دورات تدريبية لتغسيل ضحايا كورونا
ثلاثة مشاهد تعيشها مستشفيات العزل وساكنيها تجسدت فى نقص كميات الأكسجين باستمرار وهى أزمة عالمية ضربت بريطانيا نفسها ولم تقتصر على مصر، إصابة الأطقم الطبية بما يؤثر سلبًا على عدد التمريض والأطباء المكلفين بالعمل، وأخيرًا قلة عدد "مغسلى" ضحايا كورونا، ولعل الأزمة الأخيرة والتى تلخصت فى مشهد شاب ترك والده للمستشفى حتى ينتهوا من عمليات الغسل والتكفين ويذهبوا معه إلى المقابر خوفًا من إصابته وهو من أصعب المشاهد التى تتكرر يوميًا، وعلى ضوء ذلك تبرعت واحدة من الجمعيات الخيرية بالمنوفية تدشين أكاديمية تكون مسئولة عن منح الشباب والفتيات دورات تدريبية فى كيفية تغسيل موتى كورونا وكيفية التعامل مع الموقف بداية من الإجراءات الاحترازية وحتى تكفين المتوفى وربما المشاركة مع أقاربه فى إتمام عملية الدفن.
ويقول "أحمد شوقى" أحد الشباب الذى تطوع للحصول على الدورة التدريبية ليتمكن من تغسيل موتى كورونا: شاهدت بعينى لحظات رعب داخل العناية المركزة وكنت على مسافة قريبة من الموت ورأيت كم هو مؤلم أن يلجأ الأهل إلى طلب المساعدة لتغسيل أحد أقاربهم المتوفين خوفًا من نقل العدوى إليهم، وللأسف بعض المغسلين استغلوا الموقف وأصبحت بورصة لدرجة أن بعضهم يطلب مبلغ 2000 جنيه مقابل تغسيل المتوفى، رغم أن هذا العمل يجب أن يكون خالصا لوجه الله، وبالمصادفة رأيت إعلانا لجمعية خيرية إسلامية فى مدينة السادات بالمنوفية تعلن عن دورة تدريبية للشباب والفتيات الراغبين فى التطوع بدون أجر للتدريب على كيفية تغسيل موتى كورونا على أن تكون خدماتنا التى نقدمها "لوجه الله" وفى أى مكان داخل المحافظة أو خارجها.
وتابع: "وفقنى الله وحصلت على الدورة التدريبية وقمت بتغسيل أول متوفى لكورونا داخل مستشفى عزل الباجور، والأزمة ربما أكبر من ذلك حينما علمت أن بعض الأشخاص دفنوا بدون غسل خوفًا من إصابة ذويهم بالكورونا وذلك وقت ذروة كورونا قبل أسبوعين وهو ما ألمنى بشدة بما دفعنى إلى اتخاذ تلك الخطوة، والمشكلة أكبر مما نتخيل فلا يوجد عدد كافٍ من المغسلين المدربين على تغسيل موتى كورونا وهروب آخرين من الواجب الذى تفرضه عليهم وظيفتهم وبالتالى عشرات الحالات التى توفيت داخل المنازل بسبب كورونا كانوا فى أشد الحاجة إلى مغسل موتى مدرب على التعامل مع حالات كورونا بعكس المستشفى والتى لديها على أقل تقدير مغسل موتى متعهد مع هذه المستشفى".
ويلتقط "أسامة الحبشى" طرف الحديث، والذى حصل على نفس الدورة التدريبية، قائلاً: "الحمد لله أتممت ثانى مهمة لى لوجه الله ودون مقابل وقد تمكنت من الموازنة بين وظيفتى كمهندس برمجة وبين عملى مغسل موتى، ولم أهتم لحديث أقاربى فى البداية بأن هذا العمل لا يليق بمكانتى الاجتماعية خاصة أن شقيقى يعمل لدى جهة أمنية لكن لم أهتم بالكلام طالما العمل خالص لوجه الله، فما أصعب أن يدفن إنسان دون تغسيل والاكتفاء بالكفن، وعليه قررت أن أمنح هذا العمل نصيبا كبيرا من وقتى بالتعاون مع زملاء آخرين تعاهدنا أمام الله أن نتبرع أيضًا بقيمة الكفن للحالات غير القادرة ماديًا".
وأضاف، أن الجمعية الخيرية التى تبرعت بتدريبنا لم تحصل على مليم من أى شخص وقامت بوضع جداول يومية لتناسب الجميع وكان من المشاركين فتيات ولكن ليس بالعدد الكافى وهو ما يمثل أزمة حقيقية خاصة أن عدد مغسلات سيدات كورونا المتوفيات قليل جدًا مقارنة بالرجال ولأن القاعدة الشرعية تحتم علينا وجوب تغسيل المرأة للمرأة فقد وجهت دعوة لبعض المقربات منى بصفة القرابة بأن يتبرعن للقيام بتغسيل السيدات المتوفيات نتيجة وباء كورونا.
واستطرد: "أفكر فى تشكيل فريق "تكريم الموتى" يضم عددا من الشباب والفتيات نتعهد من خلاله وعبر مواقع التواصل الاجتماعى تغسيل جميع موتى كورونا بدون مقابل ونتواصل مع فاعلى الخير لمن يرغب فى المشاركة بتوفير الأكفان، وأنا على أتم استعداد لتحمل مسئولية التنقلات للفريق لأى مكان على مستوى الجمهورية".
من جانبه، يقول الشيخ محمد عرفة "إمام وخطيب بوزارة الأوقاف" إن التبرع لتغسيل موتى كورونا صدقة وفعلها إنما يعبر عن الخير الموجود فى هذه الأمة إلى يوم الدين، أما المغالاة واستغلال الحالات لجنى الأرباح مقابل هذا العمل لا يعبر عن صدق إيمان الشخص الذى يقوم بهذا العمل الذى هو فى الأصل لوجه الله، ونشكر الجمعيات الخيرية التى تتبرع لتدريب الشباب والفتيات على عمليات غسيل الموتى".