غزل دبلوماسى متبادل بين فرنسا وتركيا
بعث رجل الإليزيه ماكرون برسالة للرئيس التركى أعرب فيها عن رغبة بلاده فى تعزيز علاقاتها بأنقرة، وأوضحت الخارجية التركية، أن الرد الفرنسى جاء ردا على رسالة أردوغان بمناسبة العام الجديد، مشيرا إلى أن تركيا وفرنسا يعملان على خارطة طريق لاستعادة العلاقات، وذلك على خلفية توترات طويلة ظهرت خلال تصريحات رئيسى البلدين.
وقالت جريدة "صباح" بنسختها التركية إن ماكرون استهل الخطاب بعبارة "عزيزى طيب" بخط يده باللغة التركية، وأعرب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى الرسالة الموجهة لنظيره التركى رجب طيب أردوغان عن آماله بعودة الاستقرار فى القارة الأوروبية بمساهمة تركية فى 2021، وقال مصدر فرنسى لإذاعة صوت أمريكا "VOA"إن باريس أكدت رسالة ماكرون إلى أردوغان، ونقلت صوت أمريكا عن مصادر الإليزيه أن ماكرون لم يرفض أبدا الحوار مع نظيره التركى لكنه أكد أن الكرة الآن فى ملعب أردوغان، وأضاف المصدر فرنسى الذى لم يكشف اسمه لـ "VOA موقفنا واضح، نحن بحاجة إلى إشارات مطمئنة".
يذكر أن العلاقات بين فرنسا وتركيا تدهورت بشكل رئيسى فى السنوات الأخيرة وخاصة بسبب الصراعات على ليبيا وسوريا، فضلا عن الخلافات بين تركيا واليونان وقبرص بشأن المطالبات البحرية والإقليمية فى شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى نزاع ناغورنى قرة باغ، يعد التأثير المتزايد للإسلاميين فى فرنسا وتمكين التنظيم القومى التركى المتطرف اليمينى المتطرف، الذئاب الرمادية فى جميع أنحاء أوروبا، من بين القضايا الحاسمة الأخرى بين البلدين. وبدأت العلاقات بين الجانبين تشهد تحسنا اعتبارا من منتصف ديسمبر الماضى، بعد نحو 15 شهرا من التوتر.
وأشار وزير الخارجية التركى مولود تشاووش أوغلو، خلال لقاء صحفى إلى أن فرنسا شريكة تركيا فى حلف الناتو، موضحا أن باريس تبادل أنقرة الاستعداد نفسه بشأن عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعى، وأورد فى حديثه أن الأزمات تصاعدت بسبب أزمة شرق المتوسط وليبيا وسوريا ونجورنى قرة باغ. وأكد أنه تواصل مع نظيره الفرنسى جان إيف لودريان، ووصف محادثاتهما بالـ"مثمرة للغاية"، وأنهما اتفقا على خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين بلديهما، تتضمن 4 مجالات رئيسية، هى المشاورات الثنائية، ومكافحة الإرهاب، والقضايا الإقليمية بما فى ذلك سوريا وليبيا، والتعاون التعليمى. موضحا أن جهودهما المشتركة لحل الخلاف تحرز تقدما جيدا.
وفقا لمقال الباحث فى الشئون التركية، ديديا بيو، أن كلا من فرنسا وتركيا ترغبان فى تجاوز الخلافات، ولفت إلى أن "عداء" باريس لأنقرة لم يؤد إلى ما تسعى له من تأييد من قبل شركائها فى الاتحاد الأوروبى، الذين ينظرون إلى تركيا كعضو مهم فى الحلف الأطلسى وأنه من غير الممكن «إبعادها» عن أوروبا أو كسب عدائها لإرضاء رجل الإليزية، وهو ما تمكنت أنقرة من استغلاله لصالحها.
ويشير الباحث من جانب آخر، إلى رغبة تصالح أنقرة مع باريس بسبب عدة ملفات أولها التقارب مع الاتحاد الأوروبى، والذى لن يتحقق إلا بمصالحة باريس، وثانيها التحولات الجارية فى واشنطن، فبرحيل ترامب ووصول إدارة الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض يعنى "خسارة رئيس أمريكى يتفهم مطالب أنقرة"، لذا، يشير بيو، إلى أن تركيا بحاجة لدعم الاتحاد الأوروبى فى المرحلة القادمة.
ونشير إلى أن بايدن أدلى فى وقت سابق بتصريحات أزعجت أردوغان، حيث شجع فى خلال لقاء صحفى فى سبتمبر الماضى، المعارضة التركية للتخلص من أردوغان عبر صناديق الاقتراع. وفى حال أخد بايدن بمعيار حقوق الإنسان وجدولة القانون فى تركيا، فإن ذلك لن يُرجح كِفة أردوغان.
أما الملف الثالث، فهو العلاقة المتشابكة مع الرئيس الروسى بوتين. ويعتبر بيو أن الأخير "ليس حليفاً" للرئيس التركى، فبين كلا منهما خلافات وتنافس كبير خاصة فى سوريا أو ليبيا أو القوقاز الجنوبى، لذا يتعين على تركيا الإسراع بالتقارب مع فرنسا.