شركات الـ«تريند» تفسد الذوق العام للمواطنين
بين ليلة ونهار يتحول شخص مغمور إلى نجم على مواقع التواصل الاجتماعى دون الاهتمام بما فعل طالما قادته الصدفة للتواجد فى تلك اللحظة داخل حدث ما، والنماذج على ذلك كثيرة ومنها الراقصة البرازيلية وقبلها مطرب المهرجانات "حمو بيكا" وعشرات النماذج، ومن خلال البحث عن الآلية التى لجأ إليها هؤلاء اكتشفنا وجود شركات فى مصر ربما تعمل خارج إطار القانون بدون سجل تجارى وبطاقة ضريبية، مقرها الافتراضى على مواقع التواصل الاجتماعى تعلن عن نفسها كشركات "تريند" تستطيع من خلال إدارة عدد من الحسابات على مواقع التواصل ربما يصل عددها لملايين الحسابات الوهمية، بالقطع لتحويل شخص ما من شخص عادى إلى نجم.
"الزمان" تواصلت مع شخص سبق له الاطلاع على تفاصيل تلك الشركات ومقراتها وكيف تعمل، علمًا أن بعضها يمارس عمله فى إطار القانون من خلال ترخيص الشركة كشركة علاقات عامة وتنظيم مؤتمرات وفى باطن الشركة تدار مئات الألوف من الحسابات الوهمية لخلق رأى عام يتماشى مع طلبات العملاء.
"م. ص" صاحب الثلاثة وأربعون عاما، يروى تجربته مع الشركات والممتدة لعشر سنوات، قائلاً: تعلن الشركات عن نفسها كشركات عاملة فى مجال العلاقات العامة والدعاية وبالفعل تقوم بذلك لكن أضافت إلى نشاطها نشاطا جديدا يتماشى مع الفترة الراهنة، من خلال التواصل مع مطربى المهرجان وراقصات ملاهى ليلية للحصول على الشهرة المطلوبة ليجنوا من ورائها ملايين الجنيهات أرباحا، وتلك الشركات هى المسئولة فى بعض الأحيان عن التعليقات الساخرة على مشهد من مسلسل وذلك بقصد تحقيق شهرة واسعة له، فمثلاً قد يستعين منتج عمل فنى بتلك الشركات لعمل دعاية للعمل عبر التعليقات الساخرة مثلاً على أحد الأبطال وهكذا تسير الأمور لتحقيق الشركة ربح من خلال التعاقد ودفع الرسوم وصاحب العمل يستفيد من خلال الشهرة التى يحظى بها بأقل مجهود.
وأضاف، أنه ليس كل عمل وليس كل شخص توافق الشركة على التعاقد معه، هناك مقومات وربما قد لا تتوافر فى الشركة وهذا لا يعنى عدم التعاقد ولكن يمكن تعديل مسار العمل الذى يقوم به مثلاً ربما يتم الاتفاق مع شخص مكروه فى الوسط الفنى تعرض لحملة انتقادات لعمل قام به، ويتم الاتفاق أن يتم تصوير هذا الفنان وهو يؤدى الصلاة وتصدير المشهد على أن هذا الفنان يرفض الإفصاح عن علاقته بربه أمام الناس ولكن انظروا كيف هو ملتزم فى الغرف المغلقة فى أداء الصلاة، وعلى هذا النهج مئات الأمثلة.
ولفت إلى أنه تدار الحملات على مواقع التواصل الاجتماعى عبر مئات الحسابات الوهمية المملوكة للشركة حيث تخلق رأيا عاما مزيفا للعميل ربما يتم التفاعل من جانب الجمهور وربما لا، والشركة لا تفصح للعميل عن تلك الخدعة والتى هى تصدره التريند من خلال حسابات وهمية وفى حال تفاعل الجمهور العادى مع الحملة تكون قد حققت هدفها.
وحول مقرات تلك الشركات، يقول: إن المقرات ليست أزمة حيث يتم تحويل الأموال عبر "فودافون كاش" ولا تهتم الشركة بالتواصل المباشر مع العميل داخل مقر الشركة فهو طالب للخدمة ويحصل عليها مقابل مبلغ مالى وعلى أساس ذلك لن يحتاج لمعرفة هوية القائمين على الشركة خوفًا من ملاحقة الأجهزة الأمنية لمسئولى الشركة.
من جانبه، أفاد مصدر مطلع على جماعة الإخوان المسلمين -فضل عدم ذكر اسمه- بأن بعض شباب الإخوان المقيمين فى الخارج ونتيجة الضائقة المالية التى تعرض لها بعضهم لجأ إلى تأسيس شركات تريند تتعاقد مع شخصيات دون معرفة الشخص حقيقة هؤلاء الشباب ويستخدمون خبرتهم التى اكتسبوها خلال عملهم داخل اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان المسلمين قبل وأثناء حكمهم لمصر ومع المطاردات الأمنية سافروا للخارج وطوعوا خبراتهم الشيطانية فى عمل تلك التريندات المزيفة.
بدوره، شدد مصطفى المنشاوى "الخبير الأمنى"، على ضرورة فهم ظاهرة التريند التى قفزت إلى السطح مؤخرًا وأصبح كل من "هب ودب" يتصدر محركات البحث دون مبرر ودون القيام بفعل يستحق الإشادة والتقدير، فى المقابل يتم تجاهل نماذج إيجابية من علماء ومثقفين اهتمت بهم الدولة واستضافهم الإعلام لكن لم تنتشر أخبارهم على مواقع التواصل الاجتماعى ليكونوا نماذجا إيجابية، فى المقابل تتصدر بعض النماذج السلبية التى تؤثر سلبًا على الذوق العام للمصريين والذى بات فريسة لتلك الشركات مجهولة الهوية والتى لا بد من ملاحقتها أمنيًا لمعرفة من ورائها ومن السبب فى انتشارها على هذا النحو.
وتابع، تورط شباب الإخوان فى اللجان الإلكترونية ليس بالأمر الجديد فهو أمر معروف منذ 2011 وقد سبق لنائب مرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر أن أسس فكرة اللجان الإلكترونية ودفاعها المستميت عن مشروع الإخوان المسلمين محليًا ودوليًا وهى المسئولة الآن عن بث الشائعات فى الداخل ومحاولة استهداف الاستقرار.
ويتفق معه المستشار أسامة الرخ المحامى بالنقض والإدارية العليا، قائلاً إن توعية الشباب وتثقيفهم دور الدولة وتفنيد الشائعات دور الأجهزة الأمنية، لكن أن تكون هناك شركات تكون المسئولة عن تحديد اهتمامات المصريين والتلاعب فى ثقافة الاستهلاك هو أمر يتعلق بالأمن القومى المصرى مباشرة ولا بد من محاسبة القائمين على تلك الشركات سواء أفراد أو منظمات فالأمر يتجاوز حدود إمكانات الأفراد ويتطلب وقفة مع تلك الظاهرة الخطيرة جدًا على صحة المجتمع.
واستطرد: "لا أستبعد وقوف كيانات ومنظمات دولية وراء بعض التريندات التى تظهر فى محاولة لجعل "العيب" عاديا وذلك لنشر ثقافة الغاب والقوى يأكل الضعيف ونماذج أخرى سيئة لا بد من معالجتها".