”حفر الآبار”.. صدقات جارية للمسلمين فى أفريقيا لإنقاذ الأطفال
نتيجة لكثرة الحروب عانت عدد من دول أفريقيا الفقر والجهل والأمراض نظرًا لغياب المياه الصالحة للشرب والاستهلاك الآدمى، فكان توفير مياه نظيفة لتلك الشعوب على رأس أولويات جمعيات الإغاثة، ومن رحم تلك المعاناة خرجت فكرة التبرع بحفر بئر على سبيل الصدقة الجارية والتى يلجأ إليها الأبناء بعد وفاة أحد والديه عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
وعلى ضوء معاناة بعض شعوب أفريقيا جراء الحروب الأهلية، قرر مصريون تغيير الفكرة الشائعة لديهم حول الصدقة الجارية والتى تركز غالبيتها فى عمل "كولدير مياه" بالشارع، ليتحمل فاعل الخير بعض الأعباء المالية الإضافية لعمل بئر مياه نظيفة فى واحدة من البلدان الأفريقية التى تعانى عبر واحدة من جمعيات الإغاثة والتى تتكفل بحفر البئر وتجهيزه للعمل ليتم وضع لافتة بالنهاية فى إشارة إلى أن هذا العمل جاء صدقة جارية على روح شخص ما ونسألكم الدعاء بالرحمة.
وفى هذا السياق، يقول "م.ع" والذى تبرع على روح والده بمبلغ من المال لحفر بئر فى الصومال حيث يعانى سكان القرى من أمراض مرتبطة جميعها بالمياه الملوثة: عن طريق إعلان ممول رأيته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" لواحدة من الجمعيات الإسلامية والتى أعلنت عن حاجة تلك القرى الفقيرة لحفر آبار مياه نظيفة لخدمة آلاف النسمات، وقد تم وضع اسم صاحب البئر المستهدف من الدعاء له بالرحمة، وقد لاقت الفكرة قبولى خاصة أن والدى رحمه الله لم يكن ليترك فعل خير إلا ويشارك به، وعليه قمت بالتواصل مع الجمعية صاحبة الإعلان وبعد التأكد من صدق روايتهم قمت بالتبرع بمبلغ 4 آلاف دولار وفى أيام تم افتتاح البئر وعليه لافتة تحمل اسم والدى رحمه الله ورأيت السعادة فى عيون أبناء القرية لا يمكن وصفها.
وأضاف، الفكرة السائدة لدينا كمصريين مسلمين هو عمل كولدير للمياه فى الشارع وسعره يصل أحيانًا إلى 6 آلاف جنيه حسب كفاءته لكى لا يضر الناس بفعل الماس الكهربائى، وإذا تضامن ثلاثة أو أربعة سويًا بإمكانهم حفر بئر يخدم والغرض من الصدقة الجارية أن تكون نافعة للناس بغض النظر عن عرقهم.
ويلتقط "م.ا" طرف الحديث والذى تبرع لوالدته المتوفاة العام الجارى ببئر فى دولة الكاميرون، قائلاً: جمعيات الإغاثة تعرض عليك تكاليف البئر حسب الحجم والذى يبدأ من تكلفة بسيطة تخدم 100 نسمة وهناك آبار تخدم 10 آلاف نسمة، وكلما ارتفعت التكاليف كلما كان أكثر إفادة، وهناك مشروعات أخرى بمثابة صدقة جارية وهى عبارة عن مزارع أغنام ومزارع لتربية الطيور وسعرها أقل بكثير من تكلفة الآبار، ومن خلال متابعتى الفترة الماضية لحال الشعوب فى بعض بلدان أفريقيا اكتشفت أننا فى أشد الحاجة داخل مصر لتكوين جمعية إغاثة أفريقية تكون قناة اتصال بين القادرين على فعل الخير وبين شعوب تلك المناطق الفقيرة والتى يعانى أهلها الفقر والمرض وعن طريقها نقوم بعمل صدقات جارية.
من جانبه، يقول الشيخ محمود عرفة "إمام وخطيب بالأوقاف": حديث الرسول صلى الله عليه وسلم واضح وصريح ولا يحتاج إلى شرح حول مفهوم الصدقة الجارية والتى لها أشكال كثيرة، مثل وقف مسجد يصلى فيه، أو عمارة تؤجر ويتصدق بأجرتها، أو أرض زراعية يتصدق بما يحصل منها، أو ما أشبه ذلك، فهذه صدقة جارية، يجرى عليه أجرها بعد وفاته ما دامت ينتفع بها الناس، وفكرة بئر المياه عظيمة إذا ما فعلناها وتضافرت الجهود ولا يشترط أن يكون شخصا واحدا بل يمكن لأكثر من شخص التعاون معًا لحفر بئر مثلاً إذا ما كانت التكلفة مرتفعة وهناك جمعيات عربية وخليجية مهتمة بهذا الأمر.