحروقة، حيث أوضح "بيشوى عادل" ابن عم الطبيب والذى رفض تحرير محضر خوفًا من الفضيحة التى يتعرض لها، بعد أن تم النصب عليه فى مبلغ 100 ألف جنيه، ويروى "بيشوى" تفاصيل الواقعة، قائلاً: ابن عمنا صاحب كافيه وقد حضر إليه عدد من الشباب من تلك القرية وعرضوا عليه بحكم المعرفة والصداقة مساعدتهم فى جلب شيخ وتسديد مصروفات الأعمال التى سيقوم بها من أجل تحويل ملايين الدولارات من لونها البنى الداكن إلى اللون الأخضر وتعود بذلك إلى شكلها الطبيعى ويمكن لهم إنفاقها.
وأضاف، وافق ابن عمى بعدما عرض الأمر على قريبة الطبيب الشهير ودفعوا 5 آلاف جنيه للشيخ والذى أخبرهم بإمكانية تحويل الدولارات لتعود إلى شكلها الطبيعى وبعد مماطلة اشترط عليهم دفع قيمة الأموال المراد تحويلها بالكامل دفعة واحدة لكى يضمن حقه وتم دفع 9 ألف جنيه إضافية ولم يكن ابن عمى يعلم مسبقًا باتفاق الشيخ مع أصحاب الدولارات المحروقة وقد استغلوا ربما الطمع فى تحقيق مكسب سريع وسهل حيث استخدم الشيخ حيلة لسحر أعيننا وتحويل ثلاث ورقات فئة 100 دولار من اللون البنى الداكن إلى اللون الأخضر وعادت العملة لشكلها الأصلى أمام أعيننا.
من جانبه، قال المستشار أسامة الرخ المحامى بالنقض والإدارية العليا: جريمة النصب من الجرائم التى تمثل الاعتداء على الملكية لأن الجانى يهدف من استعمال الأساليب الاحتيالية إلى الاستيلاء على كل أو بعض مال الغير وذلك يحمل المجنى على تسليمه ماله بتأثير تلك الأساليب الاحتيالية، وتتميز جريمة النصب أنها من جرائم السلوك المتعدد والحدث المتعدد، ذلك أن الجانى يرتكب سلوكا ماديا ذا مضمون نفسى يتمثل فى أساليب احتيالية يلجأ إليها للتأثير على إرادة الشخص المخاطب بهذه الأساليب ومتى انخدع المخاطب بتلك الأساليب التى استخدمها فإنه يسلمه ماله ويقوم الجانى بإدخال هذا المال فى حوزته بسلوك آخر هو هذا السلوك المادى البحت المتمثل فى إيجاد علاقة بينه وبين مال المجنى عليه.
وأضاف، يعاقب بالمادة 336 من قانون العقوبات، بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه، وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع فى النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، ويجوز جعل الجانى فى حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر.